هل تنمو إيرادات المدفوعات لاقتصادات دول "التعاون الخليجي" أم تتقلص؟

  • 2020-10-18
  • 13:53

هل تنمو إيرادات المدفوعات لاقتصادات دول "التعاون الخليجي" أم تتقلص؟

تقرير يبرز التغيرات التي شهدتها اقتصادات الدول الخليجية في ظل جائحة كوفيد-19

  • بيروت – "أوّلاً- الاقتصاد والاعمال"

 

من المتوقع أن ينمو مجموع إيرادات المدفوعات لاقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي في الفترة ما بين 2019 و 2024 بمعدل 1 في المئة أو يتقلص بالنسبة نفسها، وتعكس هذه التوقعات أثر جائحة كورونا على اقتصادات الدول الخليجية، والتي لم يعد بالإمكان معها الانتهاء إلى تقديرات بالنمو أو التقلص بطريقة ثابتة.

وسلط التقرير 18 الذي أصدرته بوسطن كونسلتينغ جروب BCG تحت عنوان "المدفوعات العالمية 2020: تقدم متسارع نحو المستقبل"، الضوء على دور جائحة كوفيد-19 في إحداث تغييرات واسعة النطاق في حياة المستهلكين والشركات حول العالم، مركزاً على أداء قطاع المدفوعات العالمية على المدى القريب والتوقعات المستقبلية للاقتصادات الرئيسية في دول مجلس التعاون الخليجي.

 

 

ثلاثة سيناريوهات

 

ونظراً إلى عدم وضوح الرؤية المستقبلية في ظل التطورات العالمية المتغيرة الناجمة عن انتشار الوباء، فقد خلص التقرير إلى توقع ثلاثة سيناريوهات محتملة لنمو الإيرادات، الأول يشير إلى حصول انتعاش سريع في المستقبل القريب، ويتمثل في نمو مجموع إيرادات المدفوعات في دول الخليج الرئيسية من 23 مليار دولار في العام 2019 إلى 24.3 مليار دولار في حلول العام 2024، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 1.1 في المئة، إلا أن هذا المستوى من النمو يبقى أقل بنسبة 7 في المئة من النمو الذي شهده القطاع على مستوى المنطقة بين عامي 2014 و2019. أما السيناريو الثاني فهو حصول تعاف بطيء، بحيث سيصل مجموع الإيرادات على مستوى المنطقة إلى 23.1 مليار دولار في حلول العام 2024، بمعدل نمو سنوي مركب نسبته 0.1 في المئة. أما السيناريو الثالث فهو التأثير العميق، حيث يتوقع تقلص مجموع الإيرادات بمعدل نمو سنوي مركب سالب بنسبة 0.9 في المئة.

وتعليقاً على التقرير، قال العضو المنتدب والشريك في بوسطن كونسلتينغ جروب جودفري سوليفان إن تراجع الأداء في قطاعات اقتصادية عدة، إثر انتشار جائحة كوفيد-19 (كانخفاض أسعار النفط وتباطؤ السياحة وعودة الكثير من الوافدين إلى بلدانهم الأم) أدى إلى تباطؤ ملحوظ في النمو الاقتصادي الإجمالي"، مضيفاً أنه على الرغم من تراجع نمو إيرادات المدفوعات في المنطقة نتيجة انتشار الوباء، إلا أن دول مجلس التعاون الخليجي شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في معاملات الدفع الإلكترونية، ما يشير إلى توفر فرصة للنمو في المجال الرقمي.

 

الاستفادة من الدفع الرقمي

 

وأوضح التقرير أن الجهات المختصة في دول مجلس التعاون الخليجي تبذل جهوداً استثنائية، لتعزيز الاستفادة من الفرص التي توفرها عمليات الدفع الرقمية، عبر تمكين الحكومات والمؤسسات المصرفية ومزودي الخدمات من الوصول إلى المستهلكين على نحو أكبر وخفض التكاليف المرتبطة بإنجاز هذا النوع من المعاملات، مشيراً إلى أن دول المنطقة تظهر انفتاحاً لاستقبال المزيد من المستثمرين العالميين إلى هذه السوق، إذ تعمل كل من السعودية والإمارات على تطوير البنية التحتية للدفع في الوقت الفعلي خلال العامين المقبلين، تعزيزاً للنمو الاقتصادي، ومن المتوقع أن تساهم هذه الإجراءات في تحسين مستوى نمو الإيرادات.

 

 

 إقرأ أيضاً: 
منصة التقنية المالية ليندو تتطلع إلى سدّ الثغرة في تمويل الشركات الصغيرة

 

تسريع عملية التحول

 

وإذ أشار التقرير إلى أن جائحة كورونا لعبت دوراً كبيراً في تسريع عملية التحول من الدفع النقدي إلى الدفع الرقمي، أكد أن هذا التحول سيكون مدفوعاً بتطور توجهات العملاء وتحسين البنية التحتية وإمكانات الوصول والارتفاع المتزايد في اعتماد حلول الدفع الإلكتروني، لافتاً الانتباه إلى أن الأسواق في جميع دول مجلس التعاون الخليجي، شهدت خلال الأزمة على توجه عدد كبير من التجار، بمن فيهم أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، إلى توفير حلول الدفع من دون وجود تماس مع عملائهم، وكذلك أظهر المستهلكون اهتماماً متزامناً بهذه الحلول، حتى في الأسواق التقليدية.

ووفقاً للتقرير، تظهر التطورات المتسارعة أن الحكومات مهتمة بتسريع أجندات الاقتصاد غير النقدي، حيث خلصت دراسات عدة إلى أن المدفوعات الإلكترونية قد تزيد الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة تصل إلى 3 في المئة سنوياً.

وأضاف التقرير أن الجائحة لعبت دوراً في تعزيز نمو التجارة الإلكترونية، وأحدثت تحولاً جذرياً على مستوى التوجهات الاستهلاكية، ما سيؤدي إلى توسيع خيارات الدفع، وقد يؤدي كذلك في بعض المناطق إلى تراجع استخدام البطاقات، وقد شهدت القطاعات المعتمدة على التنقل مثل الترفيه والسفر انخفاضاً كبيراً في المدفوعات، بينما من المرجح أن تسجل قطاعات أخرى منها توصيل الطعام والترفيه المنزلي نمواً ملحوظاً. وبالتالي، يتوجب على مزودي الخدمات الاستعداد لهذه التغييرات، ومواءمة خيارات الدفع للتتناسب مع التغييرات الحاصلة في اتجاهات الاستهلاك عبر القطاعات المختلفة.

 

إقرأ:
هايبر باي نحو التوسع إلى أسواق جديدة

 

تعزيز عمليات الدمج والاستحواذ

 

إلى ذلك، أوضح تقرير بوسطن كونسلتينغ جروب أن التوقعات الإيجابية على مستوى سلسلة القيمة، وتوسع الأهداف في ظل الأوضاع الطارئة والحاجة لتحويل الأموال على نحو أسرع، أدت إلى تعزيز عمليات الدمج والاستحواذ في قطاع المدفوعات. وعلى الرغم من تزايد الصفقات المرتبطة بمعالجة المدفوعات واكتسابها، فمن المحتمل أن تشهد الصفقات في المجالات الأخرى من سلسلة القيمة ارتفاعاً متوازياً. وتعتبر أسواق الدفع في دول مجلس التعاون الخليجي في طور النمو مقارنة بالأسواق العالمية، ومن المرجح أن يؤدي تزايد الأسهم الخاصة واهتمام الشركاء في منظومة الدفع وسعي المنافسين المحليين لتعزيز ريادتهم على مستوى البنية التحتية لهذه السوق إلى تعزيز عمليات الاندماج والاستحواذ على نحو واسع.

وفي هذا الإطار، قال الشريك في بوسطن كونسلتينغ جروب محمد خان إن أبحاث المجموعة تشير إلى أن أجندة الاقتصاد غير النقدي ونمو التجارة الإلكترونية وتعزيز القدرة التنافسية في قطاع المدفوعات ستصبح أكثر وضوحاً في المنطقة، مضيفاً أن الفرصة سانحة حالياً للجهات المسؤولة عن قطاع المدفوعات في دول مجلس التعاون الخليجي لاتخاذ خطوات جريئة يمكن أن تضمن ازدهار أعمالهم على المدى الطويل".

 

استشراف المستقبل

 

وخلص التقرير إلى الاستنتاج بأن قطاع المدفوعات شهد تطورات متسارعة مع ظهور لاعبين ناشئين عدة ومؤسسات متنوعة تتنافس في هذا المجال، لكنه أشار إلى أن الجهات المتنافسة، بدءاً من شركات التكنولوجيا الضخمة وشركات التكنولوجيا المالية مروراً بالموردين والمعالجين ومزودي الخدمات وصولاً إلى اللاعبين المتخصصين، تشهد تحديات جديدة. وفي هذا االسياق، حدد التقرير خمسة عوامل يجب أن تتبناها الشركات لتعزيز تنافسيتها في عالم ما بعد الأزمة، أولاً إعادة التوازن بين محافظ المنتجات ومحافظ العملاء، ثانياً متابعة عمليات الاندماج والاستحواذ الاستراتيجية وتعزيز الشراكات وتوسيع الفرص على مستوى المنظومة ككل، ثالثاً تعزيز ريادة المؤسسة في الاعتماد على البيانات، رابعاً الارتقاء بعمليات إدارة المخاطر وأخيراً تسريع عملية التحول الرقمي.

 

إقرأ أيضاً:
أزمة لبنان الاقتصادية: تراجع الإنفاق عبر البطاقات المصرفية