مصر: خطة إحلال السيارات تخفف أعباء الموازنة وتحسّن الاحتياط النقدي

  • 2021-01-17
  • 09:52

مصر: خطة إحلال السيارات تخفف أعباء الموازنة وتحسّن الاحتياط النقدي

مستثمرون وخبراء يعلقون على المبادرة الرئاسية للتخلص من السيارات القديمة

  • القاهرة- مها أبو ودن

 

دخلت خطة الحكومة المصرية القومية لإعادة هيكلة قطاع النقل، مرحلة التنفيذ وذلك تلبية للمبادرة الرئاسية الأخيرة التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ أيام.

وتهدف الخطة (المبادرة) إلى تحديث الوجه الحضاري وتحسين البيئة وتخفيف الضغط على مصروفات دعم الوقود في الموازنة العامة للدولة، من خلال استخدام الغاز الطبيعي بديلاً من الوقود الأكثر استخداماً في الوقت الحالي (البنزين)، وهي ليست الأولى من نوعها خصوصاً أن هناك مبادرات عدة عملت عليها الحكومة سابقاً في هذا المجال.

وتعليقاً على هذه المبادرة، رأى مستثمرون في القطاع وخبراء أن هذه المبادرة ستسهم في تنشيط قطاع السيارات والقطاعات المعاونة له، وكذلك الصناعات المغذية لصناعة السيارات، كما ستسهم في تنشيط القطاع المصرفي، في الوقت الذي تعاني فيه القطاعات الاقتصادية كافة من الركود بسبب أزمة فيروس كورونا.

وستتم خطة الحكومة المصرية الهادفة إلى إعادة هيكلة منظومة المركبات، عبر ثلاثة محاور يجري العمل عليها بشكل متزامن ومتواز حتى تصل إلى مبتغاها. ولعل أبرز ما تتضمنه، الإسراع في تصنيع وتسيير السيارة الكهربائية ذات التكنولوجيا الصينية التي تعتزم القاهرة تصنيعها وتسييرها قبل حلول حزيران/يونيو المقبل، وإحلال المركبات التي تعمل بالغاز الطبيعي محل نظيراتها التي تعمل بالسولار أو البنزين، وسيتم تمويل الخطة عبر البنك المركزي الذي أطلق مبادرة تمويلية بالتعاون مع عدد من البنوك المحلية، تبلغ قيمتها 60 مليار جنيه نحو (3.75 مليارات دولار) من ثلاث مراحل سيتم ضخها في شكل قروض تجزئة مصرفية لتمويل الأفراد، مالكي السيارات والراغبين في احلالها، على أن يدعم البنك المركزي فارق سعر الفائدة على القروض الممنوحة.

السيارة الكهربائية المصرية قبل نهاية 2021

وكشف مصدر حكومي مسؤول رفض ذكر اسمه لـ "أوّلاً- الاقتصاد والأعمال" عن المحاور الرئيسية وآليات تنفيذ خطة الحكومة المصرية، مشيراً في هذا الإطار، إلى أن "تجربة تصنيع وتشغيل أول سيارة كهربائية في مصر ستتم قبل نهاية 2021".

وذكّر المصدر نفسه، بالزيارة التي سبق أن قام بها وفد من الحكومة المصرية لتفقد مصانع الشركة الصينية التي ستعمل على تصنيع أول سيارة كهربائية في مصر في تشرين الأول/أكتوبر المقبل، وكذلك بالزيارة التي قام بها وفد من الشركة الصينية المعنية في كانون الأول/ ديسمبر الماضي إلى القاهرة، لدراسة أوضاع السوق المصري ومتطلباته لتصنيع سيارة تتناسب مع طبيعة السوق المحلي والذوق المصري والاستماع إلى جميع الآراء حول الموضوع.

وتابع المصدر أن إنتاج أول 100 سيارة كهربائية مصرية، سيوزع بين السيارات الملاكي والتاكسي بالتساوي في الموسم الأول لتنفيذ التجربة أي في حلول حزيران/يونيو المقبل.

لا ارتفاع في أسعار المعروض من السيارات

وعلّق رئيس مجلس إدارة شركة الامل للسيارات المالكة لعلامات "لادا" و"بي واي دي" عمرو سليمان بالإشارة إلى أن مبادرة إحلال السيارات ستسهم في تعميق المنتج المحلي، نظراً إلى اشتراطها أن تكون السيارة المباعة في إطار المبادرة، مصنّعة بالكامل داخل مصر.

وأكد سليمان أن هذه المبادرة (الخطة) ستنشّط أيضاً القطاعات المغذية للسيارات بشكل كبير، نظراً الى ما ستشهده من اقبال لتغطية المطلوب في عمليات الإحلال، كما إن توقيتها مناسب لإنقاذ عدد من القطاعات الإنتاجية التي تضررت بسبب كورونا.

وأعلن سليمان أن شركته ستشارك في المبادرة بعلامتين من السيارات التي تنتجها الشركة، وهما لادا الجراندا، بالإضافة إلى الـ بي واي دي، موضحاً من ناحية أخرى، أن المبادرة ستبدأ في سبع محافظات مصرية، ثم سيتم تعميمها تدريجياً لبلوغ باقي أنحاء محافظات مصر.

ولم يبد سليمان أي تخوف من ارتفاع أسعار المعروض من السيارات، مؤكداً أنه لن يكون هناك نقص في المعروض، فالشركات المشاركة في المبادرة ستكون متعطشة لإنتاج ما يغطي الاحتياجات السوقية وهذا ما يعدّ فرصة عظيمة لتنشيط القطاع والمبيعات.

من جانبه، قال شريف فهيم مدير تسويق شركة كيا للسيارات، إن الشركة لا تزال في مرحلة دراسة امكانية المشاركة في المبادرة، ولكن شروط المشاركة ان تكون السيارة مصنّعة محلياً بالكامل، وهذه الشروط لا تنطبق الا على ماركة واحدة من الماركات الخاصة بالشركة وهي السيارة السيرالدو، ولكن هذه السيارة من الفئة الفارهة وقد لا تناسب المبادرة، وأوضح في المقابل، أن الخطة ستسهم في تنشيط القطاع بشكل كبير، ولن يكون لها تأثير سلبي على أسعار السيارات.

أما من الناحية الاقتصادية، فقال فهيم إن المبادرة ستسهم في تخفيف ضغط عبء دعم الطاقة، بسبب استخدام المحركات التي ستعمل بالغاز الطبيعي، ولاسيما مع وجود وفرة محلية منه.

الخطة ستنشّط طلب الشركات للتسهيلات الائتمانية

ووصف عضو مجلس إدارة بنك قناة السويس، الخبير المصرفي محمد عبد العال المبادرة بالقيّمة جداً والذكية لأنها تطرح مزايا كبيرة، من خلال شروطها كالتي تتعلق بأن تكون السيارة المباعة خلالها مصنّعة محلياً بالكامل، وهذا سيسهم في تعميق الصناعة الوطنية وسيخلق فرص عمل جديدة لأن الشركات المنتجة ستحتاج إلى توظيف عمالة لتغطية المطلوب.

وقال إن زيادة الطلب على السيارات من خلال المبادرة، سينشط طلب الشركات المنتجة لها على التسهيلات الائتمانية التي تغطي تكاليف الإنتاج، وهو ما يسهم في تعاظم ربحية البنوك المشاركة في التمويل.

وأضاف أن المبادرة ستسهم في خفض معدل استهلاك البنزين، وبالتالي تنخفض فاتورة استيراده التي تكلف الخزانة العامة المصرية نحو 35 مليار دولار سنوياً، وهو ما سيقلل الضغط على الاحتياط النقدي ويخفف عجز الموازنة، وسيؤدي إلى تحسين ميزان المدفوعات.

وتابع عبد العال قائلاً:" إن تحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي سيسهم في توفير نحو 50 في المئة من فاتورة استهلاك الوقود للفرد، وهو ما يعمل على زيادة مداخيل الأفراد الحقيقية ليضخوها في شراء السلع الاستهلاكية، وهو ما يسهم في رواج الأسواق".

وختم أن ربحية البنوك المشاركة بالتمويل لن تتأثر لأن البنك المركزي هو الذى سيتحمّل فارق سعر الفائدة، بل على العكس، فإن معظم عملاء تلك المبادرة سيكون من العملاء الجدد للجهاز المصرفي وهو ما سيخدم توجه مصر نحو الشمول المالي، وكذلك سيخدم تحويل الاقتصاد غير الرسمي إلى منظومة الاقتصاد الرسمية.