الدول النامية والخليج: 2.5 تريليون دولار تعرقل التنمية المستدامة

  • 2020-02-04
  • 12:38

الدول النامية والخليج: 2.5 تريليون دولار تعرقل التنمية المستدامة

 بلغ الحجم التقديري للفجوة التمويلية التي تعرقل التنفيذ الناجح لأهداف التنمية المستدامة في الدول النامية بما فيها دول الخليج بلغ 2.5 تريليون دولار أميركي، بحسب تقرير لشركة "اوليفر وايمان" المتخصصة في مجال الاستشارات الإدارية.

وإذ أشار التقرير الذي صدر تحت عنوان "عقد من العمل: تحقيق أهداف التنمية المستدامة في دول مجلس التعاون الخليجي" إلى التزام دول مجلس التعاون الخليجي، بتسريع جهودها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة للعام 2030، شدد على أهمية أهداف التنمية المستدامة التي حددتها منظمة الأمم المتحدة في العام 2015، وضرورة  التزام وتوفر أهداف التنمية المستدامة للحكومات هيكلية منظمة وموحدةً لمعالجة القضايا التنموية المترابطة، مثل الفقر والتفاوت الاقتصادي والتعليم والأزمات المناخية والسلام والعدالة، والاستهلاك والإنتاج بمسؤولية، مشيراً إلى أن على الرغم من إحراز الدول الـ193 المُلتزمة بتطبيق هذه الأهداف تقدماً في بعض المجالات كمحاربة الفقر، إلا أنّها لم تحقق سوى نجاحا محدوداً في إعادة هيكلة عمليتها كي تتماشى مع تنفيذ أجندة التنمية المستدامة لعام 2030.

 

جيف يوسف: المجهودات المبذولة

لمواجهة التحديات لا تزال بطيئة الوتيرة

 

وأكد شريك القطاع العام لشركة "أوليفر وايمان" جيف يوسف أن المجهودات المبذولة على النطاقين المحلي والعالمي لمقاومة هذه التحديات الملحة لا تزال بطيئة الوتيرة، مشيراً إلى أنه من خلال الرصد، "يصعب القول بأن اقتصادات المنطقة ستتمكن من تحقيق الأهداف الـ 17 وفقاً للجدول الزمني المحدد"، محذراً من أن عدم الادراك سيكون له تبعات اجتماعية واقتصادية. وإذ أشار يوسف إلى أن دول المنطقة تعمل على حل شامل لإحراز تقدم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، دعا إلى "ضرورة التزام الحكومات وشركات القطاع الخاص بمواصلة التعاون وتسريع الجهود لضمان مستقبل واعد للأجيال المقبلة". 

وأشار التقرير إلى أن تحقيق أهداف التنمية المستدامة لا يزال يمثل تحدياً على مستوى الحوكمة بصرف النظر عن مرحلة التنمية أو مستويات الدخل المُسجلة في أي دولة".

وفنّد التقرير أبرز التحديات أمام تطبيق أهداف التنمية المستدامة، مشيراً إلى أن الحكومات أو الدول لن تستطيع تحقيق أهداف التنمية المستدامة بشكل منعزل أو منفرد، مؤكداً أن التطبيق الناجح لأهداف التنمية المستدامة يرتبط بوجود تعاون بنّاء بين الوزارات والهيئات وبين مختلف الدول. إذ ستسهم عملية التنفيذ التي يفرزها هذا التعاون في تسهيل تبادل الخبرات والمعارف بشأن القضايا الملحة، مثل التغيّر المناخي أو استنزاف الموارد الطبيعية أو الاستخدام المستدام لمصادر الطاقة.

 نقص التمويل يعرقل التنمية المستدامة

وأضاف أن التقديرات تشير إلى عدم وجود أي بيانات حول ثلثي أهداف التنمية المستدامة، ما يقوّض معدل نجاح الدول في تحقيق هذه الأهداف. كما أن عدم التمكن من تصنيف وتحليل البيانات الداعمة نظراً لقلة توفرها، يتسبب بضعف عمليات صنع القرار وافتقارها للأسس المنطقية المطلوبة.

وتابع التقرير أن نقص التمويل يعدّ أحد العوامل الرئيسية التي تعيق الجهود الرامية إلى تحقيق التنمية المستدامة، فبحسب التقديرات يبلغ حجم الفجوة المالية التي تحول دون التطبيق الناجح لتلك الأهداف يبلغ 2.5 تريليون دولار سنوياً في الدول النامية لوحدها. وقد عملت عدة دول في منطقة الشرق الأوسط، منها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر والكويت، على دمج أهداف التنمية المستدامة مع عمليات تخطيط السياسات، ضمن أطر عمل التنمية المؤسسية وهيكليات الحوكمة.

ولفت النظر إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي تعدّ مانحاً سخياً للمعونات والمساعدات ومنها على سبيل المثال دولة الإمارات التي تقوم بتضمين أهداف التنمية المستدامة في استراتيجية المساعدات الإنسانية الخارجية. وذكر أن دولة الإمارات عملت على الربط بين العديد من لجان ومجموعات العمل من القطاعين العام والخاص، التي تتعاون لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. فيما منحت الكويت الأولوية للبرامج الهادفة إلى محاربة الفقر والجوع، حتى قبل اعتماد أهداف التنمية المستدامة، بينما عملت المملكة العربية السعودية على مواءمة أهداف التنمية المستدامة مع سياساتها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. كما التزمت المملكة بجميع المبادئ التوجيهية لاتفاق باريس للمناخ، وثمة هناك إشارات مُشجعة من مختلف دول مجلس التعاون الخليجي حول تسهيل جمع وتحليل البيانات وإعداد التقارير في هذا الإطار.

عوامل رئيسية لضمان تحقيق الأهداف

واستعرض التقرير العوامل الرئيسية لضمان تحقيق هذه الأهداف في دول مجلس التعاون الخليجي، والتي تشمل دمج أهداف التنمية المستدامة في الخطط الحكومية وعمليات صنع السياسات، واعتماد إطار عمل خاص بأهداف التنمية المستدامة، يضمن منح التمويل وقروض الدعم، وتحفيز التعاون مع المنظمات الدولية وتحديد جوانب المشهد التمويلي المرتبطة بأهداف التنمية المستدامة

كما سلط الضوء على أهمية تمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة المحلية من لعب دورٍ محوري في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، بالإضافة إلى العمل على التخفيف من التحديات المختلفة، عبر الاستفادة من خيارات التمويل الإسلامي، ودعم عمليات قياس جودة البيانات والتحليلات.

وأكد أن تبني هذه التدابير ستثمر عن منافع مباشرة تدعم الجهود الرامية إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة، من خلال إتاحة فرص الدخول إلى السوق والتي ستحقق نحو 12 تريليون دولار، وإيجاد 380 مليون وظيفة حول العالم، تشمل 5.4 مليون فرصة عمل في منطقة الشرق الأوسط، ويرجح أن تكون النسبة الأكبر من هذه الوظائف في قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتحقيق المساواة في الأجور بين الجنسين وتجاوز الفجوة الحالية بشكل كامل سيُضيف ما قيمته 160 تريليون دولار إلى الثروة العالمية، منها 3.1 تريليون دولار في الشرق الأوسط. بالإضافة إلى أنه سينتج عن العمل المناخي تجنب خسائر بقيمة 26 تريليون دولار عالمياً بحلول عام 2030.

وفي هذا السياق قال جيف يوسف إن دول مجلس التعاون الخليجي تسعى إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030، كما تلتزم جميعها بتخطي مختلف التحديات والعقبات والتخفيف من أي تأثيرات سلبية تمنع الوصول لتلك الأهداف. ولكن في الوقت نفسه، هنالك ضرورة لتسريع وتيرة التغيير، كذلك يجب العمل في الوقت الراهن على وضع ركائز أساسية لتعزيز الأمن الاقتصادي والاستدامة البيئية والعدالة الاجتماعية".