المعتز الصوّاف يرى الثروة تمكيناً وفرصة لتحسين الواقع

  • 2023-07-14
  • 11:11

المعتز الصوّاف يرى الثروة تمكيناً وفرصة لتحسين الواقع

وظّف في دعم الفئات المحتاجة ورعاية الثقافة

  • "أوّلاً- الاقتصاد والأعمال"

 

لا ينقص المعتز الصوّاف ما يجعله مرتاحاً إلى المسار الطويل لحياته المهنية، فهذا المسار الذي بتخرجه كمهندس معماري من جامعة بيروت الأميركية في العام 1974 تنامى مع الوقت ليثمر سجل إنجازات طويلاً في مجالات الهندسة والمقاولات والصناعة، تضمن تنفيذ مشاريع ومصانع في بلدان متعددة بما فيها منظومة عالمية لصناعة النسيج تربط بين مصادر الإنتاج في الدول الآسيوية والتصنيع في مصر والتسويق الواسع للفنادق والأسواق الدولية.

لكن على العكس من العادة، فإن الصوّاف عند الحديث عن مسيرته المهنية، لا يركز على هذا الجانب، وغالباً ما تجد نجاحاته العملية والتجارية بعيدة عموماً عن الضوء، وغالباً أيضاً ما يتجاوز الصوّاف الحديث عنها إلى الإعلام. فهذا الرجل الذي حقق النجاحات الكثيرة متواضع بطبيعته، كما إنه شخصية رصينة وجادة وفوق ذلك ملتزمة بما يعتبره المسؤولية الاجتماعية للثروة، والتي لا ينظر إليها كامتياز أو مظهر تفوق، بل يعتبرها تمكيناً وفرصة للتأثير في الواقع الاقتصادي والاجتماعي.

 

الرسم كأداة اعتراض

 

ويتميز المعتز الصوّاف عن كثير من رجال الأعمال في كونه رجلاً مثقفاً ويعير قدراً كبيراً من الجدّية والاهتمام للمعرفة وللمتابعة الحثيثة لأحداث عصره ومجتمعه، وهو رجل حر الرأي ومؤمن بأهمية التفاعل والتعبير الحرّ خصوصاً في المجالين الثقافي والفكري، ومنذ وقت مبكر وجد الصوّاف في التصوير وفن الكاريكاتور قوة تأثير تفوق التعبير الكتابي كما وجد فيه أداة أبلغ للإبداع وثقافة النقد البناء بعد ان وثّق بقدراته التصويرية قرر الصوّاف تطوير هذه القدرة عبر السفر إلى بريطانيا والانضمام الى أحد أهم المعاهد الفنية، وذلك للتمكن من لغة الصورة والتعبير الكاريكاتوري، ثم أن يجتهد في تطوير أسلوبية فريدة به تطبع كل أعماله والمجموعات التي نشرها في ما بعد.

وهذا الميل الشديد إلى الكاريكاتور والتصوير الساخر للواقع، جعل الصوّاف يهتم منذ وقت مبكر بإعلاء شأن الفن الكاريكاتوري وفنون الرسم التعبيري من خلال جمع أعمال الفنانين وتصنيف روائعها ونشرها في مجلدات أنفق عليها ثم قدمها في معارض راقية في أكثر من عاصمة عربية، ويعتبر الصوّاف أحد أبرز الناشطين في جمع الأعمال الفنية الرائدة في حقل الكاريكاتور والرسوم التعبيرية من العالم العربي ومن العالم حتى أمكن اعتباره بحق أكبر جامع لهذه الأعمال في العالم.

وبسبب هذا الاهتمام الكبير بفن الكاريكاتور تمكن الصوّاف من أن يبدل جذرياً نظرة الجمهور العربي إليه بحيث أدخله الصالونات والمعارض المتخصصة جاعلاً منه فناً مستقلاً إلى جانب بقية الفنون وفروع الثقافة المعاصرة.

وقرر الصوّاف إنجاز قفزة نوعية بهذه المهنة عندما قام في العام 2014، وبالاشتراك مع قرينته رادا الصوّاف، بإطلاق جائزة الفنان الراحل محمود كحيل للشرائط المصورة والكاريكاتور والرسوم التعبيرية (ضمن مبادرة معتز ورادا الصوّاف للشرائط المصورة العربيّة في الجامعة الأميركية في بيروت)، هذه الجائزة التي جعلها الصوّاف مناسبة لتخليد ذكرى أحد أبرز فناني الكاريكاتور العرب ليست في الحقيقة جائزة واحدة لأنها تضم تحت جناحها مجموعة جوائز سخية (نحو 36 ألف دولار أميركي) تغطي فروعاً مثل الكاريكاتور السياسي والرواية المصورة والشرائط الكوميدية المصورة والرسوم التعبيرية ورسوم كتب الأطفال، وأدخل إطلاق الجائزة عاملاً بالغ الأهمية في تطوير فنون الرسم الكاريكاتوري والتعبيري في المنطقة هو عامل التنافس على الإبداع بين الفنانين والفنانات، كما إنه وفّر منصة شاملة لإطلاق الفنانين والمبدعين الجدد أو المخضرمين والتعريف بهم وبالتالي تعزيز مكانتهم والفرص المتاحة لهم.  كما إن إطلاق الجائزة استكمل هيكلة هذا القطاع المهم من النشاط الثقافي والإبداعي العربي عبر إدخال جملة من المعايير لتقييم الأعمال الفنية وتصنيفها وإخضاع الحكم فيها للجنة تضم مرجعيات مشهود بكفاءتها في حقول الفن التصويري والكاريكاتوري أو في الحقل الثقافي.

 

مغالبة التحديات

 

واجه الزوجان الصوّاف بعد ذلك وابتداء من العام 2020،  العاصفة العاتية لجائحة الكورونا وما رافقها من تقييد شديد لحركة الأشخاص والمناسبات الاجتماعية، لكنهما أصرا على متابعة الجهد بأسلوب مبتكر عندما تابعا تنظيم جائزة محمود كحيل السنوية عبر تنظيم معرض افتراضي عبر شبكة الإنترنت وتابعا بذلك تنظيم المناسبة السنوية للإعلان عن أسماء الفائزين وتوزيع الجوائز النقدية والتنويهات التكريمية.

وما أن انحسرت الظروف الاستثنائية لجائحة الكورونا حتى قرر الصوّاف وقرينته رادا الانتقال بعملهما الرائد إلى مرحلة الاستدامة عبر تحويل مبادرتهما السنوية إلى "مركز رادا ومعتز الصوّاف لدراسات الشرائط المصوّرة العربية" والذي ستحتضنه الجامعة الأميركية في بيروت وتحقق هذا المركز الأول من نوعه في العالم العربي من خلال هِبَة سخيَّة مقدَّمَة من عضو مجلس أمناء الجامعة الأميركية في بيروت معتز الصوّاف وزوجته رادا. 

ويعرف الصوّاف المركَز باعتباره "هيئة أكاديميَّة للأبحاث النقدية المعنية بفن الشرائط والقصص المصورة في العالم العربي" ويحدد أبرز أهدافه في تعزيز الأبحاث في الفن المذكور وتدريسه وإنتاجه وأرشفَته وتنظيم المعارض وورش العمل وبناء الشراكات الإقليمية والدولية في المجال المذكور. 

 

تمويل المشاريع الصغيرة

 

انتقل المعتز الصوّاف بعد ذلك إلى العناية بفئة أخرى من المبدعين الذين هم في أمس الحاجة للدعم وهؤلاء هم من صغار المزارعين والحرفيين وأصحاب المشاريع الجديدة من الشباب وغيرهم الذين لا يجدون وسيلة للحصول على التمويل اللازم لإطلاق مشاريعهم وبالتالي التحول إلى منتجين يساهمون في إعالة ألوف الأسر وفي إحياء المجتمع الريفي في المنطقة العربية وفي غيرها من المناطق في آسيا وأفريقيا. وانضم الصوّاف بالتالي إلى مبادرة مؤسسة الخليج العربي وبالتعاون مع صناديق تنمية عربية وإقليمية وشركات ورجال أعمال لينجم عن هذه الجهود تأسيس سلسلة مصارف "إبداع" للقروض المتناهية الصغر Microfinance وهي مؤسسات لا تبغي الربح وأسس لنفسها فروعاً في مناطق عديدة من العالم العربي (لبنان، سوريا، السودان، اليمن، البحرين، الأردن، فلسطين، موريتانيا) وفي سيراليون في القارة الأفريقية.

وتقدم مصارف "إبداع" قروضاً صغيرة تتراوح ما بين 500 و2000 دولار مع إمكان زيادة التمويل بموازاة نمو المشروع وتوطد أسسه، وهي قدمت عشرات الألوف من القروض الأصغر مع التركيز على النساء العاملات بدليل أن 73 في المئة من قروض هذه المصارف ذهب لدعم سيدات يزاولن نشاطات اقتصادية متنوعة.

يجدر الذكر أخيراً أن المعتز الصوّاف يشارك في عدد كبير من المبادرات غير الربحية والاجتماعية والتي تتضمن دعم التعليم العالي أو المؤسسات الخيرية والصحية وتوفير الطعام للمحتاجين عبر مشروع "طبخة عزو".  ومن مساهماته المعروفة دوره في دعم مشاريع تطوير الجامعة الأميركية في بيروت والتي يشغل الصوّاف منصب عضو مجلس أمنائها منذ العام 2014، وكذلك دعمه عضو لمعهد الانترناشونال كولدج IC في بيروت والذي يشغل أيضاً منصب عضو مجلس أمنائه منذ العام 2015، كما إن الصوّاف عضو مجلس الأمناء في مؤسسات الرعاية الاجتماعية في لبنان دار الأيتام الإسلامية منذ العام 2022.