"رأس الحكمة" أضخم مشروع استثماري في مصر.. ماذا عن عوائده؟

  • 2024-03-13
  • 12:43

"رأس الحكمة" أضخم مشروع استثماري في مصر.. ماذا عن عوائده؟

نشرت وكالة الأنباء الكويتية "كونا" تقريراً حول صفقة تطوير وتنمية مدينة "رأس الحكمة" على الساحل الشمالي لمصر بين مصر والإمارات العربية المتحدة باستثمارات تصل قيمتها إلى 35 مليار دولار وعن العوائد الاقتصادية المحتملة لهذا المشروع الضخم.

وأشارت "كونا" في تقريرها إلى أن اتفاق تطوير وتنمية مدينة "رأس الحكمة" على الساحل الشمالي في مصر شكّل أكبر صفقة في تاريخ البلاد لجذب استثمارات مباشرة بلغت قيمتها 35 مليار دولار، لافتةً النظر إلى أن توقيع الاتفاق بين هيئة المجتمعات العمرانية المصرية وشركة "أبوظبي القابضة" الإماراتية في 23 شباط/فبراير الماضي أدى إلى ارتياح عام بين الأوساط الاقتصادية وتفاؤل بتجاوز الحكومة المصرية أزمة شح السيولة النقدية من العملة الصعبة.

وأضافت أن الصفقة حملت في طيّاتها مؤشرات إيجابية وعوائد اقتصادية من أبرزها تحقيق الاستقرار النقدي لمصر، وتوحيد سعر الصرف، والقضاء على السوق الموازية، وكبح جماح التضخم، وخفض الدين الخارجي، وتحفيز النمو الاقتصادي، وخلق مئات الآلاف من فرص العمل، وتنشيط القطاع السياحي ومضاعفته إلى جانب استعادة الثقة بالاقتصاد المصري واستقطاب استثمارات أجنبية مباشرة جديدة.

 

تأسيس شركة مساهمة مصرية

 

وفي هذا السياق، قال المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء المصري محمد الحمصاني إن مشروع تطوير وتنمية "رأس الحكمة" بمثابة صفقة عمرانية وتنموية ضخمة، مبيّناً أن تنفيذ المشروع سيتم عبر تأسيس شركة مساهمة مصرية باسم "رأس الحكمة" تخضع للقوانين المصرية.

وأضاف الحمصاني أن المشروع الذي تبلغ مساحته نحو 170.8 مليون متر مربع أي أكثر من 40 ألفاً و600 فدّان يتضمن إنشاء مدينة متكاملة تشمل أحياء سكنية لكل المستويات وفنادق عالمية ومنتجعات سياحية ومارينا دولية كبيرة لليخوت والسفن السياحية.

وأشار إلى أن المشروع يتضمن كذلك حيّاً مركزياً للمال والأعمال لاستقطاب الشركات العالمية الكبرى ومنطقة حرة خدمية خاصة تحتوي على صناعات تكنولوجية وصناعات خفيفة وخدمات لوجيستية فضلاً عن إنشاء مطار جنوب المدينة سيتم توقيع عقد منفصل له.

ولفت النظر إلى أن المشروع سيتم تنفيذه على سنوات، مشيراً إلى أن إجمالي الاستثمارات المتوقع ضخّها في تنفيذ المشروع لن يقل عن 150 مليون دولار أميركي، منوّهاً بأن الصفقة توجّه رسالة للمستثمرين الأجانب وللأطراف الإقليمية والدولية كافة بأن الاقتصاد المصري قادر على تجاوز التحديات الراهنة.

وأكد الحمصاني أن الصفقة لها عوائد كبيرة على الاقتصاد المصري خلال السنوات المقبلة لأنها تساهم في توفير موارد دولارية ضخمة لمصر تمكنها من ضبط سعر الصرف وسوق النقد الأجنبي واستيفاء احتياجاتها الأساسية فضلاً عن توفير مئات الآلاف من فرص العمل سواء بشكل مباشر في المشروع ذاته أو غير مباشر من خلال الشركات والمصانع المصرية التي ستساهم في تنفيذ المشروع.

ولفت الانتباه إلى المساهمة المحتملة للصفقة في تنشيط قطاع السياحة من خلال استقطاب ما لا يقل عن 8 ملايين سائح سنوياً في منطقة رأس الحكمة فقط، مشيراً إلى أن عملية الإصلاح الاقتصادية هي عملية شاملة بمعنى أن الإصلاح هو مطلب مصر بالأساس قبل أن يكون هناك اتفاقات أو مبادرات لعقد صفقات استثمارية كبرى، مؤكداً أن الحكومة المصرية حريصة على استكمال برنامج الإصلاح الاقتصادي واستمراره.

 

الأثر الفوري للصفقة زيادة الموارد الدولارية

 

من جهته، قال الرئيس الأسبق لهيئة الرقابة المالية شريف سامي إن حجم صفقة "رأس الحكمة" غير مسبوق وتساهم في استقرار سعر الصرف وإعادة تدفق الاستثمارات المباشرة من الصناديق والشركات العالمية في مجالات مختلفة.

وأوضح سامي أن الأثر الفوري للصفقة هو زيادة الموارد الدولارية وإتاحتها بينما الأثر الممتد للأجلين المتوسط والطويل هو تعمير منطقة جديدة وجذب السياحة وتشغيل القطاعات المرتبطة كافة بالمشروع من مقاولات ومرافق وإنشاءات وخدمات وغيرها.

وحول مدى نجاح الصفقة في القضاء على السوق الموازية للصرف (السوق السوداء)، أكد سامي أنه لا توجد صفقة واحدة ينتج عنها مثل هذا الأثر وإنما تساعد من يدير السياسة النقدية وهو البنك المركزي المصري في إتاحة أرصدة دولارية للقضاء على قوائم الانتظار، مشيراً إلى أنها عامل مهم ولكن ليس وحيداً في القضاء على سعر الصرف غير الرسمي.

 

انفراج جزئي

 

من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي مدحت نافع أن صفقة "رأس الحكمة" ستسهم في انفراج جزئي للأزمة الدولارية التي تعاني منها مصر، مشيراً إلى أن الوفرة الدولارية تنعكس بشكل مباشر على المعروض السلعي نتيجة الإفراج عن الواردات المكدّسة في الموانئ.

وأوضح نافع أن ذلك سيساهم في تحسين أوضاع التضخم نسبياً خصوصاً التضخم المستورد أو التضخم الذي تسببت فيه هذه الأزمة الدولارية خلال الفترة الماضية.

وأشار إلى أن الصفقة ترسل إشارات إيجابية لمؤسسات التمويل الدولية ومنها صندوق النقد والبنك الدولي فضلاً عن شركاء الاستثمار والتجارة والتمويل لاستعادة الثقة بالسوق المصري مرة أخرى.

ولفت النظر إلى أنه من التدفقات التي يؤمل استعادتها تحويلات المصريين في الخارج التي تراجعت بنسبة 30 في المئة بسبب ازدواج سعر الصرف خلال الفترة الماضية، مبيّناً أن الصفقة ستساهم في تخفيض الفجوة الكبيرة بين سعري الصرف والقضاء التدريجي على السوق السوداء مع اتباع سياسة أفضل للربط المرن بالدولار الأميركي.

وختم نافع بالقول إن ضمان الاستدامة مرتبط بسرعة الحركة على مستوى السياستين النقدية والمالية، داعياً إلى عدم الركون لهذه الصفقة وحدها والعمل على أكثر من اتجاه آخر مثل الاصلاحات الهيكلية في ما يتعلق بالاقتصاد الحقيقي بشكل أساسي.