يمّين: نعمل على مشروع قانون لمواجهة الأزمة الاقتصادية وكورونا

  • 2020-05-19
  • 19:50

يمّين: نعمل على مشروع قانون لمواجهة الأزمة الاقتصادية وكورونا

حوار مع وزيرة العمل اللبنانية حول الشركات والعمّال و"الضمان" في ظل الأوضاع الراهنة

  • أدهم جابر

تسلّمت وزيرة العمل اللبنانية لميا يمّين مهامها في الوقت الذي يواجه فيه لبنان أزمة اقتصادية ومالية تفوق قدراته، لتزداد الأمور تعقيداً مع تفشي كورونا وإعلان الحكومة "التعبئة العامة"، وهنا بات عليها أن تعمل في اتجاهات عدة: المحافظة على ما تبقى من "رزق شحيح" لآلاف العمّال والموظفين، وفي الوقت نفسه، مساندة الشركات ودعمها حتى لا ينهار الهيكل على كل من فيه، وإلى جانب ما سلف إيلاء القضية "الشغل الشاغل" للبنانيين منذ سنوات عدة، العناية المركّزة والمقصود بها "الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي".

 

وزيرة العمل اللبنانية إلى "اوّلاً-الاقتصاد والأعمال":

211 شركة تقدّمت بطلبات تشاور لبحث أوضاعها

996 شكوى فردية للأجراء و 86 جماعية

إقفال مئات المؤسسات وارتفاع أعداد العمّال الذين فقدوا وظائفهم


مواجهة كورونا: تعاميم ودورات تدريبية للمفتشين

 

وضعت الأزمتان الاقتصادية والمالية وكورونا وزارة العمل اللبنانية أمام تحديين، الأول اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لمكافحة "الجائحة"، والثاني يتمثل في متابعة أوضاع الشركات والعمّال. وفي سياق مواجهة كورونا، تؤكد وزيرة العمل اللبنانية لميا يمّين في حديث خاص إلى "أوّلاً-الاقتصاد والأعمال" أن الوزارة نظّمت بالتعاون مع منظمة العمل الدولية دورة تدريبية لمفتشيها من فنيين وإداريين حول كيفية إجراء عمليات التفتيش والتوعية للمؤسسات الخاضعة لقانون العمل في هذا الظرف المستجد نتيجة فيروس كورونا، وتشير إلى أن الهدف هو نشر الوعي في المؤسسات الخاضعة لقانون العمل، للوقاية من انتشار فيروس كورونا، ومواكبة للإجراءات التي اتخذتها الحكومة في اعتماد خطة مراحل فتح القطاعات بشكل يراعي المخاطر المحتملة ضمن فئات الأنشطة الاقتصادية على اختلافها وتنوعها، حيث إن لجهاز التفتيش في وزارة العمل دوراً يعول عليه للتحقق من التزام القطاعات العاملة بالإرشادات الخاصة لمواجهة وباء كورونا، ولاسيما أن الوزارة أصدرت في الأيام الماضية، بالتعاون مع مختلف القطاعات ومع لجنة متابعة التدابير والاجراءات الوقائية لفيروس كورونا وبمواكبة منظمة العمل الدولية، سلسلة تعاميم كانت بمثابة خريطة طريق للتوعية الشاملة من مخاطر انتشار هذا  الوباء، على أن تترافق  هذه التعاميم بجولات ميدانية للمفتشين على الأرض للتأكد من مدى التزام المؤسسات بتطبيقها حمايةً لأصحاب العمل والعمال والمواطنين.

 

الشركات الصغيرة والمتوسطة أبرز المتأثرين

 

أمّا على صعيد الشركات، التي لجأ بعضها إلى إجراءات مختلفة مستنداً إلى الفقرة (و) من المادة (50) في قانون العمل اللبناني والذي يتيح القيام بإجراءات تتعلق بإنهاء عقود أجراء أو تخفيض رواتبهم تحت حجة الظروف الاقتصادية القاهرة، فتؤكد يمّين أن الوزارة تعيش حالياً أوضاعاً لم يسبق لها أن واجهتها طوال سنين عملها، خصوصاً أن الاقتصاد اللبناني قائم بمعظمه على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتي تأثرت بسرعة بالأزمة الاقتصادية وبجائحة كورونا، ما انعكس سلباً في ارتفاع معدلات الأجراء الذين خسروا وظائفهم وفي إقفال المئات من المنشآت، كاشفة أن عدد طلبات التشاور التي قدمت إلى الوزارة من قبل الشركات لبحث أوضاعها بلغ 211 طلباً، ونتج عنها 996 شكوى فردية و 86 شكوى جماعية بلغ فيها عدد الأجراء 1339 أجيراً، وذلك في الفترة ما بين 17 تشرين الأول/أكتوبر الماضي وحتى اليوم. فكيف واجهت الوزارة هذه التطورات؟

 

مراقبة تطبيق أحكام القانون وضمان حقوق الأجراء

 

تؤكد يمّين أن أي إجراءات تتخذها الشركات لا بدّ من أن تتم بالتنسيق مع الوزارة كما يتوجب عليها أن تبلغها برغبتها في إنهاء عقود الأجراء قبل شهر من التنفيذ، وبذلك يكون أمام الوزارة الوقت الكافي للتحقق من الأسباب الفعلية والحقيقية التي دفعت الشركة إلى القيام بإجراءاتها وتقوم بفحص الميزانيات الحسابية للشركة، وكل ذلك بهدف المحافظة على حقوق الشركات والعمال كاملة، وإعطاء الأجراء حق الأولوية في العودة إلى العمل في المؤسسة التي صُرفوا منها إذا عاودت نشاطها كما كان في السابق وإمكان استخدامهم في الأعمال المستحدثة، وتتابع أن دور وزارة العمل هو مراقبة أعمال تطبيق احكام قانون العمل، وقد جعلت من أولوياتها المحافظة على استمرارية عمل الأجراء في الشركة على الرغم من الظروف الاقتصادية الخانقة، وفي سبيل ذلك تقوم بتوجيه الأجراء حول الحقوق العائدة إليهم، والطلب من مفوضي الحكومة في وزارة العمل لدى مجالس العمل التحكيمية متابعة دعاوى العمل بفعالية والإسراع بالبتّ في ملفاتهم لدى الجهات القضائية، كذلك إيجاد تسويات حبية بين طرفي النزاع (صاحب العمل والأجير) تؤمن حقوق الأجير.

 

القانون الحالي لا يلبي قضايا العمل

 

وفي موضوع العمّال تخلص يمّين إلى أن قانون العمل الحالي لا يلبي في نصوصه قضايا العمل والصعوبات الاقتصادية التي نواجهها، مشيرة إلى أن هناك لجنة مكلفة بمراجعة قانون العمل وإجراء تعديلات عليه بما يتوافق مع اتفاقات العمل الدولية والعربية المصادق عليها، ووضع نصوص قانونية تؤمن الحماية القانونية والاجتماعية للفئات المستثناة من أحكامه (كالعمال في الخدمة المنزلية) وكذلك للذين يعملون في القطاعات غير النظامية. وتضيف: "إننا نعمل حالياً على مشروع قانون لمواجهة تبعات الأزمة الاقتصادية الحالية وانتشار جائحة كورونا".

 

حول "الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي"

 

لكل وزير عمل نصيب من الانتقادات في ما يخص "الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي"، علماً أن الوزارة وصية ولا تملك مطلق الصلاحيات في إدارته، فوصايتها تلقائية إذ لا يمكن ممارستها إلا ضمن الحدود القانونية ووفقاً لشروطه وأصوله الصحيحة، وبالتالي فإن مهمة الوزارة هي التأكد من شرعية القرارات المعروضة عليها والتحقق من مدى انطباقها على القوانين والأنظمة.

لا تنفي يمّين المعلومات حول وجود خلل في أداء "الضمان" موضحة أن بعضها صحيح والآخر مجرد أقاويل ولا تستند إلى أدلة ثابتة، وتشرح أن هذا الخلل أدّى إلى نوع من الفساد أو الاختلاس من قبل بعض الموظفين الذين تمّ ضبطهم من قبل إدارة الضمان وجرى تحويلهم إلى النيابة العامة المالية، وبالفعل فقد أظهرت التحقيقات (التي جرت قبل تسلم الوزيرة لمهامها) تورط هؤلاء مع بعض السماسرة في عمليات اختلاس وتزوير واحتيال واستخدام إفادات كاذبة وغش، كذلك ظهرت في تحقيقات سابقة كان قد أجراها التفتيش الإداري عملية هدر وفساد في براءات الذمة وفي قطاع المستشفيات والأطباء، ووجود وصفات طبية وفواتير وهمية بأسماء لمضمونين وسلسلة فحوصات لا تكون إلزامية أو ضرورية للمريض، بهدف الاستفادة من تقديمات الضمان من دون وجه حق وذلك بسبب غياب الربط الالكتروني مع المستشفيات والصيادلة والأطباء، فـ "الضمان" يتلقى المعلومات ويتعامل معها كما هي، مشيرة إلى أن كل هذه القضايا هي محل متابعة من قبل إدارة الضمان، التي تتحرك بسرعة لاتخاذ الإجراءات المناسبة وإحالة المخالفين إلى الجهات القضائية المختصة لإجراء اللازم. وترى أن الحل لتدارك أي تجاوزات هو المكننة وضرورة إنجاز التدقيق المعلوماتي والمالي الداخلي والخارجي وهذا ما يجري العمل عليه حالياً مع إدارة الصندوق. وتضيف وزيرة العمل اللبنانية أنه من الحلول أيضاً إجراء عملية إصلاح هيكلة شاملة، وتحديد المسؤوليات والصلاحيات وتفعيل أجهزة الرقابة والتفتيش لأن ضعف المؤسسات الرقابية يجعل المسؤولين يفلتون من المحاسبة، وتختم بالقول: "لو قيّض للتفتيش ولأجهزة الرقابة أن يعملا بشكل صحيح لما تجرأ الموظفون والمواطنون المتهمون على ارتكاب المخالفات".

 وحول أموال فرع تعويضات نهاية الخدمة، تشدّد يمّين على أن استعمال هذه الأموال لدعم فرع المرض والأمومة الذي يعاني من عجز مالي هي مسألة غير مقبولة ويجب معالجتها فوراً، ويجب أن تتوقف في أسرع وقت خصوصاً أن صندوق نهاية الخدمة يعاني ضغوطاً كبيرة بسبب كثافة ترك العمّال والإقبال على سحب تعويضاتهم. وهنا تعود وزيرة العمل إلى التذكير بأن العجز في فرع المرض والأمومة يعود لأسباب منها تخلف الدولة عن سداد مساهماتها في نفقات المرض والأمومة، وتذكر في هذا الإطار أنها وجّهت كتاباً إلى وزير المالية لدفع الأقساط المستحقة بذمة الدولة لمصلحة الصندوق والمقررة بالمادة 71 في موازنة العام 2019 والبالغة 3236 مليار ليرة والتي استحق القسط الأول منها في نهاية شهر سبتمبر/أيلول 2019 ولم تعمد الدولة إلى تسديده.

 

مجلس إدارة الصندوق الحالي لم يحقق المطلوب منه

 

تشير يمّين إلى أن أكثر من عشر سنوات مرّت على انتهاء ولاية المجلس الحالي، وأكثر من ست سنوات مرّت على شغور مقعدي عضوي اللجنة الفنية وفترة مماثلة على انتهاء ولاية اللجنة المالية، وفي ظل هذا الواقع، فإن المجلس بتشكيلته الحالية (10 ممثلين للعمّال تنتخبهم هيئات عمالية و 10 ممثلين لأصحاب العمل و 6 ممثلين للدولة) هو غير فعّال نظراً إلى الطريقة المتبعة في تعيين ممثلي الدولة وأيضاً إلى أن بعض أعضاء مجلس الإدارة إما متوفون وإما مستقيلون، وبالتالي لم يحقق الكثير من الاصلاحات الفعلية مثل: إدخال برامج المعلوماتية لضبط تقديمات الصندوق ومعاصرة التطورات العالمية في هذا المضمار، وتأخير توافر البطاقة الصحية الذكية التي تؤمن صورة عن التاريخ الطبي للمضمون، هذا الأمر يسمح بضبط جميع العمليات الصحية والاستشفائية ويخفف من أعبائها، كما إن الصندوق يعاني من شغور في عدد من الوظائف الادارية والفنية تخطى 53 في المئة من الملاك، بحيث إن غالبية المكاتب فيه لم تعد قادرة على تلبية خدمات المواطنين، ولاستمرار عمل هذا المرفق العام بانتظام يقتضي ملء الشواغر لتلبية خدمات المواطنين. وتختم يمّين باقتراح بأن يجاز للصندوق، وبصورة حصرية واستثنائية، توظيف الحدّ الأدنى من عدد المستخدمين اللازم لتسيير هذا المرفق العام والذي هو في حدود 160 مستخدماً من كل الفئات لملء المراكز الأساسية الشاغرة في ملاكه ولاسيما أن رواتب هؤلاء هي على عاتق الصندوق وليس من المالية العامة.