النص الحرفي لرد جمعية المصارف على الحكومة اللبنانية

  • 2020-04-11
  • 11:54

النص الحرفي لرد جمعية المصارف على الحكومة اللبنانية

نخاطبكم رداً على البرنامج الإصلاحي الذي أعلنته الحكومة اللبنانية (البرنامج الإصلاحي)، والذي يظهر خططها في شأن السياسات الاقتصادية، والدين العام وإعادة هيكلة القطاع المالي، وسوق القطع الأجنبي والسياسة النقدية، وبيئة الأعمال، وإصلاحات أخرى.

لقد اعترتنا خيبة أمل كبيرة حيال المقاربة الحكومية لعملية الإصلاح، فالواضح أن الحكومة قررت أن تنتهج استراتيجية قوامها أن تحمل القطاع المصرفي مسؤولية الأزمة المالية، وبالتالي أن تفرض على اللبنانيين (أي المودعين) العبء المالي اللازم لحل المشكلة المالية، لقد كان من واجب الحكومة أن تجهز تحليلاً متكاملاً ومستقلاً للوضع النقدي الحالي، وأن تعلن هذا التحليل ليكون جزءاً من جهد بنّاء وحسن الطوية للتعاون مع الأطراف الرئيسيين المعنيين من أجل صوغ خطة متكاملة وعادلة تعالج جذور المشكلة. 

بعكس كبرى عمليات إعادة الهيكلة السيادية أخرى، يمثل الدين الخارجي في لبنان نسبة صغيرة نسبياً من إجمالي المستحقات على الحكومة (ومصرف لبنان . بالتالي، لا تحل مقاربات تقليدية مثل اقتطاع جزء من الديون (Haircutting Debt) المشكلة بشكل جذري. في المقابل، تبرز الحاجة إلى مقاربة منسقة من أجل:

  1. نشر كل المعلومات الضرورية المتوافرة لبناء تشخيص كافٍ وشامل للمشكلة.
  2. إطلاق نقاش تعاوني وشفاف بين الأطراف الرئيسيين المعنيين للتوافق على الممارسات والمقاربات المثلى، وللتوصل إلى الحلول البناءة والمنصفة. 

إن قطاعاً مصرفياً متعافيًا يمثل عنصراً أساسياً في أي خطة إنعاش اقتصادي، لأنه كان ويبقى دائماً المصدر الوحيد لتمويل الاقتصاد الحقيقي. وحالياً، تبلغ ديون مطلوبات المصارف من القطاع الخاص اللبناني ما مجموعه 46 مليار دولار (تساوي 100 في المئة من إجمالي الناتج المحلي). وتمثل المصارف اللبنانية الطرف الرئيسي الذي يحمل سندات اليوروبوندز، وهو شأن يتعين على الحكومة وعلى لبنان ككل أن يستفيدا منه لصوغ خطة إصلاحية تتمتع بالمصداقية، وتستطيع حل مشكلة الدين مع الحفاظ على سلامة القطاع المصرفي، وخصوصاً الحفاظ على أموال المودعين. 

إن الحل المقترح والمتمثل في تحميل المودعين اللبنانيين القسط الأكبر من الأعباء المالية اللازمة لإعادة الهيكلة، يتناقض مع حقيقة أن هؤلاء المودعين هم من كان يمول الحكومة من خلال المصارف (بشكل مباشر، أو غير مباشر عبر مصرف لبنان). وبدلاً من أن تستثمر الحكومة هذه الأموال في مبادرات منتجة وموجهة تنموياً، وظفتها لتمويل حسابات جارية غير منتجة: إن أكثر من 50 في المئة من العوائد الحكومية مرصودة لخدمة الدين العام ولتمويل شركة كهرباء لبنان التي لا يتسم عملها بالكفاءة. وقبل الطلب من اللبنانيين المساهمة في حل المشكلة، ينبغي التدقيق في التمويل والإنفاق الحكوميين، ونشر الخلاصات بشفافية. 

إحدى النواحي التي نتفق فيها مع البرنامج الإصلاحي تتمثل في اعتقادنا أن لا مفر من الحصول على تمويل خارجي من صندوق النقد الدولي (و/أو من مصادر أخرى متوافرة) لإيجاد حل فعلي للمشكلة. إلا أن هذا التمويل لا يمكن أن يتم إلا بعد إصدار البيانات المطلوبة، وتحليلها ونشرها. وبناءً على المحادثات الجارية معكم حتى اللحظة، فإن هذه الخطوة لم تتم بعد. نطالب الحكومة بنشر فوري لكل البيانات المتوافرة والتي يمكن لشركائها الوصول إليها، كي نتوافق على أطر ملائمة لمعالجة هذه المشكلات بطريقة بناءة. إضافة إلى ذلك، لن تحصل الحكومة على أي تمويل إن لم تبدأ بتنفيذ إصلاحات أساسية، وإن لم تقدم خطة مستدامة ومتكاملة لتمويل القطاعين العام والخاص، تؤكد أن الدائنين سيستعيدون أموالهم.

أخيرًا، نعلمكم أننا نتولى تحضير ملف متكامل سيمثل ردًا على الملف الذي تم تسريبه أمس، وسنكون في موقع يسمح لنا أن نتشاركه وإياكم بحلول الأسبوع المقبل. 

التوقيع

جوزف جوليان

الرئيس المشارك لقسم الشرق الأوسط وأفريقيا