وزير المالية السعودي: الميزانية تؤكد حرص الحكومة بالحفاظ على الاستدامة المالية

  • 2022-12-08
  • 09:10

وزير المالية السعودي: الميزانية تؤكد حرص الحكومة بالحفاظ على الاستدامة المالية

 

أكد وزير المالية السعودي محمد بن عبدالله الجدعان أن تحقيق التنمية الشاملة وتوفير فرص عمل وأعمال جديدة ورفع جودة حياة المواطنين والمقيمين هي الأولوية القصوى للحكومة.

جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده وزير المالية السعودي اليوم الخميس، بمناسبة إعلان الميزانية العامة للدولة للعام المالي (2023)، مبيناً أن الميزانية تؤكد حرص الحكومة على الحفاظ على الاستدامة المالية، ومواصلة العمل على تعزيز مبدأ الشفافية والإفصاح، وتبني سياسات متسقة لمواجهة الأزمات العالمية، والسعي نحو تمكين القطاع الخاص من قيادة النمو الاقتصادي على المدى المتوسط.

وأكد عزم الحكومة خلال العام المقبل والمدى المتوسط مواصلة جهودها في رفع كفاءة الإنفاق والضبط المالي، حيث تستهدف تحقيق التنمية الشاملة على المستويين المناطقي والقطاعي، وتطوير القطاعات الواعدة التي تسهم في تحقيق عوائد اقتصادية واجتماعية على المديين المتوسط والطويل، وتوطين الصناعات العسكرية، مع الاستمرار في تنفيذ برامج ومبادرات منظومة الدعم والحماية الاجتماعية، حيث تشير التقديرات الأولية لعام 2023م إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بمعدل 3.1 في المئة.

الإصلاحات الاقتصادية والمالية ودورها في دفع عجلة النمو

وأوضح وزير المالية السعودي أن الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي شهدتها المملكة أسهمت في مواصلة دفع عجلة النمو على الرغم من التحديات والأزمات المختلفة التي تواجه اقتصادات العالم التي تؤثر على مسار نمو الاقتصاد العالمي وآفاقه المستقبلية كأزمة الغذاء والتضخم وتعطل سلاسل الإمداد والاضطرابات الجيوسياسية؛ منوهاً بالاهتمام الذي توليه الحكومة للتخفيف من حدة الآثار الاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن تلك الأزمات وذلك من خلال الخطوات الاستباقية التي اتخذتها وكذلك حزم الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي امتازت بالموازنة بين متطلبات زيادة الإنفاق وضمان الحفاظ على الاستقرار المالي وتحقيق الاستدامة المالية وذلك لدعم التعافي الاقتصادي، فضلاً عن تبنيها العديد من المشاريع الاستراتيجية وزيادة اعتمادات برامج الحماية الاجتماعية، بالإضافة إلى زيادة المخزونات الاستراتيجية للمواد الأساسية، علاوةً على التعجيل بتنفيذ بعض البرامج والمشاريع للمضيّ قدماً بتحقيق رؤية المملكة 2030؛ مشيراً إلى توقعات الميزانية بانخفاض نسبة التضخم لعام 2023م إلى 2.1 في المئة ومن المتوقع أن يُصبح في مستوياته الطبيعية على المدى المتوسط.
وأشار الجدعان إلى أن الشراكة بين الجهات الحكومية أسهمت في إجراء العديد من الإصلاحات في عملية إعداد الميزانية العامة للدولة ورفع جودة تنفيذها، كما عزّزت الشراكة مع القطاع الخاص فرص تمكينه ليكون المحرك الرئيس للنمو الاقتصادي، والمساهم الأكبر في توفير فرص العمل للمواطنين.

توقعات باستمرار عمليات الاقتراض المحلية والخارجية

وتوقع الوزير السعودي أن يبلــغ رصيــد الديـــن العـــام 951 مليــار ريــال (أي ما يعادل 24.6 في المئة مـــن الناتـــج المحلــي الإجمالي) فـــي العـــام 2023م مقارنــة بـ 985 مليــار ريـال (أي مـا يعـادل 24.9 في المئة مــن الناتــج المحلــي الإجمالي) لعام 2022، لافتاً النظر إلى أنه من المتوقع الاستمرار في عمليات الاقتراض المحلية والخارجية بهدف سداد أصل الدين المستحق خلال العام 2023 وعلى المدى المتوسط، واستغلال الفرص المتاحة حسب أوضاع السوق لتنفيذ عمليات تمويلية إضافية استباقية لسداد مستحقات أصل الدين للأعوام القادمة، ولتمويل بعض المشاريع الاستراتيجية، بالإضافة إلى استغلال فرص الأسواق لتنفيذ عمليات التمويل الحكومي البديل بهدف تمويل الإنفاق التحولي للمشاريع الرأسمالية والبنية التحتية.
ونوه الوزير الجدعان إلى أنه مـن المقـدر أن يبلــغ رصيــد الاحتياطات الحكوميــة نحــو 399 مليــار ريــال في نهايــة العـام 2023م، وذلك نتيجة لتعزيز الاحتياطات بجزء من الفوائض بهدف المحافظة على مستويات آمنة من الاحتياطات الحكومية لتعزيز المركز المالي للحكومة وقدرتها على التعامل مع الصدمات الخارجية.
وأوضح الوزير السعودي أن بيان الميزانية الصادر أخيراً يعكس توجهات الحكومة في تعزيز مستوى الإفصاح المالي، وترسيخ مبدأ الشفافية حول أداء المالية العامة في المملكة وسياساتها، من خلال نشرها للتقارير الربع السنوية والتقرير النصف السنوي للأداء المالي والاقتصادي، بالإضافة إلى البيان التمهيدي، ونسخة المواطن.
وحيال محركات النمو في المدى المتوسط أفاد معالي وزير المالية أنه تم تكثيف جهود وتعزيز الدور التنموي للقطاع الخاص بما في ذلك الشركات الكبرى والمنشآت المتوسطة والصغيرة من خلال العديد من المبادرات الداعمة للقطاع الخاص تمثلت في رفع نسبة المحتوى المحلي في المشاريع الكبرى وتطوير الصناعة الوطنية وتحفيز قطاع السياحة والصادرات الوطنية.
وأبان الجدعان أن التحسن الاقتصادي في المملكة جاء على الرغم من التحديات المتعلقة بسلاسل الإمداد العالمية التي انعكست على أسعار الوقود والمواد الخام، إلا أن مستويات التحسن الاقتصادي استمرت في الارتفاع مدعومةً بتحسن ظروف الطلب نتيجة تعافي النشاط التجاري وتحسن ظروف الأعمال الجديدة.
وتناول وزير المالية السعودي الدور المحوري للاستراتيجية الوطنية للاستثمار التي تستهدف ضخ 12 تريليون ريال في الاقتصاد الوطني حتى العام 2030م، بما يدعم نمو الاقتصاد الوطني، من خلال إطلاق المبادرة الوطنية لسلاسل الإمداد العالمية مبادرة (جسري) وإصدار نظام الاستثمار الجديد، حيث تهدف الاستراتيجية إلى تعزيز مكانة المملكة بصفتها قوةً صناعية ومركزاً لوجيستياً عالمياً، وإيجاد فرص نوعية محفزة للمستثمرين الأجانب.
وتحدث الجدعان عن دور الممكنات الاقتصادية الداعمة للقطاع الخاص، والبرامج التي يقوم بها صندوق الاستثمارات العامة.
وعن إطلاق الاستراتيجية الوطنية للصناعة أبان الجدعان أنها تستهدف الوصول إلى اقتصاد صناعي جاذب للاستثمار ليسهم في تحقيق التنوع الاقتصادي، وتنمية الناتج المحلي والصادرات غير النفطية.
ورداً على سؤال حول التحسن في مستوى الميزانية أخيراً، وأن ذلك عائد لأسعار البترول ليس انعكاساً لجهود الحكومة، أوضح الجدعان أن الإيرادات النفطية كان لها دور في ذلك، مؤكداً أن السياسات والإصلاحات الهيكلية التي تمت خلال السنوات الخمس الماضية لها دور فاعل من تخفيف حدة التذبذبات في مستوى الإيرادات الحكومية وأن الإيرادات غير النفطية كانت تشكل تقريباً 8.9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2016، وسننهي هذا العام تقريباً على مستوى 16.9 في المئة، حيث كانت الإيرادات النفطية تغطي في 2015 – 2016 م 90 في المئة من الميزانية وانخفض إلى 65 في المئة، مبيناً أن الإيرادات النفطية كان لها دور لكن الإصلاحات الهيكلية لها دور مهم جداً ومتنام فمع نمو الاقتصاد تنمو الإيرادات غير النفطية فتغطي جزء أكبر من الميزانية.

مبادرات حكومية متميزة

وأشار إلى أن الحكومة عملت مبادرات متميزة لرفع مستوى كفاءة الإنفاق وتخصيص الإنفاق على الأولويات الإستراتيجية التي تمكن من نمو الاقتصاد والقطاع الخاص وإيجاد فرص أعمال متعددة للرياديين، مبيناً أنه تم إنشاء أكثر 270 ألف منشأة خلال 2202م التي جاءت لوجود فرص أعمال تم إيجادها بسبب تلك المبادرات، مبيناً أن الحكومة تعمل بتركيز كبير على توجيه الصرف إلى مشاريع واستراتيجيات تحقق عائداً وخدمة أفضل للمواطنين ونتائج وفرصاً للقطاع الخاص والوظائف.
وحول فوائض الميزانية وهل ستسهم في دعم المواطنين، أكد أن ما يتم صرفه على الميزانية هو دعم للمواطن وتنمية الاقتصاد ويثبت ذلك الصدمات التي واجهها العالم وكيف تعاملت معها الحكومة، مشيراً إلى أن الاستراتيجيات وتنفيذ التمكين والتحسينات التي تتم على الخدمات الحكومية تمس كل مواطن والفرص التي يتم إيجادها لرواد الأعمال يستفيد منها المواطنون والمواطنات مباشرة وتسهم في توفير الوظائف.
وفي ما يتعلق بضريبة القيمة المضافة، قال الجدعان:" لو نلاحظ ما تم خلال الـ 9 سنوات السابقة وبسبب التذبذبات الكبيرة في الإيرادات اضطرت الحكومة لاستخدام مخزون كبير من الاحتياطات التي كانت لديها لسد العجز في الميزانية باستخدام تريليون ريال لذلك، واستدانة 985 ملياراً خلال الفترة نفسها للسبب نفسه وأيضاً لدعم وتمويل القطاع الخاص، لذلك، فإن استخدام تريليوني ريال على مدى 9 سنوات التي كانت صعبة مالياً وتمكن الحكومة من إدارتها بكفاءة عالية ويتحقق فائض لسنة واحدة، ليس من الحكمة تغيير السياسات المالية والعالم يشاهد تقلبات كبيرة ونحن جزء منه، فليس من الحكمة تغيير السياسات باستعجال إلى أن نتأكد أن لدينا القاعدة الاقتصادية القوية ووفرنا احتياطات أكبر لنعيد النظر في السياسات المالية سواء الضريبة أو غيرها.

التضخم والعمل مع القطاع الخاص

إلى ذلك، قال الجدعان إن تقديرات صندوق النقد الدولي تشير إلى أن التضخم بلغ نسبته 8.8 في المئة وسينخفض في العام المقبل إلى 6.8 في المئة على مستوى العالم، وأن سبب عدم وصول التضخم إلى المملكة الذي يقدر بـ 2.6 في المئة، هو التدخل الحكومي المبكر، والعامل الرئيسي في ارتفاع مستويات التضخم كانت أسعار الطاقة، ووضعت الحكومة سقفاً خلال العام الماضي أوقف التضخم في أسعار الطاقة وحد من ارتفاع التضخم في المملكة.
وأكد وزير المالية السعودي أن الحكومة مستمرة في العمل مع القطاع الخاص ومنها دعم مربي الماشية ومنتجي الدواجن والمستوردين، وتدخلت هذا العام ووفرت مبادرات تسهم في توفير مخزون استراتيجي كاف وفي حال انخفاض الأسعار يتم تعويض التاجر.
وفي ما يتعلق بمستويات النمو أوضح وزير المالية أن رؤية المملكة 2030 تعتمد بشكل أساسي على تنويع القاعدة الاقتصادية، ويعني ذلك عدم الاستمرار في مصدر واحد للدخل، مفيداً أن البترول نعمة من الله وسيتم استغلاله بشكل جيد ولا كنه متذبذب في أسعاره، وبالتالي جاءت الرؤية لتنويع القاعدة الاقتصادية لكي لا نكون حبيسين لسلعة واحدة.
وأبان أن ما يتابع بشكل يومي هو الناتج المحلي الإجمالي لنشاط القطاع الخاص كونه يعكس تنوع القاعدة الاقتصادية، مفيداً أن القطاع الخاص سينمو بنسبة 5.9 في المئة، متوقعاً على المدى المتوسط استمرار النمو، مبيناً أن سبب رفع الناتج المحلي الإجمالي هذا العام هو شقان الناتج المحلي النفطي بنسبة 19 في المئة والناتج المحلي لنشاط القطاع الخاص 5.9 في المئة.

القدرة على التعامل مع الصدمات

وبين أهمية أن تكون المالية العامة قادرة على التعامل مع الصدمات، ولمسنا ذلك العام 2020 في جائحة كورونا، وكذلك التعامل مع صدمات أسعار البترول في السنوات التي سبقتها واستطعنا التعامل معها بمرونة عالية وسنستمر في ذلك، مفيداً أن الفوائض يتم تخصيصها في نهاية العام والعنصر الأساسي سيذهب إلى الاحتياطات الحكومية لتعزيزها وسيتم تقريرها بقرار نهائي في الربع الأول من قبل مركز الحكومة في اللجنة المالية، وجزء سيذهب إلى صناديق التنمية الوطنية، وصندوق الاستثمارات العامة وتعجيل المبادرات الاستراتيجية.

ماذا عن التخصيص؟

وحول جانب التخصيص بين الجدعان أن التخصيص هو تمكين القطاع الخاص بأن يقوم بشكل أفضل فعنده القدرة بالقيام في تنفيذ المشاريع بديناميكية بسرعة أكبر وبتكلفة أقل، حيث ينظر للمشاريع على هذه المعايير، والقيمة المثلى التي تأتي للمال العام من تكليف القطاع الخاص بالقيام بهذا المشروع أو هذه الخدمة.
وأوضح أن استراتيجية التخصيص على وشك الانتهاء، فخلال السنتين الماضية تم الانتهاء من العمل الأساسي وهو العمل التشريعي والقواعد واللوائح والنظام، ومع ذلك استمرت عملية التخصيص وشاهدنا نجاحات شراكة بين الحكومة والقطاع الخاص وجرى توقيعها في مجالات متعددة، منها الموانئ والتحلية والمياه والصرف الصحي والقطاع الصحي والخدمات اللوجيستية وغيرها، متوقعاً نشر قوائم المشاريع التي تم تخصيصها في الربع الأول من العام المقبل وتصل إلى 200 مشروع في مستويات مختلفة.

المحتوى المحلي

وبشأن المحتوى المحلي، أوضح الجدعان أن المحتوى المحلي يعتمد على سياسات حكومية بدأت بتعديل نظام المنافسات والمشتريات الحكومية ووضع حدود دنيا للمحتوى المحلي وإنشاء هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية للعمل على تحديد ماهي المشتريات والعقود والمنافسات والخدمات التي تتوفر في القطاع الخاص المحلي التي يمكن إلزام المتعاقدين مع الحكومة في المشتريات الحكومية بتوفيرها من المصانع المحلية أو موفري الخدمات المحلية.