نزف القطاع المالي اللبناني: تحديث المؤشرات على "درب الجلجلة"

  • 2020-07-06
  • 16:04

نزف القطاع المالي اللبناني: تحديث المؤشرات على "درب الجلجلة"

  • علي زين الدين

لم تعد لغة الأرقام جاذبة في لبنان. فالثابت هو التدهور حيث يكون التحسن مفيداً، ويقابله يتوالى التقدم في المؤشرات المؤذية. مع ذلك، تحتفظ المؤشرات ببريقها للدلالة على محطات مسار التدهور وسرعته وترقباته في الفترة المقبلة.

العينة الأحدث من البيانات المالية والمصرفية المجمعة تضيء أكثر سطوعاً على اتساع الفجوات المالية والمصرفية. فميزان المدفوعات يندفع سلبياً في مراكمة عجوزاته شهراً بعد شهر، ولولا التقلص الكبير في عجز الميزان التجاري، ربطاً بالانكفاء المتزايد للمستوردات من كل اصناف السلع الاساسية والمعمرة، لكانت الاختلالات توالي تسجيل عجوزات شهرية صادمة.

وفي المقابل، ليست بيانات المصارف في حال أفضل، فهي باتت أقرب الى وصف "القجة" المثقوبة العصية الفتح بالكامل. فحتى السيولة النقدية التي يتم ضخها من البنك المركزي اختاروا لها "بقرار أهل الحكم" أن تجري في قنوات الصرافين التي تجف سريعاً ولا يصل منها الى "مطابقي الشروط" سوى النذر اليسير، وهو تدبير يخالف قواعد السوق ويحرم المصارف من فتح كوة تشغيل في جدار الجود القسري، حيث الودائع سجينة قيود السحوبات المشددة والمودعون "رهائن" حتى تقضي السلطة أمورها على الخطوط المتعرجة والمطبات الواقعية في ادارة "التعافي" عبر صندوق النقد الدولي و/أو الاتجاه "شرقاً"!

في السياق المالي المؤلم على "درب الجلجلة":

- انخفض عجز الميزان التجاري اللبناني بمقدار 4.31 مليارات دولار في أول 5 أشهر من العام الحالي، ليسجل 3 مليارات دولار كحصيلة مجمعة مع نهاية شهر أيّار/مايو الماضي، مقابل  7.32 مليارات دولار في الفترة عينها من العام الماضي، ويعود هذا الإنكماش في العجز إلى إنخفاض فاتورة المستوردات نتيجة شحّ السيولة بالعملات الأجنبيّة في القطاع المصرفي ما يعيق حركة الاستيراد، بينما تم تسجيل تراجع طفيف في الصادرات التي حققت 1.34 مليار دولار في الفترة ذاتها.

- تقلّص صافي الموجودات الخارجيّة لدى القطاع المالي اللبناني (ميزان المدفوعات) بنحو 2.19 مليار دولار خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام 2020، مقارنةً بانخفاض بلغ 5.19 مليارات دولار في الفترة نفسها من العام 2019، لكن هذا الفارق "النظري" يرتبط حكماً بالتدني المسجل في عجز الميزان التجاري، وللتوصيف "الأسوأ" بحث آخر يمكن قراءة عنوانه في اقفال المؤسسات التجارية وفقدان البضائع والسلع.

- تراجعت قيمة الموجودات الخارجيّة لمصرف لبنان بنسبة 9.43 في المئة منتصف العام الحالي، أي ما يوازي 3.43 مليارات دولار، مقارنةً بالمستوى الذي كانت عليه في نهاية شهر حزيران/يونيو من العام الماضي، لتصل الى 32.96 مليار دولار، بما يشمل 5.03 مليارات دولار من سندات اليوروبوندز، واذا ما تم احتساب التمويل الذي خصصه البنك المركزي للمصارف، يمكن ترقب هبوط نزول الاحتياط تحت عتبة 20 مليار دولار.

- تُظهِر إحصاءات البنك المركزي انكماشاً بنسبة 5.97 في المئة في الميزانيّة المجمَّعة للمصارف التجاريّة العاملة في لبنان خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام 2020، مراكماً نسبة انخفاض تناهز 20 في المئة على أساس سنوي. وبذلك، وصل إجمالي الموجودات الى نحو 204 مليارات دولار، مقابِل نحو 217 مليار دولار في بداية العام ونحو 254 مليار دولار في نهاية الشهر الخامس من العام الماضي.

- سَجَّلَت الموارد المالية للمصارف (محفظة الودائع) تراجعاً بنسبة 13.96 في المئة على أساس سنوي لتصل الى نحو 151 مليار دولار في نهاية الشهر الخامس من هذا العام، مقابل نحو 175.6 مليار دولار في الفترة عينها من العام الماضي. وسجل في منحى "الانكماش المستدام"، تراجع ودائع الزبائن (قطاع خاصّ وقطاع عام) في الجهاز المصرفي بنسبة 7.7 في المئة خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام 2020 ليصل الى نحو 151 مليار دولار، وذلك يعود اساساً الى إنكماش ودائع القطاع الخاص المقيم بنسبة 7.27 في المئة، لتبلغ نحو 117 مليار دولار، توازياً مع تدنّي ودائع القطاع الخاصّ غير المقيم بنسبة 10.41 في المئة لتبلغ نحو 29 مليار دولار.

- ارتفعت نسبة الدولرة في ودائع القطاع الخاص إلى 79.57 في المئة مع نهاية شهر أيار/مايو 2020، انطلاقاً من 76.02 في المئة في نهاية العام 2019 و71.22 في المئة في نهاية شهر أيار/مايو 2019.

- انكمشت تسليفات المصارف اللبنانيّة إلى القطاع الخاص (المقيم وغير المقيم) بنسبة 23.82 في المئة على صعيدٍ سنويٍّ، ليصل بذلك معدّل التسليفات من ودائع الزبائن إلى 28.39 في المئة في نهاية أيار/مايو الحالي، مقابل 30.39 في المئة في نهاية العام 2019 و32.06 في المئة في أيار/مايو 2019. وقد تقلّصت التسليفات بنسبة 13.79 في المئة خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام 2020 لتصل الى نحو 43 مليار دولار.

- انخفضت حسابات رأس المال المجمّعة العائدة للمصارف التجاريّة العاملة في لبنان بنسبة 2.18 في المئة إلى 20.27 مليار دولار، مقابل 20.72 مليار دولار في بداية العام، و 21.08 مليار دولار في نهاية الشهر الخامس من العام الماضي.