الثورة الصناعية الرابعة في خدمة الاقتصاد الدائري

  • 2020-08-27
  • 09:25

الثورة الصناعية الرابعة في خدمة الاقتصاد الدائري

  • حنين سلّوم

الثورة الصناعية الرابعة، كما أطلق عليها في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس سنة 2016، هي الحلقة الأخيرة من سلسلة الثورات الصناعية، ووفقاً لـ كلاوس شواب، الرئيس التنفيذي للمنتدى الاقتصادي العالمي، "إن حجم التحوُّل ونطاقه وتعقيداته سيكون مختلفاً عما شهدته البشرية من قبل".

 

إقرأ:

أخطر من القنبلة النووية.. الجيل الخامس ومفاتيح التفوق العالمي

 

إمتازت كل من الثورات الصناعية الثلاث السابقة بابتكار تقني، فقد قدّمت الأولى القوة البخاريّة، المصانع والآلات، وكيماويات الجيل الأول، ثم قدّمت الثانية الكهرباء والفولاذ، الاتصالات البعيدة المدى والعولمة، بينما تمّ ابتكار أول حاسوب في العالم خلال الثورة الصناعية الثالثة التي شهدت أيضاً ولادة الهواتف النقالة والانترنت. وبخلاف الثورات الثلاث السابقة، لا تحمل الثورة الصناعية الرابعة ابتكاراً تقنياً بل تتميز بدمج التقنيات التي تزيل الخطوط الفاصلة بين المجالات المادية والرقمية والبيولوجية.

ترتكز الثورة الصناعية الرابعة على إنجازات الثورة الصناعية الثالثة خصوصاً في شبكة الانترنت والقدرة على تخزين المعلومات وغيرها كونها تمهّد الطريق لتكنولوجيا ناشئة في مجالات عدة منها إنترنت الأشياء، الروبوتات، الذكاء الاصطناعي، الطباعة الثلاثية الأبعاد، المركبات الذاتية القيادة، سلسلة الكتل (Blockchain)، علم المواد، التكنولوجيا الحيوية، تكنولوجيا النانو، والحوسبة الكمومية (quantum computing) وغيرها، وهي التي تجعل المدن الذكية، التعديل الجيني، وارتباط حركة الفرد والمجتمع بالشبكة متاح لا وبل من طبيعة الحياة.

بالطبع، على الرغم من الإيجابيات التي تحملها الثورة الصناعية الرابعة غير إنّها تحمل أيضاً مخاطر منها فقدان فرص العمل واعتماد المتبقية على مهارات عالية وفقدان الخصوصية.

 

إقرأ أيضاً:

نوكيا تصارع لتثبيت موقعها في سوق الجيل الخامس

 

المساهمة في تحقيق الاقتصاد الدائري

 

أدّت الثورات الصناعية السابقة واتباع الاقتصاد التقليدي الذي يرتكز على منهجية: صنّع، استخدم، وتخلّص إلى استنزاف الموارد بسبب الأنشطة البشرية والممارسات التجارية، ومع تزايد مخاطر التغير المناخي نتيجة هذه الممارسات، اكتسب الاقتصاد الدائري أو ما يعرف بالدائرية أهميّة واسعة كونه كأحد أبرز العوامل المؤدية إلى التنمية المستدامة، فهو يقوم على الحدّ من الهدر، ويهدف إلى الاستخدام المستمر للموارد لإنشاء حلقة مغلقة. فكيف تستطيع الثورة الصناعية الرابعة المساهمة في تحقيق الدائريّة؟

يقوم الاقتصاد الدائري على مبدأ فصل عاملي خلق القيمة واستهلاك الموارد بحيث تصبح المنتجات المصنّعة ذات قيمة إضافية أساسيّة، انتاجيّة أعلى، تصلح للتجديد وللاستخدام المستمر وذلك للتخفيف من استهلاك الموارد، وهو قائم على ثلاثة أركان وهي التخلص والتخفيف من الهدر والتلوث، الاستخدام المستمر للمنتجات والموارد وذلك بدلاً من استهلاكها وتلفها، وأخيراً تجديد الأنظمة الطبيعيّة وتحسينها بدلاً من حمايتها فقط.

وفقاً لتقرير نشره PACE)Platform for Accelerating the Circular Economy)، الذي أطلق من قبل أكثر من 40 عضواً منهم المنتدى الاقتصادي العالمي وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، هنالك تحديات عديدة تواجه توسيع نطاق نماذج الأعمال الدائرية، ومن بين هذه التحديات نجد سلاسل القيمة غير الشفافة (opaque value chains)، حيث نفتقد الى الشفافية وهي ضرورية للحصول على قيمة من دورات الحياة المتعددة للمنتجات المصنّعة والموارد المستخدمة، بالإضافة إلى ذلك، تتمثل التحديات الأخرى في التجميع غير الفعّال واللوجيستيات العكسية (reverse logistics) التي تؤدي إلى تلف أو حرق النفايات وذلك فضلاً عن الفرز غير الفعّال.

في الواقع، تستطيع الثورة الصناعية الرابعة إيجاد حلول لبعض من هذه التحديات. لتحقيق المزيد من الشفافية في تدفقات المواد يجب ربط تدفق البيانات الرقمية بتدفق المواد المادي بحيث يلتقط تدفق البيانات الناتج عن دورة حياة المنتج والتي تتضمن مصدر المواد وكيفية تجميعها في منتج وحالة المنتج وملكيته أثناء الاستخدام، ويتحقق ذلك من خلال تزويد المنتجات بجواز سفر رقمي يرافق المنتج على طول السلسلة، ومن ثم ندخل بيانات جواز سفر المنتج في إنترنت المواد (IoM) وهو نظام لامركزي يربط البيانات الخاصة بالمنتجات والمواد من خلال بروتوكول اتصال موحد.

من جهة أخرى، تتم اليوم معالجة الفرز غير الفعال واللوجيستيات العكسية للنفايات من قبل شركات تستخدم منصة روبوتات ذكية لتحسين فرز النفايات غير المتجانسة.،وقد ظهر أن تقنية الاستشعار والروبوتات والذكاء الاصطناعي هي مفتاح تطوير التطبيقات التي ستحدث ثورة في فرز النفايات.