في ظل الأزمتين السياسية والاقتصادية.. صحة اللبنانيين إلى "جهنم"!

  • 2020-10-01
  • 23:05

في ظل الأزمتين السياسية والاقتصادية.. صحة اللبنانيين إلى "جهنم"!

  • كتب أدهم جابر وكريستي قهوجي

 

شكّل إعلان وزير الصحة اللبناني الأسبق محمد جواد خليفة، حول بدء المستشفيات الخاصة في لبنان باعتماد الدولار على سعر 3950 ليرة اعتباراً من الاثنين المقبل صدمة للبنانيين الذين لطالما اشتكوا من ارتفاع الفاتورة الصحية، وبهذا، سيكون اللبنانيون على موعد مع فصل جديد من المعاناة في مواجهة هذا التحدي المستجد على صعيد الفاتورة الصحية. فما حقيقة هذا القرار الذي أثار الهلع وهل ستكون له تداعيات وانعكاسات على الجهات الضامنة في لبنان؟

 

 

للمزيد حول قضايا التأمين في لبنان:

"منظومة" حل خلافات حوادث السير في لبنان: دويلة داخل الدولة!

انفجار بيروت و"التأمين": مَنْ سيعوّض على مَنْ؟

لبنان: شركات تأمين "تفتح على حسابها"!

 

 

وإذا كانت الصدمة وجدت ما يخفف من وقعها، في تغريدة وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن، الذي أشار إلى أنه طالما الدولار الرسمي محدد من مصرف لبنان والدعم مستمر، فإن زيادة تعرفة المستشفيات ورفع سعر الدواء ليس مطروحاً، مؤكداً أن وزارة الصحة تعمل بموجب القانون اللبناني وعلى الكل المشاركة في الحل وليس العكس، متوجهاً إلى المعنيين بالقول: "يكفي مزايدات على حساب أعصاب الناس ووجعها"، إلا أن هذه التغريدة بدت بعيدة عن الواقع في ظل بدء مستشفى الجامعة الأميركية باعتماد تسعيرة 3950 ليرة للدولار بدءاً من اليوم الخميس، كذلك في ظل تأكيد مصدر في وزارة الاقتصاد والتجارة بدء "الأميركية" برفع فاتورتها، مشيراً إلى "أوّلاً- الاقتصاد والأعمال" أن قرار الجامعة الأميركية ما هو إلا بداية لاتجاه مستشفيات أخرى إلى اعتماد التسعيرة نفسها، وهنا فإن اللبنانيين قد يتجهون إلى كارثة على المستوى الصحي، لأن هذا الأمر قد ينسحب على قطاعات متعلقة أخرى، الأمر الذي ستكون له تداعيات خطيرة على الأمن الاجتماعي للمواطنين اللبنانيين.

 

المستشفيات الخاصة: لقاءات لرفع التعرفة

 

لكن، ماذا في توضيح القرار وتأثيره على الفاتورة الصحية؟ يؤكد نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة في لبنان سليمان هارون في حديث إلى "أولاً-الاقتصاد والأعمال" أن قرار رفع تسعيرة الدولار إلى 3950 ليرة لم يتخذ بعد في كل المستشفيات اللبنانية سوى في مستشفى الجامعة الأميركية، لافتاً النظر إلى أن الأمور لا تزال على طبيعتها وأن التسعير لا يزال عند 1515 ليرة في كل المستشفيات الخاصة الأخرى، في الوقت الحالي.

 

 

"السلة الغذائية" وأين أصبحت في حوار مع:

المدير العام لوزارة التجارة والاقتصاد محمد أبو حيدر

 

 

ويكشف هارون أن نقابة أصحاب المستشفيات الخاصة تقوم بسلسلة اجتماعات مع المؤسسات الضامنة الرسمية كالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والطبابة العسكرية، وتعاونية موظفي الدولة وغيرها للبحث في رفع التسعيرة والتعريفات الاستشفائية، موضحاً أن هذا الأمر سيساعد المستشفيات في "الوقوف على رجليها" من جديد لأن الوضع الحالي لا يسمح باستمرارها  وصمودها، إذ إن تكلفة الغرفة الواحدة في المستشفى باتت أقل من 10 دولارات، معتبراً أن هذا الأمر غير مقبول خصوصاً أن هناك مصاريف ضخمة تقع على عاتق إداراتها من رواتب وأجور وخدمات طبية متنوعة، ويلفت هارون النظر إلى أن من يعتقد بأن بقاء تعريفات المستشفيات على حالها في ظل ارتفاع الدولار بشكل جنوني في السوق السوداء يكون في حالة من الانكار للواقع المأزوم.

 

قد يهمك:

لبنان: شروط جديدة ستضاف إلى عقود التأمين

 

وحول إمكانية التوصل إلى اتفاق مع المؤسسات الرسمية الضامنة، يرى هارون أن المؤسسات الرسمية الضامنة تعاني في الأساس من مشاكل مادية ضخمة آملاً أن يتم التوصل إلى اتفاق معها حول التسعيرة الجديدة.

وحول مستقبل القطاع الطبي، يشير إلى أن الوضع صعب للغاية وضبابي وأن الجميع سائر نحو "جهنّم" في حال لم يتم إنقاذ البلد.

 

جمعية شركات الضمان: ملتزمون بالعقود 

وإذا رفعت المستشفيات تعرفتها سينسحب ذلك على أسعار البوالص

 

إذاً، هو ارتباك يثير الهلع، واللبنانيون باتوا فعلاً على أبواب "جهنم"، لا حول لهم في عمل ولا قوة في قدرة شرائية، لكن في ظل هذه الفوضى: هل يمكن تطبيق التسعيرة الجديدة بسهولة؟ لا شك أن هذا الأمر يتطلب اتفاقاً مع الجهات المعنية خصوصاً الضامنة منها، وفي هذا السياق يوضح رئيس جمعية شركات الضمان في لبنان إيلي طربيه أن اعتماد المستشفيات لسعر 3950 ليرة سينسحب حتماً على أسعار البوالص حتى تتمكن الشركات الضامنة من دفع نفقات الاستشفاء، لكنه يوضح أنه حتى اليوم فإن الجمعية لم تتبلغ من المستشفيات ولا من أي جهة بقرار رسمي حول رفع التعرفة الاستشفائية، لذا فإن الشركات ملتزمة بالعقود الموقعة مع المستشفيات حتى انتهائها، لافتاً الانتباه إلى أن أي تغيير عليها يحتاج إلى موافقة الطرفين. وفي شرح للطريقة التي تتقاضى بموجبها الشركات سعر بوليصة التأمين الصحي، يقول طربيه إن هذه البوالص تصدر بالدولار الأميركي، لكن ما هو مطبق اليوم إما الدفع بالدولار بموجب شيك مصرفي أي بعملة البوليصة او بالليرة اللبنانية وفق سعر صرف يحدد بالتوافق مع العميل عند اصدار العقد، مشيراً إلى أن الشركات تقوم بالدفع للمستشفيات وفقاً لطريقة الدفع المتفق عليها في العقود الموقعة بينها، وهذه أيضاً تختلف من شركة إلى أخرى.

 

ماذا عن:

لبنان: شركات التأمين والبنوك تفض عقود تأمين الحياة والإدخار

 

إن تعامل شركات التأمين مع المستشفيات بموجب العقود الموقعة معها لا يلغي احتمال وجود مشكلات أو عدم توافق بين الطرفين، وعليه فإن الأمور بحسب طربيه يجب أن تتم من خلال المفاوضات والمشاورات وإلا فإن أمام الشركات خيارات عدة قد تلجأ إليها في حال لم يتم التوافق معها منها وقف التعامل مع المستشفيات التي ترفض تطبيق مندرجات العقود، علماً أن شركات التأمين تدفع لها نحو 425 مليون دولار سنوياً.

في المحصلة، فإن الكثيرين من اللبنانيين ماتوا في "أيام الرخاء" على أبواب المستشفيات بسبب ارتفاع كلفة الفاتورة الصحية، فكيف سيكون وضعهم في ظل الأزمة الحالية؟ إن العادة درجت أن يتم تحميل اللبنانيين عبء مشاكل الدولة التي لا تنتهي، لذا ليس غريباً أن تنتهي هذه القضية الخلافية بحل يرفع قيمة الفاتورة الصحية على حساب مصلحتهم وعلى نفقتهم الخاصة!