سيدي ولد التاه رئيساً جديداً للبنك الإفريقي للتنمية: إفريقيا تراهن على خبراته العريقة في لحظة تحوّل اقتصادي حاسمة

  • 2025-05-31
  • 13:24

سيدي ولد التاه رئيساً جديداً للبنك الإفريقي للتنمية: إفريقيا تراهن على خبراته العريقة في لحظة تحوّل اقتصادي حاسمة

  • خطار زيدان

أعلنت "مجموعة البنك الإفريقي للتنمية"، في ختام اجتماعاتها السنوية التي انعقدت في أبيدجان في ساحل العاج، انتخاب مجلس محافظي البنك الدكتور سيدي ولد التاه رئيساً جديداً للمجموعة، ليتولى أحد أكثر المناصب تأثيراً في المشهد الاقتصادي والتنموي الإفريقي، في وقت تواجه فيه القارة تحديات كبيرة تتطلب قيادة ذات رؤية وواقعية.

وبانتخابه، يصبح ولد التاه رابع رئيس عربي يتولى رئاسة البنك منذ تأسيسه في العام 1964، بعد كل من مأمون أحمد بحيري من السودان، أول رئيس للبنك (1964- 1970)، عبد الوهاب العبيدي من تونس (1970- 1976)، وعمر قباج (1995-  2005) من المغرب، وهو أيضاً أول موريتاني يتبوأ هذا المنصب الرفيع، في مؤشر جديد على صعود الكفاءات الإفريقية العربية إلى مواقع التأثير القاري.

رهان إفريقي على الخبرة والانفتاح

يمتلك الرئيس الجديد خبرة تمتد لأكثر من 35 عاماً في مجال التمويل الدولي والإفريقي تُظهر تناغماً بين الخبرة التقنية والرؤية الإفريقية المستقلة، كان أبرزها رئاسته للبنك العربي للتنمية الاقتصادية في إفريقيا (BADEA) منذ العام 2015، حيث قاد تحوّلاً استراتيجياً أثمر عن مضاعفة ميزانية البنك أربع مرات، والحصول على التصنيف الائتماني الأرفع (AAA)، ما عزز موقع المؤسسة بين أبرز البنوك الإنمائية المعنية بتنمية القارة الإفريقية.

كما شغل ولد التاه منصب وزير الشؤون الاقتصادية والمالية في موريتانيا، وسبق له العمل في مناصب رفيعة مع مؤسسات متعددة الأطراف، حيث ساهم في تنفيذ إصلاحات مالية، وإدارة سياسات لمواجهة الأزمات الاقتصادية، وتطوير أدوات مبتكرة لتعبئة الموارد.

وفي أول تصريح له بعد فوزه، قال ولد التاه: "لنبدأ العمل الآن... أنا مستعد"، إشارة إلى إدراكه لحجم التحديات التي تنتظره، وفي رسالة واضحة إلى الدول الأعضاء والشركاء الدوليين بأن المرحلة المقبلة ستكون مرحلة تنفيذ وتحوّل.

اختيار استراتيجي في زمن التحديات الإفريقية

تنافس على المنصب خمسة مرشحين يمثلون خلفيات متنوعة، من: السنغال، زامبيا، تشاد، جنوب إفريقيا، وموريتانيا. وتم الانتخاب من قبل مجلس المحافظين الذي يضم وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لـ81 دولة عضواً، منها 54 دولة إفريقية و27 دولة غير إفريقية. ووفقاً لنظام التصويت المعتمد، يُشترط للفوز أن يحصل المرشح على تأييد أكثر من نصف أصوات الدول الإفريقية الأعضاء، وكذلك أكثر من نصف أصوات الدول غير الإفريقية الأعضاء، وهو ما يُعرف بقاعدة "الأغلبية المزدوجة".

ومن المقرر أن يتولى ولد التاه منصبه رسمياً في الأول من شهر سبتمبر 2025، خلفاً للدكتور النيجيري أكينومي أديسينا، الذي أنهى ولايتين متتاليتين امتدتا من 2015 إلى 2025، قاد خلالهما البنك نحو مشاريع تنموية طموحة، ضمن استراتيجية الأولويات الخمس الكبرى المعروفة بـ 'الخمسة الكبار" والتي شملت خمس أولويات تنموية محورية (إنارة أفريقيا وتوفير الطاقة، إطعام أفريقيا، تصنيع إفريقيا، تكامل إفريقيا وتحسين نوعية الحياة في إفريقيا).

تحديات المرحلة المقبلة

يتزامن هذا الانتقال القيادي مع دخول البنك عقده السابع، في وقت تواجه فيه إفريقيا تحديات كبرى، من آثار التغير المناخي، وأزمات الغذاء والطاقة، إلى الحاجة لتوسيع التمويل التنموي ومضاعفة الاستثمارات في البنية التحتية، والتكامل الإقليمي، والتحوّل الرقمي.

وستعتمد قدرة ولد التاه على تحقيق نتائج ملموسة على نجاحه في تحويل البنك من ممول تقليدي إلى شريك استراتيجي مرن، قادر على تحفيز رأس المال المحلي والخارجي، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص، وتسريع تحقيق أهداف أجندة الاتحاد الإفريقي 2063 وأهداف التنمية المستدامة.

رؤية عربية في قلب القرار الإفريقي

يمثل فوز سيدي ولد التاه أيضاً دفعة رمزية قوية للتمثيل العربي في المؤسسات الإفريقية، ويعيد إلى الواجهة الدور التاريخي الذي لعبته شخصيات عربية في تأسيس وقيادة البنك، بدءاً من مأمون بحيري، الذي قاد أولى سنوات تأسيس البنك ووضع أسسه المؤسسية، ومروراً بعبد الوهاب العبيدي، الذي عزز حضور البنك في الملفات الزراعية والتنموية، وصولاً إلى اليوم، حيث يحمل ولد التاه راية قيادة جديدة في زمن جديد.

الجدير ذكره، أن "مجموعة البنك الإفريقي للتنمية" تتكون من ثلاث مؤسسات رئيسية: "البنك الإفريقي للتنمية"، "صندوق التنمية الإفريقي"، و"صندوق نيجيريا الاستئماني"، وتضم في عضويتها دولاً إفريقية وغير إفريقية تُمثل شركاء التنمية في القارة. وتُعدّ الدول العربية ركيزة أساسية في هيكلية المجموعة، من خلال مساهماتها المالية، وقيادتها الإدارية، والتزامها المستمر في دعم التنمية المستدامة في الدول الأعضاء.