عتيقة لـ "أولاً- الاقتصاد والأعمال": الجائحة أثبتت صحّة خياراتنا الاستراتيجية

  • 2021-02-14
  • 10:45

عتيقة لـ "أولاً- الاقتصاد والأعمال": الجائحة أثبتت صحّة خياراتنا الاستراتيجية

حوار مع الرئيس التنفيذي لشركة "أبيكورب"

  • المنامة- عاصم البعيني
قدمت الشركة العربية للإستثمارات البترولية (أبيكورب) – مؤسسة مالية تنموية متعددة الأطراف تركز على قطاع الطاقة والصناعات البترولية – على مدى السنوات القليلة الماضية نموذجاً ناجحاً وفعالاً في تمويل مختلف مشاريع الطاقة والصناعات البترولية في المنطقة العربية، واستفادت الشركة من مرونة نموذج عملها للتوسع في التمويل والاستثمار والتوجه نحو المشاريع المرتبطة بالطاقة النظيفة والمتجددة، وكذلك توسيع دور القطاع الخاص العربي، إلى جانب نجاحها من خلال استثماراتها المتنوّعة في استقطاب الشركات الأجنبية المتخصصة للاستثمار في مشاريع حيوية. 

هذه الإنجازات، والتي كلّلها أداء "أبيكورب" خلال جائحة كورونا، تمثّلت بالعودة للاقتراض من الأسواق الدولية وإصدار سندات حقّقت مؤشرات قياسية مقارنة بما حقّقته مثيلاتها المُصْدَرة من جهات حكومية سياديّة وشبه سياديّة، ما عكس ثقة المستثمرين بأداء الشركة وصلابتها المالية ورؤيتها المستقبلية.

 "الاقتصاد والأعمال" التقى الرئيس التنفيذي لـ "أبيكورب" د.أحمد علي عتيقة الذي توقع أن يسجل صافي الدخل للعام 2020 نمواً ما بين 3 إلى 5 في المئة مقارنة مع العام 2019، وذلك على الرغم من تداعيات الأزمة المركّبة التي عصفت في العالم خلال العام 2020 والمتمثّلة في الجائحة وانهيار أسعار النفط والتداعيات المالية والاقتصادية المصاحبة. 

 

تركيز أكبر على الدول الأكثر تأثراً بالجائحة وتخصيص تمويل إضافي لها  


يقول د. عتيقة إنه لم تطرأ تغييرات جذرية على استراتيجية الشركة مع تفشي جائحة كورونا، سواء في شقّها الاستثماري أو التمويلي، مشيراً إلى أن عملية تقييم داخلية سريعة أجريت للبحث في إمكانية تعديل التوجهات التشغيلية. ويخلص إلى القول إن الرأي استقر بالتشاور مع مجلس الإدارة على الاستمرار في الخطط عينها، سواء على مستوى محفظة الاستثمار أو التمويل والتمويلات الموجهة للمشاريع.

ويضيف: "ومع ذلك، فقد أصبح هناك تركيز أكبر على الدول الأكثر تأثراً بتداعيات الجائحة، حيث تقرر تقديم تمويلات إضافية (Countercyclical Financing) لدعم مشاريع الطاقة الحيوية في تلك الدول والتي أثّرت الأزمة المركّبة سلباً على سرعة تنفيذها أو قدرتها على الحصول على التمويل". 

 

لم نسجل حالات تعثر في محفظة التمويل

ونراقب الجودة الائتمانية لبعض الشركات الخاصة الممولة 


الجائحة والتداعيات 

أما في ما يتعلق بتداعيات الجائحة على الأداء التشغيلي، فيميّز د. عتيقة بين أداء المحفظة الاستثمارية ومحفظة التمويل، مشيراً إلى أن تأثير الجائحة أدى إلى تراجع القيمة العادلة لبعض الاستثمارات، خصوصاً تلك الموظفة في شركات البتروكيماويات، وذلك نتيجة تراجع أسعار النفط. 

في المقابل، فإن محفظة التمويل حافظت على تماسكها، وذلك لكون نسبة كبيرة من المقترضين يمثلون جهات حكومية سيادية، وبالتالي لم تُسجَّل أي حالات تعثر أو سداد في القروض الممنوحة من قبل أبيكورب لعملائها. أما في يتعلق بالتمويل الممنوح للقطاع الخاص، فتجري عن كثب مراقبة بعض الحسابات التي تعتبر أكثر عرضة لمخاطر التعثر مستقبلاً. 

 

من المتوقع نمو الأصول بنحو 5 في المئة في نتائج العام الماضي 

 

نمو إيجابي في نتائج 2020 

استناداً إلى هذه المعطيات الإيجابية، يكشف د. عتيقة أن الشركة مستمرة في أدائها المالي الإيجابي، إذ من المتوقع أن يرتفع صافي الدخل عن العام 2020 بما يتراوح ما بين 3 إلى 5 في المئة مقارنة بالمسجل في العام 2019 حيث بلغ نحو 112 مليون دولار، كذلك، من المتوقع نمو الأصول بنحو 5 في المئة. 

حرص على الموازنة بين الدور التنموي وتحقيق الربحية


اختبار رغبة الأسواق والمستثمرين 

على الرغم من التحديات التي فرضتها تداعيات الجائحة، إلا أنها شكّلت بالنسبة لـ "أبيكورب" فرصةً لاختبار متطلبات الأسواق ورغبة المستثمرين. وبدافع المحافظة على سيولة مرتفعة في مواجهة أية تطورات ناتجة عن الجائحة وتوفير التمويل الإضافي لعملائها، جاء قرار التوجه للأسواق المالية من خلال إصدارين من السندات لمدة 5 سنوات. فكان الإصدار الأول، بنحو 750 مليون دولار في شهر حزيران/يونيو الماضي، تلاه إصدار ثانٍ بقيمة 250 مليون دولار في شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

وقد سمح هذان الإصداران للشركة بترسيخ متانتها المالية لمواصلة دورها التنموي الحيوي المتمثل في دعم التنمية المستدامة لقطاع الطاقة في المنطقة العربية عبر تمويل الشركات والمشاريع والاستثمار فيها إلى جانب تمويل شركات صغيرة ومتوسطة متخصصة في القطاع. 

 

وكالة فيتش أعادت التأكيد على التصنيف عند AA في خضم أزمة الجائحة


بالإضافة إلى ذلك، يشير د. عتيقة أن هذين الإصدارين اكتسبا أهمية خاصة بالنسبة لـ"أبيكورب" لاختبار رغبة المستثمرين وردة فعل الأسواق. فمن جهة، كان من الضروري التمهيد لهما بالحصول على تصنيف ائتماني جديد يضاف إلى تصنيف وكالة (Moody’s) التي أعادت التأكيد على تصنيفها عند درجة "Aa2" في بداية ظهور الجائحة. وقد تحقق ذلك عبر حصول ابيكورب على تصنيف جديد "AA" من الدرجة نفسها من وكالة (Fitch) في خضم الأزمة، ما يجعل "ابيكورب" المؤسسة المالية العربية الوحيدة في المنطقة التي تحمل هذين التصنيفين حالياً. 

 

إصدارات الشركة من السندات في زمن الجائحة

استقطبت شرائح جديدة من جهات سيادية ومصارف مركزية ومؤسسات دولية 


أما العنصر الثاني والأهم، فتمثل في نجاح الشركة العربية للاستثمارات البترولية (أبيكورب) في استقطاب شرائح جديدة من المستثمرين تختلف عن تلك التي كانت تشارك في إصداراتها السابقة، وذلك نظراً الى كون هذه الشريحة الجديدة من المستثمرين كالمصارف المركزية والمؤسسات المالية الدولية وصناديق الثروة السيادية التي تعتمد في اختيار استثماراتها على المتانة المالية للمؤسسات المصدّرة وليس بالضرورة على تسعيرها.

 

أدنى تسعير لسندات في المنطقة مقارنة بجهات سيادية

والطلب على الإصدار الأخير تجاوز 250 في المئة من المعروض

 


كذلك، تميزت هذه الإصدارات بالتسعير الأقل على مستوى المنطقة، إذ حظي الإصدار الأول بعلاوة إصدار بلغت 110 نقاط أساس والثاني 90 نقطة أساس. ويخلص د. عتيقة إلى القول إن مستويات التسعير كانت عاملاً حاسماً في نقل تصنيف أدوات ابيكورب المالية إلى مصاف الأدوات السيادية (SSA Investors)، وهو ما أكده إصدار السندات الأخير بقيمة 750 مليون دولار في شهر شباط/فبراير الحالي، والذي حقق علاوة إصدار بلغت 69 نقطة أساس فقط، حيث بلغت قيمة طلبات الشراء على الإصدار أكثر من ملياري دولار من قبل 65 مستثمراً من حول العالم، بينهم نحو 82 في المئة منهم من خارج منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فيما تجاوزت نسبة التغطية 250 في المئة، مما يعكس ثقة المستثمرين بـ "أبيكورب" على الرغم من الظروف الصعبة السائدة في الأسواق. 

 

تستحوذ مشاريع الطاقة المتجددة على حيز مهم من محفظة تمويل "أبيكورب" ... ومجمع الشيخ محمد بن راشد نموذجاً 

 

 

17 في المئة من التمويل موجهة لمشاريع في الطاقة المتجددة

حيّز مهم للطاقة المتجددة      

وفي سياق خطط التحديث والتطوير التي شهدتها "أبيكورب" على مدى السنوات القليلة الماضية تحت قيادة د. عتيقة، كان هناك حرص على تخصيص نسبة أكبر من التمويل لصالح شركات ومشاريع الطاقة النظيفة والمتجددة. 

وفي هذا السياق، يوضح د. عتيقة أن هذه الشريحة من المشاريع باتت تستحوذ على نحو 17 في المئة من إجمالي المحفظة الاستثمارية والتمويلية لـ"أبيكورب"، مشيراً إلى أن التركيز على هذا الجانب يأتي في سياق دعم رؤى حكومات المنطقة لتنويع مصادر الطاقة ودعم إدخال الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة بما يساهم في إيجاد توازن مستدام بين مصادر الطاقة التقليدية والمتجددة، إلى جانب دعم جهود خفض الانبعاثات الضارة في المصادر التقليدية. 

 

التوجه لتمويل الطاقة المتجددة

لا يعني أنه لن يكون هناك حاجة للمصادر التقليدية


هذا، وتلعب "أبيكورب" دوراً حيوياً في دعم مشاريع عدة بارزة ضمن هذا التوجه، سواء من حيث الإقراض أو الاستثمار المباشر. وقد بادرت بطرح حلول تمويلية مبتكرة تناسب مثل هذه الشريحة من المشاريع، بينها على سبيل المثال الاستثمار في مشروع محطة الطفيلة لطاقة الرياح في الأردن بالشراكة مع شركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر"، وتمويل مشروع المرحلة الخامسة من مجمع الشيخ محمد بن راشد للطاقة الشمسية في دبي بقيمة 70.5 مليون دولار، ومشروع أول محطة مستقلة لمعالجة المياه في السعودية بقيمة 40 مليون دولار وغيرها من المشاريع المهمة.


ويشدد د. عتيقة على أن هذا التوجه لا يعني مطلقاً أنه لن يكون هناك حاجة مستقبلاً للطاقة التقليدية أو أنه سيتم الاستغناء عنها كلياً. في المقابل، فإن مصادر الطاقة التقليدية باتت مطالبة بالمزيد من الالتزام بالشروط البيئية والحدّ من الانبعاثات الكربونية وسواها من المعايير الأخرى، وقد اتخذت كل من السعودية والإمارات على سبيل المثال بالفعل خطوات حثيثة في هذا المجال من خلال برامج طموحة ومشاريع مهمة وحيوية. 

 

نجحنا في تمويل مشاريع شركات عربية في دول أوروبية عدة

وندعم توجهات شركات سعودية وإماراتية لدخول أسواق آسيوية وأفريقية

 

 

دعم الجهود التوسّعية للشركات 

كذلك، تركزت الجهود التشغيلية لـ"أبيكورب" خلال السنوات القليلة الماضية على دعم جهود شركات القطاع الخاص الراغبة بالتوسع إلى أسواق غير تقليدية. ويوضح د. عتيقة أن الشركة وفرت تمويلاً لشركات من القطاع الخاص العربي لديها مشاريع في أوروبا، وذلك على عكس التوجه التقليدي الذي ساد على مدى عقود في المنطقة، إذ جرى استقطاب لاستثمارات أوروبية وأميركية في قطاع الطاقة. وقد تجلى ذلك على سبيل المثال عبر التمويل الممنوح لشركة الفنار لتنفيذ مشاريع خاصة بالطاقة المتجددة في اسبانيا، كذلك تدعم "ابيكورب" الجهود والخطط التوسعية لجهات وشركات من السعودية والإمارات للتوجه الى اسواق غير تقليدية في كل من أفريقيا وآسيا الوسطى ولاسيما في أذربيجان وأوزبكستان، كان من آخرها إبرام صفقات لتمويل المشاريع المستقبلية لكل من شركة "سراج باور" (SirajPower) بقيمة 50 مليون دولار، وشركة "يلو دوور إينيرجي" (Yellow Door Energy) بقيمة 50 مليون دولار، وشركة "أكوا باور" (ACWA Power) بقيمة 125 مليون دولار بغرض التوسّع الإقليمي لأعمالهما.
 

 

استقطاب شركات أجنبية متخصصة في تكنولوجية الطاقة إلى المنطقة

 

وفي السياق نفسه، لعبت "أبيكورب" دوراً مهماً من خلال محفظتها الاستثمارية في استقطاب شركات أجنبية متخصصة في مختلف مجالات الخدمات النفطية إلى المنطقة، كفيلة بأن تحقق قيمة مضافة للصناعة، عبر استعانتها بالتكنولوجيا الحديثة، من بينها على سبيل المثال شركة "أشتيد تكنولوجي" (Ashtead Technology)، من المملكة المتحدة والمتخصصة في تقنيات المعدات والخدمات البحرية لقطاع النفط والغاز.  

تركيز على 5 محاور

    دور حيوي لابيكورب في إعادة بناء قطاع الطاقة في دول عربية خارجة من نزاعات 

ومهتمون بمشاريع الربط الكهربائي في المنطقة  

 

ويخلُص د. عتيقة إلى أن استراتيجية ابيكورب للمرحلة المقبلة تتركز على المحاور التالية:

  1. الأول: توفير التمويل للدول الأعضاء المساهمة في الشركة، لتنفيذ المشاريع المتعلقة بتحول الطاقة (energy transition)، لاسيما المتعلقة بالصناعات البترولية ومصادر الطاقة الأخرى، بما يدعم جهود هذه الدول بتنويع مزيج ومصادر الطاقة لديها.
  2. الثاني: توفير التمويل لشركات القطاع الخاص المتخصصة في مجال الطاقة والتي تعد في بداية التوجه نحو الطاقة المتجددة، ولاسيما الشركات الصغيرة والمتوسطة منها.
  3. الثالث: التركيز على شريحة الدول التي عانت من نزاعات وحروب، إذ يتوقع أن يكون للشركة دور مهم في تمويل إعادة بناء قطاع الطاقة وتطويره، كما هي الحال مع العراق وليبيا وسوريا، معتبراً أن تواجد مؤسسة تنموية كجهة تمويل من شأنه أن يشجع شركات قطاع الطاقة على الدخول في هذه المشاريع.
  4. الرابع: توسيع قاعدة الشراكات الاستراتيجة لابيكورب مع المؤسسات المالية الإقليمية والدولية في كل ما يتعلق بدعم قطاع الطاقة وتسهيل وصوله إلى التمويل المستدام.
  5. الخامس: الاستمرار في تطوير وتحديث ابيكورب على الصعد كفة امن حيث المهارات والأنظمة والسياسات وتكنولوجيا المعلومات بالشكل الذي يتناسب مع الممارسات الفضلى وإحداث التجديد المستمر.