فيروس كورونا يهدّد أرباح ورؤوس أموال شركات التأمين الخليجية

  • 2020-04-30
  • 10:39

فيروس كورونا يهدّد أرباح ورؤوس أموال شركات التأمين الخليجية

  • برت دكاش

إكتفى الرئيس التنفيذي في شركة متلايف MetLife ميشال خلف بالرّد "أن تركيزه منصبّ حالياً على جائحة كورونا"، وذلك لدى تواصل "أوّلاً- الاقتصاد والأعمال" معه للوقوف على رأيه حول تأثير الوباء على نشاط التأمين على الحياة وبرامج الادخار والتقاعد في العالم ومنطقة الشرق الأوسط التي تولى إدارتها لأعوام طويلة.

الواقع العالمي

ليس مستغرباً أن يأتي هذا الجواب من رئيس أكبر شركة تأمين على الحياة في العالم تدير أصولاً مجمعة بلغت 600.0 مليار دولار في نهاية العام 2019، ولديها وجود في أكثر من 40 دولة. فشركات التأمين على الحياة، وفق شركة KPMG، تدير عالمياً أصولاً تتجاوز قيمتها الـ 20 تريليون دولار، نصفها تقريباً هي سندات حكومية هبطت إيراداتها بشكل دراماتيكي، في وقت تضغط الأزمة كذلك، على السندات غير الحكومية، ما يثير مخاوف ائتمانية ويقود ربما إلى المزيد من تخفيض السندات، كما وإنه في موازاة ذلك، ترصد شركات التأمين على الحياة تأثير معدلات الوفيات على محافظها، وإن كانت تأثيرات الوفيات عليها أخف وطأة مما يجري في الأسواق المالية من تقلبات. فهذه التقلّبات تمثّل التحدي الأبرز لقطاع التأمين على الحياة، وذلك بسبب الأصول والمسؤوليات الطويلة الأجل التي تديرها شركات التأمين على الحياة. وتشهد الأسواق في الفترة الأخيرة الكثير من التقلبات، من أسعار صرف العملات وانخفاض قيمتها في عدد من دول العالم بوتيرة لم تشهدها منذ عقود، وحركات الأسهم، ومعدلات الفوائد وتوزع الأرصدة، ما وضع شركات التأمين والمعيدين أمام مخاطر إدارة هذه الأصول إذ إن منحى العائد عليها مسطّح حالياً.

أسواق الخليج

قد يختلف الوضع العالمي عن واقع مناطق جغرافية معينة، وكذلك دول محددة، وذلك تبعاً لحجم انتشار التأمين فيها ونوعه. فما ينطبق من درجة خطر عالية على قطاع التأمين على الحياة في العالم، لا ينطبق بالدرجة نفسها في منطقة الشرق الأوسط، وبالتحديد أسواق الخليج، إذ لا تزال تأمينات الحياة أقل انتشاراً من فروع التأمين الأخرى وأقلها نمواً، وفي حين تغيب الإحصاءات الدقيقة عن حجم سوق تأمينات الحياة في الخليج، إلا أن أحدث التقديرات تشير إلى عدم تجاوزها نسبة 20 في المئة من إجمالي سوق التأمين، مقابل أكثر من 80 في المئة تستأثر فيها فروع التأمين الأخرى.

وعلى الرغم من كون فروع التأمين الأخرى، عالمياً، حتى الصحية منها، لا تواجه المخاطر والتحديات نفسها التي تواجهها تأمينات الحياة، وفق ما أوردت شركة KPMG، إلا أن فيروس كورونا ألقى بثقله على صناعة التأمين في الشرق الأوسط عموماً، والخليج خصوصاً، فقد راجعت موديز لخدمات المستثمرين تقييمها للمخاطر التي تواجه شركات التأمين في دول مجلس التعاون الخليجي، ورفعتها إلى "عالية" من "متوسطة" في خلال الشهور الـ12 إلى 18 شهراً المقبلة، حيث يزيد الإنكماش الإقتصادي الناجم عن تداعيات فيروس كورونا الضغط على قطاع التأمين.

ولفت التقرير النظر إلى أن الأقساط المتدنية ستؤجج المنافسة الموجودة أصلاً في أسواق تأمين دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تعوّل الشركات الصغيرة على الأقساط لزيادة سيولتها. وفي ظل شح السيولة حالياً في الأسواق، فمن المرجح أن تعمد هذه الشركات إلى تخفيض أسعارها لاستقطاب المزيد من الأقساط. والجدير ذكره، أن إقرار التأمين الإلزامي على المقيمين في أكبر سوق تأمين في الخليج، الإمارات، شجّع على دخول لاعبين جدد إلى السوق، رافعين عدد الشركات المرخصة في الدولة إلى 62 شركة تأمين، ما زاد من حدة المنافسة وتآكل أرباح هذه الشركات، وفق ما ذكرت وكالة فيتش في تقرير لها في شباط/ فبراير الماضي، كما ويضع فيروس كورونا شركات التأمين الصحي أمام تحدي تحقيق الأرباح من عمليات الاكتتاب في الأقساط، وذلك بسبب المنافسة في الأسعار والتضخم في الفاتورة الطبية والذي بلغ 12.2 في المئة في العام 2019، وفق فيتش، متجاوزاً عتبة العشرة في المئة للعام الرابع على التوالي.

وفي سياق متصل، يقول أحد المحللين في موديز لخدمات المستثمرين محمد علي لوند أن "فيروس كورونا المستجد، وانخفاض أسعار النفط، أضعفا التوقعات الاقتصادية بشأن دول مجلس التعاون الخليجي، الأمر الذي ستكون له تبعات سلبية على شركات التأمين نتيجة تراجع الطلب على شراء التأمين".

تراجع الربحية

إزاء هذه المستجدات، تواجه ربحية شركات التأمين الخليجية ضغوطات كثيرة ناجمة عن اقتطاع الفوائد من قبل البنوك المركزية، والأداء الضعيف لأسواق الأسهم واحتمال حصول انخفاض في قيمة العقارات ما سيرهق إيرادات استثمارات الشركات، ويضاف إليها، وإن بشكل محدود، ارتفاع المطالبات الناجمة عن إلغاء السفر والأحداث أو تأجيلها ولاسيما تأجيل معرض "إكسبو 2020" الذي كان مقرراً في تشرين الأول/ أكتوبر 2020 إلى العام المقبل، وكان متوقعاً أن يزوره 25 مليون شخص في خلال ستة أشهر، وكانت شركات التأمين الوطنية ستغطي الحدث وتأمين التغطية الصحية لعدد كبير من الزوار الأجانب.

لكن اللافت للانتباه، وفق تقرير موديز، أن شركات التأمين في المنطقة مكشوفة، وإن بنسب متفاوتة بين شركة وأخرى، بمستوى مهم على الأسهم، ونظراً الى الهبوط الحاد في أسواق الأسهم، تتوقع الوكالة تدهور معدلات كفاية رأس مال شركات التأمين، وأنه في حال تراجعت قيم العقارات، فإن مستويات رسملة هذه الشركات ستكون تحت ضغط أكبر.

وتؤكّد تحذيرات وكالة التصنيف ستاندرد آند بورز الأخيرة توقعات موديز، حيث ذكرت الوكالة أخيراً أن تداعيات كوفيد-19، وتراجع أسعار النفط سيؤثران سلباً على أرباح شركات التأمين في الخليج، وتالياً على تصنيفها. ولفتت الوكالة إلى أن التراجع الكبير في أسواق الأسهم، واتساع الفارق في عائدات السندات والتدنّي المستمر في أسعار العقارات ستلحق ضرراً بأرباح ورؤوس أموال الشركات المكشوفة بشكل كبير على هذه الفئة من الأصول، علماً أن هذه التحذيرات تزامنت مع تراجع أسواق المال في الخليج إلى مستويات متدنية جداً لم تشهدها منذ أعوام، نتيجة الإغلاق بسبب فيروس كورونا والانخفاض الحاد في أسعار النفط