المشاريع الصغيرة والمتوسطة الكويتية: لخطة إنقاذ بمواجهة كورونا

  • 2020-03-26
  • 17:30

المشاريع الصغيرة والمتوسطة الكويتية: لخطة إنقاذ بمواجهة كورونا

خسائر القطاع تجاوزت 80 في المئة

  • الكويت - عاصم البعيني

يدور في كواليس الحكومة الكويتية نقاش حول خطة للتحفيز الاقتصادي في مواجهة فيروس كورونا، يكون قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة محورها، وقد بدأت ملامحها بالتبلور مع قرار اتحاد مصارف الكويت بتأجيل الأقساط المترتبة على الشركات العاملة في هذا القطاع لمدة 6 أشهر على أن تتحمل المصارف نفسها فوائد التأخير، ويأتي ذلك في الوقت الذي ينتظر فيه أن تقرّ الحكومة خطة لدعم القطاع على غرار تلك المقدمة في السعودية والخاصة بالمنشآت المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة والبالغة نحو 5 مليارات دولار.

ولرصد الأولويات التي يتطلع أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة إلى تضمينها في الخطة الحكومية التي يجري العمل عليها، إستطلع "أولاً-الاقتصاد والأعمال" آراء بعض ممن قدموا توصيات إلى الجهات المعنية في محاولة لرسم صورة واضحة عنها في ظل التداعيات التي تركها تفشي فيروس كورونا على مختلف القطاعات الاقتصادية في البلاد.

 

ما الذي يريده بعض أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة

من خطة الدعم الحكومية؟

 

مع تصاعد وتيرة تفشي فيروس كورونا والإجراءات الحكومية الاحترازية المتخذة، تعرّض قطاع "المشاريع الصغيرة والمتوسطة" في الكويت إلى "نكسة"، إذ أصيب بأضرار كبيرة طالت بصورة خاصة مجال المطاعم والضيافة والخدمات الذي حلّ في مقدم المتضررين، ومردّ ذلك، إلى أن شريحة واسعة من هذه المشاريع تأثرت بأزمة كورونا أكثر من سواها، علماً أنها كانت قد استفادت حديثاً من خدمات الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

وفي هذا السياق، يقول مدير عام شركة "امتداد" داود معرفي إن "قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة تعرّض إلى ضربة قاضية في ظل التداعيات التي تركها انتشار فيروس كورونا"، مشيراً إلى أنه بادر ومجموعة من أصحاب المشاريع إلى تقديم تصوّر شامل إلى غرفة التجارة والصناعة حول الأولويات والإجراءات الحكومية التي يمكن اتخاذها، خصوصاً أن أزمة كورونا جاءت بعد نحو ثلاث سنوات على وضع الأطر التشريعية لدعم القطاع من خلال تأسيس الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ما وضع القطاع أمام تحديات كبيرة، وذلك على الرغم من ان السنوات الأخيرة كانت قد شهدت تفاعلاً لافتاً للإنتباه من قبل الجهات الحكومية مع المطالب التي كان يرفعها "المبادرون" بين الفينة والأخرى.

 

داود معرفي: توفير تسهيلات للمشاريع الصغيرة والمتوسطة ومعالجة الإيجارات والرواتب 

 

من اللحم الحي 

هذه الصورة العامة التي يرسمها معرفي، يؤكدها واقع شريحة واسعة من أصحاب المشاريع ومن بينهم صاحب مشروع Mini Dilights  عبد الله الخنجي الذي يقول: "في ظل التداعيات المتسارعة التي تركها الفيروس أصبنا بخسائر جسيمة، وصلت في شركاتنا خلال الشهر الحالي إلى نحو 80 في المئة"، مضيفاً باللهجة العامية: "بتنا نصرف من اللحم الحي".

بدوره، يشير مؤسس العلامة التجارية Deer & Dear وعضو مجلس إدارة الجمعية الكويتية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة محمد العنجري إلى أن مبيعات شركته اقتربت من الصفر خلال هذه المرحلة "فنحن لا نبيع إطلاقاً"، كما إن الإجراءات المتخذة دفعتنا إلى إغلاق 6 فروع في الكويت، وكذلك هي الحال في السعودية بعد صدور القرارات بالإغلاق قبل أيام. 

ويستكمل الخنجي حديثه بدعوة أصحاب المشاريع المبادرة إلى خطوات تخفض التكلفة التشغيلية في مقدمها إغلاق الفروع غير المنتجة، مشيراً إلى أنه بادر كصاحب علامة تجارية إلى إعفاء أصحاب حقوق الامتياز في كل من السعودية والإمارات والبحرين من رسم الامتياز الشهري وغيرها من المصاريف، وإن كان يصح في هذه الإجراءات قاعدة "لا تسمن ولا تغني من جوع".  

 

محمد العنجري: عدم تدخل الحكومة يولّد نزاعات قانونية "كورونية" 

 

لحل معضلة الإيجارات  

تأتي بدلات الإيجار في مقدم التكاليف التشغيلية لدى المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وهنا يقول الخنجي إنه لا بدّ أن يبادر أصحابها إلى اتخاذ خطوات لخفض هذه التكاليف وفي مقدمها الإيجارات عبر إغلاق الفروع غير المنتجة. هذه النقطة تستوقف معرفي الذي يشير إلى أن شريحة واسعة من أصحاب المشاريع ولاسيما ممن بدأوا حديثاً في مشاريعهم، لن يكون بمقدورهم سداد بدل إيجاراتهم، مقترحاً إعفاء جميع أصحاب المشاريع من بدلات الإيجار المترتبة عليهم لمصلحة أصحاب العقارات لمدة 3 أشهر على الأقل، إضافة إلى عدم تفعيل تمديد أقساط القروض الذي منحته الدولة إلى أصحاب العقارات لدى المصارف إلا بعد التأكد من تنفيذ هذا البند. ويدعم العنجري هذا المقترح مشيراً إلى أن بعض المجمعات حيث تتواجد أفرع شركته بادرت إلى خفض بنحو 25 في المئة، في حين أن مجمعات أخرى منحت شهراً مجانياً، ويضيف أنه من السهولة بمكان أن تبادر الحكومة إلى تنفيذ هذا المقترح ولاسيما أن هناك الكثير من المجمعات تملكها هيئات حكومية أو تساهم فيها بطريقة استثمارية مؤسسات عدة تابعة لها، في حين أن المجمعات العائدة لشركات خاصة يمكن أن تلجأ الحكومة إلى تأجيل القروض المترتبة عليها من دون فوائد وإعفاء أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة تلقائياً من عبئها. 


عبء آخر    

بدورها، تشكل رواتب الموظفين معضلة ثانية في تكاليف التشغيل، وعليه، يوضح الخنجي أنه بادر بشكل طوعي وعلى مستوى شركته في الكويت إلى خيار خفض الرواتب بعد التوصل إلى اتفاق ودي مع الموظفين وبإرادتهم التامة نظراً الى توقف الاعمال، موضحاً أن الخفض يضمن لهم المحافظة على مستوى عيش كريم والوفاء بالتزاماتهم تجاه عائلاتهم في دولهم، وفيما يؤكد العنجري التزام الشركة برواتب الشهر الحالي، يوضح أنه سيكون من الصعب توفير رواتب الأشهر المقبلة، كاشفاً عن أن أصحاب شركات أخرى أبلغوه بعدم قدرتهم حتى على سداد الشهر الحالي.
وهنا، يعود معرفي إلى المبادرة في تقديم مقترح آخر من خيارين: إما أن تبادر الحكومة إلى تحمّل 75 في المئة من رواتب المشاريع الصغيرة أو المتوسطة، أو أن تضفي المزيد من المرونة على الإجراءات الخاصة بالرواتب من بينها منح أصحاب الأعمال من اللجوء إلى خيار خفض الرواتب أو إنهاء الخدمات من دون تحمّل صاحب العمل لكل الالتزامات المنصوص عليها في القوانين نظراً الى الظروف القاهرة. 
 

 

عبد الله الخنجي: لجنة مشتركة بين الجهات الحكومية وأصحاب المشاريع المختلفة  

 

لجنة مشتركة فورية  

من جهة أخرى، يقول العنجري إن مبادرة الحكومة إلى معالجة التداعيات الحاصلة يعفيها من مواجهة أي نزاعات قانونية مستقبلية ذات طابع "كوروني" بين المستأجرين من ملاك العقارات وأصحاب المشاريع وكذلك بين هؤلاء والموظفين، ولكن هذه المرة في أروقة وزارة العدل ومحاكمها على غرار ما هو حاصل في أجهزة وزارة الصحة اليوم، وفي هذا السياق، يطالب معرفي بوقف الإجراءات التي تقضي بحبس المتخلفين عن سداد اقساطهم من اصحاب المشاريع الممولين من الصندوق. هذا التحذير الذي يطلقه العنجري يوافق عليه الخنجي موضحاً أن قطاع المطاعم والضيافة الذي استقطب إليه نسبة كبيرة من استثمارات المشاريع الصغيرة والمتوسطة بات قطاعاً قائماً في حد ذاته وشكّل مصدراً لشريحة واسعة من الوظائف، كما إنه لعب دوراً مهماً في دعم السياحة وشجع مواطني دول الخليج على زيارة الكويت، مشيراً إلى أن عدم تدخل الحكومة سيؤدي إلى ارتفاع مستويات البطالة وعدد طالبي الوظائف ما يرتد مجدداً على الحكومة، ولكنه يعبّر في الوقت نفسه، عن ارتياحه للمعطيات السائدة عن توجه الحكومة لوضع خطة اقتصادية تأخذ في الاعتبار هواجس المبادرين. ويلفت الخنجي النظر إلى ضرورة تشكيل لجنة تضم أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة وممثلين عن الوزارات الأساسية والهيئات المعنية بالقطاع على أن تتولى دراسة الحالات كل على حدة سواء معالجة القروض المترتبة على أصحاب المشاريع أو بدلات الإيجارات والرواتب. 


تسهيلات وقروض تجسيرية   

ويخلص معرفي إلى إضافة مطلب ثالث يقضي بمنح تسهيلات أو قروض تجسيرية لأصحاب المشاريع لا تتجاوز الـ 10 في المئة من إجمالي الإيرادات المحققة على أساس شهري خلال العام الماضي، على أن يجري سدادها بعد عام من الحصول عليها ولفترة لا تتجاوز الخمس سنوات.

وفيما يعبّر الخنجي عن تفاؤله بالخروج بنجاح من هذه الأزمة، مستذكراً نجاح الكويت في التغلب على أزمات سابقة، على قاعدة أن الكويتيين اعتادوا التكاتف في وقت الأزمات ونجحوا في الخروج منها، يدعو الحكومة إلى السحب من صندوق الأجيال المقبلة على "قاعدة القرش الأبيض لليوم الأسود".

ويضاف إلى هذه المطالب، بعض البنود التفصيلية منها على سبيل المثال إسقاط مبدأ ملاحقة المتعثرين من أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة المستفيدين من تمويلات الصندوق الوطني للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتأجيل تحصيل الرسوم الجمركية على الواردات وسداد بعض رسوم الخدمات الحكومية والرسوم البلدية المستحقة على القطاع الخاص لمدة ثلاثة أشهر، ووضع المعايير اللازمة لتمديد فترة التأجيل لأكثر الأنشطة تضرراً، مع تفويض وزير المالية بالموافقة على الإقراض وأشكال التمويل الأخرى والإعفاء من دفع الرسوم والعوائد على القروض الممنوحة حتى نهاية العام الحالي.