المؤسسات السياحية في لبنان تتجه إلى الإقفال الكامل..هل من مغيث؟

  • 2020-07-06
  • 07:30

المؤسسات السياحية في لبنان تتجه إلى الإقفال الكامل..هل من مغيث؟

  • بيروت – "أوّلاً- الاقتصاد والاعمال"

 

أطلقت النقابات السياحية في لبنان نداء الاستغاثة الأخير في محاولة منها لإنقاذ القطاع السياحي الذي هو في مرحلة الموت السريري وبانتظار رحمة المعنيين في الدولة لاتخاذ الخيار إما بإطلاق رصاصة الرحمة أو إعادة انعاش هذا القطاع، الذي وصلت مساهمته في العام 2011 إلى نحو 25 في المئة من الناتج الوطني.

وأمهل اتحاد النقابات السياحية الحكومة والسلطات المعنية شهراً للإعلان عن "اليوم الأسود للسياحة في لبنان"، ربماً إيماناً منه بالمغتربين الذين من الممكن أن ينقذوا، ولو جزئياً، الموسم السياحي مع فتح مطار بيروت الدولي. 

 

 

نحو 310 آلاف عامل مهددين بخسارة وظائفهم

 

فالقطاع السياحي الذي يعمل فيه أكثر من 160 ألف موظف مسجلين في صندوق الضمان الاجتماعي مهددين بخسارة وظائفهم، بالإضافة إلى أكثر من 150 ألف موظف موسمي من طلاب الجامعات مهددين بتحصيلهم العلمي.

أدخل القطاع  السياحي إلى لبنان 80 مليار دولار خلال 15 سنة، ويواجه هذا القطاع الذي كان قبل 10 سنوات يشكل 10 في المئة من الناتج الوطني بشكل مباشر و25 في المئة بشكل غير مباشر حرباً غير مسبوقة، ليس أولها الأزمات والأحداث التي شهدها لبنان والمنطقة وليس آخرها تداعيات كورونا، بل إهمال الدولة الذي امتد على مدى سنوات أمعن في قتل القطاع على البطيء.

 

إقرأ أيضاً: كم بلغ إيراد الغرفة الفندقية في لبنان؟ وتعرّف على الأرقام الصادمة للقطاع السياحي


القطاع الذي واجه الأزمات منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري في العام 2005 بقي صامداً حتى اليوم بعد أن تخلت الدولة عنه. سنة 2008 أدخل القطاع السياحي 5 مليارات دولار و7.2 مليارات دولار سنة 2009 ما جعله يشكل 25 في المئة من الدخل الوطني ليصل إلى رقم قياسي سنة 2010 بعدد السياح ومساهمة بـ 30 في المئة، ومن بعدها توالت الازمات وبدأ المنحى التراجعي سنة 2011 مع اقفال الحدود. سنة 2012 تراجع القطاع السياحي بأكثر من 50 في المئة. سنة 2013 سجل القطاع التراجع الأكبر في عدد السياح الذي سجل 40 في المئة والخسائر التي قدرت بـ 4 مليارات دولار. العام 2015  تراجع عدد السياح والانفاق السياحي لتبلغ خسائر القطاع أكثر من ملياري دولار ولينخفض الإشغال الفندقي إلى ما دون 50 في المئة، وتسجل بيروت نسبة الإشغال الأدنى على مستوى المنطقة. في العام 2017 ومع الجهود التي قامت بها الوزارة والنقابات السياحية والاستقرار الأمني والسياسي عاد الأمل مع تسجيل أعلى نسبة سياح منذ سبع سنوات تخطى عددهم المليوني سائح بزيادة 13 في المئة عن 2016 وزيادة 6 في المئة في الإنفاق. وفي سنة 2018 عاد الوضع للتدهور من جديد واستمر العام 2019 مع الاحتجاجات الشعبية وعدم الاستقرار المالي لتأتي العام 2020 رصاصة الرحمة بعنوان كورونا الضربة كانت قاضية والتعويل كان على خطة هزيلة تضم اقتراحات واعفاءات ضريبية، اجتماعات ووعود اختفت ووضعت الخطة في الدرج.

لم يكن السبب أبداً الشارع الذي طالب بحقوقه بل الدولة في إهمالها القطاع على مدى السنين هو من أوصل القطاع إلى مرحلة الموت السريري، تطلق صرخة رحمة واتخاذ الخطوات والاجراءات لمرة واحدة في قصة حياة أو موت. 

الصرخة الأخيرة أتت مدوية في المؤتمر الصحافي الذي عقده اتحاد نقابات المؤسسات السياحية في لبنان تحت عنوان "هل يصبح لبنان من دون سياحة"؟

الأشقر

تساءل رئيس الاتحاد نقيب اصحاب الفنادق في لبنان بيار الأشقر في كلمته قائلاً: ماذا بعد؟ إنهياراتٌ جماعيّة، إفلاساتٌ جماعيّة، لم الإنتظار؟ تأجيلٌ ومن ثم تأجيلٌ ولا قرار ولا حياة لمن تُنادي. أفقدتمونا العامود الفقري للسياحة، والمستثمرين، والأصدقاء والمانحين. أفقدتمونا الحجر والبشر والمستقبل . ماذا بعد؟، دمّرتم القطاع السياحي وقتلتم أهل القطاع. وأضاف: هذا واقعنا، كلنا نَحتَضِر، يَسقُط الواحد تلو الآخر، وأنتم أهل السلطة تشاركون بالجنازة؛ وبعزائِكم لنا، تَعتَبِرون أنكم أدّيتم واجبكم. إننا نعاني الأمرّين في صراعنا للبقاء. وها نحن اليوم  بعكس العُرف المعتمد  في القطاع،  أزلنا ربطات العُنق وها نحن نستعد لثورة الجياع نعم، نحن جائعون، لن نَسْكُتَ، لن نَتَخاذَلَ، لن نَرضَخَ، لن نتراجع، لن نيأس، لن ننكسر". وتابع: أنتم أهل السياسة، شوّهتم صورة لبنان، ماذا سيكتب عنكم التاريخ؟ بعد  شهر على  إنطلاق الثورة، أطلقْنا صرخةَ ألَم، قُلنا: "نحن ثائرون على حكامنا لأنهم تقاتلوا على المحاور والمحاصصة والمنافع والمراكز والتعيينات وغيرها.  لستم وحدكم المسؤولين،  ومع هذا إلى من أتوجه اليوم؟  إلى الحكومات السابقة؟ أم الى الحكومة القائمة وفي بيانها الوزاري وافقت على التسلُّمِ. في هذه الظروف، مدركةً المخاطر ودقّتها. قَبِلتُمْ الرهانَ وأتيتم للإنقاذ بعنوان إستعادة الثقة بإنجازات ملموسة وسريعة، مستقلّة  عن التجاذب السياسي! قبل ثقة الناس  أين الثقة بين بعضكم البعض؟ أين مطالبنا التي تقدّم بها لكم وزير السياحة؟أين القرارات الصائبة؟ أين الإنجازات الملموسة والسريعة؟ بادروا أو إرحلوا ليبقى لبنان!

 

بيروتي

أما أمين عام الاتحاد رئيس نقابة المؤسسات البحرية السياحية جان بيروتي، فقال: إن اجتماعنا اليوم هو لنقول للحكومة والسياسيين صانعو الحوكمات انتم تخليتم عن دوركم الذي يفترض ان يكون ناظم ومخطط اذ كل دول العالم تتحمل المسؤوليات وتدعم قطاعاتها الانتاجية الاساسية حفاظاً على الاستمرارية، والدولة مسؤولة عن الأمن الاجتماعي والاستقرار الاقتصادي ماذا فعلت حتى الآن. نجحت المنظومة السياسية والحكومات المتعاقبة في رمي المشاكل عن كتفها ووضعتنا نتواجه: المستثمر بوجه المستهلك المواطن.
وعدّد بيروتي مشاكل المؤسسات البحرية السياحية ولاسيما موضوع الاملاك العامة البحرية، حيث قدم 90 في المئة من المؤسسات السياحية طلبات المعالجة لملفاتهم ودفعوا ما هو مترتب عليهم، وطالب بحسم 50 في المئة على بدلات الإشغال للعام 2020، علماً أن هناك 40 في المئة من هذه المؤسسات اقفل والباقي على الابواب، وأشار إلى أن هناك غياباً كلياً للدولة في موضوع تسعير وتداول المشتريات، ودعا الى ان تكون الحكومة فريق عمل من رجال علم بعيدة عن المصالح وتأتي بمشروع انقاذي لانقاذ البلاد والعباد.

 

الرامي

أما نائب رئيس الاتحاد رئيس نقابة اصحاب المطاعم والباتيسري طوني الرامي فقال: خطاباتكم الرنانة لم تعط خبزاً ولم تسد جوعاً وشعاراتكم لم تدر فلساً مقدوحاً. فعمل السياحة هو رؤية وخطة وتخطيط وعمل دولة، وليس عملاً فردياً، أدخلت السياحة 80 مليار دولار خلال 10 سنوات، ودفعت ضرائب ورسوم واشتراكات 30 مليار دولار، ولمْ تضيئوا فيها مرفقاً سياحياً واحداً. التجاذبات السياسية والمحاصصات الوزارية منعت السلطة إعطاءنا القليل من الكثير وفشلوا بإقرار الخطة السياحية وحُرم القطاع من أدنى حقوقه، على الرغم من المساعي والكد".
وأضاف: نعلمكم بكل صراحة ووُضوح أننا سننزع ربطات العنق من رقابنا المثقلة بالمتاعب والمصاعب والديون: إذا لم تقرّوا الخطة، وسنجتاح الشوارع ونأخذها بالمظاهرات السياحية، فما أخذ منا بالتمنيات .. لا يسترَد.. إلا بقوة الضربات. فنمهلكم أياماً معدودة - ليس كرماً لكم، إنما حباً بهذا الوطن، وإيماناً منا فيه، وكرمى لأصحاب المؤسسات في المناطق - إنْ كان هناك موسم - لكي تلبّوا طلباتِنا المحقة وإلاّ سنكون نحن، أرباب العمل 10 آلاف وعمالنا برقبتنا 160 ألفاً وكل من يدور في فلكنا وعيالهم، نصف مليون، سنكون من عديد الثوار الجائعين على الأرض، كما ستلتزم نقابة أصحاب المطاعم المقررات التي ستُتلى عند انتهاء هذا المؤتمر. 

عبود

من جهته، قال رئيس نقابة شركات السفر والسياحة في لبنان جان عبود كنت اتمنى أن أكون اليوم أمامكم أطلق مع زملائي برامج موسم صيف 2020 وعروضات شركات الطيران ومكاتب السفر والسياحة، إلاّ أنني وللأسف أجد نفسي أمام قطاع يحتضر، أمعن المعنيون بنحره، وها هم يجهزون عليه بقراراتهم العشوائية غير المدروسة ومن دون التنسيق مع أهل القطاع غير آبهين بصرخاتنا التي أطلقناها أمامهم في أكثر من مناسبة غاسلين أيديهم من جريمة تشريد أكثر من 500 الف عائلة وإقفال أكثر من 600 شركة ومؤسسة تتعاطى أعمال السفر. وطالب عبود  بتحرير أموال شركات الطيران والسماح بتحويلها إلى الخارج، وتخصيص قطاع السياحة والسفر بسعر موحد ومدعوم للدولار الأميركي أسوة بالقطاعات الحيوية الأخرى، تخصيص مكاتب السفر والسياحة ببطاقة إئتمان دولية تجيز الدفع خارج لبنان محصورة بنشاط القطاع وذلك للمحافظة على عمل المكاتب وإلتزاماتها الدولية، تكليف لجنة تضم وزراء الخارجية والسياحة والإقتصاد والمال والنقل بالإشتراك مع نقابة اصحاب مكاتب السفر والسياحة وسائر النقابات المعنية بالشأن السياحي، هدفها وضع خطة سريعة تهدف إلى تحفيز مكاتب السفر العالمية والسياح على حد سواء واستقطابهم إلى لبنان.

اللبان

أما رئيس نقابة الشقق المفروشة في لبنان زياد اللبان، فأشار إلى "الواقع المرير الذي يمرّ به قطاع الشقق المفروشة والضرائب التي يتحملها اصحاب هذه المؤسسات ولاسيما أن هذا القطاع معروف منذ زمن في لبنان وهو اليوم يعاني من الكثير من الصعاب والمشاكل"، وأيّد الخطوات التي سيتخذها الاتحاد لما فيه مصلحة العاملين فيه من اصحاب مؤسسات الى المستخدمين والعمال.

دقدوق

بدوره، رأى رئيس نقابة اصحاب شركات تأجير السيارات محمد دقدوق، أن "السياسة المالية المعتمدة اوصلت البلاد الى ما هي عليه وقطاع تأجير السيارات تأثر مثل غيره من القطاعات السياحية ولاسيما  في ما يتعلق في الالتزامات المصرفية والمالية وانعكاساتها السلبية على استمرار هذه المؤسسات في ظل الظروف الاقتصادية التي تعيشها البلاد"، وطالب الدولة بإلغاء رسم تسجيل السيارة وروسوم الميكانيك ورسم المئة الف رسم ترخيص تأجير السيارة وبدعم القطاع السياحي.

بعلبكي

وأعلنت رئيسة نقابة الأدلاء السياحيين اليسار بعلبكي، باسم الأدلاء السياحيين وقفة تضامن ودعم مع المؤسسات السياحية مشيرة الى أن هناك 150 مرشداً سياحياً يعتاشون من هذه المهنة أي 150 عائلة ستبقى عاطلة عن العمل بلا مدخول والمهنة مهددة بالزوال وايدت التحرك الذي سيقوم به اتحاد النقابات السياحية.

البيان الختامي

وطالب المجتمعون بإقرار الخطة المحالة من قبل وزير السياحة على طاولة مجلس الوزراء فوراً، وإقرار المراسيم التطبيقية لهذه الخطة وإحالة مشاريع القوانين المطلوبة لتطبيق مضمون الخطة على مجلس النواب، وإقرار "الدولار السياحي" أسوةً ببقية القطاعات وإيجاد سياسة داعمة لتذاكر السفر لتنشيط السياحة الوافدة الى لبنان.

وأمهل القطاع السياحي الحكومة والسلطات المعنية مدة شهر بالتمام والكمال لتنفيذه هذه المطالب، مع إعلان رؤساء النقابات السياحية وضع إستقالاتهم في تصرف أعضاء النقابات، لتحرير تحركاتهم التصعيدية في المرحلة المقبلة، وأعلنوا عن إجتماع إستثنائي ومؤتمر صحافي يعقد صباح 3 آب/ أغسطس المقبل للإعلان عن تاريخ اليوم الأسود للسياحة في لبنان وعن الخطوات التالية: إقفال كل المؤسسات السياحية على كامل الأراضي اللبنانية. وضع جميع أصحاب المؤسسات والموظفين والعاملين في المؤسسات السياحية تحت مسؤولية الحكومة لعدم قدرة المؤسسات للإيفاء بإلتزاماتها. الإعلان الرسمي عن وقف كل المؤسسات السياحية تسديد أي من إلتزاماتها وموجباتها لخزينة الدولة. الدعوة الى تظاهرة ضخمة لكل العاملين في القطاع السياحي باعتصام مفتوح  أمام وزارتي السياحة والاقتصاد حتى تحقيق المطالب.