"توشيبا" تودّع سوق الكمبيوتر و"فوكسكون" تتوسّع

  • 2020-08-11
  • 13:02

"توشيبا" تودّع سوق الكمبيوتر و"فوكسكون" تتوسّع

"فوكسكون" تستخدم ذراعها المتخصصة "شارب" في عملية الاستحواذ على "توشيبا"

  • إياد ديراني

عندما استحوذت شركة "شارب" منذ شهرين على نسبة 19.9 في المئة من قطاع الكمبيوترات في "مجموعة توشيبا" لم تكن تستحوذ على شركة صانعة للكمبيوترات المحمولة فحسب، بل كانت تستحوذ على جزء من تاريخ صناعة الكمبيوترات اليابانية، إذ دخلت توشيبا إلى سوق الكمبيوتر في العام 1985.

وأتت خطوة شارب لتشكل استكمالاً للاستحواذ، إذ سبق أن استحوذت على 80.1 في المئة في توشيبا منذ عامين، لكن المستحوذ الحقيقي خلف هذه الصفقة ليس شارب التي لعبت دور ذراع شركتها الأم فقط، إذ استحوذت "فوكسكون" التايوانية على 66 في المئة من شارب في العام 2016، بعد صفقة بلغت قيمتها 6.24 مليارات دولار.   

 

ما الذي حدث؟

 

خلال العقد الماضي، استعرت "حرب" أجهزة الكمبيوتر المحمول بين الشركات الكبرى، وتمكنت شركات مثل "آبل" و"اتش بي" و"لينوفو" من السيطرة على أسواق واسعة، بينما كانت توشيبا تخسر حصصها السوقية بشكل تدريجي.

في العام 2015 قررت توشيبا تلزيم انتاج الكمبيوترات المحمولة، في محاولة منها للعودة إلى السوق، لكن هذه الخطوة لم تكن ناجحة، واستمرت الشركة في تسجيل التراجع. السبب الرئيسي لتراجع المبيعات، جاء نتيجة ثلاثة عوامل متتابعة، يمكن اختصارها على الشكل التالي:

أوًلاً، تراجعت قدرة الشركة على الابتكار وتلبية المتطلبات الاستثمارية لتطوير كمبيوتراتها من جهة، وزيادة استخدام الهواتف الذكية واللوحية في أداء المهمات التي كان يقوم بها الكمبيوتر المحمول تقليدياً.

ثانياً، ارتفعت حدة المنافسة، ولجأت شركات عدة في السوق إلى الاندماج للتمكن من رفع قدراتها التنافسية. 

ثالثاً، انكشفت الفضيحة المحاسبية الكبرى في توشيبا في العام 2015، وأدت إلى استقالة عدد كبير من المديرين البارزين في الشركة، ومن بينهم الرئيس التنفيذي، إذ اكتشفت الجهات الرقابية أن توشيبا تلاعبت في سجلات الحسابات من أجل تعظيم أرباحها بنحو 1.2 مليار دولار.

النتيجة كانت قبول توشيبا ببيع حصة وازنة إلى شركة شارب في العام 2016، لكن الأمور لم تتوقف هنا، لأن فوكسكون استحوذت على شارب بعد ذلك وقررت استكمال الاستحواذ على توشيبا.

 

لماذا؟

 

خرجت شارب من سوق الكمبيوتر سنة 2010، ومن الواضح أن شركتها الأم "فوكسكون" تريدها أن تعود. ولتوضيح الصورة هنا، علينا أن نولي انتباهاً خاصاً لما تمثّله فوكسكون التايوانية. تمثّل هذه الشركة التي تأسست سنة 1974 أكبر مجموعة صانعة للإلكترونيات في العالم، وثالث أكبر شركة تكنولوجية في العالم من حيث الإيرادات. الانطلاقة القوية لهذه الشركة، بدأت العام 2001 عندما ربحت عقد تصنيع الألواح الرقمية للكمبيوترات Motherboards من شركة أنتل الأميركية، وتصنع فوكسكون المنتجات الرقمية لأكبر الشركات التكنولوجية في العالم مثل Ipad، iPhone، iPod، Kindle، Nintendo، Playstation، Xbox وغيرها من المنتجات الأكثر شهرة في الأسواق. ومنذ العام 2012، تصنّع الشركة نحو 40 في المئة من كل الأجهزة الالكترونية التي تُباع عالمياً، واليوم مع توسيع أصولها في عالم الكمبيوترات المحمولة، تتطلّع الشركة الى توسيع حصتها العالمية في ميدان واعد.  

 

مجموعة قوية

 

لكن خروج توشيبا من ميدان الكمبيوترات، لم ينعكس بطبيعة الحال على سائر أعمال "مجموعة توشيبا" التي تشمل الحلول المعلوماتية والأجهزة الرقمية والخدمات والمعدات الخاصة بقطاع الطاقة النووية والنفط والغاز والتعدين وأشباه الموصلات وغيرها.

وعلى الرغم من المصاعب التي تمرّ فيها منذ نهاية العام الماضي، والتي تلتها أيضاً انعكاسات أزمة كورونا الصعبة، تبقى مجموعة توشيبا واحدة من كبرى المجموعات المتخصصة في التكنولوجيا عالمياً، وهي تحتل مركزاً بين شركات فورتشن 500 منذ 24 عاماً، وتبلغ إيرادات المجموعة نحو 33.3 مليار دولار بينما تبلغ قيمة أصولها نحو 38.8 مليار ويعمل فيها نحو 128 ألف موظف.