فيروس كورونا يتخطى الصين: حالة طوارئ أممية!

  • 2020-01-31
  • 09:00

فيروس كورونا يتخطى الصين: حالة طوارئ أممية!

  • سليمان عوده

يقترب عدد الإصابات بفيروس كورونا سريعاً من عتبة العشرة آلاف في مختلف أرجاء العالم، متجاوزاً بذلك إجمالي الإصابات بوباء سارس، الذي تفشى في عامي 2002 و2003. وبالرغم من أن معدل وفيات سارس أعلى، فإن التوقعات تشير إلى أن الأزمة الحالية ستسدد للاقتصاد العالمي ضربة أشد فتكاً. وارتفع عدد حالات الوفاة بسبب فيروس كورونا في الصين إلى 213 شخصاً طبقاً لبيانات صينية صدرت فجر الجمعة، فيما تأكد وجود حالة إصابة في التبت، وهو ما يعني وصول الفيروس إلى جميع المقاطعات الصينية. 

 

حالة طوارىء عالمية

وأعلنت منظمة الصحة العالمية أن فيروس كورونا أصبح يمثل حالة طوارئ صحية عالمية، وذلك مع ظهور حالات إصابة في دول أخرى غير الصين. وفي مؤتمر صحافي عقده في جنيف، قال المدير العام للمنظمة، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، إن "السبب الرئيسي ليس ما يحدث في الصين، وإنما ما يحدث في دول أخرى". ومبعث القلق بالنسبة إلى المنظمة هو انتقال الفيروس إلى دول ذات أنظمة صحية ضعيفة. وقد وصف غيبريسوس فيروس كورونا بأنه "انتشار غير مسبوق" تمت مواجهته بـ"رد غير مسبوق". وأشاد بـ"الإجراءات الاستثنائية" التي اتخذتها الصين للحيلولة دون انتشار الفيروس. وقال غيبريسوس، الذي زار الصين هذا الأسبوع، إن معظم الأشخاص الذين أصيبوا بالفيروس كانوا يعانون من "أعراض معتدلة للعدوى"، ولكن نحو 20 في المئة فقط عانوا من تأثير حاد، مثل الالتهاب الرئوي وصعوبة التنفس. وأضاف أنَّ الصين "تحتاج إلى تضامن العالم ودعمه"، وأن "العالم يجتمع معاً لإنهاء تفشي المرض، بالاعتماد على الدروس المستفادة من تفشي أمراض سابقة". وأعلن غيبريسوس أن منظمة الصحة العالمية "تشعر بأسف شديد" لأنها أشارت في ثلاثة تقارير الأسبوع الماضي إلى أن الخطر العالمي من الفيروس "معتدل"، بدلا من التنبيه إلى أن الخطر "مرتفع". ووصف انتشار المرض من شخص إلى شخص في ألمانيا وفيتنام واليابان بأنه مثير للقلق، وقال إن الخبراء سيبحثون الأمر في اجتماع المنظمة.

وحدة ترامب الخاصة

وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس الخميس، تأسيس وحدة خاصة لمواجهة فيروس كورونا. ووفق بيان صادر عن البيت الأبيض، فإن وزير الصحة والخدمات الإنسانية أليكس عازار سيترأس الوحدة التي ستنسق أعمالها مع مجلس الأمن القومي الأميركي. وستضم الوحدة خبراء صحة إلى جانب وكالات حكومية في الولايات المتحدة، إضافة إلى عدد من المتخصصين في الأمراض المعدية. ومن مهام الوحدة الرئيسة رصد الفيروس والعمل على احتوائه، مع ضمان حصول المواطنين الأميركيين على المعلومات ذات الصلة بالفيروس. وقالت المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها يوم أمس الخميس إنه تم رصد أول حالة انتقال لفيروس كورونا الجديد من شخص مصاب إلى شخص آخر في الولايات المتحدة بولاية إيلينوي. ويرتفع بذلك إجمالي عدد المصابين بالفيروس في الولايات المتحدة إلى ستة أشخاص. وتأكدت إصابة زوج امرأة كانت قد سافرت من قبل إلى الصين وتم تشخيص إصابتها بالفيروس. وقال مسؤولون إن عمر الزوجين 60 عاماً. 

 

عالقون على باخرة

وفيما منعت السلطات الإيطالية ركاب سفينة سياحية ضخمة، رست قرب روما، من الهبوط، بعد الاشتباه بإصابة امرأة من ماكاو بفيروس كورونا. واحتجزت المرأة، البالغة من العمر 54 عاماً، هي وزملاؤها في الرحلة في معزل على السفينة، حتى تجرى بعض الفحوصات عليها. انضمت الفيليبين والهند وإيطاليا إلى قائمة الدول التي وصل إليها كورونا، بعد إعلان الإمارات وفنلندا تسجيل حالات إصابة به، ليرتفع بذلك عدد الدول التي أصابها الفيروس إلى 20 دولة. ففي الفيليبين، أكد مسؤولون في قطاع الصحة ظهور أول حالة إصابة بالفيروس. وقال وزير الصحة فرانسيسكو دوكيه، في مؤتمر صحافي، إن الفحوص "أكدت إصابة صينية تبلغ من العمر 38 عاماً، جاءت من مدينة ووهان في الصين يوم 21 كانون الثاني/ يناير الجاري". وقالت الحكومة الهندية في بيان إن حالة الإصابة الأولى بكورونا ظهرت في كيرالا في جنوب البلاد، مضيفة أن حالة المريض مستقرة وتم عزله داخل مستشفى. وذكرت بيانات أعلنت عنها من جنيف منظمة الصحة العالمية أن حصيلة المشتبه في إصابتهم بفيروس كورونا في الصين تخطت 12 ألف شخص. عالميّاً، أفصحت البيانات عن وجود حوالى مئة إصابة موزّعة على 19 دولة. كذلك، أعلنت المنظمة أنها رفعت مؤشر خطورة "كورونا" إلى "مرتفع جداً" في الصين، وإلى "مرتفع" عالمياً.

 

روسيا تغلق حدودها

وبعد كوريا الشمالية، أعلنت روسيا يوم أمس الخميس عزمها على إغلاق حدودها مع الصين التي تمتد على طول 4250 كلم، لمكافحة تفشي كورونا، وفق ما نقل الإعلام الروسي عن رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين. ولم يعطِ ميشوستين مزيداً من التفاصيل حول موعد الإغلاق، ولا عما إذا كان الإقفال سيشمل أيضاً المرافئ. وأعلنت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، تعليق إصدار التأشيرات الإلكترونية للصينيين في مراكز العبور في الشرق الأقصى وفي جيب كالينينغراد الروسي المحاذي لبولندا وفي سان بيترسبورغ، ثانية مدن البلاد التي تلقى إقبالاً كبيراً من السياح. ودعت السلطات أيضاً الروس إلى الامتناع عن أي رحلة إلى الصين «ما لم يكن ذلك ضرورياً للغاية». وأعلنت فيتنام بدورها أنها تعتزم التوقف عن إصدار تأشيرات سياحية للزوار الصينيين.  

البحث عن لقاح

ودخلت شركة “جونسون آند جونسون” السباق لصنع لقاح للفيروس، لكن العملية قد تستغرق عامًا كاملاً للانتهاء من تطوير اللقاح وطرحه للتسويق. ولن تكون هذه الشركة هي الأولى التي تدخل هذا المجال، إذ تعمل شركات “إنوفيو” و”موديرنا” و”نوفافاكس” على تطوير لقاحٍ لفيروس كورونا. ووعد تحالف يدعى «التحالف من أجل ابتكارات التأهب للوباء» بتقديم 11 مليون دولار للشركات الثلاث بالإضافة إلى أنه يسهم في تمويل أبحاث جامعة كوينزلاند في أستراليا عن الفيروس. ويطوّر الباحثون في كلية بايلور للطب في تكساس في الولايات المتحدة بالتعاون مع شركة “موديرنا” لقاحًا جديدًا يعتمد على اللقاح المستخدم ضد فيروس السارس، ويتوقعون أن يستغرق ذلك منهم عامًا كاملًا للوصول إلى النموذج المنشود من اللقاح. ويفتح دخول “جونسون آند جونسون”، وتبلغ قيمتها السوقية 390 مليار دولار، في هذا المجال الأبواب لتسريع عملية إنتاج اللقاح. 

لا مزيد من الأقنعة

وازداد الطلب على الأقنعة بشكل غير مسبوق. وقالت شركة ريسبيلون التشيكية المتخصصة في تصنيع أقنعة التنفس إنها باعت طوال العام الماضي 700 ألف قناع حول العالم، لكنها تلقت في الأسبوع الفائت وحده طلبيات لتصنيع سبعة ملايين قناع. وتقف الشركة التشيكية الآن عاجزة عن إنتاج قناع واحد، وذلك لأن مصانعها تقع في الصين، حيث مددت الحكومة العطلة لمنع عمال الشركة من الذهاب إلى مقرات عملهم في محاولة لتفادي انتشار الفيروس. أما في تايوان، فأعلنت الحكومة أنها وزعت 23 مليون قناع وأنها قادرة على إنتاج 4 ملايين يومياً منوّهة إلى أن المصانع تبذل جهوداً مضاعفة لإنتاج المزيد وتلبية السوق. وقال لياو هوولين، وهو مدير أحد مصانع الأقنعة في تايوان "الآن نعمل على مدار 24 ساعة في اليوم ولا نتوقف.. نخرق قانون العمل ونعرف ذلك ولكن العمال يتفهمون الأمر".

عواقب اقتصادية يصعب تقديرها

وأعلن المعهد الألماني للدراسات الاقتصادية أن عواقب انتشار كورونا على الاقتصاد لم يتم تقديرها بعد. وقال رئيس المعهد مارسيل فراتسشر لوكالة الأنباء الألمانية: "إذا تمكنت السلطات الصحية من حصر التبعات في الصين وعلى مستوى العالم بنجاح، فإن التكاليف الاقتصادية ستكون محدودة، وبالتالي يتراجع الإنتاج خلال طفرة عابرة داخل الصين". وأضاف فراتسشر أن تفشياً أكبر للمرض الرئوي ستكون له آثار على ثلاثة مستويات، فمن جهة سيتراجع الطلب على السفر إلى الصين بشدة، كما أن إغلاق بعض الشركات في الصين بصورة مؤقتة سيؤدي إلى التأثير على القيمة المضافة من خلال الإنتاج العالمي. وتابع: "كما سيؤثر تفشي الفيروس على الشركات في الحصول على المدخلات القادمة من الصين أو من دول أخرى تعرضت للفيروس". وأوضح فراتسشر أن ليس من النادر في حالة الشركات الألمانية أن يكون أكثر من نصف قيمة صادراتها تأتي من مدخلات قادمة من الخارج. وذكر أنه بخلاف ذلك سيؤدي مزيد من انتشار المرض إلى ارتفاع في حالة عدم الأمان، وهو ما يجعل شركات الاستثمار أو البنوك تحجم عن منح القروض لتمويل العمل في مثل هذه الأماكن. 

 

أمران منفصلان

من جانب آخر، قال كبير المستشارين الاقتصاديين للرئيس دونالد ترامب إن فيروس كورونا السريع الانتشار من المرجح ألا يكون له تأثير يذكر على الاقتصاد الأمريكي. وأبلغ لاري كودلو مدير المجلس الاقتصادي الوطني شبكة فوكس بيزنس قائلاً: ”لا نتوقع تأثيراً مهماً على اقتصادنا“. وقال كودلو إنَّ الولايات المتحدة مستعدة للمساعدة، لكنه أضاف أنه لا ينبغي لبيجينغ أن تتوقع إعفاءً من الرسوم الجمركية الأمريكية. ومضى قائلاً: "هذان أمران منفصلان... هذا منفصل تماماً عن قضايا التجارة أو الأمور المرتبطة بها". 

النفط يهوي والأسهم تتراجع

وذكرت وكالة "بلاتس الدولية" للمعلومات النفطية أن أزمة الفيروس الصيني قد تمتد إلى ما بعد الربع الأول من العام الجاري، ما يدفع تحالف المنتجين في "أوبك+" للاستمرار في سياسات تقييد المعروض النفطي العميقة على مدار العام الجاري، لافتة إلى أن وضع السوق المضطرب قد يدفع إلى توسعة اتفاق خفض الاإنتاج ليشمل دولا أخرى ذات تأثير كبير في المعروض النفطي. وهبطت أسعار النفط أكثر من اثنين بالمئة أمس الخميس إلى أدنى مستوياتها في ثلاثة أشهر متضررة من مخاوف بشأن الآثار الاقتصادية المحتملة لفيروس كورونا، الذي يواصل الانتشار حول العالم، بينما تدرس السوق أيضاً احتمال عقد اجتماع مبكر لأوبك. وأنهت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت جلسة التداول منخفضة 1.52 دولار، أو 2.5 بالمئة، لتبلغ عند التسوية حوالى 58 دولاراً للبرميل. وتراجعت عقود خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط 1.19 دولار، أو 2.2 بالمئة، وهو أضعف مستوى لها منذ العاشر من تشرين الأول/أكتوبر. وقالت مصادر من أوبك لوكالة فرنس برس إن السعودية فتحت مناقشة حول تقديم موعد الاجتماع القادم للمجموعة من آذار/مارس إلى أوائل شباط/فبراير بعد الهبوط الذي شهدته أسعار النفط مؤخراً. وأضافت المصادر أنه لم يتم اتخاذ قرار نهائي بشأن الموعد الجديد للاجتماع الذي لا يحظى حتى الآن بموافقة جميع أعضاء أوبك، مع احتمال أن تعارض إيران هذه الخطوة. وقال أوليفر جاكوب من بتروماتريكس للاستشارات "الشيء الوحيد الذي يمكن أن يغير الاتجاه الحالي هو اجتماع طارئ لأوبك".

وتراجعت سوق الأسهم الأوروبية يوم أمس الخميس متأثرة بمخاوف بشأن التداعيات الاقتصادية لتفشي فيروس كورونا في الصين وتحديثات ضعيفة للأرباح من بضع شركات، وجاءت بورصة لندن بين أكبر الخاسرين بعد أن أحجم بنك انجلترا المركزي عن خفض أسعار الفائدة. 

تعليق الطيران إلى الصين

وأعلن رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي تسجيل أوّل حالتَي إصابة بفيروس كورونا المستجدّ في إيطاليا وتعليق كلّ الرّحلات الجوّية من الصين وإليها، مشيراً إلى أنّ إيطاليا أول بلد أوروبي يتّخذ إجراءً مماثلًا "في إجراء احترازيّ". وقال كونتي في مؤتمر صحافي "كما في بلدان أُخرى، لدينا حالتان مؤكّدتان من فيروس كورونا المستجدّ. يتعلّق الأمر بسائحَين صينيَّيْن وصلا قبل أيّام". وأعلنت شركة الطيران المغربية تعليقا لرحلاتها بين الدار البيضاء وبكين حتى نهاية فبراير، في وقت تشهد الصين انتشار فيروس كورونا المستجد الذي أودى بما لا يقل عن 170 شخصاً. وعزت شركة الخطوط الملكية المغربية في بيان لها القرار الساري المفعول ابتداء من الجمعة وحتى 29 فبراير إلى "التراجع القوي في الطلب على رحلات الدار البيضاء - بكين - الدار البيضاء". وأُعلِن افتتاح هذا الخط في منتصف كانون الثاني/يناير لربط الدار البيضاء ببكين مباشرة للمرة الأولى. 

وقالت أوكرانيا إنها ستعلق رحلات الطيران المباشرة إلى الصين ابتداءً من الرابع من شباط/فبراير بسبب المخاوف المرتبة بتفشي فيروس كورونا. وأبلغ أوليه ستروك، نائب مدير مطار بوريسبل في كييف، وكالة انترفاكس الأوكرانية للأنباء إن من المتوقع أن تكون هناك ثلاث رحلات إلى الصين اليوم وفي الثاني والرابع من شباط/فبراير، وبعد ذلك لن تكون هناك أي رحلات مباشرة إلى الصين لمدة شهر.