الأمن الغذائي مرة أخرى يهزّ العالم

  • 2023-07-18
  • 12:12

الأمن الغذائي مرة أخرى يهزّ العالم

  • أحمد عياش
استفاق العالم فجأة على أزمة قديمة متجددة عندما قررت روسيا يوم الاثنين الماضي وقف مشاركتها في الاتفاق الذي توسطت فيه الأمم المتحدة منذ عام ويسمح لأوكرانيا بتصدير الحبوب عبر البحر الأسود، ما أثار قلقاً في الدول الفقيرة من أن ارتفاع الأسعار سيجعل الغذاء بعيد المنال" وفق ما ذكرت وكالة رويترز.

وبالفعل، فقد ارتفعت أسعار السلع الغذائية العالمية يوم الاثنين الماضي، على الرغم من أن الزيادة كانت محدودة، ما يشير إلى أن التجار لم يتوقعوا بعد أزمة إمدادات حادة.

 

قد يهمك:

تركيا في مرحلة تحول مالي ونقدي وتحتاج الخليج شريكاً استراتيجياً


 

وقفزت العقود الآجلة للقمح في شيكاغو، وهي مقياس للأسعار العالمية، لفترة وجيزة بأكثر من 4 في المئة. وفي وقت لاحق، تأرجحت الأسعار إلى أكثر من 1 في المئة.


وتعتبر أوكرانيا وروسيا من أكبر مصدري الحبوب والمواد الغذائية الأخرى في العالم، وأي انقطاع قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية في أنحاء العالم، وتكتسي الصفقة بين أوكرانيا وروسيا - التي تعدّ أيضاً مورداً عالمياً رئيسياً للحبوب والنفط وغيرها من المنتجات الغذائية بأسعار معقولة - أهمية خاصة في 14 دولة أفريقية تعتمد على البلدين في نصف وارداتها من القمح، وفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، وإريتريا تعتمد عليهم اعتماداً كاملاً.

وعندما بدأت صفقة الحبوب في يوليو 2022، قال سيليستين تاوامبا، الرئيس التنفيذي لشركة لا باستا، أكبر منتج للدقيق والمعكرونة في الكاميرون، "كان الخناق يضيق، لذا يجب أن تساعدنا الصفقة على التنفس".

وسمح الاتفاق المبدئي لأوكرانيا باستئناف تصدير ملايين الأطنان من الحبوب التي ظلت ضعيفة لأشهر عدة، وانخفضت أسعار المواد الغذائية بأكثر من 23 في المئة من ذروتها في آذار/مارس 2022، وفقاً لمؤشر أسعار الغذاء الصادر عن منظمة الأغذية والزراعة. وقالت الأمم المتحدة إن الاتفاق سمح بتصدير المنتجات الغذائية الحيوية من الموانئ الأوكرانية إلى 45 دولة في ثلاث قارات.

وقال شاشوات ساراف مدير الطوارئ في شرق أفريقيا في لجنة الإنقاذ الدولية، إن التأثير سيكون عميقاً في الصومال وإثيوبيا وكينيا، التي تواجه أسوأ موجة جفاف في القرن الأفريقي منذ عقود. في مخيم مكتظ في العاصمة الصومالية مقديشو للنازحين بسبب سنوات من الأمطار والعنف، قالت حليمة حسين، وهي أم لخمسة أطفال لرويترز: "لا أعرف كيف سنبقى على قيد الحياة".

وبدت هذه الأزمة المتجددة التي وصفتها النيويورك تايمز بأنها "هزّت العالم"، هي انعكاس مباشر للحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا التي يتصاعد لهيبها منذ 24 شباط /فبراير العام الماضي. وجاء القرار الروسي بشأن اتفاق الحبوب رد فعل سريع على انفجار وقع في اليوم نفسه حيث أطاح بجسر روسي إلى القرم، وهو شريان رئيسي للقوات الروسية التي تقاتل في أوكرانيا، لكن الكرملين سارع الى القول إنه لا توجد صلة بين الهجوم وقراره تعليق اتفاق الحبوب، لكنه ردّ السبب الى ما وصفه بالفشل في تلبية مطالبه بتنفيذ اتفاق مواز يخفف القواعد المفروضة على صادراته من الغذاء والأسمدة.

في أي حال، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قرار روسيا يعني إنهاء الاتفاقية ذات الصلة لمساعدة صادرات روسيا من الحبوب والأسمدة. وقال: "قرار الاتحاد الروسي اليوم سيوجه ضربة للمحتاجين في كل مكان".

وفي واشنطن، قال البيت الأبيض إن تعليق روسيا للاتفاق "سيزيد من سوء الأمن الغذائي ويضر بالملايين"، ووصفه وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن بأنه "غير معقول".

وأثار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي احتمال استئناف صادرات الحبوب دون مشاركة روسيا، مشيراً إلى أن كييف ستسعى للحصول على دعم تركيا لإبطال الحصار الروسي الفعلي الذي فرض العام الماضي. وقال: "يمكن لأوكرانيا والأمم المتحدة وتركيا معاً ضمان تشغيل ممر غذائي وتفتيش السفن"، قائلاً إن العالم "لديه الفرصة لإظهار أن الابتزاز غير مسموح به ... يجب علينا جميعاً ضمان الأمن والحماية من الجنون الروسي".

ومن المحتمل أن يعتمد أي استئناف للشحنات دون مباركة روسيا على شركات التأمين. وقالت مصادر في قطاع التأمين إنها تدرس ما إذا كانت ستجمد تغطيتها، وقال مصدر في صناعة التأمين "السؤال (الرئيسي) هو ما إذا كانت روسيا تلغم المنطقة التي ستوقف فعلياً أي شكل من أشكال التغطية المقدمة".

 

 

يمكنك الاطلاع:

الإمارات واليابان توقعان 23 اتفاقية ومذكرة تفاهم بمجالات التجارة والاستثمار


 

 

وتُظهر أرقام الأمم المتحدة أن الدول الرئيسية الثلاث التي استفادت من الصادرات الأوكرانية عبر البحر الأسود هي الصين وإسبانيا وتركيا.


ومع إغلاق موانئ البحر الأسود مرة أخرى، قد تضطر أوكرانيا إلى مضاعفة استخدامها للطرق البديلة، وتصدير الحبوب بالشاحنات والقطارات والقوارب النهرية، وهي رحلات تستغرق وقتاً أطول من الشحن عن طريق البحر، ولا يمكنها التعامل مع الحجم نفسه.

بدوره، قال وزير الخارجية الأميركي بلينكن إن الولايات المتحدة ستساعد أوكرانيا في العثور على وسائل أخرى للتصدير، ولكن "من الصعب حقاً تعويض ما يتم فقده الآن نتيجة استخدام روسيا للأغذية كسلاح".

هل من سبيل لتغيير اتجاه ازمة الحبوب المتجددة؟

يقول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إنه سيتحدث إلى بوتين حول الاتفاق، وأعرب عن أمله في إمكانية إحيائه، كما قال ايضاً:" أعتقد أن رئيس الاتحاد الروسي، صديقي بوتين، يريد استمرار هذا الجسر الإنساني".

ويقول محللون إنه على الرغم من الخطوة الروسية، فإن بعض العوامل قد تمنع أسعار المواد الغذائية من الارتفاع إلى المستويات المذهلة التي شوهدت بعد غزو روسيا لأوكرانيا.

فمن ناحية، أصبحت توقعات أسعار السلع الأولية العالمية أضعف مما كانت عليه قبل عام بسبب تعثر الانتعاش الاقتصادي في الصين، فقد أدت أزمة تكلفة المعيشة العالمية إلى تآكل الطلب بشكل عام، كما قال السيد آش، الخبير الاستراتيجي، كما إن ضغوط سلسلة التوريد آخذة في التراجع، وايضاً انخفضت تكاليف التصنيع والإنتاج، وفقاً لتحليل أجراه معهد أوكسفورد إيكونوميكس، وهو معهد أبحاث.

وقال أرلان سودرمان، كبير اقتصاديي السلع في شركة الخدمات المالية StoneX، إن روسيا لا تزال تتخلص من القمح الرخيص في السوق العالمية، "لذلك لا ينفد القمح في الوقت الحالي"، واضاف: "هذا التطور بالذات قد لا يفعل الكثير لخطر الجوع في العالم، لكن التصعيد المستمر مع عدم وجود حل في الأفق يعني أن المخاطر لا تزال تتزايد".

وبعيداً عن الحرب في أوكرانيا وتداعياتها الغذائية، من المتوقع أن تشهد أسعار الأرز ارتفاعاً جديداً على مستوى العالم، في حال قررت الهند التي تعتبر أكبر مورد لهذا العنصر الغذائي أن تفرض حظراً على تصديره. فمع وصول تكلفة السلعة الأساسية إلى أعلى مستوى لها في 11 عاماً، تناقش حكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، خطة لحظر تصدير جميع أنواع الأرز غير البسمتي، وفقاً لتقرير نشرته وكالة "بلومبرغ".

وإذا تمّ تنفيذ هذه الخطوة، فستشهد الهند حظراً بنسبة 80 في المئة من جميع صادراتها من الأرز، مما سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار العالمية إلى مستويات عالية جديدة حيث يكافح العالم مع ارتفاع تضخم أسعار المواد الغذائية بعد الغزو الروسي لأوكرانيا..

انه الامن الغذائي، سواء في حبوب أوكرانيا او ارز الهند. وبدا هذا النوع من الامن انه يماثل ان لم نقل يفوق تأثيراً الأنواع الأخرى من الامن. لذلك، لا غرابة ان العالم يهتز بسببه حالياً.