هل يتجاوز لبنان "عقبة" القطاع العام بـنزع "الأقنعة الشعبوية"؟

  • 2020-11-03
  • 08:33

هل يتجاوز لبنان "عقبة" القطاع العام بـنزع "الأقنعة الشعبوية"؟

هيكلة القطاع العام مهمة " كأداء" أمام حكومة "المهمة"

  • علي زين الدين


تشكل كتلة القطاع العام في لبنان وكلفته واحدة من العقبات المستعصية التي يشترط صندوق النقد الدولي مقاربتها بجرأة معززة بتوافق داخلي عريض ضمن أي خطة لإيقاف التدهور الاقتصادي والعودة إلى التعافي، ولاسيما بعد ان تقطعت السبل بالقطاع الخاص واضطر إلى تحييد أكثر من نصف طاقاته التشغيلية، وانضم ما لا يقل عن 400 ألف من العاملين في شركاته الصغرى والمتوسطة والكبرى الى صفوف البطالة التامة و\ أو الجزئية.

 

قد يهمك:
لبنان: "الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي" يعيد هيكلة مجلس إدارته

 

واذ سيتعذر قريباً، وإلى حين، وقف التدهور وتبلور مبادرة حكومية انقاذية مدعومة خارجياً تتيح الشروع بتنفيذ خطة موازية لإعادة هيكلة مجمل الأنشطة في القطاع الخاص الرازحة تحت وطأة الأحمال الثقيلة، والتي تفشت لتضرب عمق المناعة المكتسبة للجهاز المصرفي والمالي، تؤكد مصادر متابعة للمفاوضات السابقة مع الصندوق ومع المانحين الخارجيين (سيدر وأخواته)، أن "خلع الأقنعة الشعبوية " صار قدراً محتماً على القوى السياسية جمعاء لسلوك مسار التصويب عبر تأمين التغطية لإقدام الحكومة على إعادة هيكلة إداراتها ومؤسساتها وإزالة الحشو التوظيفي بكل أشكاله وابتكاراته، والذي مارسوه تحت القوانين الحاكمة وفوقها في كل مؤسسات الإدارة والمصالح المستقلة والصناديق، بعد ان أمعنت بنسب متفاوتة في تضخيم حجم التوظيفات والتنفيعات.

 

الكلفة الاجمالية للرواتب والأجور تتشارك

مع خدمة الدين في استهلاك مجمل ايرادات موازنة لبنان

 

فالكلفة الاجمالية لبند "الرواتب والأجور وملحقاتهما" تناهز نحو 6.5 مليارات دولار بالسعر الرسمي الساري، وكانت منتصف العام الماضي توازي نحو 13 في المئة من الناتج المحلي، وتتشارك مع خدمة الدين (اصول وفوائد) في استهلاك مجمل إيرادات الموازنة، وحصتها الافرادية تبلغ  55 في المئة من إجمالي الإنفاق الأوّلي لغاية شهر حزيران/يونيو 2020، مقابِل 45.58 في المئة في الفترة نفسها من العام السابق. وبذلك بقي باب الاستدانة بالليرة وبالدولار مشرعاً على مصراعيه لسدّ عجز مستدام في الموازنة وتغطية فجوات تمويل عجز الكهرباء وسواها، بينما يتدنى الانفاق الاستثماري النافع للاقتصاد ونهوضه الى حدود شبه صفرية.

وارتقى "البند" ليقفز إلى مستوى قريب من ربع الناتج، مع توالي الانهيارات منذ خريف العام الماضي، والانحدار الحاد في قيمة الناتج بنسبة 7 في المئة العام الماضي و25 في المئة مرتقبة للعام الحالي، ومع توقع تواصل التقلص بنسبة 13 في المئة العام المقبل. لكن الأشد ايلاماً يتمثل في التقلص الحاد لموارد الخزينة الأساسية، حيث تراجعت إيرادات الاتصالات بنسبة 54.5 في المئة خلال الأشهر الخمسة الأولى، وانكمشت إيرادات الضريبة على القيمة المضافة بنسبة 51.1 في المئة وتدنت الإيرادات الجمركية بنسبة 37.9 في المئة.

 

احصاءات وزارة المالية

 

وبالاستناد الى أحدث الاحصاءات الصادرة عن وزارة المالية اللبنانية، فقد زاد الإنفاق على المخصَّصات والرواتب والأجور والتقديمات الإجتماعيّة، والذي شَكَّل الحصّة الأكبر (62.46 في المئة) من مجموع الإنفاق على المخصَّصات والرواتب وملحقاتها، بنسبة 8.5 في المئة على المقياس السنوي إلى ما يزيد قليلاً على الملياري دولار خلال النصف الأول من العام الحالي، وذلك نتيجة زيادة مخصّصات التقديمات الاجتماعيّة بنسبة 98.12 في المئة إلى نحو 350 مليون دولار وارتفاع كلفة المخصّصات الأُخرى بنسبة 59.66 في المئة إلى 126 مليون دولار.

وتحققت هذه الزيادات على الرغم من التراجع الطفيف في مخصّصات الرواتب والأجور بنسبة 3.55 في المئة لتصل الى 1476 مليون دولار للنصف الأول من السنة، وانخفاض كلفة التعويضات بنسبة 9.65 في المئة لتبلغ نحو 68 مليون دولار، فضلاً عن انكماش النفقات على معاشات التقاعد وتعويضات نهاية الخدمة، والتي تشَكل 32.89 في المئة من مجموع الإنفاق على بند المخصصات والرواتب وملحقاتها، بنسبة 14.38 في المئة سنويّاً إلى نحو 1075 مليون دولار.

 وارتفعت التحويلات إلى مؤسّسات عامّة لتغطية رواتب (حصتها توازي نحو 4.65 في المئة من مجموع الإنفاق على المخصّصات والرواتب وملحقاتها) بنسبة 6.51 في المئة سنويّاً إلى نحو 152 مليون دولار.