شركات تتحدّى وتكافح وتُورّط فاعلين في شبكات الجرائم المنظّمة

  • 2023-05-03
  • 23:07

شركات تتحدّى وتكافح وتُورّط فاعلين في شبكات الجرائم المنظّمة

  • خاص - "أوّلاً-الاقتصاد والأعمال"

 

أضحى جلياً أنّ شبكات الجريمة المنظّمة والمهرّبين يستخدمون أساليب معقّدة لتجنّب الكشف، ويبتكرون السبل للتحايل على عناصر مكافحة الجرائم، وأجهزة المراقبة، ويعملون على توريط أكبر شركات الشحن والتوريد في العالم.

 

 

للمتابعة:

شبكات الجريمة المنظّمة بين مطرقة الدهاء وسندان المواجهة

     

    ويلعب نوع المنتج المهرّب وحجمه دوراً مهماً في اختيار وسيلة التهريب. في هذا الإطار، أظهرت الدراسات أنّ وسيلة النقل المفضّلة لدى شبكات تهريب المخدرات، هي عبر الشحن التجاري. وتعتمد هذه المافيات على أنماط تهريب مبتكرة ومعقّدة في كل مرة لنقل الممنوعات عبر السفن، سواء عبر الحاويات، أو غرف التخزين، أو خزانات الوقود، أو حتى عبر كابينة القبطان ومساعديه وغُرف محركات السفينة، وذلك بحسب منظّمة "insight crime" الصحافية والمتخصّصة في الجريمة.

    في مقلب آخر، تعتمد هذه الشبكات الإجرامية من خلال أحد أفرادها أو من تشغّلهم، على انتحال شخصية زبون أو تاجر أو مستورد يرغب في إتمام عملية نقل تجارية مع أهم شركات الشحن العالمية، فتبدو في الظاهر صفقة قانونية ومشروعة، وفي الواقع تكون غطاءً لزج أطنان كبيرة من المخدرات أو غيرها من الممنوعات والبضائع المهرّبة.

    تجدر الإشارة، أنّه في ظل العولمة والثورة التكنولوجية التي لعبت دوراً مهماً في تعميم المعارف وتسهيل الاتصال وتسريع حركة الاموال والسفر وتطوير سبل الابتكار، أمور ساعدت في الوقت نفسه، على تطوّر هذا الفكر الإجرامي، اضافة إلى عوامل أساسية تتمثّل في الطبيعة السرّية لشبكات الجريمة المنظّمة، ما يزيد من صعوبة رصد تحرّكاتها، وحتى تمييز نشاطها وعملها عن النشاطات الشرعية القانونية، إلا بعد فترةِ زمنية قد تقصر أو تطول إلى مدد من دون حد.

    وقد أقرّ مكتب الأمم المتحدّة المعني بالمخدرات والجريمة بأن عولمة التجارة والتمويل قد أوجدت فرصاً جديدة للجماعات الإجرامية لاستغلال نقاط الضعف في النظام الاقتصادي العالمي، وأن التصدّي لهذا التحدي يتطلّب جهوداً وتعاوناً مستمرين عبر قطاعات وأصحاب مصلحة متعدّدين.

    أمام هذا الواقع، تقع شركات كبرى وموثوقة في فخ شبكات الجريمة المنظمة، ما حتّم تحرّك فوري من قبل بعضها المعنية بالتجارة العالمية والتوريد مثل AGA WORLDWIDE و TRH Trading Corporation  وMSC  و Maersk  و Sea trade Group بغية قلب الموازين، فبدل أن يقعوا فريسة للعصابات، أوقعوا الشبكات في شباكهم.

    لم يحصل توريط شبكات الجريمة المنظّمة وعملية الإيقاع بها صدفةً من قِبل هذه الشركات المذكورة، وإنّما عبر وضع خطط استباقية، والقيام بجهود جبّارة اعتمدتها هذه الشركات التجارية على مدى سنوات عديدة، بهدف اكتساب مهارات وبناء قدرات، وتجهيز فرق من الحماية، فاعتمدت على مسار لا يتوقّف من الخطوات التي ساهمت بشكل كبير في مكافحة أعمال هذه الشبكات الإجرامية، وحالت دون الوقوع فيها.

    فقد طوّرت هذه الشركات التجارية قدرات موظفيها من خلال العديد من الخطوات، نوجز بعضها:

    أولاً- الاستثمار في دورات وبرامج ديجيتال مكثفة تُعرف بـ "اعرف عميلك" Know your customer، باعتماد وسائل دقيقة وتفصيلية تحرص على جمع داتا عن كل زبون يتواصل معها، من دون أن تغفل تدريب موظفيها أيضاً على دورات "الثقة في العميل قبل التوريد" Valid as Trusted التي تهدف إلى التدقيق في المعلومات الواردة عن العميل بطرق متعدّدة.

    ثانياً- بناء شراكات فعّالة وطويلة الأمد، تعمل على تعزيز الحماية من شبكات الجريمة المنظّمة، مع أجهزة مكافحة ومراقبة الجريمة المنظمة، على الصعيد الوطني عبر الدول والجيوش وقوّات الشرطة والشركات الكبرى، كما على الصعيد الدولي عبر الإنتربول والاتحاد الاوروبي ومنظّمات الأمم المتحدة.

    ثالثاً- اعتماد معايير دقيقة عند اختيار الموظّفين وطواقم العمل لضمان سرّية المعلومات المسجّلة والبضائع المخزّنة داخل المستودعات، مع اعتماد التشديد في إنجاز المعاملات القانونية لعقد الصفقات ضمن شروط التجارة العالمية.

    رابعاً- وضع واعتماد بروتوكولات حماية تهدف إلى تعزيز التعاون بين شركات السفن العالمية والشركات التجارية الكبرى، بهدف ضمان عدم استخدام أسماء هذه الشركات في الإيقاع بينها، من خلال متابعة المعلومات الدقيقة المتعلّقة بالعميل وبصفقات الشراء مع الوسطاء، عدا عن إجراء مسح شامل للبضائع خلال مراحل سلاسل التوريد، وتراعي هذه البروتوكولات إنجاز المعاملات مع العملاء الزبائن بطريقة مرنةّ بعيدة عن أي تعقيد.

    قدّرت دراسات عدة حجم الخسائر الاقتصادية الناجمة عن أعمال شبكات الجريمة المنظّمة، وحدّدت آثار ونتائج هذه الخسائر، كما أظهر تقرير النزاهة المالية العالمية هذا العام أنّ أعمال شبكات الجريمة المنظّمة تولّد ما بين 1.6 إلى 2.2 تريليون دولار من العائدات غير المشروعة كل عام، ناهيك عن الآثار السلبية المتأتية من أعمال الجريمة المنظّمة على الاقتصاد، وأظهرت دراسات أخرى العلاقة بين الجريمة المنظّمة والمستويات المتزايدة للفساد والعنف، وهو يمكن أن يقوّض الرفاهية الاقتصادية للمجتمع.

     

    قد يهمك:

    "المركز": أداء إيجابي للأسواق العالمية والخليجية في أبريل

     

     

    وننوّه بأنّ المديرة التنفيذية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدّرات والجريمة غادة والي، وخلال جلسة لمجلس الأمن الدولي حول موضوع "تعزيز الأمن البحري: قضية للتعاون الدولي"، قدّمت عن الشق المتعلّق بشبكات التهريب عبر السفن، أربعة مقترحات تضمّنت "تنفيذ الإطار القانوني الدولي، وبناء القدرات، وتوسيع الشراكات، وتعزيز الاستجابات الشاملة لمنع الجريمة".

    أمور تقتضي زيادة الإجراءات الأمنية المعتمدة في الموانئ، وزيادة التعاون الدولي بين منظّمات مكافحة الجريمة المنظّمة، واتباع نهج استباقي وتعاوني لرصد النشاط الإجرامي في سلاسل التوريد. كما تقتضي اعتماد خطط وخطوات استباقية كما فعلت العديد من الشركات الاقتصادية العالمية الكبرى، وتلك المعنية بالتجارة العالمية والتوريد أمثال AGA WORLDWIDE و TRH Trading Corporation وMSC و Maersk  و Sea trade Group، ويترافق هذا الأمر مع رفع الوعي إعلامياً ومجتمعياً واقتصادياً بمخاطر هذه الشبكات الإجرامية، بهدف كشف كيفية تلاعبها في الشركات وكيفية المساهمة في تشويه سمعتها، وهي جميعها خطوات مهمّة لمكافحة عمل الجريمة المنظّمة على أنواعها، والحد من مخاطرها وانعكاساتها.