صندوق النقد الدولي يرصد انتعاشاً قوياً للنمو في السعودية

  • 2022-08-17
  • 20:18

صندوق النقد الدولي يرصد انتعاشاً قوياً للنمو في السعودية

  • "أوّلاً- الاقتصاد والأعمال"



في ختام المباحثات السنوية الدورية بموجب المادة الرابعة، أصدر صندوق النقد الدولي تقريراً أشاد فيه بأداء الاقتصاد السعودي وقطاعاته.

ووفق التقرير، يشهد اقتصاد المملكة، وفق التقييم الدولي، تعافياً قوياً من حالة الركود الناجمة عن الجائحة.
وقد ساهم الدعم المقدم من خلال السيولة والمالية العامة، وزخم الإصلاحات في إطار رؤية 2030، إلى جانب ارتفاع أسعار النفط وزيادة إنتاجه في تعافي الاقتصاد وتحقيق معدلات نمو قوية في ظل احتواء التضخم وصلابة القطاع المالي، وأدى انحسار آثار الجائحة، وازدياد إنتاج النفط وارتفاع أسعاره، وتزايد قوة الاقتصاد إلى تحسن مركز المالية العامة والمركز الخارجي للمملكة.

واتسم معدل النمو الكلي بالقوة في العام 2021، حيث بلغ 3,2 في المئة، مدفوعاً على وجه الخصوص بانتعاش القطاع غير النفطي – بدعم من ارتفاع معدلات توظيف القوى العاملة السعودية، وزيادة مشاركة المرأة على وجه الخصوص.

ويُتوقع أن يسجل معدل النمو ارتفاعاً ملحوظاً ليصل إلى 7,6 في المئة في العام 2022 على الرغم من تشديد السياسة النقدية والضبط المالي وتداعيات الحرب في أوكرانيا على اقتصاد المملكة التي لا تزال محدودة حتى الآن. وعلى المدى المتوسط، من المتوقع أن تتسارع وتيرة النمو نتيجة جني ثمار العمل المتواصل على تنفيذ جدول أعمال الإصلاحات والاستراتيجية الوطنية للاستثمار ومشاريع صندوق الاستثمارات العامة.

واستمر احتواء معدلات التضخم، حيث بلغت 3,1 في المئة في العام 2021 مع تلاشي أثر فترة الأساس الناتج عن زيادة ضريبة القيمة المضافة في منتصف العام 2020، بالإضافة إلى الانعكاس المحدود لأسعار الأغذية والسلع الأولية في الأسواق العالمية على الأسعار المحلية والذي يُتوقع أن يساهم في احتواء التضخم عند مستوى 2,8 في المئة في العام 2022، وذلك على الرغم من بعض الضغوط التضخمية المتوقعة نتيجة زيادة أسعار الجملة التي وصلت إلى مستوى الرقمين وتزايُد تكاليف الشحن.

ولا تزال البنوك تتمتع بمستويات جيدة من رأس المال والسيولة، كما شهد العام 2021 انتعاشاً قوياً في مستويات الربحية –التي تراجعت أثناء جائحة كوفيد-19- نتيجة تحسن صافي هوامش أسعار الفائدة. وقد ارتفع الائتمان المقدم للقطاع الخاص في 2021 بنسبة قدرها 15,4 في العام، مدفوعاً في الأساس بالقروض العقارية وقروض المنشآت الصغيرة والمتوسطة. وحققت الأسواق المالية السعودية طفرة في مرحلة مبكرة من العام الجاري، رغم انعكاس مسار الجانب الأكبر من هذه الطفرة على مدار الشهرين الماضيين تماشياً مع التطورات العالمية الأخيرة.

وارتفع رصيد المالية العامة الكلي بنحو 9 نقاط مئوية من إجمالي الناتج المحلي ليصل العجز إلى 2,3 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في 2021، وهو ما يرجع إلى زيادة كل من الإيرادات النفطية وإيرادات الضرائب غير النفطية نتيجة استمرار الانتعاش الاقتصادي وأثر سنة كاملة من رفع ضريبة القيمة المضافة في منتصف العام 2020 إلى ثلاثة أضعاف قيمتها لتصل إلى 15 في المئة.

وأدى ارتفاع أسعار النفط وزيادة إنتاجه إلى تحسن الحساب الجاري بمقدار 8,5 نقاط مئوية في 2021، مسجلاً فائضاً بنسبة 5,3 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، حيث تجاوزت الصادرات القوية المدفوعة بالنفط الواردات المتنامية والتدفقات الخارجة الكبيرة من تحويلات العاملين. ورغم زيادة الاحتياطات، فقد تراجع صافي الأصول الأجنبية، وإن ظل عند مستويات جيدة للغاية بواقع 22 شهراً من الواردات في العام 2021، ومن المتوقع ارتفاعه بدرجة كبيرة على أثر تزايد عائدات الصادرات النفطية على المدى المتوسط.

وتتسم المخاطر المحيطة بالآفاق الاقتصادية بالتوازن. فعلى الصعيد الإيجابي، سيؤدي نجاح الاستراتيجية الوطنية للاستثمار وإصلاحات سوق العمل، أو زيادة إنتاج النفط مجدداً، إلى المزيد من التحسن في الآفاق. وعلى الصعيد السلبي، تنشأ المخاطر الأساسية عن الضغوط لإنفاق عائدات النفط الاستثنائية وتباطؤ وتيرة الإصلاحات، والضغوط التضخمية، وظهور موجة أخرى من فيروس كوفيد-19 (محلياً أو في الخارج)، وانخفاض أسعار النفط بسبب تراجع الاقتصاد العالمي إذا ما أسفرت الحرب في أوكرانيا عن آثار طويلة الأمد، وحدوث تباطؤ اقتصادي مفاجئ في الصين.

تقييم المجلس التنفيذي

اتفق المديرون التنفيذيون مع أبرز النقاط التي تضمنها تقييم خبراء الصندوق، ورحبوا بالانتعاش الكبير في معدلات النمو الذي تشهده المملكة، وباحتواء التضخم، وزيادة صلابة المركز الخارجي بفضل سرعة استجابة السياسات الحكومية للجائحة، وزخم الإصلاحات القوي، وارتفاع أسعار النفط وزيادة إنتاجه. وعلى خلفية الآفاق الاقتصادية الإيجابية وتوازن المخاطر المحيطة بها، أكد المديرون على ضرورة الاستمرار في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي في ظل رؤية 2030، والذي سيساهم في تنويع الاقتصاد وضمان تحقيق نمو قوي وشامل وأكثر خضرة.

وأعرب المديرون عن ترحيبهم بالتزام الحكومة بالانضباط المالي وبسقوف الميزانية لعام 2022 على الرغم من ارتفاع أسعار النفط. ولدعم الضبط المالي والتحول إلى اقتصاد أكثر خضرة، أكد المديرون على الحاجة إلى مواصلة إصلاحات أسعار الطاقة، بما في ذلك إعادة النظر في السقف المحدد لأسعار البنزين، ورحبوا بالتزام الحكومة بالوصول إلى مستوى أسعار الطاقة في السوق بحلول العام 2030، ودعوا إلى بذل المزيد من الجهود لزيادة الإيرادات غير النفطية من خلال تدابير السياسة الضريبية – بما في ذلك الحفاظ على المعدل الحالي لضريبة القيمة المضافة - وتحسين إدارة الإيرادات. وأثنى المديرون على الإصلاحات الحكومية الجارية لتقوية شبكات الحماية الاجتماعية من خلال البرامج الموجهة للفئات المستحقة، مما سيساعد على استمرارية إصلاحات أسعار الطاقة.

ورحّب المديرون بالتحسن المستمر في الإدارة المالية العامة، وحثوا على بذل المزيد من الجهود لزيادة شفافية المالية العامة. ونظراً الى تزايد دور صندوق الاستثمارات العامة، فقد شجّع المديرون الحكومة على سرعة استكمال العمل الجاري لوضع إطار لإدارة الأصول والخصوم السيادية. كذلك رحّب المديرون بالجهود الحكومية الهادفة إلى وضع قاعدة للمالية العامة تقوم على ركيزة طويلة المدى، وشجعوا على توسيع نطاق تغطية القطاع العام للمساعدة في تعزيز التزام الحكومة بالاستدامة المالية.

وأعرب المديرون عن ترحيبهم باستمرار صلابة القطاع المالي والدور الرقابي القوي للبنك المركزي. ورحبوا أيضاً بالتقدم المحرز نحو تنفيذ معايير "بازل 3" وفق الإطار الزمني الدولي المتفق عليه، وحثوا على مواصلة تعزيز التدقيق الرقابي لمخاطر الائتمان حسب الاقتضاء، بما فيها المخاطر الناجمة عن زيادة الإقراض العقاري، وعلى استمرار الجهود لتعزيز إطار مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. واتفق المديرون على أن ربط سعر الصرف بالدولار الأميركي لا يزال النظام الأنسب للمملكة نظراً الى هيكلها الاقتصادي.

وهنأ المديرون حكومة المملكة على التقدم الكبير الذي أحرزته في تنفيذ جدول أعمال الإصلاحات الهيكلية الطموحة. ورحبوا بوتيرة الإصلاحات المبهرة في سوق العمل، ولاسيما مضاعفة نسب مشاركة المرأة في القوى العاملة، وحثوا على مواصلة العمل في هذا الصدد. وأشار المديرون بأهمية بذل المزيد من الجهود لتحسين البيئة التنظيمية ومناخ الأعمال، وتشجيع استثمارات القطاع الخاص، وتعزيز الإنتاجية، والتصدي للفساد. ورحبوا بما جاء في مبادرة السعودية الخضراء من التزامات حكومية طموحة لمواجهة تغير المناخ وأعربوا عن تطلعهم إلى الخطوات التي حددتها المبادرة في سبيل تحقيق أهدافها، وأكد المديرون كذلك على أهمية مواصلة العمل على تحسين جودة البيانات وزيادة توافرها.

ومن المتوقع إجراء مشاورات المادة الرابعة المقبلة مع المملكة العربية السعودية على أساس الدورة الاعتيادية البالغة 12 شهراً.