مبادرات جديدة لضبط الانفلاش النقدي في لبنان

  • 2024-04-18
  • 21:42

مبادرات جديدة لضبط الانفلاش النقدي في لبنان

  • علي زين الدين

 

يستكمل مصرف لبنان اتخاذ التدابير الاجرائية والتقنية الهادفة الى اعادة ضبط الانفلاش النقدي بالليرة وبالدولار، وبما ينسجم مع مطالب مجموعتي العمل المالي الاقليمية والدولية (فاتف)، ولا سيما لجهة ضرورة العمل لسد ثغر محتملة لمرور جرائم مالية، واستطراداً الاستجابة لملاحظات واردة من وزارة الخزانة الأميركية بشأن توسع غير مرغوب للتعاملات السوقية بالدولار النقدي (البنكنوت).

وتكتسب هذه المهمة اهمية استثنائية مع قرب انعقاد الاجتماعات الدورية (النصف السنوية) لمجموعة العمل الاقليمية (مينا فاتف) خلال الشهر المقبل، ووضع ملف التقييم المتبادل مع لبنان على جدول الأعمال، وسط معلومات عن تحذيرات شفوية بوجوب معالجة اوجه القصور الكامنة في ستة معايير اساسية وبدرجة اقل في عدد مماثل من اصل 40 معياراً تدرجها المجموعة لتقييم وقياس مدى كفاءة البلدان في مكافحة تبييض الأموال وتمويل الارهاب.

واكد مصرف لبنان، ان الاجراءات المتخذة بدأت بتخفيف التعامل النقدي في الأسواق بشكل جيد وتدريجي، وهو يعمل ومنذ فترة، من اجل اعادة تشجيع استعمال وسائل الدفع الالكترونية، وتخفيف استعمال الدفع النقدي (الكاش) في السوق اللبنانية، وذلك بالتوافق مع المعايير الدولية ولا سيما تلك المتعلقة بمكافحة تبييض الاموال ومكافحة تمويل الارهاب.

وفي هذا المجال، بادر مصرف لبنان، بحسب بيان رسمي الى اعادة تشجيع استعمال بطاقات الدفع وذلك بالتنسيق مع المعنيين ولاسيما شركتي ماستركرد (MasterCard) وفيزا (VISA) والمصارف والمؤسسات المالية المعنية بإدارة واصدار البطاقات.

ومن بين هذه الاجراءات العمل على تخفيض كلفة استعمال بطاقات الدفع محلياً خصوصاً البطاقات الصادرة خارج لبنان والمستعملة في السوق اللبناني، ويأمل ان يبدأ ظهور نتائج هذه المبادرات قريباً. ويدعو المصارف والمؤسسات المالية لاعتماد التسهيلات كافة لتأمين خدمات الدفع الالكتروني ولاسيما تلك المتعلقة ببطاقات الدفع بأقل كلفة ممكنة، كما يأمل من التجار كافة عدم وضع اي رسوم او اعباء اضافية على المستهلك عند استعماله بطاقات الدفع، كون ذلك مخالفاً للقانون ويلحق ضرراً بالاقتصاد الوطني.

اضافة الى ذلك، يعمل مصرف لبنان بالتعاون والتنسيق مع وزارة المالية على مشروع اعتماد بطاقات الدفع كوسيلة لتسديد الضرائب والرسوم لدى جميع صناديق وزارة المالية الاساسية المنتشرة على الاراضي اللبنانية كافة وذلك بعد تركيب نقاط بيع (POS Machines) لدى هذه المراكز.

وتجدر الاشارة الى ان مصرف لبنان اصدر منذ  اشهر عدة التعميم 165 المتعلق بمقاصة وتسوية الشيكات والتحاويل النقدية بالدولار الفريش والليرة اللبنانية عبر ردهاته المعنية. وقد بدأ استعمال التحاويل والشكات "الفريش" بالارتفاع واصبحت الشكات الفريش وسيلة دفع اساسية وآمنة وبديلة عن الدفع النقدي (الكاش).

وفي  العام الماضي، عدّل مصرف لبنان التعميم الرقم 69 المتعلق بالمدفوعات الالكترونية، واعطى تراخيص لعدد من المحافظ الالكترونية (Mobile Wallets) المستوفية للشروط. ان هذه المحافظ الالكترونية تسمح لمستخدميها بتحويل الأموال في ما بينهم (تجار وافراد)، بشكل فوري وآمن وفقاً للقوانين والانظمة ذات الصلة.

وفي تحرك سابق يندرج ضمن سياق التحقق من العمليات المالية ذات الشبهات، والعائدة خصوصاً لملفات الدعم الذي انفقته الحكومة من احتياطات العملات الصعبة خلال ولاية الحاكم السابق للمركزي رياض سلامة، برز التأكيد، وإلحاقاً بالمراسلات العديدة التي أرسلها مصرف لبنان الى الجهات المعنية، على ضرورة البدء بتطبيق القانون الرقم 240 الصادر في يوليو(تموز) من العام 2021 ، والرامي الى "إخضاع كل المستفيدين من دعم الحكومة للدولار الأميركي او ما يوازيه بالعملات الأجنبية للتدقيق الجنائي الخارجي".

وافاد البنك المركزي، في بيان سابق، بأنه قام مجدداً بتزويد الجهات المعنية كافة بجردة مفصلة عن ملفات الدعم كافة، ويدعو الى المباشرة لفتح هذا الملف منعاً من مرور الزمن على الجرم أو الجرائم التي يمكن أن تكون قد ارتكبت خلال فترة الدعم والمتعلقة بتلك الملفات.

اما في البعد القضائي المتصل بعمليات مالية ومحاسبية مشبوهة، وبما ما يتعلق بالمعلومات عن عمليات قام بها المركزي مع احدى الشركات المالية خلال الفترة ما بين الاعوام 2015 الی 2018، فقد اوضح انه عملاً بسياسته المتبعة منذ الأول من اغسطس (آب) من العام الماضي (تاريخ تسلم منصوري لمهام الحاكمية)، يجري التعاون بشكل وثيق مع الجهات القضائية، وصولاً لإظهار الحقائق كاملة.

 وقد أرسلت الحاكمية مباشرة وبواسطة هيئة التحقيق الخاصة المعلومات والمستندات والحسابات التي من شأنها أن تنير التحقيق الجاري والناتج عن تقرير التدقيق الجنائي لشركة "الفاريز ومرسال" وذلك فور طلبها، والتي تشكل العمليات التي تمت مع الشركة المعنية جزءاً منها، وبحيث بدأ القضاء في العمل عليها منذ مدة.

 ولفت النظر الى ان المادة 420 من قانون العقوبات نشر أي وثيقة من وثائق التحقيق الجنائي أو الجناحي قبل تلاوتها في جلسة علنية"، وبالتالي فإن اي تسريب في تحقيقات قضائية هو مخالف للقانون، بل يعتبر جرماً جزائياً يعاقب عليه القانون. وبغض النظر عن مضمون ما يتم نشره وأي مغالطات او قلة دراية تتضمنه، فإن الأوضاع الحالية تفرض "على الجميع احترام القانون وترك القضاء يقوم بمهامه لأنه يعود للقضاء وللقضاء وحده البت بكل الملفات التي تمت إحالتها إليه وبالتالي تؤكد حاكمية مصرف لبنان التزامها الكامل والمستمر بجلاء كل الحقائق والحفاظ على حقوق مصرف لبنان وذلك بالأطر القانونية المناسبة".