السعودية على طريق التحول إلى مصنّع قوي للسيارات الكهربائية

  • 2023-02-01
  • 12:31

السعودية على طريق التحول إلى مصنّع قوي للسيارات الكهربائية

في حال استكمال صندوق الاستثمارات العامة تملك أسهم لوسيد

  • رشيد حسن

إذا صحت المعلومات المتسربة من السوق الأميركية، فإن صندوق الاستثمارات العامة السعودي سيتحول قريباً إلى المالك الوحيد لشركة "لوسيد" للسيارات الكهربائية الفخمة، وذلك عبر عملية شراء الأسهم المتبقية من الشركة التي يمتلك منذ العام 2021 نحو 65 في المئة منها.

وقفزت الشائعات القوية حول الصفقة بأسعار أسهم شركة لوسيد بنسبة 43 في المئة خلال الأسبوع الماضي، واحتلت أسهم الشركة يوم الجمعة الماضي المرتبة السادسة بين الأسهم الأكثر تداولاً في بورصة نيويورك، والمرتبة الثالثة بين الأسهم الأكثر تداولاً في بورصة ناسداك وذلك نتيجة حركة الشراء الكثيفة لسهمها.

قد يهمك:

كيف يحوّل صندوق الاستثمارات العامة السعودي المملكة إلى قوة عالمية في الرياضة؟

ويختتم التملك الكامل لشركة لوسيد من قبل صندوق الاستثمارات العامة السعودي عملية تقارب وتكامل مصالح مستمرة منذ العام 2018 بين الشركة الأميركية لصناعة السيارات الكهربائية وبين صندوق الاستثمارات العامة. وفي مختلف تلك المحطات، وجدت "لوسيد" في الصندوق السعودي الشريك الأمثل لمساعدتها في وقت الضيق، وتوفير الدعم الذي يلزمها في المراحل الأولى من تطورها ومحاولة دخولها إلى سوق شديد التنافسية، كما وجد الصندوق في الشركة مشروعاً واعداً ومتميزاً في صناعة السيارات الكهربائية وشريكاً محتملاً في إرساء الأسس لصناعة السيارات الكهربائية السعودية، وبالتالي دعم استراتيجية المملكة في تطوير قطاعات صناعية جديدة في القطاعات المتقدمة.

صناعة كثيفة الرساميل

ونظراً إلى الاستثمارات الرأسمالية الضخمة التي تتطلبها صناعة السيارات الكهربائية وتحديات الحصول على التمويلات المؤاتية من السوق، فقد شهدت الصناعة انهيار عدد من الشركات الجديدة المستقلة، بينما تركزت التجارب الناجحة في شركة تسلا وفي ماركات السيارات المشهورة الأميركية والألمانية واليابانية والكورية الجنوبية (هذا فضلاً عن الصناعة الصينية)، والتي تمتلك من الرساميل وطاقات الإنتاج ما يساعدها على تطوير السيارات الكهربائية وتحسين تصاميمها وأدائها، بما يوفر لها الميزات التنافسية في الاسواق العالمية.

للإطلاع:

وليّ العهد السعودي يطلق منظومة للاستثمار والشراكة الاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط

في تلك الفترة، أظهر صندوق الاستثمارات العامة اهتماماً مبكراً بقطاع السيارات الكهربائية الناشئة عندما دخل في العام 2018 بمفاوضات لمساعدة شركة "تسلا"، التي يرأسها الملياردير الأميركي إيلون ماسك في تمويل عملية تحولها إلى شركة خاصة، إلا أن المحاولة لم تنته إلى الاتفاق المرجو، وعندها حوّل الصندوق السعودي اهتمامه إلى شركة لوسيد الأميركية الناشئة والتي كانت تبذل مجهودات كبرى لطرح موديلاتها الفخمة الأولى في السوق لكنها ونظراً إلى ضعف قاعدتها الرأسمالية لم تتمكن من إنشاء المصانع التي يمكنها إنتاج العدد المطلوب. وقد سعت "لوسيد" للحصول على الدعم من شركة فورد موتورز لكن من دون نتيجة واضطرت في أواخر العام 2017 للاقتراض من صناديق تحوط أميركية ومن شركة صينية لصناعة الباصات للحفاظ على استمرارها. وباختصار، فإن وضع لوسيد العام 2018 كان في أنها نجحت في تطوير موديلات متقدمة لسيارات الصالون الفخمة وموديل لسيارة فخمة رباعية الدفع لكن لم تكن لديها المقومات اللازمة لبدء الإنتاج بكميات والبدء في منافسة الشركات القائمة في السوق وهي كانت بالتالي مهددة كغيرها من الشركات المستقلة بالتوقف.

الفرصة

هذا الوضع رأى فيه صندوق الاستثمارات العامة فرصته فدخل في مفاوضات مع الشركة أثمرت في سبتمبر 2018 بتوقيع اتفاق لمد "لوسيد" بمليار دولار أميركي بما يمكنها من إطلاق خطوط الإنتاج لتصنع موديلاتها الجذابة. لكن الصندوق دخل في ما بعد بمفاوضات أدت إلى تقديم المزيد من الدعم المالي للشركة وأثمرت في مطلع العام 2021 عن اتفاق دمج بين "لوسيد" وبين شركة أنشأها الصندوق خصيصاً لإتمام عملية التملك والتي أدت إلى حصول الصندوق على 65 في المئة من الشركة مقابل التمويلات التي كان قدمها في مراحل عدة إلى "لوسيد".  

أيضاً عن المشاريع التوسعية لصندوق الاستثمارات العامة السعودي:

بعد صفقة ابراج زين.. صندوق الاستثمارات العامة السعودي يتجه للاستحواذ على "أبراج اس تي سي"

يذكر أن "لوسيد" ترتبط بعلاقة قوية بشركة "تسلا" إذ قام بتأسيسها المهندس ورجل الأعمال الأميركي بيتر رولنسون الذي كان رئيس المهندسين في مشروع "تسلا" لإنتاج موديلها الفخم S قبل إطلاقه ويعود إليه الفضل كرئيس تنفيذي لشركة لوسيد في تصميم الموديلات الفخمة التي يعدّ لإطلاقها في شركة لوسيد Air Sedan والسيارة رباعية الدفع الفخمة Gravity واللتان تتميزان عن سيارات تسلا المماثلة بقوة دفع كبيرة وبقدرتهما على السفر بشحنة بطاريات واحدة مسافات طويلة تفوق المسافات التي تحققها سيارات "تسلا".

آفاق واعدة

وكانت "لوسيد" أعلنت في العام الماضي أنها قامت بتصنيع 7180 سيارة في العام 2022 وهو رقم يفوق ما كان متوقعاً، وحققت أسهم الشركة في نهاية العام الماضي نتيجة لهذه التقارير ارتفاعاً بنسبة 5 في المئة، كما حقق إنتاج "لوسيد" في الفصل الأخير من 2022 نمواً بنسبة 53 في المئة مقارنة مع الفصل الثالث من العام، وجاء ذلك نتيجة للدعم المالي الذي تحصل عليه الشركة من صندوق الاستثمارات العامة، إلا أن الشركة أقرّت بأن إنتاجها في مصانعها في أريزونا الأميركية في العام الماضي، كان أقل من رقم الـ 20,000 سيارة الذي كانت تتوقعه وذلك نتيجة لاضطراب سلاسل الإمداد والعمليات اللوجيستية.

إلّا أن هذا الواقع في مبيعات الشركة وآفاقها التجارية يمكن أن يتغير جذرياً نتيجة الدعم الذي تحظى به من صندوق الاستثمارات العامة، وخصوصاً فتح السوق السعودي للسيارات الكهربائية لشركة لوسيد من خلال اتفاقات وقعتها الشركة في العام الماضي لإنشاء مصنع ضخم بطاقة 155,000 سيارة في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية على أن يكون إنتاجه مخصصاً للسوق السعودي والأسواق المجاورة. ومن أهم الحوافز التي قدمت لشركة لوسيد تعهد من وزارة المالية السعودية بشراء 100,000 سيارة ضمن مشروع تطوير مدينة الرياض وتحقيق الاستدامة وخفض الانبعاثات في المدينة. وسيتم في المرحلة الأولى شراء 50,000 سيارة من طرازين رائجين لسيارة “لوسيد” على مدى السنوات العشر المحددة لاتفاق الحوافز على أن يتم طلب شراء 50,000 سيارة أخرى في وقت لاحق خلال المرحلة نفسها.

يمكنك متابعة:

ماذا لو استحوذ صندوق الاستثمارات العامة السعودي على أبراج أوريدو قطر؟

 

وشملت اتفاقات إنشاء مصنع "لوسيد" توفير تمويلات وحوافز للشركة بقيمة 3.4 مليارات دولار على أن يتم استخدامها على مدى السنوات الـ 15 المقبلة لبناء المصنع وتشغيله، وفي حال حصوله، يمثل تملك صندوق الاستثمارات العامة لكامل شركة لوسيد جزءاً أساسياً من تطلعات رؤية المملكة 2030 في تنويع الاقتصاد السعودي واستقطاب الاستثمارات الخارجية وتطوير الصناعات المتقدمة والتكنولوجية وتوفير فرص العمل للشباب السعودي، كما إن عملية التملك ربما تمهد لإعادة هيكلة للشركة ومساعدتها على التوسع وتحسين أدائها التجارية والمالي على أن يتبع ذلك ربما وبعد تحقيق الأهداف المرجوة طرح جزء من اسهم الشركة في البورصة.