70 دولاراً لبرميل النفط ريثما تنقشع غيمة المتحوّر أوميكرون

  • 2021-12-02
  • 13:35

70 دولاراً لبرميل النفط ريثما تنقشع غيمة المتحوّر أوميكرون

  • أحمد عياش

لا مجال هنا على الاطلاق لـ "نظرية المؤامرة" عند الحديث عن تراجع أسعار النفط التي انخفضت في بداية الشهر الأخير من السنة الميلادية إلى ما يقرب من 70 دولاراً للبرميل، بانخفاض عن أعلى مستوياتها في ثلاث سنوات فوق 86 دولاراً في تشرين الأول/ أكتوبر. فقد سجلت الأسعار أكبر انخفاض شهري لها في تشرين الثاني/نوفمبر منذ بداية الوباء، حيث أثار البديل الجديد " متغيّر أوميكرون مخاوف من التخمة" كما رأت وكالة رويترز.

وفي ما كانت الانظار متجهة الى ما ستقرره منظمة الاوبك وحلفاؤها في الاجتماع الذي عقدته على بعد، وعلى مدى يوميّ الأربعاء والخميس في الأول والثاني من كانون الأول/ديسمبر، كي تقرر ما إذا كانت ستضخ المزيد من الخام في السوق، أو ستكبح الإمدادات، قالت السعودية وروسيا، وهما أكبر الدول المنتجة في "أوبك بلس" مسبقاً، إنه ليست هناك حاجة لأن تقوم المجموعة بردّ فعل غير محسوب لتعديل سياسة الإنتاج، كذلك نقلت وكالة الأنباء العراقية عن وزير النفط إحسان عبد الجبار قوله إنه يتوقع أن تمدد "أوبك بلس" سياسة الإنتاج الحالية على المدى القصير.

وقال ستانلي ريد في النيويورك تايمز إن "أوبك" وحلفاءها "سيحاولون التأكد من أن الانهيار المفاجئ الحاد لأسعار النفط يوم الجمعة في 26 من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي - أي انخفاض بأكثر من 10 في المئة في غضون ساعات قليلة، الذي انطلق من تقارير عن متغير جديد لـ"كوفيد-19" - لن يصبح هزيمة".

وقد ساعدت "أوبك بلس" في تنظيم ارتفاع الأسعار بأكثر من 50 في المئة هذا العام من خلال الإدارة الدقيقة للإمدادات، ولن يرغب أعضاؤها في أن تفلت هذه المكاسب.

ونظراً الى أنه من السابق لأوانه معرفة تأثير البديل أوميكرون على الاقتصاد العالمي، فإن أسهل خطوة، بحسب النيويورك تايمز،  قد تكون الالتزام بالخطة المتفق عليها والانتظار حتى الاجتماع المقبل للمجموعة، في يناير/كانون الثاني.

في المقابل، بدت إدارة الرئيس الاميركي جو بايدن، وكأنها كسبت معركة خفض أسعار النفط. لكن يتعيّن عليها أن تكسب الحرب إذا جاز التعبير. وإلى جانب تأثير المتحور الجديد، انخفضت الأسعار الآن بنحو 15 في المئة منذ أواخر تشرين الأول/أكتوبر، مما يحقق الكثير مما أراده البيت الأبيض. وبحسب ما صرّح به أموس هوشتاين المبعوث الاميركي الخاص ومنسق شؤون الطاقة الدولية، لتلفزيون CNBC الدولي بأن يوم الجمعة الاخير من الشهر الماضي، كان "يوماً تاريخياً في أسواق النفط من ناحية تراجع الاسعار أكثر من 10 في المئة"، لكنه استدرك قائلا:" علينا أن نرى تأثير (المتحور الجديد)، إذ لا أحد يعرف في الواقع ما هو التأثير على السوق. إننا فقط  نعرف شيئين: الاول، لا نعرف ما سيحدث مع COVID. والثاني، نعرف أن الانتعاش الاقتصادي كان قوياً جداً، وإذا استمر هذا الانتعاش الاقتصادي فلسوف يخلق زيادة كبيرة في الطلب".

وكان محللو وكالة رويترز أفادوا في وقت سابق في مذكرة "أن اطلاق البترول من الاحتياطات الاستراتيجية (كما فعلت الولايات المتحدة وعدد من الدول المستهلكة وفي مقدمها الصين)، يزيد من المنافسة على السيطرة على سوق البترول بين اكبر المنتجين فى العالم"، لكنهم توقعوا "ألا تقف اوبك مكتوفة الايدي مع دخول السوق مرحلة حرجة".

وقد دعا الديمقراطيون في الكونغرس، بمن فيهم زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، الرئيس بايدن أخيراً إلى اتخاذ إجراءات لتوفير الإغاثة الفورية للأميركيين، فيما حذرت جنيفر م. غرانهولم وزيرة الطاقة من توقع انخفاض فوري ومثير في اسعار الوقود. وعندما سئلت عن الموعد الذي قد يشهد فيه الأميركيون انخفاضاً في الأسعار، لم تقدم أي وعود: "لن يكون ذلك غدا"، على سبيل المثال.

بيد ان الصورة عند من هم حلفاء واشنطن في الحملة لخفض اسعار النفط، لا تبدو متطابقة مع الحسابات التي يعتمدها الاميركيون. ففي اليابان مثلاً، تعمل المصافي هناك على "إزالة الغبار" عن سلاسل الإمداد غير المستخدمة لزيت الوقود، وفق رويترز، وقال انه يجري حالياً تحضير السفن الساحلية وخزانات التخزين بعد تلقي طلبات من المرافق الكهربائية لتوريد المزيد من زيت الوقود هذا الشتاء وسط أزمة عالمية لوقود توليد الطاقة. وقال المديرون التنفيذيون والمحللون إن اليابان تجنبت بصعوبة انقطاع التيار الكهربائي في الشتاء الماضي حيث ارتفع الطلب على الغاز الطبيعي المسال وارتفعت الاسعار خلال موجة البرد، وقد يزداد الوضع هذا العام تشدداً حيث إن الاستخدام القوي وإعادة التخزين في اوروبا وآسيا يسحبان الامدادات ويثبّتان الاسعار بالقرب من مستويات قياسية.

يشار الى ان مخزون الطوارئ الذي استغله بايدن، يقبع في كهوف تحت الأرض في تكساس ولويزيانا، وقد أنشئ بعد الحظر النفطي الذي فرضه الأعضاء العرب في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) في الفترة 1973-1974، وتم استغلاله في حالات الطوارئ مثل الحشد لحرب الخليج في العام 1991 وما تلا إعصار كاترينا في العام 2005، عندما تضرر جزء كبير من البنية التحتية النفطية لخليج المكسيك. ويستخدم الاحتياطي أيضاً لتبادل النفط أو إعارة النفط إلى المصافي عندما تسد الحوادث أو العواصف قنوات الشحن.

ويعتقد معظم الخبراء، ان الافراج عن النفط يمكن ان يخفض الاسعار بشكل متواضع في النهاية ولكن لفترة قصيرة فقط، لان اسعار البترول تحدد عالمياً ويبلغ متوسط الاستهلاك العالمي نحو 100 مليون برميل يومياً.

من جانبه، قال فاتح بيرول، المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، إن قيام دول من كبار مستهلكي النفط بالسحب المنسق من مخزوناتها الاستراتيجية من الخام ليس تحركاً من جانب الوكالة في مسعى لتهدئة الأسعار، فيما يرى خبراء أن القرار الأميركي ليس سليماً، ومن غير الملائم الإصرار على التدخل في سوق ذي طبيعة تجارية.

في ختام هذا العرض، يمكن القول إن ما تشهده سوق الطاقة العالمية حالياً هو أشبه بـ "معركة" في سياق "حرب" أعلنتها الإدارة الأميركية، وبالتالي، ليس ضرورياً كما هو معروف، ان يكسب الحرب من كسب المعركة راهناً؟