وكالات دولية تشكّك بإعادة هيكلة ديون لبنان

  • 2022-08-29
  • 16:57

وكالات دولية تشكّك بإعادة هيكلة ديون لبنان

  • "أوّلاً- الاقتصاد والأعمال"

​ 

سنداً الى خلاصة تحليلية بأنّ نظام لبنان الإقتصادي والمؤسّساتي مقيّد من قبل نظامه السياسي، أبقت وكالة التصنيف الدوليّة ستاندرد آند بورز (S&P Global Ratings) على التصنيف الطويل والقصير الأمد للديون السياديّة بالعملات الأجنبيّة للدولة اللبنانية، والبالغة قيمتها الدفترية نحو 37 مليار دولار، عند مستوى التخلف المقيد عن السداد "SD"، محافظةً ايضاً على التصنيف الطويل والقصير الأمد للديون السياديّة بالعملة المحليّة عند درجتي "CC" و"C" بالتتالي، اي مواجهة صعوبات في السداد، مع نظرة مستقبليّة سلبيّة.

تزامناً، أبقت وكالة التصنيف الدوليّة "فيتش" (Fitch Ratings) تصنيفها الإئتماني الطويل الأمد بالعملات الأجنبيّة للدولة اللبنانيّة عند حالة التخلّف عن الدفع المقيّدة (Restricted Default)، كما أبقت التصنيف الإئتماني القصير الأمد بالليرة اللبنانيّة وبالعملات الأجنبيّة  عند مستوى "C" والتصنيف الإئتماني الطويل الأمد بالعملة المحليّة عند "CC"، وتصنيف السقف السيادي عند "CCC".

ومع التنويه بأن الامكانيّة لا تزال قائمة لإعادة هيكلة هذا الدين، عزت "ستاندرد آند بورز"، في احدث تقييم لها بشأن الجدارة الائتمانية للبنان، النظرة المستقبليّة السلبيّة للدين بالعملة المحليّة إلى الشكوك التي تحوم حول إحتماليّة قيام الحكومة اللبنانيّة بهذه المهمة، علماً بأنّ إقرار الحكومة لإستراتيجيّة إعادة هيكلة الديون يشكّل أحد الشروط التسعة المطلوبة من صندوق النقد الدولي ليقوم مجلس إدارته بدراسة الموافقة على إتّفاقيّة التمويل البالغة قيمتها 3 مليارات دولار.

ولفتت الانتباه إلى أنّه منذ شهر أكتوبر/تشرين الأول 2019، تراجع الناتج المحلّي الإجمالي للفرد الواحد من 8 آلاف دولار في العام 2018 إلى 1300 دولار في العام 2022. بالإضافة إلى تدهور سعر صرف العملة المحليّة مقابل الدولار الأميركي ما أدّى إلى ارتفاع متوسّط مستوى التضخّم إلى 155 في المئة في العام 2021، ومع توقّعات بأن يبقى هذا المستوى فوق الـ100 في المئة في العام 2022. دائماً على صعيد الأرقام، توقّعت الوكالة إنكماشاً في الناتج المحلّي الإجمالي الحقيقي بنسبة 3 في المئة في العام 2022 على إثر تراجع الإنفاق بنتيجة التضخّم وإنخفاض الإستهلاك الحكومي، فيما من المتوقّع بأن يسجّل الناتج المحلّي الإجمالي زيادة بنسبة 1.5 في المئة في العام 2023 نتيجة تطوّر مستوى الإستهلاك والإستثمار.

وبينما نوّهت بأنّ المشهد السياسي المنقسم  كما هو مبيّن من خلال الفشل في تشكيل حكومة بعد مرور 3 أشهر على إجراء الإنتخابات قد يؤدي أيضاً إلى عرقلة تطبيق الإصلاحات، لاحظت بأنّ البرلمان اللبناني كان قد أقرّ قانون تعديل السريّة المصرفيّة، فيما لا يزال قانون الموازنة وقانون الكابيتال كونترول قيد الدرس. ولذا حذّرت من إنّ إقرار بعض القوانين المتعلّقة بالقطاع المالي كتوحيد أسعار الصرف وإعادة هيكلة القطاع المصرفي قد يكون صعباً.

وقد أشارت الوكالة أيضاً إلى ظاهرة تعدّد أسعار الصرف، إلّا إنها أشارت إلى أنّ الهوّة بين سعر صيرفة وسعر الصرف في السوق السوداء قد أصبحت أصغر. في هذا الإطار، أشارت الوكالة إلى أنّ تطبيق برنامج صندوق النقد سيؤدّي إلى سعر صرف أكثر مرونة مع توقّعات أن يتحسّن سعر الصرف إلى مستوى مستقرّ عند 28 الف ليرة مع نهاية العام 2025. وقد لفتت الوكالة إلى أنّ نسبة الدين من  الناتج المحلّي الإجمالي قد تأثّرت بشكل كبير بتراجع سعر الصرف، حيث ارتفعت نسبة الدين الأجنبي بالعملة المحليّة إلى 92 في المئة من إجمالي الدين في العام 2021 مقارنةً بنسبة 39 في المئة في العام 2019. بشكل إجمالي، من المتوقّع أن تبلغ نسبة الدين من الناتج المحلّي الإجمالي نحو 500 في المئة في العام 2022 مقارنةً مع 160 في المئة في العام 2019.

وقد استمرّت إحتياطات مصرف لبنان بالعملة الأجنبيّة على وتيرتها التراجعيّة إذ أبقى المصرف المركزي الدعم على بعض السلع وتسديد إلتزامات لبنان المتعدّدة الأطراف من إحتياطات المصرف المركزي بالعملة الأجنبيّة. وبحسب الوكالة، لن يساعد التراجع الكبير في إحتياطات مصرف لبنان بكبح التدهور في ميزان المدفوعات مع العلم بأنّ المصرف المركزي بحاجة إلى موافقة البرلمان في حال أراد التصرّف بإحتياطي الذهب والبالغة قيمته 16 مليار دولار.

"فيتش" ايضاً

بدورها، عزت "فيتش" التصنيف السيادي المتدني إلى تخلّف الحكومة عن دفع سندات اليوروبوندز التي إستحّقت في 9 مارس/آذار 2020، حيث إنّ الحكومة السابقة برئاسة حسان دياب قد توقّفت عن دفع سندات اليوروبوندز بالعملات الأجنبيّة بإنتظار عمليّة إعادة هيكلة الدين، فيما لا تزال تدفع مستحقّاتها بالعملة المحليّة.

وبحسب الوكالة، فقد توصّل لبنان إلى إتّفاق مع صندوق النقد الدولي في نيسان 2022 للحصول على تمويل خارجي لفترة تمتدّ على أربع سنوات وبقيمة 3 مليارات دولار بهدف مساندة برنامج إصلاحي مالي وإقتصادي شامل، ولكّنها  أشارت أنّ وقت البدء بتنفيذ البرنامج غير أكيد بسبب المشهد السياسي في لبنان والذي من شأنه أن يعرقل تنفيذ الخطوات المطلوبة للحصول على موافقة مجلس إدارة الصندوق.

في الإطار، نوّهت الوكالة إلى وجود عدد كبير من الخطوات التي يطلب صندوق النقد تنفيذها، كموافقة مجلس الوزراء على إستراتيجيّة لإعادة هيكلة المصارف، وموافقة المجلس النيابي على تشريعات لتسوية القضايا المصرفيّة العاجلة، وقانون جديد للسريّة المصرفيّة وموازنة العام 2022، كما إشترط صندوق النقد أيضاً توحيد أسعار الصرف، ترافقاً مع تطبيق الكابيتال كونترول، والتدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان والبدء بتقييم افرادي لأكبر 14 مصرفاً.

وكشفت "فيتش" بأنّ مطلوبات المصارف بالعملات الأجنبيّة قد بلغت 104 مليارات دولار مع نهاية شهر حزيران 2022، في حين بلغت توظيفات المصارف بالعملة الأجنبيّة لدى مصرف لبنان 79 مليار دولار، انما هي غير متوفّرة لها واقعياً، حيث إنّ إجمالي إحتياطات مصرف لبنان بالعملة الأجنبيّة قد تدنت دون 11 مليار دولار مع نهاية شهر حزيران 2022، من دون إحتساب إحتياطات الذهب التي تقدّر قيمتها بـ 17 مليار دولار، والتي تتطلّب تشريع قانون في مجلس النوّاب للتصرف بها.