مصارف لبنان تستنجد بالبرلمان رفضاً لخطة التعافي الحكومية

  • 2020-05-01
  • 20:56

مصارف لبنان تستنجد بالبرلمان رفضاً لخطة التعافي الحكومية

في انتظار موقف حاكمية البنك المركزي

  • بيروت – "أوّلاً- الاقتصاد والاعمال"

لم تكتف جمعية المصارف في الردّ على خطة التعافي الحكومية، رفضاً وملاحظات وحثاً على التعديل والتصويب وعدم المس بالمدخرات وحماية الملكية الفكرية، انما بلغت حدود مناشدة ممثلي الأمة (مجلس النواب)، ليس ردّها فحسب، بل ومحاسبة من تجـرّأ على صياغتها لتعدّيه على الأسس القانونية والدستورية التي قامت عليها الدولة اللبنانية.

وفي ما ترصد الاوساط المالية والاقتصادية والسياسية موقف الشريك الثالث الممثل بمصرف لبنان، بعد أن رمت الحكومة وزر "تعويم" سعر صرف الليرة على حاكمه رياض سلامة، متجاوزة واقع السعر السوقي الفعلي وحقيقة تضمين خطتها سعراً مرجعياً محدداً عند 3500 ومتحركاً إلى 4300 ليرة ترافقاً مع مسار تنفيذ الخطة، بدا أن "مسار" الخطة غير آمن، طالما أن التشاور السياسي والاقتصادي سيعقب إقرارها ولم يسبقه.

وقبيل صدور البيان المصرفي، كان رئيس مجلس الوزراء حسان دياب ووزير المالية غازي وزني وقعا معاً طلب مساعدة صندوق النقد الدولي للبنان، واعتبر دياب أن "هذه اللحظة مفصلية في تاريخ لبنان، حيث بدأنا الخطوة الأولى نحو ورشة حقيقية لإنقاذ لبنان من الهوة المالية العميقة التي يصعب الخروج منها من دون مساعدة فاعلة ومؤثرة".

وكانت جمعية المصارف رفضت في معرض ردّها على الحكومة الخطة الاقتصادية واصفة إياها بـ "الانفرادية".

واستغربت الجمعية عدم استشارتها أو إشراكها في الخطة المقدمة، مشددة على أنها جزء أساسي من أي حل، إذ يتطلّب الاقتصاد وجود قطاع مصرفي قوي قادر على تأدية دوره كوسيلة للإدماج الاجتماعي والنمو من خلال منح الائتمان للأفراد والشركات، وأوضحت أن إعادة الهيكلة المحلية، كما وردت في الخطة، من شأنها الإمعان في تقويض الثقة بلبنان محلياً ودولياً. في الوقت نفسه، لافتة الانتباه إلى أن الخطة ذكرت المقومات الأساسية لاستعادة وتعزيز ثقة المستثمرين، مثل إعداد استراتيجية فعّالة لمكافحة الفساد، ولكن لم يتمّ تفصيلها - ما يثير تساؤلات حول توقيت التنفيذ، وأضافت: "في الواقع، من المحتمل أن تعيق الخطة الاستثمار في الاقتصاد وبالتالي احتمالات الانتعاش".

وأشارت الجمعية إلى "ان الخطة غير مموَّلة، فهي تفترض الدعم المالي الدولي، ولاسيّما من صندوق النقد الدولي و/ أو مؤتمر "سيدر" CEDRE"، قائلة: "بحسب علمنا، فإن المناقشات الرسمية مع الصندوق حول هذه المسألة على وشك أن تبدأ في حين أن مدفوعات"سيدر" هي رهن تنفيذ الإصلاحات اللازمة".

وإذ أكدت الجمعية أن الاجراءات المتعلّقة بالإيرادات والنفقات، والضرورية لنيل دعم صندوق النقد الدولي، تبقى غامضة وغير مدعّمة بجدول زمني دقيق للتنفيذ، أوضحت أن "بعض فرضيات الخطة (بما في ذلك فرضيات النمو وضبط أوضاع المالية العامة) قد تكون عرضة للإنتقاد ومثار جدل نظراً إلى:

أولاً: التأثير المحدود الذي قد يُعزى لإعادة هيكلة الدين المحلي كما ورد في الخطة.

ثانياً: الأثر غير المعروف حتى الآن للأزمة العالمية، ومن شأن تقييم تلك الآثار أن يؤدّي إلى توقّعات في المالية العامة والى أرقام ونسب مختلفة جداً.

ولفتت الجمعية النظر إلى أن الخطة لا تعالج الضغوط التضخّمية، وهي قد تؤدي عملياً بدورها إلى تضخم مرتفع جداً، موضحة أن عنصر الإدماج الاجتماعي للخطة، والذي هو أساسي بالنظر إلى الوضع الاجتماعي والاقتصادي الهشّ في لبنان، يقتضي المزيد من الشرح والتفصيل، ولاسيما في شأن الأولويات الثلاث: الاحتفاظ بالوظائف، وتخفيف حدّة الفقر، والحدّ من عدم المساواة.

وأضافت الجمعية أن "عرض جذور الأزمة يظهر إنحيازاً على حساب المصارف، وإذ نتفهم الأسباب السياسية لمثل هذا المنحى، نرى أنه لا بدّ من تصويب الأمر لجهة أن القطاع المصرفي قدّم التمويل اللازم للقطاع العام الذي قرّر تخصيصه وإنفاقه من دون أن يكون للمصارف أيّ دور بهذا الخصوص على الإطلاق. ويصوّر هذا العرض مقترضاً يتهم المقرض بأنه مسؤول عن فشله، علاوةً على ذلك، فإن وجود نهج عقابي بحقّ القطاع المصرفي يعني في الواقع نهجاً عقابياً بحق المودعين".

وخلصت الجمعية إلى أن الوضع الراهن في لبنان يستدعي إقامة حوار بنّاء بشكل عاجل والإعراب عن الوحدة والتضامن مشددة على:

  1. سنقوم بدورنا كجمعية في دعم البلاد خلال هذه المرحلة الصعبة، مع الالتزام بواجباتنا الائتمانية كما فعلنا في الماضي.
  2.  من الملحّ الآن اتخاذ إجراءات ملموسة والتوصّل إلى توافق في الآراء بين جميع المعنيين، علماً أن كلّ يوم يمرّ من دون إصلاح يزيد من تفاقم الوضع.
  3.  تبقى الجمعية مستعدّة للعمل مع الحكومة من أجل التوصّل إلى حلّ توافقي لصالح اللبنانيين كافة.
  4.  ثمّة بدائل ذات مصداقية لهذه الخطة، وتعتزم الجمعية أن تقدّم قريباً إلى الحكومة والشعب اللبناني خطة كفيلة بالمساهمة في التخفيف من الركود وبتمهيد الطريق لنمو مستدام.

وختمت الجمعية بيانها بالإشارة إلى أن "الكثير مما ورد في الخطة الحكومية يمسّ بالملكية الفردية التي ينصّ الدستور اللبناني صراحةً على حمايتها والتي هي من الركائز الأساسية للمجتمع اللبناني"، معتبرة أن التوجّه إلى محاكمة اللبنانيين على أفعال غير موجودة في القوانين ثم إعطاء هذه الأحكام مفعولاً رجعياً خلافاً لكل القوانين والأعراف، ثم إدراجها في مسارات غريبة عن الممارسات المتعارف عليها والتي تعطي الناس حقّ المراجعة لدى الإدارات المختصة ولدى مجلس شورى الدولة ، هي كلّها توجّهات تصبّ للأسف في تشريع دولة اللاقانون، وأملت من ممثلي الأمة ردّها بل ومحاسبة من تجـرّأ على صياغتها لتعدّيه على الأسس القانونية والدستورية التي قامت عليها الدولة اللبنانية.