الاقتصاد العالمي يتجه لتحقيق أسوأ أداء منذ 2008

  • 2025-06-11
  • 16:40

الاقتصاد العالمي يتجه لتحقيق أسوأ أداء منذ 2008

خفض البنك الدولي توقعاته للنمو الاقتصادي العالمي خلال العام الجاري إلى 2.3 في المئة، بتراجع يقترب من نصف نقطة مئوية عن المعدل المتوقع له في بداية العام، من دون احتمالية أن يشهد الاقتصاد العالمي ركوداً في العام 2025.
جاء ذلك في أحدث تقرير صادر عن البنك الدولي بعنوان "الآفاق الاقتصادية العالمية"، حيث أدت هذه الاضطرابات إلى خفض توقعات النمو لنحو 70 في المئة من إجمالي الاقتصادات حول العالم، على اختلاف المناطق وفئات الدخل.
ووفقاً للبنك الدولي، فإن متوسط النمو العالمي للفترة من 2020 إلى 2026 قد يكون الأبطأ على الإطلاق في أي عقد مضى منذ ستينات القرن الماضي.
ويتوقع أن تؤدي التوترات التجارية المتصاعدة وحالة عدم اليقين على مستوى السياسات إلى تراجع النمو الاقتصادي العالمي هذا العام إلى أبطأ وتيرة له منذ العام 2008 باستثناء فترات الركود العالمية الواضحة.
وفي هذا السياق، قال رئيس الخبراء الاقتصاديين، النائب الأول للرئيس لشؤون اقتصاديات التنمية بمجموعة البنك الدولي إندرميت جيل: "باستثناء آسيا، أصبحت التنمية شبه غائبة عن الاقتصادات النامية، وهو واقع تجلى بوضوح على مدار أكثر من عقد من الزمن؛ فقد شهد معدل نموها تراجعاً تدريجياً على مدى العقود الثلاثة الماضية، حيث انخفض من نحو 6 في المئة سنوياً في العقد الأول من الألفية، إلى 5 في المئة في العقد الثاني، ثم إلى أقل من 4 في المئة في العقد الثالث".
وأضاف جيل: "يتزامن هذا التراجع مع انخفاض معدلات نمو التجارة العالمية من متوسط 5 في المئة في العقد الأول من الألفية إلى نحو 4.5 في المئة في العقد الثاني، إلى أقل من 3 في المئة في العقد الثالث، كما شهد معدل نمو الاستثمار تباطؤاً ملحوظاً، فيما وصل الدين إلى مستويات غير مسبوقة".
ومن المتوقع أن يتباطأ معدل النمو في قرابة 60 في المئة من إجمالي الاقتصادات النامية في هذا العام، ليصل متوسطه إلى 3.8 في المئة في العام 2025، قبل أن يشهد تحسناً طفيفاً ليبلغ 3.9% خلال عامي 2026 و2027.
ويُعدّ هذا المستوى أدنى بأكثر من نقطة مئوية من متوسط النمو في العقد الثاني من الألفية الحالية، ومن المتوقع أن تحقق الدول منخفضة الدخل نمواً بنسبة 5.3 في المئة هذا العام، وهو ما يمثل تراجعاً قدره 0.4 نقطة مئوية مقارنة بالتوقعات الصادرة في بداية العام 2025.
كما إن الزيادات في الرسوم الجمركية وضيق سوق العمل يفرضان ضغوطاً تصاعدية على التضخم العالمي، الذي يُتوقع أن يبلغ متوسطه 2.9 في المئة في العام 2025، ليظل عند مستوى أعلى من معدلات ما قبل جائحة "كوفيد 19".
ويشكل تباطؤ النمو عقبة أمام الاقتصادات النامية في مساعيها الرامية إلى تسريع خلق فرص العمل، والحد من الفقر المدقع، وتقليص الفجوات في مستويات دخل الفرد مقارنةً بالاقتصادات المتقدمة.
ومن المتوقع أن يسجل معدل نمو دخل الفرد في الاقتصادات النامية 2.9 في المئة في العام 2025، وهذا يعني تراجعاً قدره 1.1 نقطة مئوية مقارنة بمتوسط النمو في الفترة من العام 2000 إلى العام 2019.
وقد ينتعش النمو العالمي بوتيرة أسرع من المتوقع حال تمكنت الاقتصادات الكبرى من تهدئة التوترات التجارية، مما سيحد من حالة عدم اليقين على مستوى السياسات بوجه عام والتقلبات المالية الحادة.
وخلص التحليل إلى أنه في حال تسوية النزاعات التجارية الراهنة بخفض الرسوم الجمركية إلى النصف مقارنة بمستوياتها المسجلة أواخر مايو، سيعزز ذلك النمو العالمي بنحو 0.2 نقطة مئوية في المتوسط خلال عامي 2025 و2026.
من جانبه، قال نائب رئيس الخبراء الاقتصاديين بمجموعة البنك الدولي ومدير مجموعة آفاق اقتصاديات التنمية أيهان كوسى: "إن اقتصادات الأسواق الناشئة والنامية قد جنت ثمار التكامل التجاري، لكنها تجد نفسها الآن في مرمى نيران حرب تجارية عالمية، مشيراً إلى أن أذكى طريقة للتعامل مع هذا الواقع هي مضاعفة الجهود الرامية إلى توسيع نطاق التكامل التجاري ليشمل شركاء جدداً، فضلاً عن تعزيز الإصلاحات الداعمة للنمو، وتعزيز المرونة المالية من أجل تجاوز هذه العاصفة الاقتصادية.
وأضاف: "مع تزايد الحواجز التجارية وتفاقم حالة عدم اليقين، يسهم تجديد الحوار والتعاون على الصعيد العالمي في رسم مسار أكثر استقراراً وازدهاراً نحو المستقبل".
ويؤكد التقرير أنه في ظل تزايد الحواجز التجارية، يتعين على الاقتصادات النامية زيادة تحرير أسواقها عبر إقامة شراكات استراتيجية مع اقتصادات أخرى في مجالي التجارة والاستثمار، وتنويع مصادر تجارتها، ولاسيما من خلال الاتفاقيات الإقليمية.
وفيما يخص التوقعات الإقليمية، ففي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من المتوقع أن يرتفع معدل النمو إلى 2.7 في المئة في العام 2025، وأن يستمر في التحسن ليصل إلى متوسط 3.9 في المئة في 2026-2027.

وقدر التقرير أن يتراجع معدل النمو في منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ إلى 4.5 في المئة في العام 2025 وإلى 4 في المئة في 2026-2027.
كما توقع أن يتراجع النمو في منطقة أوروبا وآسيا الوسطى إلى 2.4 في المئة في 2025 قبل أن يتحسن بشكل طفيف ليصل إلى 2.6 في المئة في 2026-2027.
وفي منطقة أميركا اللاتينية والبحر الكاريبي، من المتوقع أن يظل معدل النمو العالمي ثابتاً عند 2.3 في المئة في 2025 قبل أن يستقر عند 2.5 في المئة في المتوسط في 2026-2027.
ويتوقع أن يتراجع معدل النمو في منطقة جنوب آسيا إلى 5.8 في المئة في العام 2025 قبل أن يستقر عند مستوى 6.2 في المئة في 2026-2027.
وتوقع أن يرتفع معدل النمو في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء تدريجياً إلى 3.7 في المئة في العام 2025، وأن يبلغ متوسطاً قدره 4.2 في المئة في 2026-2027.