نضال أبو لطيف: تحضّروا لعالم ما بعد كورونا

  • 2020-05-21
  • 14:00

نضال أبو لطيف: تحضّروا لعالم ما بعد كورونا

ما دور التكنولوجيا في ثلاثية رفع الإنتاجية والجهوزية وضبط النفقات؟

  • حاوره إياد الديراني

"نحن أمام عالم جديد، قد لا تكون ملامحه قد اكتملت بعد، إلا أن ما رأيناه في عالم التكنولوجيا والأعمال خلال أزمة وباء كوفيد- 19، يجعلنا نقول إن ما اعتقدناه حلولاً تقنية مرحلية لمواجهة كورونا، قد يلازمنا بشكل دائم من اليوم فصاعداً في عالم مع بعد كورونا". ويضيف رئيس "أﭬايا" Avaya العالمية نضال أبو لطيف في لقاء مع "أوّلاً- الاقتصاد والأعمال" أنه في الوقت الذي تبذل فيه الحكومات ومعها القطاع الخاص حول العالم جهوداً جبارة لحماية المواطنين من الوباء والبحث عن حلول، أثبتت التكنولوجيا أنها أداة عظيمة بيد الساعين إلى الارتقاء إلى مستوى التحديات. 

نضال أبو لطيف المخضرم وصاحب الخبرة الطويلة في قطاع التكنولوجيا والاتصالات، من صنف قيادات القطاع الخاص التي تسمّي الأمور بأسمائها بلا تجميل ولا مبالغة، وفي الوقت ذاته، يحرص دائماً على تسليط الضوء على مكامن القوة وعناصر الاستمرارية وتحويل الأزمات إلى فرص، وهو لهذا، يشدّد في مستهل اللقاء على أنه من المُبكر أن نبدأ اليوم بتسجيل الدروس المُستفادة من فيروس كورونا، بينما لا نزال في مرحلة مواجهة التحديات الصحية والاقتصادية، لكنه يضيف أن "استشراف دور التكنولوجيا في مرحلة ما بعد كورونا من زاوية بنّاءة وإيجابية، بات ممكناً". 

التحضّر للتحديات المستقبلية ورفع الجهوزية هو مفتاح الحلّ الأول

ويتابع قائلاً:" إن ما خاضته "أﭬايا" خلال الفترة الماضية يجعلها تُطلق نداء للجميع للتحضر للسيناريوهات المستقبلية كافة"، ويضيف: "هذا النداء الذي نُطلقه هو نتيجة ما تعلّمناه في "أﭬايا" حول العالم خلال مشاركتنا في مواجهة التحديات الكُبرى التي تعرّضت لها دول العالم من الصين إلى أوروبا مروراً بدول آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا، كما يأتي هذا النداء نتيجة الدروس التي تعلمناها خلال مساعدة الشركات والمنظمات والمؤسسات العامة على تحقيق استدامة أعمالها من خلال العمل عن بُعد. نحن على ثقة من أن الجهوزية العالية سواء في الإدارات العامة أو الشركات وكل أنواع المؤسسات، هي ما ميّزت الدول في التعامل مع أزمة كورونا وهي ما سيميّزها مستقبلاً. وقد أثبتت الأزمة أن التحضّر للتحديات المستقبلية ورفع الجهوزية تجاه السيناريوهات المختلفة التي تحملها لنا الأيام، هو مفتاح الحلّ الأول".          
لكن السؤال الجوهري اليوم، يضيف أبو لطيف هو "كيف يمكن التحضّر بشكل أفضل للمستقبل، والتأكد من أن المؤسسات لن تجد نفسها في مأزق يشبه الذي دخلت فيه عندما بدأ انتشار الوباء؟ وكيف يمكن لحلول "أﭬايا" المساعدة في هذه المرحلة الحساسة الحافلة بالتحديات، والتي يمكن وصفها بعالم ما بعد كورونا؟".

ثلاثية "الإنتاجية 

الجهوزية والنفقات" 

يقول أبو لطيف: "خلال مشاركتنا في الأشهر الماضية مع مختلف المؤسسات في القطاعين العام والخاص حول العالم في البحث عن الحلول، ومساعدتها على تحقيق الاستمرارية تمكنّا في "أﭬايا" من تحديد مقاربة تقوم على ثلاث ركائز تتيح الصمود بوجه المتغيرات الحادة والتأقلم معها، ومواصلة تقديم الخدمات وممارسة النشاطات. هذه الركائز الثلاث هي: تعزيز الانتاجية، رفع الجهوزية وضبط النفقات والتكاليف، والأهم هو العمل على بناء هذه الركائز من خلال دمج التكنولوجيا في أساساتها، بهدف تحقيق استدامتها وفعاليتها والتحضّر لكل السيناريوهات المُحتملة خلال الفترة المقبلة".   

السر يكمن في رفع الانتاجية والجهوزية

وضبط النفقات من خلال التكنولوجيا

ويضيف أبو لطيف: "لدينا قناعة أن تعزيز الإنتاجية المؤسساتية في ظل الأزمات والمحافظة على نشاط الموظفين سيكون دائماً حجر الزاوية في تحقيق البقاء واستمرارية الخدمات، وقد شكلت قضية تعزيز الإنتاجية في ظل الإغلاق العام الذي قامت به مختلف بلاد العالم، مصدر قلق كبيراً لكافة الشركات والمؤسسات العامة، وتوجّهت الأنظار إلى الموظفين الذين التزموا منازلهم، وبدء البحث عن كيفية الاستفادة من نشاطاتهم خلال الحجر الصحي، ولاحظنا خلال تفاعلنا مع القطاعين العام والخاص، كم هو مهم المحافظة على النشاط خصوصاً في المؤسسات الطبية". 
ويشرح قائلاً: "خلال عملنا مع بعض الحكومات لتجهيز مراكز الطوارئ، لاحظنا أهمية تفعيل نشاطات الموظفين، فمن دونهم قد تتعطل خدمات حيوية وحساسة جداً، وكان لنا تجربة مع حكومة ولاية أوتار براديش الهندية التي يسكنها 200 مليون مواطن ومُقيم. لقد استنفرت هذه الحكومة كل فرقها لتحقيق استدامة عمل الموظفين. ويتلقى مركز خدمات الطوارئ في هذه الولاية أكثر من 1.2 مليون مكالمة في اليوم. لقد تمكنا من تقديم مساعدة حيوية جداً في هذا المجال". 

التعاون بين الموظفين

بعد المحافظة على إنتاجية الموظفين ثمة خطوة لا تقل أهمية وتتمثّل في إيجاد قنوات التعاون بين الموظفين أنفسهم. وفي حالة العمل عن بُعد، يصبح التنسيق بين الموظفين أمراً أكثر ضرورة من أي يوم مضى. وعن هذا الجانب يقول: "لا يمكن تقديم الخدمات المطلوبة إلى الناس من دون إدارتهم بالشكل الصحيح، وسيكون على الشركات، أن تضع خططاً للفترة المقبلة، تحرص من خلالها على إيجاد قنوات التعاون الملائمة والفعّالة بين فرق العمل خلال العمل عن بُعد. لقد أثار هذا الجانب انتباه كل المؤسسات التي بدأت بنقل موظفيها إلى المنازل، كذلك عملنا على رفع قدرات بعض المؤسسات الحكومية للتجاوب مع الأعداد المتزايدة من الاتصالات. لدى "أﭬايا" خبرات عميقة وواسعة على مستوى مراكز الاتصال وتحويل الاتصالات والردّ الآلي على المراجعات، لذلك تمكّنا من ترقية الأنظمة وتعديل مسار المراجعات المقبلة إلى مراكز الاتصال، وتفعيل أنظمة الذكاء الاصطناعي كما هي الحال مع تشغيل تقنيات الـ تشاتبوت ChatBot، والتشاتبوت هو مُجيب آلي مزوّد بمعلومات وبيانات لخدمة المتصلين". 

تجربة 

الهلال الأحمر السعودي

وعن إمكانية المحافظة على تجربة العملاء وسط كل هذه التغييرات، يقول أبو لطيف إن التجربة أثبتت وجود علاقة وثيقة بين أسلوب إدارة الأزمة من جانب الشركات والمؤسسات وتجربة المستهلك. ويضيف: "في السعودية شكّل الارتفاع الهائل في عدد الاتصالات التي تلقاها مركز الاتصال الخاص بهيئة الهلال الأحمر السعودي، تحدياً جدياً، خصوصاً في ظل الاغلاق العام الذي تمّ تنفيذه لمحاصرة الوباء، كما صمّمت الهيئة على تلبية كل متطلبات المراجعين بشكل سريع ومناسب، مردّ هذا الارتفاع كان إيكال مهمة الموافقات المُسبقة المطلوبة لدخول المستشفيات إلى الهلال الأحمر بشكل حصري، وتأمين سيارات الإسعاف لنقل المرضى إلى المراكز الصحية حين يكون ذلك ضرورياً. لم تقتصر مهمة إيصال المرضى إلى المستشفيات على المصابين بفيروس كورونا فحسب، بل تعدتها لتشمل كل من يضطر للدخول إلى المستشفى. ولرفع مستوى قدرات مركز الاتصال الذي يعتمد حلول "أﭬايا"، نُفّذ مشروع ناجح بين الهلال الأحمر السعودي و"أﭬايا"، حيث تمّ وبشكل سريع ترقية القدرات والامكانات، وبالفعل تمّ توسيع قدرات مركز الاتصال بنسبة بلغت 50 في المئة". 

رفع الجهوزية

ويضيف أبو لطيف متحدثاً عن الركيزة الثانية في تحقيق الصمود والتأقلم في عالم ما بعد كورونا، فيقول إنه ثمة أهمية كبيرة لرفع الجهوزية بشكل متواصل لتحقيق ثلاثة أهداف، هي: مواصلة الأعمال، العمل من أي مكان والمحافظة على إجراءات الأمن الرقمي الضرورية كافة. ويتابع: "في الفترة المقبلة، سيكون علينا جميعاً الإجابة على سؤال جوهري، وهو كيف نحافظ على استدامة الأعمال في ظل الظروف الطارئة والأزمات الناتجة عن أوبئة مثل كورونا. أخطر ما يمكن أن يحدث في بنك أو مستشفى أو دائرة حكومية هو أن يتوقف العمل، وهذا سيناريو كارثي. من الخطوات المهمة التي اتخذناها بشكل مُبكر في بلدان المنطقة، كان تقديم حلول تقنية حديثة إلى كل البلدان للمحافظة على جهوزية عالية، خصوصاً أن عدداً كبيراً من بلدان الشرق الأوسط كانت تتمتع أصلاً ببنية تحتية جيدة على مستوى الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وبعضها منخرط منذ سنوات في عملية التحوّل الرقمي، كذلك استفاد من حلولنا عدد كبير من الشركات حول العالم لرفع الجهوزية، من بينها: Humana، IBM، Boston Scientific، FDIC، General Atomics، Hainan Airlines، Deutsche Telekom". 

ضرورة مواصلة الأعمال، العمل من أي مكان

والتزام معايير الأمن الرقمي

وعن العمل عن بُعد يضيف أبو لطيف: "شكّل العمل عن بُعد حلاً عظيماً بالنسبة الى الجميع، ولولا توفّر التقنيات الضرورية، لم يكن هذا ليحصل. لو حدث هذا الوباء قبل 20 عاماً، كيف كنّا سنعتمد على نموذج العمل من أي مكان؟ نتوقع أن يكون لهذا الجانب من الحلول التي قدمناها أثر طويل المدى. ثمة شركات ومؤسسات اكتشفت أهمية العمل عن بُعد خلال الأزمة. البعض من هذه المؤسسات، لم يكن ليتخذ قراراً كهذا لو أنه لم يكن مضطراً. لكنه بعد المضي في مشروع العمل عن بُعد اكتشف أهمية تطبيق هذا النموذج، سواء خلال الأزمات أو في الأيام العادية. في المستقبل سيكون لنموذج العمل عن بُعد فرصة كبيرة للانتشار حول العالم حتى في غياب الأزمات، لكن من بين الجوانب التي ينبغي الالتفات إليها، هو توفير أدوات الأمن الرقمي، إذ ثمة مؤسسات تتعامل مع مستندات حسّاسة جداً كما هي الحال مع البنوك".  

ضبط النفقات

ويقول:" إن الركيزة الثالثة هي ضبط النفقات، التي ستساهم في تحقيق الصمود والتأقلم، ويتابع: "سيكون على الشركات في مرحلة ما بعد كورونا، الحرص على الحدّ من التكاليف وضبط النفقات والبقاء على اطلاع حول أحدث التقنيات والحلول الرقمية وتحقيق عنصر المرونة. أهمية التكنولوجيا هنا، هي قدرتها على تحقيق إدارة جيدة للتكلفة الاجمالية للملكية Total Cost of Ownership. وليس سراً أن مراقبة هذا المؤشر باستمرار يتيح معرفة دقيقة للكلفة المباشرة وغير المباشرة للملكية، ما يتيح ضبط النفقات. لكن لتحقيق هذه المراقبة الدقيقة من جهة ودوام تمتع المؤسسات بالمرونة، وتوقع التكاليف المستقبلية، يجب أن تبقى إدارات الشركات مطلعة بشكل مستمر على التطورات في عالم التكنولوجيا والحلول المعلوماتية".

التحدي يكمن في التحضر للمستقبل وتحسين الجهوزية للأزمات المستقبلية

 
ويختم أبو لطيف: "عالم ما بعد كورونا، هو عالم جديد. ومن المرجّح أن يستمر جزء كبير من الشركات والحكومات بتطبيق مجموعة من الإجراءات التي نفّذتها في مرحلة كورونا. هذا الأمر سيحمل تحديات، وسيكون على الجميع التفكير بالسيناريو الأمثل للتعامل مع الظروف الجديدة. لكن التحدي اليوم، هو في التحضّر للمستقبل بشكل أفضل وتحسين الجهوزية لأية أزمات مستقبلية، والحرص على تطبيق كل الدروس المُستفادة من مرحلة كورونا خصوصاً منها التكنولوجية، للتعامل مع عالم ما بعد كورونا بأفضل شكل ممكن".