كيف تواجه البحرين صدمتي كورونا والنفط؟

  • 2020-05-17
  • 14:11

كيف تواجه البحرين صدمتي كورونا والنفط؟

الأنظار ستظل متجهة إلى كيفية التعامل مع برنامج التوازن المالي

  • عاصم البعيني
اعتمدت البحرين خطوات مهمة في مواجهة تفشي فيروس كورونا وانخفاض أسعار النفط، بدأت بخطة التحفيز الطموحة بقيمة 4.3 مليارات دينار، وأقرت خطوات تقشفية. 

فمن جهة اعتمدت المملكة منذ العام 2018 على برنامج بقيمة 10 مليارات دولار ممول من قبل السعودية والإمارات والكويت. في المقابل، فإنها لا تعتمد على احتياطات ضخمة كما هي الحال مع دول الخليج الأخرى، لذا سيكون عليها الاعتماد بشكل أكبر على خفض الانفاق والتمويل الإنمائي من دول الخليج والصناديق والاقتراض التجاري من الأسواق، وإن كان ذلك بكلفة أعلى من غيرها من دول الخليج، كذلك، فإن التعافي في البحرين يعتمد بشكل أساسي على الخروج من مرحلة الحجر في ظل كورونا مع بلدان الخليج الأخرى والعالم وتعافي النفط واقتصادات الخليج والمضي قدماً في تطبيق برنامج التوازن المالي وتنويع الاقتصاد.  

 

مستقبل القطاعات غير النفطية 

في مواجهة الظروف السائدة، إتخذت البحرين خطوات عدة كان آخرها خفض الإنفاق الحكومي والمصاريف التشغيلية للوزارات والجهات الحكومية نحو 30 في المئة، ونظراً إلى أن القطاعات غير النفطية تساهم بنسبة مهمة من الناتج المحلي، من المتوقع أن تواجه هذه القطاعات المزيد من الضغوط في ظل استمرار حالة الإغلاق، إذ وقبيل تفشي فيروس كورونا، كانت التقديرات تشير إلى أن العجز في الميزانية العامة خلال العام الحالي سيبلغ نحو 600.7 مليون دينار، ومع تفشي الفيروس وتعطل النشاطات الاقتصادية ولاسيما الخدماتية وانخفاض أسعار النفط، ستكون هذه التقديرات عرضة للتغير. 

وفي وقت سابق، توقع صندوق النقد الدولي أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي انكماشاً بنحو 3.9 في المئة خلال العام الحالي، على أن يعود لتحقيق نمو بنحو 3 في المئة في العام 2021، وتجدر الإشارة إلى أن القطاعات غير النفطية حققت نمواً بنحو 1.7 في المئة خلال العام الماضي، مدفوعة بنمو الصناعات التحويلية بنحو 5.2 في المئة في نهاية العام الماضي، وجاء قطاع الفنادق والمطاعم في المرتبة الأولى من حيث نسبة النمو بين القطاعات غير النفطية بنحو 6.8 في المئة، بينما حلّ قطاع الشركات المالية في المرتبة الأولى من حيث نسبة المساهمة بنحو 16.6 في المئة، ما يعيد التأكيد على أهمية هذه القطاعات في دعم الناتج المحلي في البحرين، في وقت يبقى أمد الأزمة الحالية ومداها مجهولاً.   

في المقابل، تلقت البحرين أخيراً إشارة إيجابية من الأسواق الدولية بعد تلقيها طلبات بنحو 11 مليار دولار على طرح أدوات مالية من شريحتين لمدة 4 سنوات، عبارة عن صكوك وسندات بقيمة مليار دولار لكل منهما، ما يعيد التأكيد على الثقة التي تحظى بها بين المستثمرين، ما يفتح المجال أمام خطوات مماثلة في سبيل تنويع الإيرادات الحكومية.  

 

برنامج التوزان المالي 

من جهة أخرى، ستكون الأنظار متجهة إلى الكيفية التي سيجري فيها التعامل مع مستهدفات برنامج التوازن المالي، الذي طرحته وزارة المالية في العام 2018. ويرجح أن تفرض الظروف الحالية المزيد من الضغوط أمام تحقيق الأهداف المرسومة سابقاً في ظل تفشي فيروس كورونا وانهيار أسعار النفط. ما يطرح تساؤلات عن الخيارات التي يمكن أن تعتمدها البحرين، ولاسيما أن التمويل الانمائي الآتي من الدول الشقيقة قد يفقد زخمه في ظل الضغوطات التي تطال دول الخليج أيضاً. 

وكانت البحرين تتطلع إلى تحقيق نقطة التوازن بين الإيرادات والمصاريف في العام 2022، بعد حصولها على حزمة دعم بقيمة 10 مليارات دولار في العام 2018 من كل من السعودية، والإمارات والكويت. وكانت حزمة الدعم التي حصلت عليها البحرين في تلك الفترة، كافية لتغطية 50 في المئة من الاحتياجات التمويلية للمملكة حتى العام 2022. وتجدر الإشارة، إلى أن برنامج التوازن المالي نجح في تحقيق مستهدفاته المرحلية، حيث انخفض العجز بنحو 77 في المئة في نهاية العام الماضي مقارنة بالفترة نفسها من العام 2018. 

 

سبق للبحرين أن وضعت حجر أساس

لمركز البحرين الدولي للمعارض والمؤتمرات

    

المشاريع الحكومية 

في غضون ذلك، تطرح الأزمة الحالية تساؤلات حول مصير بعض المشاريع الذي يخدم القطاع غير النفطي والذي طرح في سياق دعم توجه المملكة نحو توفير مصادر إيرادات إضافية من قطاع الخدمات، ومن بين هذه المشاريع مركز البحرين الدولي للمعارض والمؤتمرات الجديد في منطقة الصخير، والذي وضع حجر الأساس له في شهر كانون الثاني/ يناير الماضي بتكلفة نحو 83.6 مليون دينار (222.3 مليون دولار)، وكان المخطط يتمثل في أن يجري انتهاء أعمال التطوير فيه في بداية العام 2022. وتعول البحرين على زيادة قطاع المعارض والمؤتمرات في الناتج المحلي، في وقت تساهم السياحة بنحو 6.5 في المئة فيه.   

 

 

 

تحفيز ودعم  

في موازاة ذلك، أقرّت وزارة المالية والاقتصاد الوطني منذ تفشي كورونا خطة طموحة للتحفيز المالي بقيمة 4.3 مليارات دينار (11.4 مليار دولار) اتسمت بالشمولية، ومن غير المتوقع أن تؤثر هذه الخطة على نسبة العجز في الميزانية، ولاسيما أن تمويلها يتم من خلال الصناديق وليس عبر الميزانية العامة. وشملت الخطة 8 محاور أساسية من بينها، التكفل برواتب البحرينيين المؤمن عليهم في القطاع الخاص لمدة 3 أشهر، وعدم المساس بالوظائف في المؤسسات الصغيرة بكلفة تقديرية تبلغ 215 مليون دينار (571.8 مليون دولار)، والتكفل بسداد فواتير الكهرباء والمياه إلى كل المشتركين من الأفراد والشركات لمدة 3 أشهر ابتداءً من نيسان/أبريل الماضي، والإعفاء من الرسوم البلدية لمدة 3 أشهر بكلفة نحو 25 مليون دينار، فيما تبلغ كلفة دعم الكهرباء نحو 150 مليون دينار، إضافة إلى الاعفاء من دفع إيجار الأراضي الصناعية الحكومية لمدة 3 أشهر، وكذلك إعفاء المنشآت والمرافق السياحية من رسوم السياحة لمدة 3 أشهر. 

 

الشيخ سلمان بن خليفة: صندوق السيولة 

وافق على طلبات 282 مؤسسة بقيمة 86 مليون دينار  

 

صندوق السيولة 

وإلى ما سبق، شملت مبادرات التحفيز رفع حجم صندوق السيولة الذي أطلقته الوزارة في الربع الأخير من العام الماضي إلى 200 مليون دينار، بهدف تعزيز قدرات القطاع الخاص في مواجهة التحديات الحاصلة ودعم إعادة هيكلة الالتزامات المالية للشركات. وأوضح وزير المالية والاقتصاد الوطني الشيخ سلمان بن خليفة آل خليفة أنه جرت الموافقة على طلبات 282 مؤسسة بقيمة 86 مليون دينار، فيما تمّ صرف 34 مليون دينار فعلياً، مشيراً إلى أن 48 في المئة من إجمالي طلبات التمويل جرت الموافقة عليها، في حين أنه يجري دراسة النسبة المتبقية، وتوقع أن تتجاوز قيمة الدعم نحو 100 مليون بعد استيفاء طلبات التمويل. 

 

رشيد المعراج:

رفع قدرة المصارف على الاقتراض بنحو 9.8 مليارات دولار

 

دور محوري لــ "المركزي"

بدورها، شكّلت توجهات مصرف البحرين المركزي محوراً مهماً في خطة التحفيز، إذ أوضح المحافظ رشيد المعراج أنه تقرر رفع قدرة المصارف على الاقتراض بنحو 3.7 مليارات دينار (9.8 مليارات دولار)، مع العمل على تأجيل الأقساط والتمويل الإضافي للعملاء لمدة 6 أشهر، إلى جانب خفض الاحتياط النقدي للمصارف لدى المركزي إلى 3 في المئة مقارنة بنحو 5 في المئة، بما يساهم في توفير سيولة إضافية بقيمة 200 مليون دينار أمام المصارف.