"الثورة اللبنانية - 2 ": لحكومة جديدة ووقف التدهور الاقتصادي

  • 2020-06-04
  • 20:15

"الثورة اللبنانية - 2 ": لحكومة جديدة ووقف التدهور الاقتصادي

نحو انتخابات نيابية وفق قانون جديد

  • علي زين الدين

يراكم المستهلك اللبناني نقصاً يومياً في توفّر المواد الأساسية من غذاء واحتياجات ضرورية لزوم الحد الأدنى من كرامة العيش، في موازاة سباق لا خط نهاية له لمؤشر التضخم المندفع بقوة التدني الكبير للقيمة الشرائية للمداخيل، فيما تفشل التدابير الوقائية والمعالجات المؤقتة في الحدّ من سرعة التدهور وتأثيراته إلى حين بزوغ شعاع ضوء من المفاوضات العسيرة مع صندوق النقد الدولي.

وإذ صار الإفقار هاجساً حقيقياً يتعدى ذوي الحد الأدنى للأجور الذي هبط الى نحو 170 دولاراً شهرياً ( 675 ألف ليرة) ليصدم المداخيل المتوسطة في حدودها العليا، وبما يفضي إلى تموضع نحو 60 في المئة من اللبنانيين تحت خط الفقر وفقاً لترقبات البنك الدولي، فقد أظهرت "قشة" الأزمة وتمددها إلى الخبز عبر التحايل على رفع سعر "الربطة" بانقاص وزنها من كيلو واحد الى 900 غرام، خطورة الانحدار الدراماتيكي الذي يتحسسه غالبية الناس والذي أعاد "النبض" بدقات سريعة للإحتجاجات الشعبية التي يدشنها حراك صيدا (عاصمة الجنوب) يوم غد الجمعة وتستكملها التظاهرات المركزية في بيروت السبت المقبل.

وبمعزل عن الاختلاف في شأن العناوين السياسية التي تصرّ بعض الجماعات على تصديرها كمسببات رئيسية لحزمة الأزمات المتنوعة، وخصوصاً ما يتعلق بسلاح "حزب الله" وتأثيرات استراتيجياته في عزل لبنان عربياً ودولياً ومحاصرته مالياً واقتصادياً، تظل اللافتة المعيشية جامعة لغالبية مكونات الحراك الشعبي الذي شارك في ثورة "17 تشرين" وما تلاها من محطات تظاهر واعتراض، بل إن فئات حزبية واجتماعية جديدة تسعى إلى تسجيل حضور قوي في التحركات الجديدة، بعد أن تأكدت أن "الحياد" حمّال لتفسيرات تضعهم في صفوف "السلطة" ويؤثر سلباً في قواعدهم الحزبية والشعبية.

وتتخوف أوساط سياسية وأمنية من تحول نوعي في طبيعة الاحتجاجات المقررة ومداها ومواقيتها، فحجم الضغوط التي حركت "الثورة" بشكل أقرب الى العفوية في خريف العام الماضي، لا يقاس بما شهده من تزخيم للمشكلات عينها ومن توليد لأزمات أشد وطأة ومن تفشي المعاناة إلى فئات كبيرة كانت تعتقد أن مداخيلها ومدخراتها تجعلها بمأمن عن العوز، فاذا بجلمود الرواتب يتفتت تحت مطرقة الدولار واذا بـ"القرش الأبيض" يصير حبيس المنع من الصرف إلا في حدود لا تسدّ الرمق ومصيره معلق على خطر تأميم جزئي أو كلي لسدّ ديون الدولة والبنك المركزي والمصارف!

وفي نداء وقّعه أكثر من 566 ناشطاً ومثقفاً دعوة اللبنانيين إلى "توحيد القوى والثورة للإطاحة بالطبقة الحاكمة"، ولم يتردد الموقعون في تحديد خلفية التحركات الجديدة، بالإشارة الصريحة:"المرحلة الثانية من الثورة تبدأ قريباً، وعليها يعتمد بقاء لبنان، ومصير كل واحد منا". وفي الأهداف: "فلنوحّد قوانا للإطاحة بالطبقة الحاكمة، وفرض حكومة جديدة منبثقة من الثورة. حكومة من الشجعان، المنزّهين عن المصلحة، تعطى صلاحيات تشريعية استثنائية، وتكون مهمّتها وقف التدهور وإخراج لبنان من الأزمة والتحضير لانتخابات نيابية وفق قانون انتخاب جديد".

وفي الدوافع: "نمرّ اليوم بأسوأ أزمة مالية واقتصادية في تاريخنا. هذه الأزمة تهدّد الناس في أرزاقهم وفي مستقبلهم. ونشاهد بألم انهيار بلدنا وانزلاق معظم الناس الى براثن الفقر. مدّخرات الناس وجنى العمر أصبحت في مهبّ الريح. الدرع الواقي الذي كنّا نبنيه حول أنفسنا، بالكدّ والتعب، ليعطينا بعضاً من الأمان في مواجهة تقلّبات الحياة، ويحفظ كرامتنا، ويقينا شرّ الفاقة والعوز، قد تلاشى".