كورونا: عودة الأمل؟

  • 2020-01-29
  • 13:05

كورونا: عودة الأمل؟

  • سليمان عوده

لم ينته يوم الثلاثاء إلا بعد أن حصد فيروس كورونا أرواح 24 شخصاً جديداً، لترتفع الحصيلة الإجمالية للوفيات بهذا المرض الفتاك حتى الآن إلى 106 ضحايا، في حين انتقلت العدوى إلى 1291 شخصاً آخر، ما يرفع إجمالي عدد الإصابات المؤكّدة في البلاد إلى أكثر من 4500 حالة.

إزاء هذا الواقع، لم يتردد الرئيس الصيني شي جين بينغ في وصف فيروس كورونا الجديد بأنه "شيطان"، وقال للمدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جبرييسوس، الذي التقاه خلال زيارة يقوم بها المسؤول الأممي إلى الصين، إن بكين واثقة من قدرتها على سحق عدوها الجديد في المعركة.

وفيما أرجأت السلطات الصينية موعد استئناف الدراسة في كل المدارس والجامعات بسبب كورونا، لأجل غير مسمى. أعلن عدد متزايد من الدول عن خطوات تنفيذية لإجلاء الرعايا من مدينة ووهان، ويقطنها 11 مليون نسمة. في حين أعلنت هونغ كونغ الخاضعة لحكم الصين، أنها ستوقف خدمات المعديات عبر الحدود. وبعد منغوليا التي أقفلت حدودها البرية مع الصين، ذكرت وكالة تاس للأنباء أن المناطق الواقعة في أقصى شرق روسيا ستغلق أيضاً حدودها مع الصين حتى السابع من الشهر المقبل، وذلك نقلاً عن الإدارة الإقليمية. في المقابل، أوصت الصين، التي تبذل جهوداً شاقة لاحتواء انتشار وباء فيروس كورونا، مواطنيها بإرجاء خطط سفرهم إلى الخارج. وقالت الإدارة الوطنية للهجرة في بيان "نوصي المقيمين" في الصين القارية "بإرجاء موعد رحلاتهم التي لا ضرورة لها"، مذكرة بأن "خفض التنقلات عبر الحدود يساهم في السيطرة على الوباء".

يونايتد توقف معظم رحلاتها

وأعلنت شركة الطيران الأميركية يونايتد إيرلاينز إنها ستخفض عدد رحلاتها إلى الصين بعدما شهدت سوق السفر "انخفاضاً كبيراً في الطلب"، وذلك بسبب التفشي المتسارع لفيروس كورونا. ونقلت بلومبيرغ عن الشركة مساء الثلاثاء أنها ستوقف ابتداء من الأول من شباط/فبراير عشرات الرحلات إلى شنغهاي وبيجينغ وهونغ كونغ. وقالت الشركة في رسالة إلكترونية تلقتها بلومبيرغ إن الرحلات التي سيشملها قرار الإيقاف تنطلق من أبرز المطارات الأميركية التي تعتمدها يونايتد إيرلاينز في شيكاغو وسان فرنسيسكو وواشنطن ونيوجيرسي. لكن الشركة أكدت في المقابل أنها ستبقي على عدد محدد من الرحلات المباشرة بين البلدين. وقالت يونايتد إيرلاينز إنها ستراقب الوضع عن كثب، وستقوم بتعديل جدول رحلاتها عندما تدعو الحاجة. 

 

 

موافقة علنية

وفي حين بدأ التضييق الذي تمارسه الصين بحق الملايين من مواطنيها يواجه بانتقادات من بعض دعاة حقوق الإنسان، قالت وزارة الخارجية الصينية إن مدير منظمة الصحة العالمية ذكر في اجتماع عقده في بكين مع وانغ يي عضو مجلس الدولة أنه يوافق على الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الصينية لكبح انتشار الفيروس. وأضافت الوزارة في بيان: "قال تيدروس إن منظمة الصحة العالمية لا تؤيد إجلاء الدول لرعاياها من الصين مشيراً إلى أنه لا داعي لإبداء رد فعل مبالغ فيه. وقال إن منظمة الصحة العالمية واثقة من قدرة الصين على وقف انتشار الوباء والسيطرة عليه".

أول إصابة في ألمانيا

من جهتها، أعلنت السلطات الألمانية تسجيل أول إصابة مؤكّدة بفيروس كورونا، وأشارت إلى أن المصاب رجل يقيم في بافاريا، وقد تم وضعه في العزل الصحي. وقالت وزارة الصحة البافارية إن "رجلاً من منطقة ستارنبرغ أصيب بفيروس كورونا ووضِع تحت المراقبة الطبية وفي العزل الصحي". وأضافت أنّ المريض "في حالة صحيّة جيدة". ولفتت الوزارة إلى أن السلطات أبلغت أقارب المريض بالأعراض التي قد تظهر عليهم إذا ما كانوا قد التقطوا العدوى منه، وكذلك احتياطات النظافة الواجب عليهم اتخاذها. ولم تقدم الوزارة أي معلومات بشأن هوية المريض أو الظروف التي قد يكون التقط فيها العدوى.

وبهذه الإصابة تصبح ألمانيا ثاني دولة في أوروبا يصل إليها الفيروس بعد فرنسا، التي أعلنت عن ثلاث إصابات مؤكدة حتى الساعة. لكن فرنسا كشفت ظروف إصابة هؤلاء الثلاثة، إذ أعلنت أنهم كانوا قد سافروا مؤخراً إلى الصين.

خطر ضعيف

وقال مسؤولون في قطاع الصحة الأمريكي أن لا دليل على أن الفيروس القادم من الصين ينتشر في الولايات المتحدة، وقالوا إنهم يعتقدون أن الخطورة على الأميركيين مازالت ضعيفة. وثبت حتى الآن إصابة خمسة أميركيين بالفيروس، وكانوا جميعاً قد سافروا إلى وسط الصين. وقال مسؤولو مراكز الوقاية من الأمراض إنه تم رفع 32 شخصاً من قائمة تحدد الإصابات المحتملة بكورونا. وما زال أول مريض أميركي ثبتت إصابته بالفيروس الجديد في حالة مُرضية في وحدة عزل بمركز طبي محلي قرب سياتل. ويناقش مسؤولو الصحة ما إذا كانوا سيسمحون له بالخروج.

 الإمارات تسجل أول إصابة

وأعلنت وزارة الصحة ووقاية المجتمع في الإمارات عن تشخيص حالة إصابة بفيروس كورونا الجديد لأشخاص من عائلة واحدة قادمين من مدينة ووهان في الصين. وأضافت وزارة الصحة ووقاية المجتمع في بيان أصدرته صباح اليوم أن الحالة الصحية للمصابين مستقرة وتحت الملاحظة الطبية. وأكدت الوزارة أنها بالتنسيق مع الهيئات الصحية والجهات المعنية في الدولة اتخذت الإجراءات الاحترازية الضرورية اللازمة وفقا للتوصيات العلمية والشروط والمعايير المعتمدة من منظمة الصحة العالمية وأن الوضع الصحي العام لا يدعو للقلق. وشددت الوزارة على أن مراكز التقصي الوبائي في الدولة تعمل على مدار الساعة للإبلاغ المبكر عن أي حالات للفيروس، مؤكدة أنها تتابع الوضع عن كثب بما يضمن صحة وسلامة الجميع.

 تدابير داخلية متشددة

في محاولة لإبطاء سرعة انتشار المرض، بدأت الشركات الصينية تطالب موظفيها بالعمل من المنزل. ولم يتردد عدد كبير من الشركات في منح العاملين إجازات طويلة الأمد. وكان من أول المبادرين إلى هذه الخطوة شركتا بايتيدانس وتينسينت، وقد نصحتا موظفيهما بالعمل من المنزل لإعاقة انتشار الفيروس المميت. وأغلقت سلسلة مطاعم هايديلاو جميع فروعها حتى الجمعة. ولم تترك بعض المقاطعات الخيار للشركات، حيث أمرت السلطات في بعض مناطق البلاد الشركات بإقفال أبوابها. ففي مدينة سوتشو الواقعة في شرق الصين، والتي تعد مركزاً صناعياً ضخماً ومقراً لصناعات الأدوية والشركات التكنولوجية، أمرت الحكومة المحلية الأنشطة التجارية بعدم فتح أبوابها حتى 8 شباط/فبراير على الأقل. ونصح العديد من العائدين من المناطق المصابة بالفيروس بالبقاء بعيداً عن العمل. وقامت مصارف مثل يو بي إس وشركات تطوير عقاري مثل كانتري غاردن بالطلب من الموظفين العائدين من مدينة ووهان، أو إقليم هوبي، بالبقاء في بيوتهم. وألغت بورصة هونغ كونغ احتفالاً كان مقرراً اليوم الأربعاء بالتزامن حلول أول يوم عمل في السنة القمرية الجديدة، خشية انتشار العدوى. وقررت البورصة أيضاً في مدينتي شنغهاي وشنتشن استمرار إغلاق أبوابهما حتى الثاني من شباط/فبراير.

السياحة خاسراً أول

اقتصادياً، يعد قطاع السياحة أكثر المتأثرين بانتشار الفيروس الفتاك، لا سيما بعد أن فرضت السلطات قيوداً على السفر والتنقل بالتزامن مع الاحتفالات بالسنة الجديدة، التي يسافر خلال عطلتها الرسمية مئات الملايين من السكان بغرض الترفيه وزيارة الأقاليم الداخلية.

 النفط يتعافى

وفي بادرة بعثت الأمل في الأسواق، استقرت عقود النفط الآجلة يوم أمس الثلاثاء بعد تراجعات على مدى الأيام الخمسة الماضية بسبب مخاوف من تأثر الطلب على الخام سلباً بعد تفشي كورونا. ودفع ذلك بعض المحللين إلى الاستنتاج بأن الانخفاض ربما يكون قد انتهى. وقلل بنك باركليز من الآثار المدمرة للفيروس على النفط، فقال إن الأسعار ستتأثر بواقع دولارين للبرميل، وذلك بسبب الأثر الاقتصادي المحتمل لتفشي فيروس كورونا في الصين. وتوقع باركليز هبوط الأسعار الخاصة بخامي برنت وغرب تكساس الوسيط بواقع دولارين على مدار العام بالكامل إلى 62 و57 دولاراً للبرميل على التوالي، حسبما نقلت عنه "رويترز". وانخفضت أسعار النفط على مدار الجلسات الست الماضية، لكن باركليز يقول إن رد فعل السوق قد يكون مبالغاً فيه. وجرى الثلاثاء تداول برنت قرب 59 دولاراً للبرميل، والخام الأميركي قرب 53 دولاراً للبرميل. وكانت أسعار النفط انخفضت أكثر من اثنين بالمئة لأدنى مستوياتها في أشهر عدة، الاثنين، مع تنامي المخاوف بشأن الطلب على الخام، بعد تزايد عدد حالات العدوى والوفاة من فيروس كورونا الجديد في الصين، وإغلاق مدن فيها.

 أسواق المال خضراء نسبياً

في المقابل، بدأت الأسواق تسجل منذ يوم أمس الثلاثاء تعافياً من التأثيرات السلبية لانتشار الفيروس. وعادت المؤشرات لتمحو أسوأ خسائرها في نحو أربعة أشهر، يقودها البنوك ومنتجو السلع الفاخرة. وكانت المخاوف الشديدة حيال الأثر المحتمل على الأعمال من تفشي كورونا في الصين قد كبدت المؤشرات الأوروبية الرئيسية أسوأ الخسائر. ففي أفضل نتائجه في شهر كامل تقريباً، قفز المؤشر الإيطالي الغني بأسهم البنوك 2.6 بالمئة ليقود نظرائه في أوروبا مع صعود مؤشر البنوك الإيطالية 2.5 بالمئة. وارتفعت أسهم صناع المنتجات الفاخرة ال.في.ام.اتش ومجموعة بوربري وكيرينج ومونكلير، التي يأتي جانب كبير من الطلب على منتجاتها من الصين، بعد أن انخفضت أكثر من ثلاثة بالمئة مطلع الأسبوع. وأغلق ستوكس 600 على ارتفاع مدعوماً بتعافي السوق الأمريكية. وكان المؤشر الأوروبي فقد أكثر من اثنين بالمئة مطلع الأسبوع، عندما فقدت السوق حوالى 200 مليار يورو من قيمتها.