لبنان قد يشهد هجرة 15 ألف عائلة نهاية الصيف!

  • 2020-07-10
  • 13:26

لبنان قد يشهد هجرة 15 ألف عائلة نهاية الصيف!

  • أحمد عياش

وسط تصاعد القلق من انسداد أفق الحلول للأزمة المالية في لبنان وما نتج عنها حتى الآن، برزت مخاوف في أوساط دينية، وتحديداً الطائفة المارونية من ان تؤدي هذه الأزمة إلى هجرة من استطاع الى ذلك سبيلاً طلباً للإستقرار الذي يتعرض للإهتزاز على صعد عدة. فما هي المعلومات المتوافرة حول هذا الموضوع؟

تمهيداً لعرض هذه المعطيات، بدت لافتة للإنتباه العظة التي ألقاها البطريرك الماروني مار بطرس الراعي في الخامس من تموز/يوليو الحالي وقال فيها: "لبنان جامعة الشرق ومدرسته تُغلَقُ جامعاتُه ومدارسُه وتنحطّ عزيمتها، ولبنان مُستشفى الشرق تُقفَل مستشفياتُه ويتعثّر تطوّرها؟ ولبنان السياحة والبحبوحةُ والازدهارُ تعاني فنادقه من الفراغ وتُحتجز أموال الشعب في المصارف؟"

بالتزامن مع مخاوف البطريرك الماروني، تصاعدت الأزمة التربوية في لبنان بسبب الضغوط التي يتعرّض لها قطاع التعليم الخاص الذي يستقطب معظم اللبنانيين انطلاقاً من قناعة بجودة التعليم في هذا القطاع. لكن، وبسبب الأزمة المالية وعجز العائلات عن تسديد تكاليف تعليم الأبناء في هذا القطاع بدأت المؤسسات التربوية الخاصة في كل المراحل بدءاً من المرحلة الابتدائية وصولاً إلى المرحلة الجامعية  تواجه أزمة لا سابق لها ما دفعها بداية إلى حسم رواتب العاملين فيها وصولاً الآن إلى الاستغناء عن قسم كبير منهم وسط مخاوف من الاعلان قريباً عن إقفال عدد كبير من هذه المؤسسات، وترافقت هذه الظاهرة التي لا تقتصر على القطاع التربوي فحسب، بل شملت في الأيام الماضية القطاع الصحي الذي يقف على مشارف الإقفال أيضاً في القطاع الخاص، مع توجه الكثرة الساحقة من المواطنين إلى القطاع التربوي العام متجاوزين تحفظاتهم التقليدية عنه بسبب الضرورات التي تبيح المحظورات، وفي مقدم هذه الضرورات تفادي دفع تكاليف التعليم في القطاع الخاص والتي صارت باهظة جداً لفقدان مصادر العيش عند غالبية المواطنين.

ماذا عن عنوان هذا المقال الذي يتوقع هجرة 15 ألف عائلة لبنانية نهاية الصيف؟

في تقرير ديبلوماسي وصل إلى عدد من المراجع الدولية ورد أن جزيرة قبرص المجاورة للبنان والتي تمثل البوابة الشرقية لأوروبا، تهافت عليها اللبنانيون في الأعوام القليلة الماضية لشراء مساكن فيها بفضل عروض مغربة لناحية الأسعار وكذلك لناحية التسهيلات الممنوحة لمالكي هذه الشقق تتمثل بالإقامة والقدرة على الوصول لاحقاً إلى الاتحاد الأوروبي. ويشير التقرير إلى أن هناك نحو 15 ألف لبناني تملكوا شققاً في الجزيرة المجاورة وهم في كثرتهم الساحقة من المسيحيين. وقد أتت الأزمة الحالية في لبنان لتعطي حوافز لهؤلاء كي يغادروا إلى مكان إقامتهم الجديد، ومن أهم هذه الحوافز هو السعي لتوفير التعليم لأبنائهم بدلاً من المؤسسات التربوية العريقة في بلدهم والمهددة بالإقفال الآن، ويقدر التقرير عدد أفراد هذه الأسر التي لديها إقامة في قبرص بنحو 50 ألف مواطن.

لا بدّ من الإشارة إلى أن قبرص أصدرت أخيراً بياناً في لبنان يتضمن القيود الجديدة على الراغبين في السفر إليها لكن "سيتم السماح فقط للمواطنين القبارصة وحاملي تصاريح الإقامة بدخول أراضيها انطلاقاً من قرار المجلس الأوروبي الذي صنّف لبنان بين الدول التي لا يمكن لرعاياها الدخول إلى الاتحاد الأوروبي في الوقت الراهن بسبب جائحة كورونا".

رب سائل عن الامكانات التي تتيح لهذا العدد الكبير من اللبنانيين أن يتوجهوا خصوصاً إلى قبرص كما ورد في التقرير الديبلوماسي؟ يجيب خبراء في أحوال اللبنانيين الذين أقبلوا على شراء مساكن في الجزيرة أن هناك قسماً من اللبنانيين ولاسيما الذين يعملون في دول الخليج العربي تسمح لهم امكاناتهم بالإقدام على خطوة انتقال أسرهم للعيش في الجزيرة، محققين بذلك هدفاً مهماً يتطلع إليه اللبنانيون كافة ألا وهو توفير فرص العلم الذي ما زال في رأس أولويات اللبنانيين منذ أجيال، كما إن هناك ميزة إضافية للإنتقال للعيش في قبرص هو قرب الجزيرة من لبنان ما يحافظ على استمرار التواصل مع الوطن الأم.

هل يقتصر ملف الهجرة على نحو خمسين ألف لبناني ينتقلون نهاية هذا الصيف إلى العيش في قبرص؟ بالعودة إلى القلق الذي عبّر عنه البطريرك الراعي، بدأت وسائل الإعلام على اختلافها بنشر إعلانات حول سبل الهجرة إلى أستراليا، كما ذكر تحقيق نشره موقع بي بي سي الالكتروني حديثاً أنه "لا تتوفر أعداد رسمية لطالبي الهجرة في لبنان ولكن التوقعات هي أن نسبة الراغبين بذلك هائلة، وقد يشكل ذلك أكبر خسارة لبلاد لطالما اعتبرت أن العنصر البشري فيها هو من أبرز مقوَماتها".

لا جدال في أن العالم وبسبب جائحة كورونا يعيش حالياً فترة من الانغلاق غير مسبوقة، هذا هو واقع الأمر. لكن هناك وبحسب الخبراء استثناءات يتطلع إليها اللبنانيون في وقت واحد مع كثير من الشعوب، ألا وهي مناطق الهجرة البعيدة كأستراليا والقارة الأميركية وغيرهما من التي تحتاج دوماً إلى كفاءات بشرية يتمتع بها اللبنانيون. ولذلك، فهناك مخاوف فعلية من أن تكون موجات الهجرة إلى الأماكن القريبة كقبرص مقدمة للهجرات البعيدة، وهناك الكثير من الأمثلة على الهجرات البعيدة في التاريخ الحديث والقديم لهذا البلد.

هل من حلول تستطيع أن تتدارك هذا التطور المؤسف الذي يتهدد مستقبل لبنان؟

بالتأكيد هناك دوماً حلول. لكن السؤال الآن: أين هذه الحلول اليوم والتي تستطيع تفادي بداية الهجرة الواسعة من لبنان، والتي تلوح في الافق القريب؟