كورونا يشل "الطيران العربي": الخسائر تفوق المليار دولار

  • 2020-03-27
  • 20:38

كورونا يشل "الطيران العربي": الخسائر تفوق المليار دولار

تفاحة لـ "أولاً-الاقتصاد والأعمال": لا يمكن إنقاذ القطاع إلا بدعم الحكومات

  • زينة أبو زكي

ليس خافياً أن قطاع النقل الجوي هو من بين أكثر القطاعات تضرراً من جرّاء تفشي فيروس كورونا، وذلك كنتيجة حتمية للتدابير التي اتخذتها دول العالم على صعيد حظر الرحلات ومنع الدخول إلى أراضيها. وفي ظل هذه الإجراءات كان طبيعياً أن يتأثر هذا القطاع في الدول العربية والذي بات يعيش الأزمة الأسوأ في تاريخه.

بحسب "أياتا"، فإن مساهمة القطاع الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وحدها، تبلغ نحو 130 مليار دولار، وهو يؤمّن نحو 2.4 مليون وظيفة ويساهم بنحو 4.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لهذه الدول، كذلك فإن القطاع يتميز عربياً بالدعم الذي يتلقاه من الدول، خصوصاً أن معظم شركات المنطقة مملوكة من الحكومات، وبالتالي هي تعيش على الدعم الحكومي فيما تفتقر إلى الإدارة على أسس تجارية بحتة بحيث لا يحقق إلا عدد قليل منها الأرباح، وإذا أخذنا في الاعتبار متوسط الاحتياطات النقدية لهذه الشركات خلال الشهرين الماضيين، فيمكن القول إن شركات الطيران العربية تواجه أزمة سيولة قد تؤثر على استمراريتها.

حتى 11 آذار/مارس الماضي، سجّلت شركات الطيران في الشرق الأوسط خسائر في الإيرادات بلغت 7.2 مليارات دولار، وهو ما دفع نائب رئيس اياتا لمنطقة أفريقيا والشرق الأوسط محمد البكري إلى التحذير مما قد يؤدي إليه إلغاء شركات الطيران في الشرق الأوسط لـ 16 ألف رحلة منذ كانون الثاني/ يناير الماضي.

ومن مساوئ الصدف أيضاً، أن القطاع لم يستفد من تراجع أسعار الوقود، فبحسب البكري "إن هذا لا يكفي لتعويض الخسائر، خصوصاً أن غالبية الشركات في الشرق الأوسط أوقفت تحليق عدد كبير من طائراتها".

 

 

الأزمة الأسوأ

"إنها الأزمة الأسوأ التي مرّ بها قطاع الطيران العالمي في تاريخه"، بهذه الجملة يبدأ أمين عام الاتحاد العربي للنقل الجوي عبد الوهاب تفاحة حديثه لموقع "أولاً- الاقتصاد والأعمال"، والحال نفسها تنطبق على شركات الطيران العربية التي تواجه معركة وجود. فالأزمة التي شلّت حركة النقل الجوي من الصعب معرفة انعكاساتها أو التنبؤ بمسارها، ولكن بحسب تفاحة، فإن الانعكاسات الظاهرة حتى الآن هي أن الانخفاض في الحركة على مستوى العالم سوف يفوق الـ 20 في المئة في حال الخروج من هذه الأزمة مع نهاية شهر نيسان/أبريل 2020، وقدر خسائر قطاع الطيران العربي حتى الآن بأكثر من مليار دولار.

ويؤكد تفاحة أن القطاع لا يمكنه تخطي هذه الأزمة إلا بمساعدة الحكومات ليس على المستوى العربي فقط بل على مستوى العالم، ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال، يجري البحث في تقديم مساعدات لشركات الطيران بنحو 70 إلى 100 مليار دولار، كذلك الأمر بالنسبة الى الاتحاد الأوروبي حيث صدر قرار عن المفوضية الأوروبية بإعطاء الحرية للدول الأعضاء باتخاذ القرار المناسب لمساعدة شركات الطيران الوطنية، حتى لو لزم الأمر تملكها على الرغم من عدم ترحيب الاتحاد بتملّك الدول لشركات الطيران.

 

الأهمية الاقتصادية للقطاع

واقع قطاع النقل الجوي بشكل عام دفع الاتحاد الدولي للنقل الجوي "إياتا" إلى مناشدة الحكومات في منطقة أفريقيا والشرق الأوسط تقديم الدعم العاجل لشركات الطيران التي تحاول مواصلة عملها في ظل التراجع الحاد بمستوى الطلب بعد تفشي فيروس كورونا حول العالم، مطالباً الحكومات بأن تدرس على وجه السرعة تقديم المساعدة لشركات الطيران لإعانتها على مواجهة أزمة السيولة.

المطالبة بدعم حكومي لقطاع الطيران لم تقتصر على الاتحاد العربي للنقل الجوي، إذ طالب به أيضاً المدير العام والرئيس التنفيذي للاتحاد الدولي للنقل الجوي ألكساندر دي جونياك الذي شدد على أن شركات الطيران تحتاج إلى مساعدات طارئة من قبل الحكومات تقدر بنحو 200 مليار دولار. ولاقى جونياك في هذا الطلب نائب رئيس الاتحاد الدولي للنقل الجوي "إياتا" لمنطقة أفريقيا والشرق الأوسط محمد البكري بقوله إن شركات الطيران في الشرق الأوسط تواجه خسائر متزايدة في الإيرادات تقدر بنحو 7.2 مليارات دولار، وناشد الحكومات في المنطقة تقديم الدعم العاجل لهذه الشركات لمساعدتها على مواجهة أزمة السيولة.

وفي سياق الرد على هذه المطالبات، يتوقع تفاحة أن تدعم الحكومات العربية القطاع في نهاية المطاف وإعادة النظر ببعض الأولويات لتنشيط الدورة الاقتصادية. فالكثير من الحكومات العربية تعتمد على السياحة كمساهم رئيسي في النمو الاقتصادي وإيجاد فرص عمل. ويضيف: "إن الاتحاد العربي للنقل الجوي خاطب الحكومات العربية من خلال سلطات الطيران المدني ووزراء النقل، حيث تمّ وضع لائحة محددة بالاقتراحات التي نتمنى على الحكومات أن تأخذ بها، منها أولاً: توفير السيولة من خلال تسديد مستحقات شركات الطيران المتعلقة بالسفر والشحن. ثانياً: الإعفاء من الضرائب ورسوم المطارات لفترة زمنية محددة والنظر بقوانين حقوق المسافرين كالتعويض المالي على الغاء الرحلات، خصوصاً أن الحكومات هي التي تعطي الأوامر حالياً بوقف التشغيل، وثالثاً: توفير الدعم والمساعدة على تغطية تكاليف عمليات التعقيم للطائرات التي سوف تستمر حتى مع انحسار انتشار الفيروس".

إجماع على الحاجة إلى الدعم الحكومي

يساهم قطاع النقل الجوي والقطاعات المعتمدة عليه كالسياحة في العالم العربي بنحو 8.7 في المئة من الناتج القومي، بينما تصل النسبة في العالم إلى 3.2 في المئة، كما يساهم بتوظيف نحو 7 في المئة من اليد العاملة، إذ يصل عدد العاملين في شركات الطيران إلى نحو 150 ألف موظف بحسب تفاحة، ويرتفع الرقم للعاملين في القطاعات المتصلة إلى ما بين 3 و 4 ملايين، لذلك، من الضروري أن تبادر الدول العربية إلى دعم هذا القطاع. ويعطي مثالاً على ذلك بالقول، في لبنان كان قطاع السياحة والسفر يساهم بنسبة 14 في المئة من الناتج المحلي، وفي الإمارات بنحو 12 في المئة، وفي المغرب بنحو 12 في المئة وفي مصر 9 في المئة، وبالاستناد إلى هذه الأرقام، يشدّد تفاحة على ضرورة دعم شركات الطيران لسببين رئيسيين، أولاً لما توفّره هذه الشركات من وظائف وبناء شبكة أمان اجتماعي للعاملين فيها ولما يمتلكه هؤلاء من قدرات ومهارات وظيفية ليس من السهل تعويضها، ثانياً: لأن هذه الأزمة سوف تمر عاجلاً ام آجلاً وكل دولة بحاجة الى شركة الطيران الوطنية للمساهمة في عملية التنمية الاقتصادية.

ويختم عبد الوهاب تفاحة بالقول: "نحن لا نقول تغطية الخسائر بل الدعم والمساعدة، فالشركات سوف تحتاج الى أن تتخذ الحكومات بعض الإجراءات التحفيزية وتوفير تمويل ميسر، إضافة إلى اجراءات عدة يمكن أن تتخذ طلب مساعدات مالية مباشرة التي نأمل ان لا نصل إليها".