بريطانيا تحاصر هواوي والصين تتوعد بالرد

  • 2020-06-13
  • 17:44

بريطانيا تحاصر هواوي والصين تتوعد بالرد

وسائل الاعلام الصينية وصفت الخطوة بـ "الحرب التكنولوجية الباردة"

  • إياد ديراني

فتحت المملكة المتحدة فصلاً جديداً من المواجهة التي بدأتها الولايات المتحدة ضد التكنولوجيا الصينية وشبكات الاتصالات التي تصنّعها شركة هواوي، والتي تستهدف إيقاف تعاونها مع الشركات والمؤسسات الحكومية في البلدان الصديقة والحليفة. فقد اقترحت بريطانيا مبادرة لتشكيل تحالف من عشر دول وصفتها صحيفة التايمز البريطانية بـ "الدول الديمقراطية"، بهدف تخفيف الإتكال على تكنولوجيا الجيل الخامس من شبكات الإتصالات النقالة والتي تقدمها شركة "هواوي" الصينية، وبهذا، تكون حكومة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، قد سلكت الطريق الذي لطالما طالبت الولايات المتحدة باعتماده إزاء ما تصفه "التجسّس الصيني" و"التهديدات الأمنية الصينية" وتأثيرات "الحزب الشيوعي الصيني على هواوي"، علماً أن الحكومة البريطانية لم تستبعد في البداية هواوي من لائحة المورّدين الذين يستطيعون بيع معدات الجيل الخامس، وسبق أن وافقت على أن تحصل هواوي على ما أقصاه 35 في المئة من صفقات الجيل الخامس في بريطانيا، إلا أن حكومة جونسون وبشكل مفاجئ أعلنت عن وضع خطط لإنهاء تعامل الشركات البريطانية مع هواوي، وأدرجتها في ما يشبه "اللائحة السوداء". 

 

استكمال الطوق

 

وبعد أقل من أسبوع على الخطوة البريطانية، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ إنه لا يمكن للغرب تجاهل "صعود نجم" الصين، وأضاف أن الصين "تقترب من الغرب على أصعدة مختلفة، في القطب الشمالي، وفي الفضاء الإلكتروني، والبنية التحتية التي تتسم بالحساسية، بما في ذلك الاتصالات"، وشدّد على أن الناتو على ثقة من أن حكومة المملكة المتحدة "ستصمّم شبكاتها بطرق تحمي الشبكات، وتضمن للمملكة المتحدة امتلاك شبكات جيل خامس آمنة".

استخدام منبر الناتو في المواجهة مع الصين ليس جديداً، إذ سبق أن وصف ستولتنبرغ في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي التكنولوجيا الصينية بأنها "خطر وتهديد للأمن العالمي"، وجاء كلامه يومها على هامش واحد من أكبر المنتديات التي ينظمها الناتو لدوله الثلاثين في واشنطن "منتدى الصناعات" NATO Industry Forum، واعتبر ستولتنبرغ في خطابه التكنولوجيا الصينية ومن ضمنها شبكات الـ 5G وتقنية التعرّف على الوجه Face Recognition و"انترنت الأشياء" IoT، وغيرها "خطراً وتهديداً"، وفي شباط/فبراير الماضي، قال وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر إن السماح لشركة هواوي ببناء شبكة الجيل الخامس قد "يهددّ حلف شمالي الأطلسي".

وبدأت الخطوات ضد الصين تتخذ شكلاً أكثر تنظيماً بين دول "الحلف الغربي"، إذ انطلقت النقاشات بين الطرفين البريطاني والأميركي حول تشكيل ما يشبه "نادي دول الجيل الخامس" أو كما أطلقت عليه بعض الصحف البريطانية اسم "D10 Club" ويرمز حرف الـ D إلى الديمقراطيات Democracies التي ستشمل سبع دول رئيسية هي: كندا، اليابان، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، بالإضافة إلى ثلاثة بلدان هي: استراليا، كوريا الجنوبية والهند، وبحسب المُقترح البريطاني ستعمل هذه الدول مجتمعة على دعم مورّدين للإستغناء عن هواوي، وسيكون على المورّدين الجُدد تقديم تقنيات ومعدات الجيل الخامس وغيرها من التكنولوجيات لتجنّب الاعتماد على الصين.  

 

تأثيرات مُحتملة 

على البلدان العربية 

 

من شأن هذه الخطوة التأثير على البلدان العربية القريبة من الولايات المتحدة أو المتحالفة معها، وما ينطبق على بريطانيا قد ينطبق عليها، لكن ليس واضحاً بعد حجم ومدى هذه التأثيرات، علماً أن أسواق البلدان العربية مقسّمة بين ثلاثة مورّدين رئيسيين لمعدات شبكات الاتصالات هي هواوي، "نوكيا" الفنلندية و"اريكسون" السويدية، وتهيمن هذه الشركات ومعها ZTE الصينية على ثلثي سوق معدات شبكات الاتصالات في العالم. وتجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة لم يعد لديها لاعبون أقوياء في سوق شبكات الاتصالات النقالة، الشركة الأميركية الوحيدة التي يمكن أن تطوّر قدراتها بسرعة نسبية في هذا المجال هي "سيسكو" Cisco التي تصنع البدالات Switches وأجهزة الراوتر Router المستخدمين في مكوّنات شبكات الاتصالات، لكن سيسكو ليست منافساً في سوق معدات الراديو وسائر مكوّنات شبكات الاتصالات. 

 

توعد بالردّ

 

لكن الردّ الصيني لم يتأخر، إذ أعرب سفير الصين لدى المملكة المتحدة ليو شياومينغ، عن استيائه من خطط رئيس الوزراء البريطاني للبحث عن بديل لشبكات هواوي، مهدداً خلال لقائه رجال أعمال بريطانيين أن الخطوة "قد تعرقل مشاريع شركات صينية لبناء محطات طاقة نووية وشبكة سكة حديد فائقة السرعة في بريطانيا"، وأضاف السفير الصيني أن بكين تعتبر القرار بشأن هواوي "اختباراً حاسماً في شأن إذا ما كانت بريطانيا شريكاً حقيقياً وصادقاً للصين". 

 

أما وسائل الإعلام الرسمية الصينية ومنها "غلوبال تايمز" فقد اتهمت بريطانيا بشنّ "حرب تكنولوجية باردة ضد الصين"، وقالت إن "الولايات تتحكم بالقرارات البريطانية" متوعدة الدول العشر المذكورة في "تحالف الجيل الخامس" بردة فعل من الصين إذا ما تمّ المضي قُدماً بالمقترح البريطاني، فيما قالت وسائل إعلام حكومية صينية أخرى أن البلدان التي ستنضم إلى التحالف الجديد،"لا تستطيع تقبّل حقيقة أن الصين تقود العالم في مجال الجيل الخامس، كما إنها غير قادرة على التأقلم مع هذا الوضع الجديد". 

ومن الواضح أن اقتراح بريطانيا جاء نتيجة عوامل عدة، من بينها النصائح والتهديدات التي تلقتها من الإدارة الأميركية خلال السنتين الماضيتين، وخصوصاً منها حرمان بريطانيا من التعاون في مجالات مشتركة عدة من بينها استفادة أجهزة الاستخبارات البريطانية من المعلومات المُتاحة عبر تحالف "الأعين الخمسة" Five Eyes الاستخباراتي، وتقود الولايات المتحدة تحالف "الأعين الخمسة" الذي يضم كلاً من بريطانيا، أستراليا، نيوزيلاندا وكندا.