كلفة تلوث الهواء في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تناهز 141 مليار دولار سنوياً

  • 2022-02-08
  • 10:07

كلفة تلوث الهواء في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تناهز 141 مليار دولار سنوياً

المستويات تصل في المدن الى 10 أضعاف المتوسط العالمي الآمن

  • "أوّلاً- الاقتصاد والأعمال"

​  

 ترتفع التكلفة البشرية والاقتصادية لتلوث الهواء وتدهور البحار والسواحل بحدة لتتعدى أكثر من 3 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في بعض بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA )، حيث يظهر الرصد الدولي، أن مستويات تلوث الهواء في المدن الكبرى بالمنطقة هي من بين أعلى المستويات في العالم، ما يعني ان سكان المناطق الحضرية في المتوسط يتنفسون أكثر من 10 أمثال مستوى الملوثات في الهواء التي تعتبرها منظمة الصحة العالمية آمنة.

وأشار أحدث التقارير المختصة الصادرة عن البنك الدولي، والذي تلقى موقع "أولاً– الاقتصاد والأعمال" نسخة منه، الى ان تلوث الهواء يسبّب نحو 270 ألف حالة وفاة سنوياً، اي أكثر من حالات الوفيات الناجمة عن حوادث المرور والسكري والملاريا والسل وفيروس ومرض الإيدز والتهاب الكبد الحاد مجتمعة. ويصاب سكان المنطقة في المتوسط بالمرض لمدة 60 يوماً على الأقل خلال حياتهم بسبب التعرض لارتفاع مستويات تلوث الهواء. أما التكاليف الاقتصادية لتلوث الهواء فهي هائلة حيث تقارب نحو 141 مليار دولار سنوياً، أو 2 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في المنطقة.

وأصبحت بحار المنطقة أيضاً أكثر تلوثاً، حيث تبلغ نسبة مساهمة الفرد في المتوسطة 6 كجم من النفايات البلاستيكية في بحار المنطقة كل عام، وهو أعلى مستوى في العالم. ووفقاً للتقرير، يبلغ متوسط التكلفة السنوية للتلوث البحري بالنفايات البلاستيكية نحو 0.8 في المئة من إجمالي الناتج المحلي.

ومن الأسباب الرئيسية لهذه النفايات والمخلفات البلاستيكية سوء إدارة النفايات الصلبة، والإفراط في استخدام البلاستيك، ويرجع ذلك جزئياً إلى عدم وجود بدائل بلاستيكية. وتسيء منطقتا المغرب والمشرق إدارة نحو 60 في المئة من نفاياتهما، وتنتشر مكبات النفايات المكشوفة، حتى في بلدان الخليج الأعلى دخلاً. ومن المتوقع أن يتضاعف إجمالي توليد النفايات تقريباً بحلول العام 2050 ليصل إلى 255 مليون طن (من 129 مليون طن في 2016)، مما يزيد من تفاقم هذه المشكلة.

وبالإضافة إلى البحار الملوثة، يشكل تآكل السواحل بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مخاطر متزايدة، علماً بأن معدل هذا التآكل يُعد ثاني أسرع معدل عالمياً. وفي منطقة المغرب العربي وحدها، تتآكل السواحل بمتوسط يبلغ نحو 15 سنتيمتراً سنوياً، أي أكثر من ضعف المتوسط العالمي البالغ 7 سنتيمترات سنوياً.

ويهدد اختفاء شواطئ المنطقة سبلَ كسب العيش، ولاسيما بين الفئات الفقيرة، ويؤدي تقلص السواحل إلى تضرر مصائد الأسماك، والحدّ من سياحة السواحل، وإلحاق الضرر بالأنشطة المرتبطة بها. وتتراوح التكلفة المباشرة التقديرية لتآكل السواحل من حيث الأراضي والمباني المدمرة (باستثناء التكاليف غير المباشرة مثل انخفاض إيرادات السياحة) من 0.2 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في الجزائر إلى 2.8 في المئة في تونس.

ويرجع تدهور الأصول الزرقاء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى مجموعة من أوجه القصور، لكن القاسم المشترك بين التحديات الثلاثة يتمثل في نقص المعرفة الموثوقة بالمصادر وبالقطاعات المسؤولة عن هذا القصور. وبناءً عليه، من الضروري تطوير الدراسات التي تتناول المصادر المسببة لتلوث الهواء والتلوث البحري بالنفايات البلاستيكية، فضلاً عن دراسات أكثر تفصيلاً لديناميكيات تآكل السواحل. وعلى غرار ذلك، من الضروري تفعيل برامج التوعية بشأن القضايا الثلاث لإحاطة الجمهور بمجريات الأمور وتعزيز الطلب على التغيير.

وبشكل أكثر تحديداً بالنسبة الى تلوث الهواء، يقترح التقرير تسعير تكلفة تلوث الهواء وإصلاح دعم الوقود الأحفوري وخلق أسواق للإنبعاثات، إلى جانب إتاحة خيارات نقل أكثر نظافة. ويعدّ الإنفاذ الفعال لمعايير أكثر صرامة بشأن الانبعاثات في مجال الصناعة أمراً في غاية الأهمية، فضلاً عن تطوير إدارة النفايات والمخلفات الصلبة للحد من حرق المخلفات الزراعية والبلدية في الأماكن المكشوفة.

وللتصدي للتلوث البحري بالنفايات البلاستيكية، تتضمن التوصيات الواردة في التقرير تحسين إدارة النفايات والمخلفات الصلبة، وإنشاء هياكل موثوقة لأسواق إعادة تدوير المخلفات، وزيادة التعاون مع القطاع الخاص بشأن البدائل البلاستيكية، وفي الوقت نفسه خفض دعم الوقود الأحفوري حيث يقلل هذا الدعم، وبصورة مصطنعة، من أسعار المواد البلاستيكية مقابل البدائل.

ولمواجهة تآكل المناطق الساحلية، على حكومات المنطقة أن تفهم على نحو أفضل العواملَ التي تؤدي إلى حدوث التآكل وأن تحدد المناطق المعرضة له بشدة، مع الشروع في الوقت نفسه في تنفيذ خطط متكاملة لإدارة المناطق الساحلية واعتماد حلول طبيعية تحمي السواحل، بما في ذلك الغطاء النباتي للكثبان الرملية أو الشعاب المرجانية الاصطناعية. علاوة على ذلك، يشير التقرير إلى ضرورة الحد من الممارسات التي تؤدي إلى تفاقم مشكلة تآكل السواحل، ويتضمن ذلك فرض حظر فعال على أنشطة التعدين غير المشروعة للرمال، وإعادة تأهيل السدود التي تعوق تدفق الرواسب من الأنهار إلى السواحل.

وتعليقاً، قال فريد بلحاج، نائب رئيس البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "إن السماء والبحار الملوثة باهظة التكلفة على الصحة والرفاهية الاجتماعية والاقتصادية لملايين الناس في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ومع تعافي بلدان المنطقة من جائحة كورونا، هناك فرصة لتغيير مسارها واختيار مسار نموٍ أكثر خضرة وأكثر زرقة وأكثر استدامة كي تقل الانبعاثات ويتراجع التدهور البيئي".

بدورها، قالت آيات سليمان، مديرة التنمية المستدامة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالبنك الدولي: "الأصول الزرقاء السليمة هي محور التجارة والسياحة والصناعة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومع ضرورة بذل المزيد من الجهود، تدرك بلدان عديدة الآن الحاجة الملحة لحماية رأس المال الطبيعي الحيوي من خلال الإصلاحات والضوابط التنظيمية والشراكات والاستثمارات".