كيف تتحول "إنفيكتوس للاستثمار" إلى عملاق إفريقيا الغذائي؟

  • 2025-09-01
  • 12:11

كيف تتحول "إنفيكتوس للاستثمار" إلى عملاق إفريقيا الغذائي؟

  • حاوره فيصل أبو زكي

تضع شركة "إنفيكتوس للاستثمار" نصب عينيها هدفاً طموحاً: مضاعفة إيراداتها خمس مرات بحلول العام 2028، لترسيخ مكانتها كواحدة من عمالقة قطاع السلع الغذائية في القارة الإفريقية. ولكن كيف يمكن تحقيق هذه القفزة النوعية؟

في هذه المقابلة الحصرية مع "الاقتصاد والأعمال"، يكشف أمير داود عبد اللطيف، الرئيس التنفيذي للشركة، عن خريطة الطريق والاستراتيجيات التي تقف خلف هذا الطموح الكبير.

- تتوسع شبكة تواجدكم بسرعة، وقد أعلنتم مؤخراً عن عمليتي تملك في موزمبيق وأنغولا. لماذا هاتان العمليتان بالذات، وكيف تخدم خططكم الكبرى؟

بداية، إن مفتاح فهم خططنا هو استراتيجيتنا الواضحة: أن نكون شركة متكاملة لمنتجات الأغذية الزراعية. نحن نستفيد من التحول الكبير الذي يشهده القطاع الغذائي في إفريقيا؛ نأخذ المواد الخام المحلية، نعالجها، ونسوق معظمها داخل القارة، مع تصدير الفائض.

لذا، فإن عمليات التملك هذه ليست صفقات عشوائية، بل لبنات محسوبة في استراتيجيتنا. كل عملية لها طابعها الفريد.  مع استحواذنا على "ميريك للصناعات" في موزمبيق، أصبحنا نسيطر على لاعب تبلغ حصته السوقية أكثر من 60 في المئة في قطاع طحن القمح. إنها شركة عملاقة تمتد على طول الساحل، تطحن أكثر من 800 ألف طن متري من القمح والذرة سنوياً، وتنتج 180 ألف طن متري من المعكرونة والبسكويت وأعلاف الحيوانات، وكان أداؤها المالي قياسياً في شهر مايو الماضي. هذه الصفقة تمنحنا موطئ قدم قوي في سلسلة القيمة المضافة للقمح ومنتجاته.

كما إن استحواذنا على حصة أغلبية في "أنغاتا ليميتادا" في أنغولا هو خطوة مهمة نحو الزراعة الحديثة. هذه الشركة متخصصة في خلط الأسمدة الزراعية حسب حاجة كل تربة ومزارع. هذا لا يعزز علاقاتنا مع المزارعين فحسب، بل ويجلب تكنولوجيا متطورة إلى إفريقيا لتعزيز الإنتاجية. المستقبل هو في الحلول المتخصصة والمفصلة لكل بيئة وتربة، وهذه الصفقة تضعنا في قلب هذا المستقبل.

هاتان العمليتان تتناغمان بشكل مثالي مع أعمالنا الحالية وتمهدان الطريق للتوسع في أسواق إفريقية جديدة.

إيرادات اضافية بمليار درهم إماراتي

- كم تتوقعون أن تضيف هذه الصفقات إلى إيراداتكم وأرباحكم؟

نتوقع أن تضيف هاتان العمليتان نحو مليار درهم إماراتي إلى إيراداتنا الإجمالية، وما بين 170 إلى 180 مليون درهم إماراتي إلى أرباح الشركة قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك (EBITDA)، هذه إضافة نوعية وقوية لمجموعتنا، خصوصاً عملية موزمبيق التي تمثل النموذج المثالي للاستحواذ الذي نبحث عنه.

- كيف تمولون هذه الصفقات الكبرى؟

لدينا أساس مالي متين. تمكنا من تعزيز رأس المال عند إدراجنا في سوق أبوظبي للأوراق المالية في 2022. لهاتين العمليتين، حصلنا على تمويل من "بنك أبوظبي الأول" ومصارف إفريقية أخرى. خبرتنا في إدارة التمويل وتنفيذ الصفقات ناجحة ومثبتة.

- طموحكم هو أن تصبحوا شركة متكاملة في سوق السلع الزراعية، هل أنتم راضون عن المسار الحالي؟

أنا سعيد بالنمو الذي حققناه حتى الآن. لقد وسعنا نطاق منتجاتنا إلى أكثر من 30 سلعة غذائية، ونعمل الآن في أكثر من 65 دولة. النمو لا يأتي فقط من التوسع الذاتي، بل أيضاً من صفقات استراتيجية مثل موزمبيق وأنغولا، وقبلها استحواذنا على "جراديركو"، إحدى أكبر شركات تجارة الحبوب وطحين الذرة في المغرب، والتي تتداول ما بين 2.5 و3 ملايين طن متري سنوياً. هذه الاستحواذات وسعت شبكتنا وعمقت من وجودنا في سلسلة القيمة المضافة. أنا أرى أن وتيرة نمونا هي في تسارع مستمر.

هدف الـ 25 مليار درهم إماراتي

- الهدف واضح: 25 مليار درهم إماراتي إيرادات بحلول 2028. هل لا تزالون واثقين من تحقيق هذا الهدف ضمن الإطار الزمني المحدد؟

نعم، نحن على المسار الصحيح. في العام 2023، تحدينا أنفسنا بمضاعفة الإيرادات 5 مرات في 5 سنوات. وحتى مع انخفاض أسعار بعض السلع عالمياً، فإن حجم الكميات التي نتاجر بها يتضاعف. أتوقع أن نصل إلى منتصف الطريق نحو هدفنا في نهاية هذا العام، وسنواصل السير نحو الـ 25 مليار درهم إماراتي عبر النمو الذاتي والاستحواذات المستهدفة.

- لكن هل يمكن تحقيق هذا النمو الكبير مع الحفاظ على هوامش الربح؟

ليس فقط الحفاظ عليها، بل تحسينها. تاريخياً، كان تركيزنا على التداول، وهو نشط هوامشه ضيقة. لكننا الآن ندخل بعمق في منتجات القيمة المضافة مثل الطحين، المعكرونة، البسكويت وغيرها، وهي أعلى ربحية. نتحول إلى شركة متكاملة عبر سلسلة القيمة الغذائية - من المزارع إلى المستهلك - وهذا ما سيساهم بتعزيز ربحيتنا بشكل متواصل.

- تُعد إفريقيا أرض الفرص ولكنها أيضاً مليئة بالمخاطر. كيف تتعاملون مع هذه المعادلة؟

إن نموذج عملنا مصمم لتجنب المخاطر. نحن لا نضارب على السلع. نشتري ونبيع بشكل فوري، وليس لدينا مراكز مضاربة. نتعامل فقط مع كبريات الشركات الموثوقة (المرتبة الأولى أو الثانية في أسواقها) وندقق بعناية في كل شريك. العلاقات القوية التي نبنيها غالباً ما تتحول لاحقاً إلى شراكات استراتيجية أو عمليات تملك، ما يقلل من المخاطر ويعزز الثقة.

قيادة "ممر الغذاء" في إفريقيا

- أنتم تتواجدون في 65 دولة، أين تكمن الفرص المقبلة؟

استراتيجيتنا مبنية على الديمغرافيا. فوفقاً لبيانات "Statista"، من المتوقع أن يصل إجمالي عدد سكان قارة إفريقيا إلى نحو 2.5 مليار نسمة بحلول العام 2050، وهؤلاء السكان يحتاجون إلى الطعام، لذلك نركز على الأسواق الساحلية ذات الكثافة السكانية العالية والاستهلاك الكبير.

بدأنا من شمال إفريقيا حيث البلدان الأكثر استهلاكاً للخبز ثم توسعنا إلى شرق إفريقيا، والآن نركز على غرب إفريقيا وندخل إلى العمق الإفريقي مثل زيمبابوي وبوركينا فاسو. وفي نهاية هذا العام، أتوقع أن يكون تواجدنا شاملاً لكل القارة. مهمتنا بسيطة: توفير الغذاء الأساسي لسكان إفريقيا.

- هل تقودون "ممر الغذاء" في إفريقيا؟

هذا بالضبط ما نفعله. تواجدنا الواسع في إفريقيا يُمكننا من ربط الأسواق الإفريقية في بعضها بعضاً، وتزويدها بالمنتجات الأساسية، ما يعزز التكامل الغذائي الإفريقي.

- ما هو التحول الأكبر الذي تشهده الزراعة في إفريقيا؟

المفتاح هو اختيار المحصول المناسب. الخطأ الشائع هو محاولة زراعة كل شيء أو زراعة ما تحتاجه بغض النظر عن مدى ملاءمته لبيئتك. دول البحر الأسود، على سبيل المثال، تتفوق في زراعة القمح لأن مناخها مناسب، بينما قد تكون إفريقيا أكثر قدرة على المنافسة في محاصيل أخرى أكثر ملاءمة لظروفها المناخية وتربتها. وهناك تجارب ناجحة في هذا المجال مثل الأفوكادو في كينيا والحمضيات في المغرب ومصر. المستقبل هو في استخدام الأسمدة الذكية المخصصة وتحسين البنية التحتية للتخزين والنقل. يجب أن تزرع ما يناسب أرضك ويكون مطلوباً في السوق العالمية.

- هل أداء الشركة المالي في النصف الأول من 2025 هو بداية جديدة؟

الأرقام تدعم رؤيتنا. في النصف الأول، قفزت الأرباح قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك (EBITDA) بنسبة 164 في المئة إلى189.7  مليون درهم إماراتي،  وزادت إيراداتنا بنسبة 43 في المئة إلى 6.1  مليارات درهم  إماراتي، والأهم، أن حجم السلع المتداولة قفز 104 في المئة إلى 6.9 ملايين طن متري. هذه النتائج هي ثمار النمو الذاتي وعمليات الاستحواذ التي قمنا بها. التحدي الآن هو الحفاظ على هذا الزخم.

- ما هي الخطوة التالية؟ هل تفكرون في إدراج أسهمكم في أسواق أخرى أو إصدار سندات؟

إن علاقتنا مع سوق أبوظبي للأوراق المالية ممتازة. معايير الحوكمة العالية هناك تساعدنا على النمو. نحن شركة إماراتية وفخورون بوجودنا في هذه السوق، ولا نرى حاجة للإدراج في أسواق أخرى حالياً.

أما بالنسبة للتمويل، فلدينا خطة واضحة للدخول إلى أسواق رأس المال لإصدار أدوات دين مثل السندات أو الصكوك. لدينا خطط توسع طموحة وصفقات تحت الدراسة، وسنحتاج إلى هذا الخيار لتمويل نمونا المستقبلي.

- أخيراً، كيف تدعم "إنفيكتوس للاستثمار" الأمن الغذائي للإمارات والمنطقة؟

إن تواجدنا الواسع في إفريقيا وتعاملنا مع سلع أساسية مثل القمح والذرة والصويا، يضعنا في موقع يُمكّننا من ضمان تدفق مستمر للإمدادات الغذائية، ما يساهم بشكل مباشر في تعزيز مرونة وأمن الإمدادات الغذائية في دولة الإمارات ودول المنطقة.

- إذا طُلب منك تعريف "إنفيكتوس للاستثمار" في جملة واحدة، ماذا تقول؟

لدينا في "إنفيكتوس للاستثمار" استراتيجية بسيطة لا تحتاج لفلسفة معقدة: توفير الغذاء الأساسي للمناطق التي ينمو عدد سكانها بسرعة. إن الطلب على الخبز لا يتأثر في الأزمات، والناس سيحتاجون إلى الطعام دائماً. ونحن نفي بما نعد به.