طارق عامر.. الثقة المتجددة

  • 2020-01-03
  • 10:34

طارق عامر.. الثقة المتجددة

  • عاصم البعيني

يحمل قرار تجديد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الثقة بطارق عامر لقيادة البنك المركزي المصري أبعاداً مهمة.

فبقدر ما شكل هذا القرار اعترافاً بفعالية السياسات النقدية والمصرفية التي اعتمدها الرجل خلال ولايته السابقة، فإن التجديد له يعيد التأكيد على أهمية هذه السياسات كجزء من توجهات المرحلة الاقتصادية الحالية القائمة على تحفيز النمو الاقتصادي، والبدء بتسهيل السياسة النقدية عبر خفض أسعار الفائدة المحلية والمساهمة في تعزيز جاذبية مصر للاستثمار الأجنبي. ويضاف إلى ما سبق، عمل عامر على تعزيز المتانة المالية للمصارف، وبالتالي قدرتها على توفير المتطلبات التمويلية للاقتصاد بشقيه الحكومي والخاص.   

 السياسة النقدية 

يقود الحديث عن مسيرة طارق عامر تلقائياً إلى تطبيقه قرار تحرير صرف الجنيه في العام 2016 بالرغم من الانعكاسات التي يتركها على الاقتصاد في مراحله الأولى، لا سيما وأنه أتى في مرحلة انتقالية صعبة. إذ كان لهذا القرار نتائجه الإيجابية في عودة التدفقات النقدية الأجنبية مجدداً بالتزامن مع نجاح مصر في استقطاب نحو 200 مليار دولار خلال 3 سنوات وكذلك ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي إلى مستويات قياسية، إذ بلغ نحو 45.354 مليار دولار في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر 2018. واستمرت مفاعيل هذا التوجه خلال العام الماضي، إذ حلّ الجنيه في المرتبة الثانية عالمياً لجهة المكاسب المحققة في مقابل الدولار، وبلغت نحو 10.3 في المئة على مؤشر "مورغان ستانلي" للعملات. 

مبادرات التحفيز 

شكل تحفيز القطاعات المنتجة  عنصراً مهماً في عهد طارق عامر، والذي يبدو أنه مستمر في ولايته الثانية في قيادة البنك. وألزم المصارف في العام 2016 بتخصيص 20 في المئة من محافظها الائتمانية لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة حيث بلغ إجمالي القروض المقدمة من قبل المصارف نتيجة هذه المبادرة نحو 146 مليار جنيه. 

 وتتزامن ولاية عامر الجديدة مع إطلاق الحكومة بالتعاون مع البنك المركزي خطة تحفيز ثلاثية شملت توفير تمويل بقيمة 6.2 مليار دولار بفائدة متناقصة للمصانع الكبيرة والمتوسطة، إسقاط الفوائد المتراكمة والبالغة نحو 1.93 مليار دولار عن أكثر من 5 آلاف مصنع، وتوفير تمويل شراء وحدات سكنية بنحو 50 مليار جنيه لمتوسطي الدخل بفائدة 10 في المئة وسداد لمدة 20 عاماً. كما دعم المركزي مبادرة رواد النيل الهادفة لتعزيز واقع ريادة الاعمال في مصر، بالتعاون مع جهات عدة. 

 تعزيز ملاءة المصارف 

بدوره استحوذ تعزيز الملاءة في القطاع المصرفي ومواكبة المعايير الدولية على حيز مهم من اهتمامات عامر. وجاء القانون الجديد الخاص بالمصارف ليعزز هذا التوجه الذي تضمن رفع رؤوس أموال المصارف المحلية إلى 5 مليار جنيه والفروع التابعة لمصارف أجنبية إلى 150 مليون دولار (ما يعادل 2.4 مليار جنيه)، وستكون المصارف المحلية في ضوئه بحاجة إلى نحو 13 مليار جنيه كزيادة في رؤوس أموالها، ومن شأن هذه الزيادات أن تعزز قدرة المصارف على زيادة الإقراض وتعزز ملاءتها المالية في مواجهة أي مخاطر محيطة وذلك بما يدعم التوجهات نحو تحفيز. 

 وفي المحصلة، يمكن القول إن طارق عامر رجل المهمات والمراحل الصعبة سيستمر بقيادة البنك المركزي وبدور مهندس السياسات النقدية والمصرفية مع اعطاء تحفيز النمو اولوية مع ما يتطلبه ذلك من انخراط أكبر للمصارف في تمويل الاقتصاد ومن ضبط السياسة النقدية على ايقاع هذا النمو ومتطلبات استقطاب الاستثمار والمتغيرات الاقليمية والدولية.

 وكان السيسي قد أصدر قراراً بتشكيل مجلس إدارة البنك المركزي برئاسة عامر، وجرى اختيار كلاً من جمال نجم ورامي أبو النجا نائبين للرئيس، وعضوية كل من د.محمد عمران رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، وممثل عن وزارة المالية، وعلي فرماوي، ود.نجلاء الأهواني، ود.أشرف العربي، وتامر الدقاق.