أبوظبي: "أديبك" يبحث استدامة الطاقة وخفض الانبعاثات

  • 2022-10-31
  • 08:44

أبوظبي: "أديبك" يبحث استدامة الطاقة وخفض الانبعاثات

سلطان الجابر: أمن الطاقة ركيزة أساسية للتقدم الاقتصادي والاجتماعي

انطلقت اليوم الاثنين فعاليات معرض ومؤتمر أبوظبي الدولي للبترول "أديبك"، الملتقى الأكبر لقطاع الطاقة في العالم في "مركز أبوظبي الوطني للمعارض" ويستمر حتى 3 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، برعاية رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وبمشاركة قادة القطاع وصُناع السياسات والمبتكرين من أنحاء العالم لمناقشة مستقبل الطاقة في أبوظبي.

ويستقطب "أديبك" مختلف الأطراف الفاعلة في قطاع الطاقة العالمي للمشاركة والمساعدة في إيجاد الحلول الفعالة لأكثر مشكلات القطاع إلحاحاً تحت شعار "مستقبل الطاقة: مستدامة وموثوقة ومتاحة للجميع". ويلعب "أديبك 2022" دوراً محورياً في تسليط الضوء على الاحتياجات الحالية لقطاع الطاقة من حيث خفض الانبعاثات ورسم ملامح مستقبل الطاقة النظيفة.

ويتناول المعرض في دورته هذا العام أهمية اعتماد منهجية متوازنة للمضي قُدماً في مساعي تحوّل الطاقة، فضلاً عن تسريع جهود تحقيق الحياد الكربوني في موارد الطاقة الحالية وتنويع مصادر الطاقة المستقبلية. ويستضيف هذا الحدث سلسلة من المؤتمرات التي تقدم الكثير من التحليلات الاستراتيجية والفنية، بما فيها "مؤتمر أديبك 2022 الاستراتيجي" والجلسات المتمحورة حول الهيدروجين.

ويتخلل "أديبك" أكثر من 350 جلسة حوارية يشارك فيها ما يزيد على 1200 متحدث، بمن فيهم أكثر من 40 متحدثاً من الوزراء والرؤساء التنفيذيين وصنّاع السياسات.

ويركز برنامج مؤتمر "أديبك" هذا العام على خمسة محاور استراتيجية هي: التأثيرات الطويلة الأمد للجغرافيا السياسية على الاقتصاد العالمي وقطاع الطاقة، وتمهيد الطريق للدورتين 27 و28 من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية في شأن تغير المناخ "كوب"، والتحول في قطاع الطاقة: التكيّف مع المقومات الجديدة لعملية التوريد وحلول الطاقة الجديدة المنخفضة الانبعاثات الكربونية.. والابتكار وتحول الطاقة: ريادة عصر جديد من التطور التكنولوجي، وأجندة الإدارة الجديدة: القوى العاملة المستقبلية وقادة الغد.

سلطان الجابر: العالم بحاجة إلى المزيد من الطاقة بأقل انبعاثات

وفي الكلمة التي ألقاها في الجلسة الافتتاحية لمعرض ومؤتمر "أديبك 2022"، أكد وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي العضو المنتدب الرئيس التنفيذي لشركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك" ومجموعة شركاتها سلطان الجابر أن "العالم بحاجة إلى مزيدٍ من الطاقة بأقل انبعاثات لضمان أمن إمداداتها واستدامتها، مشيراً إلى توجيهات القيادة الإماراتية باستمرار تعزيز مكانة دولة الإمارات مزوداً مسؤولاً وموثوقاً للطاقة".

وأشار الجابر إلى لقاء جمعه مع رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان حول انطلاقة "أديبك" ورؤيته في شأن التحديات التي يواجهها قطاع الطاقة، لافتاً النظر إلى أن الأخير كان متفائلاً وذي رؤية واثقة.

وقال: "لا يمكننا تجاهل الحقائق، بل يجب أن نواجهها بثبات، وأن نتعامل معها بذهنيةٍ إيجابية، ونعمل لإيجاد حلول مناسبة بالتعاون مع شركاء يتبنّون الرؤى والأفكار والتوجهات نفسها، تذكر أن الإيجابية والرؤى البناءة والسعي الدائم إلى تحقيق التقدم هي في صُلْبِ نهجنا وجوهره".

وأوضح أن "أديبك ينعقد في ظل ظروف معقدة يواجهها العالم، حيث لاتزال سلاسل التوريد العالمية هشة، وأصبحت الأوضاع الجيوسياسية أكثر تعقيداً وتشتتاً واستقطاباً من أي وقت مضى، ويستمر التضخم في الارتفاع، كما أن أسعار الفائدة تزيد تكلفة الاقتراض والاستثمار، مما أدى إلى أن يصبح الاقتصاد العالمي في وضع حرج".

ونوه بالتساؤلات التي يطرحها البعض حول إمكانية حدوث ركود اقتصادي، معرباً عن قناعته بأنه لا يمكن لأحد إعطاء إجابة واثقة فيها تنبؤات مستقبلية حول هذا الموضوع.

وبعد استعراض ملامح المشهد الاقتصادي في العالم، أشار إلى "أن الطاقة هي أولوية قصوى للجميع حالياً، وأن مشهد الطاقة العالمي يمر في هذا الوقت باضطرابات غير مسبوقة".

وذكر أن "العالم أصبح مدركاً لحقيقة أن تراجع الاستثمارات طويلة الأجل في النفط والغاز قد زاد من التحديات في قطاع الطاقة، وأن البيانات والأرقام واضحة، فإذا أوقفنا الاستثمار في الموارد الهيدروكربونية، سنخسر 5 ملايين برميل نفط يومياً من الإمدادات الحالية، نظراً للانخفاض الطبيعي في الطاقة الإنتاجية. وهذا يجعل من الصدمات التي شهدها قطاع الطاقة هذا العام بسيطة جداً بالمقارنة مع ما سيحصل في حال وقف الاستثمار في النفط والغاز. وإذا كان هناك درس مستفادٌ من هذا العام، فهو أن أمن الطاقة يمثل ركيزة أساسية للتقدم في شتى المجالات، الاقتصادية، والاجتماعية، وكذلك في العمل المناخي."

وأكد أن "الحلول التي نحتاجها تتيح فرصاً كبيرة للجميع "، موضحاً أن "عدد سكان العالم سيصل إلى 9.7 مليار شخص بحلول عام 2050، ولتلبية احتياجاتهم، يجب إنتاج طاقة تزيد بنسبة 30 في المئة عما ينتجه العالم اليوم. ومع تحقيق هذا الهدف، نكون قد أسهمنا في توفير الكهرباء لما يقرب من 800 مليون شخص لا يمكنهم الاستفادة منها حالياً. وسنسهم كذلك في تحسين حياة 2.6 مليار شخص لا يمكنهم حالياً الحصول على وقود نظيف للطهي والتدفئة".

وأضاف أن "العالم بحاجة إلى كل الحلول المتاحة لتأمين احتياجاته من الطاقة، ولا نستطيع الاختيار بين النفط والغاز أو الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح، أو الطاقة النووية، أو الهيدروجين، فنحن بحاجة إليها جميعاً إضافة إلى الطاقات النظيفة التي سيتم اكتشافها وتطبيقها بعد ضمان جدواها الاقتصادية... الحل هو الجمع بين كل المصادر وليس الاختيار بينها".

وقال إن "العالم يحتاج إلى مزيد من الطاقة بأقل انبعاثات، وكانت القيادة سبّاقةً في التوجيه بتبنّي الطاقة المتجددة قبل ما يزيد على 16 عاماً مع إطلاق مصدر حيث كانت دولة الإمارات أول دولة في المنطقة تقوم بتشغيل محطة للطاقة النووية السلمية، وهذا هو ما يدفع أدنوك إلى العمل على خفض الانبعاثات في مصادر الطاقة الحالية، وإلى الاستثمار في مصادر الطاقة النظيفة المستقبلية.

واستشهد بعدة أمثلة على خطوات الحد من الانبعاثات في عملياتها حيث قال : "قمنا في أدنوك بربط شبكة كهرباء منشآتنا البرية بمصادر كهرباء تم توليدها باستخدام الطاقة النووية والشمسية النظيفة والخالية من الانبعاثات، ونعمل كذلك على تشغيل منشآتنا البحرية باستخدام الكهرباء النظيفة لخفض بصمتها الكربونية بما يعادل النصف، كما أننا نضاعف جهودنا للحد من انبعاثات الميثان، على الرغم من أنها تعد حالياً ضمن الأقل عالمياً".

وأوضح أنه "فيما نمضي نحو المستقبل، ستكون التكنولوجيا إحدى أهم عوامل تمكين قطاع الطاقة. لدينا، على سبيل المثال، تقنية التقاط الكربون وتخزينه التي بإمكاننا تطبيقها على نطاق واسع، ليس فقط في قطاع الطاقة، إنما في كافة القطاعات. وهناك أيضاً الهيدروجين، حيث جرى منذ أيام قليلة تسليم أول شحنة من الأمونيا منخفضة الانبعاثات من إنتاج دولة الإمارات إلى هامبورغ في ألمانيا..وكانت تلك اللحظة تاريخية، لأنها تمثل اللبنة الأولى في بناء سلسلة قيمة الهيدروجين، وفرصة مهمة جديدة في قطاع الطاقة".

وتابع: "أنه مع انعقاد الدورة السابعة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية في شأن تغير المناخ COP27 الأسبوع المقبل، في مصر ومع استعداد دولة الإمارات لاستضافة مؤتمر COP28 -  مؤتمر الإمارات للمناخ - العام المقبل، علينا تركيز جهودنا وتوجيهها نحو مسار جديد وجريء وواقعي يعود بالنفع على كل من البشرية، والمناخ، والاقتصاد".

وخاتم سلطان الجابر قائلاً: " نحن بحاجة إلى خفض الانبعاثات وليس وقف معدلات النمو والتقدم، فالعالم يبحث عن حلول للتحديات، ولدينا قناعة راسخة بأنّ قطاع الطاقة بإمكانه أن يتحدّ في ظل عالمٍ منقسمٍ لإيجاد الحلول المنشودة، لأن من يصنع المستقبل هو من يأخذ بزمام المبادرة ويقوم بالخطوة الأولى. وأقدم دعوة مفتوحة إلى كافة شركائنا وأصدقائنا لنقوم بهذه الخطوة معاً، والمبادرة نحو صياغة ملامح المستقبل لأن تضافر جهودنا سيقودنا إلى النجاح".