البنك الدولي: تقلّص جزئي لحركة الهجرة بسبب قيود جائحة كورونا

  • 2022-06-16
  • 14:45

البنك الدولي: تقلّص جزئي لحركة الهجرة بسبب قيود جائحة كورونا

  • "أوّلاً- الاقتصاد والأعمال"

قال البنك الدولي في تقرير جديد له إن القيود المفروضة على التنقُّل بسبب جائحة كورونا أدت إلى التوقُّف الجزئي لحركة الهجرة في المنطقة المحيطة بالبحر المتوسط، داعياً بلدانها إلى بناء أنظمة للهجرة ذات قدرة أكبر على الصمود في مواجهة الصدمات المستقبلية.

وشجَّع التقرير الصادر بعنوان "بناء أنظمة هجرة قادرة على الصمود في منطقة البحر المتوسط: الدروس المستفادة من جائحة كورونا" على تحسين التنسيق بين البلدان المرسِلة للمهاجرين والمستقبِلة لهم في جميع مراحل دورة الهجرة، كما سلَّط الضوء على ضرورة استحداث آليات جديدة لتقوم تلقائياً بتبسيط إجراءات استقدام العمالة الاجنبية الضرورية للتصدي للصدمات مثل جائحة كورونا، وكذلك تحسين سبل حصول المهاجرين على خدمات التوظيف والخدمات الاجتماعية الأساسية في أثناء الأزمات.

وقد سافر الناس عبر البحر المتوسط في جميع الاتجاهات على مدار قرون للفرار من الحروب، والهروب من المجاعات والاضطهاد، وأيضاً للبحث عن حياة وفرص اقتصادية أفضل.

وتعليقاً على هذا، قالت آنا بيردي نائب رئيس البنك الدولي لشؤون منطقة أوروبا وآسيا الوسطى: "يعيش ربع المهاجرين على مستوى العالم في منطقة البحر المتوسط المُوسَّعة، وقد عانى المهاجرون من آثار صحية أكبر من جراء جائحة كورونا وواجهوا اضطرابات كبيرة في أوضاع التشغيل تفاقمت حدتها بسبب محدودية تغطية برامج الرعاية الاجتماعية. ويؤكِّد تقريرنا الرئيسي على الحاجة إلى بناء أنظمة للهجرة تكون لديها القدرة على الصمود بحيث يمكنها التصدي للصدمات المستقبلية، مع حماية رفاهة المهاجرين والحدّ من حدوث اضطرابات في البلدان المضيفة".

وفي بلدان الاتحاد الأوروبي الواقعة شمال البحر المتوسط، يشكِّل المهاجرون ما يتراوح من 8 إلى 37 في المئة من القوى العاملة في الوظائف الرئيسية المنخفضة المهارات بما في ذلك عمال النظافة وعمال البناء ومشغِّلو الآلات وعاملو الرعاية الشخصية، بالإضافة إلى أكثر من 6 في المئة في قطاعات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والعلوم والهندسة، والرعاية الصحية، والتعليم، كما يشكِّل المهاجرون نصف القوى العاملة على الأقل في كل دولة من دول مجلس التعاون الخليجي.

ووفقاً للتقرير، فقد أدى الاضطراب في حركة الهجرة وقدرة المهاجرين على التنقُّل بسبب الجائحة إلى تفاقم نقص العمالة الموجود من قبل على جميع مستويات المهارات في قطاع الزراعة، وصناعة البناء، والمهن الطبية، وخدمات الرعاية الشخصية في البلدان المستقبِلة للمهاجرين. وأشار التقرير إلى أن معدل الهجرة الدائمة انخفض بواقع 21 في المئة و38 في المئة على التوالي في فرنسا وإسبانيا في الفترة من 2019 إلى 2020، فيما تراجعت الهجرة الموسمية بنسبة 57 في المئة في إيطاليا خلال الفترة ذاتها. وفي المملكة العربية السعودية، انخفض عدد تأشيرات العمل في النصف الثاني من العام 2020 بنسبة 91 في المئة مقارنةً بالفترة ذاتها من العام 2019.

وأظهر التقرير أن دوافع الهجرة المستمرة، مثل الفقر والصراع ونقص فرص العمل، دفعت الراغبين في الهجرة إلى اختيار مسارات أكثر خطورة نتيجة للقيود المفروضة على التنقُّل في أثناء الجائحة. فقد زاد عدد من سلكوا المسار الأخطر إلى أوروبا- من شمال أفريقيا إلى إيطاليا- في العام 2020 بنحو مرتين ونصف المرة مقارنةً مع العام 2019، فيما أدت الزيادة في عدد الوافدين إلى أوروبا عبر جزر الكناري إلى مضاعفة الوفيات في الأشهر الثمانية الأولى من العام 2021 مقارنةً بالفترة نفسها في العام 2020.

وواجه المهاجرون أيضاً اضطرابات كبيرة في أوضاع العمل، حيث انخفضت معدلات التشغيل بين المهاجرين بدرجة أكبر منها بين السكان المحليين في العام 2020 ولاسيما في قبرص واليونان وإيطاليا وإسبانيا، ما أدى إلى الانقطاع المؤقت في التحويلات التي يرسلها المهاجرون إلى أسرهم في بلدانهم الأصلية. وتُعدّ دول مجلس التعاون الخليجي، ومنها الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وقطر، من بين أكبر البلدان المرسِلة للتحويلات.

وأشار التقرير إلى أن المهاجرين واجهوا انتكاسات كبيرة على صعيد الاندماج والتعليم في بلدانهم الجديدة، وذلك بسبب عوامل كانت موجودة قبل الجائحة مثل الحواجز اللغوية ومحدودية فرص الحصول على التكنولوجيا التي أعاقت أنشطة التعلُّم عن بعد.

من جانبه، قال فريد بلحاج نائب رئيس البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى أن: "الصدمة المتواصلة التي سببتها جائحة كورونا خلقت حاجة ملحة إلى اعتماد سياسات أكثر تقدماً بشأن الهجرة، كما إنها خلقت فرصة أمام البلدان الواقعة شمالي وجنوبي المتوسط لتقوية التعاون وبناء أنظمة هجرة أكثر استشرافاً للمستقبل وقدرة على الإسهام في بناء تكامل اقتصادي تشتد الحاجة إليه لدرء الأزمات الجديدة".

وذكر التقرير أيضاً أنه مقارنةً بالسكان المحليين، فقد واجه المهاجرون آثاراً صحية أكبر مرتبطة بالجائحة، مع زيادة حالات الإصابة ودخول المستشفى والعلاج داخل وحدات العناية المركَّزة ومعدل الوفيات بينهم. وأرجع التقرير ذلك إلى أوضاع التكدُّس في السكن، والعمل في المهن التي تتطلب التواصل المباشر مع الناس، فضلاً عن محدودية أو قلة الحصول على الرعاية الصحية الكافية.

ونوّه التقرير بتصاعد المشاعر السلبية تجاه المهاجرين وأن هذا يمكنه أن يقوِّض الانفتاح على الهجرة وكذلك الاندماج في نهاية المطاف. ويشير عدد متزايد من الدراسات إلى الارتباط بين الجائحة والمشاعر المناهضة للأجانب. وإذا لم يتم التصدي للمعلومات المغلوطة والنظر إلى قضية الهجرة بأهمية أكبر بعد انحسار الجائحة، فإن المواقف السلبية يمكن أن تشكِّل تحديات كبيرة أمام اندماج المهاجرين على المدى الطويل.

وقال ماورو تيستافيردي الخبير الاقتصادي الأول بالبنك الدولي والمؤلف الرئيسي للتقرير: "لقد أظهرت الجائحة أن توسيع سبل حصول المهاجرين على الخدمات الرئيسية كالرعاية الصحية وبرامج الرعاية الاجتماعية وسوق العمل والسكن الملائم - حتى في فترات الأزمات وحينما يضيق الحيز المتاح للإنفاق في المالية العامة على الأرجَّح- هو استثمار له مبررات اقتصادية قوية. وفي الواقع، فإن تمكين المهاجرين من الحصول على هذه الخدمات في أعقاب الصدمات الكبيرة يحمي كلاً من السكان المحليين والمهاجرين على حد سواء، كما يمكن أن يساعد الاقتصادات على التعافي بشكل أسرع.