فنادق لبنان تشهد نسب الإشغال الأدنى منذ سنوات

  • 2020-12-22
  • 11:10

فنادق لبنان تشهد نسب الإشغال الأدنى منذ سنوات

واقع قد يدفع إلى إغلاق وإفلاس الكثير من الفنادق

  • رانيا غانم

"بأي حال عدت يا عيد"، هو لسان حال أصحاب المؤسسات والفنادق السياحية، إذ إن العيد هذا العام لم يكن على قدر توقعاتهم وطموحاتهم ولم يأت بالبهجة والبحبوحة المعهودة، فالأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالبلاد ناهيك عن تداعيات جائحة كورونا وما نتج عنها من سياسات الإغلاق تثقل بكاهلها القطاع السياحي يوماً تلو الآخر، الذي يشهد منذ انطلاقة العام نسب إشغال هي الأدنى منذ سنوات فضلاً عن إقفالات بالجملة لفنادق عريقة.

الفنادق المتضررة من انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب/أغسطس مثل  Four Seasons Hotel Beirut وLe Gray وMonroe وفندق O Monot وPhoenicia Intercontinental، لم تفتتح أبوابها أمام النزلاء باعتبار أن معظمها لم ينته من عمليات الترميم، وبعضها الآخر لم يبدأ بها، حتى إن بعض الفنادق القائمة خارج بيروت أوقفت عملياتها مثل هيلتون حبتور غراند وغراند هيلز برمانا نظراً الى الأوضاع المتردية والأزمات المتراكمة منذ أعوام، وعمد بعض الفنادق إلى تقليص تكاليفها إلى حدها الأقصى، عبر إغلاق طوابق أو تسريح موظفين أو تقليص رواتبهم.

 

الأشقر: كل ما يحصل في البلد من أزمات سياسية وأمنية واقتصادية لا يصبّ في مصلحة القطاع السياحي

نسب الإشغال الأدنى منذ سنوات طويلة

وانخفض معدل نسبة الإشغال في فنادق بيروت الأربع والخمس نجوم إلى 13 في المئة، في الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي، وفقاً لأحدث تقرير صادر عن إرنست آند يونغ. وترافق هذا التراجع في نسبة الإشغال مع انخفاض في معدل سعر الغرفة والإيرادات من الغرف المتاحة. وفي هذا السياق، يقول رئيس اتحاد النقابات السياحية ورئيس نقابة أصحاب الفنادق بيار الأشقر في حديث إلى "أولاً-الاقتصاد والأعمال": "إذا كانت جائحة كورونا قد أدت إلى تراجع الحركة السياحية العالمية بنسبة 60 في المئة، فإن أزمة لبنان الاقتصادية والأمنية والسياسية مع كورونا أدت إلى تراجعها بنسبة 90 في المئة". ويضيف أن كل ما يحصل في البلاد من أزمات سياسية وتهديدات أمنية وصولاً إلى المقاطعة الخليجية لا يصب في مصلحة القطاع السياحي، لافتاً النظر إلى أن النصف الأول من العام كان الأصعب، إذ إن بعض الأشهر التي تخللها إغلاق لم تتخط نسبة الإشغال فيها الثلاثة في المئة، وهذا آل إلى وقف تشغيل الكثير من الفنادق، وتمكنت نسبة قليلة من الحفاظ على معدل إيرادات كاف لاستمراريتها.

 

إشغال ثلث الغرف كاف لتغطية النفقات

جدعون: نسبة إشغال 30 في المئة كافية لتغطية تكاليف الفندق التشغيلية

بعد انفجار المرفأ، حدثت تغيرات عدة أثرت على حركة العرض والطلب ولاسيما في ظل إقفال عدد كبير من فنادق الخمس نجوم في وسط بيروت. وشهد بعض الفنادق غير المتضررة من الانفجار إقبالاً كثيفاً وحققت نسب إشغال مرتفعة. ويؤكد المدير العام في فندق موفنبيك شادي جدعون في اتصال مع "أولاً-الاقتصاد والأعمال" إلى أن نسب الإشغال كانت جيدة خلال موسم الصيف ولاسيما من قبل المغتربين اللبنانيين، مضيفاً أن الطلب كان كبيراً من قبل العاملين في المنظمات العالمية غير الربحية وموظفي السفارات. ويقول: "تمكنا في النصف الثاني من العام الحالي تحقيق نسب إشغال جيدة، في حين اضطررنا في بداية العام ونظراً الى انخفاض الطلب إلى إغلاق بعض الطوابق لتقليص التكاليف التشغيلية"، لافتاً النظر إلى أن نسبة إشغال 30 في المئة كافية لتغطية نفقات الفندق.  

بدوره، يؤكد المدير العام في فندق Royal Tulip في الأشرفية قبلان فرنجية أن المعدل الوسطي لنسبة الإشغال هذا العام لم تتخط العشرين في المئة، ويضيف: "إنه العام الأسوأ على الإطلاق".

 

ما بعد الانفجار ليس كما قبله

الفنادق التي توفر غرفاً للإقامة الطويلة شهدت أيضاً إقبالاً كثيفاً بعد انفجار الرابع من آب، ولاسيما الفنادق البعيدة عن وسط بيروت وتحديداً في منطقة العدلية والأشرفية. ويؤكد مالك ومدير شركة JRW Hospitality المالكة لفندق Key Apart Hotel وليد بارودي، أن الحركة كانت جداً خجولة ما قبل الانفجار، لكن نسب الإشغال تخطت 80 في المئة بعده، على الرغم من أن الفندق تضرر من الانفجار، ولكن تم إجراء إصلاحات فورية وسريعة، ويشير بارودي إلى أن الطلب ارتفع من قبل سكان منطقة مار مخايل والجميزة والصيفي وتحديداً الأجانب القاطنين فيها والذين يعملون في السفارات والمنظمات غير الحكومية، والذين تضررت منازلهم من جراء الانفجار، لافتاً النظر إلى أن معظم السفارات الأوروبية ومنها الإيطالية والألمانية والهولندية والبلجيكية موجودة في تلك المنطقة. ويضيف: "طلبت السفارات من قاطني تلك المناطق الأجانب الانتقال إلى مناطق أكثر أماناً وفي الوقت ذاته قريبة من وسط بيروت".

 

تراجع في أسعار الغرف

ولا تقف أزمة الفنادق عند تدني نسب الإشغال فقط، إذ إن تراجع قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار كبّدت الفنادق خسائر جسيمة، حيث باتت إيرادات الغرف تمثل 40 في المئة مما كانت عليه سابقاً، لأن الفنادق تتلقى عائداتها بالليرة اللبنانية، في حين أن جزءاً كبيراً من مشتريات الفندق تدفع بالدولار بدءاً من مستلزمات الغرف وصولاً إلى أعمال الصيانة، ويلفت الأشقر النظر إلى أن أسعار الغرف تتراوح ما بين مئتي ألف و500 ألف ليرة كحد أقصى، بما يوازي 60 دولاراً.

ويلفت فرنجية إلى أن الغرفة التي كانت تسعر بنحو 150 دولاراً، باتت تباع بنحو 400 ألف ليرة، مؤكداً صعوبة زيادة الأسعار عن هذا الحد في ظل الشغور الكبير في الغرف ونسب الإشغال المتدنية، ويشير إلى أن إدارة الفندق عمدت إلى ترشيد الإنفاق وحسم رواتب الموظفين لضمان استمرارية العمل.

بدوره، يشير بارودي من Key Apart Hotel أن الفندق يسعّر الغرفة بالدولار وفقاً لسعر صرف منصة صيرفة أي 3900 ليرة، فيصل سعر الغرفة في حدها الأقصى الى 600 ألف ليرة، ويضيف: "إن نسب الإشغال المرتفعة سمحت بالحفاظ على أسعار مقبولة، ولكن تبقى قيمة تلك الإيرادات هي ذاتها نظراً الى ارتفاع التكاليف التشغيلية".

إقرأ: 
فنادق لبنان تنتظر "ما بعد كورونا" بفارغ الأمل

ليت العيد لم يأت

العيد هذا العام ليس كسابقاته، فلطالما كانت فترة الأعياد في لبنان تنعش الحركة السياحية وترفع الطلب ونسب الإشغال على الرغم من كل الأزمات والأوضاع الاقتصادية المتردية، ويؤكد الأشقر أن الحركة لا تزال خجولة جداً حتى هذه اللحظة في معظم الفنادق، مشيراً إلى أن نسبة الإشغال في Printania Hotel في برمانا لا تتعدى 15 في المئة حالياً، وهم من اللبنانيين المغتربين. ويضيف أنه في ظل القرارات الأوروبية الصارمة بمنع التجول والحفلات ليلة رأس السنة، توافدت شريحة كبيرة من اللبنانيين المغتربين إلى لبنان، لكن هذه الحركة لم تنعكس إيجاباً على الفنادق لأن جزءاً كبيراً منهم يملكون منازلهم الخاصة أو يقيمون في بيوت ذويهم.

ويلفت الأشقر النظر إلى أن 90 في المئة من المؤسسات الفندقية لم تخطط لإجراء حفلات ليلة رأس السنة، إذ إن الأوضاع الاقتصادية المتردية لا تشجع اللبنانيين على السهر في المطاعم والفنادق.

بدوره، يلفت جدعون من موفنبيك أن الحجوزات خلال فترة الأعياد تتم في اللحظة الأخيرة، إذ إنه في الأسبوع الماضي لم تكن هناك أي حجوزات، لكن النسبة ارتفعت إلى 50 في المئة هذا الأسبوع، ويتوقع جدعون أن تشغل كامل غرف الفندق أو 90 في المئة منها على الأقل خلال العيد.

ويضيف فرنجية أن نسب الإشغال ارتفعت ما قبل الأعياد لتبلغ نحو 65 في المئة، لكن فترة الحجز لا تتعدى العشرة أيام.

 إقرأ أيضاً: 
لبنان: كورونا يُسقِط "السياحة" بالضربة القاضية!

الحل رهن التغيرات السياسية

يبقى تحسن الحركة السياحية رهن الأوضاع السياسية والأمنية، إذ يؤكد الأشقر أنه لا حل سوى بتشكيل حكومة حيادية غير مسيطر عليها من قبل الأحزاب تأخذ على عاتقها إدارة البلد بعيداً عن ملفات الهدر والفساد. ويختم بالقول إن استمرار الوضع الحالي سيقود إلى الانهيار التام، إذ سيشهد القطاع المزيد من الإفلاسات والإغلاقات، لافتاً النظر إلى أن الفنادق تمكنت من الاستمرار هذا العام نظراً إلى المهل التي منحتها المصارف للمقترضين ولكن حين تنتهي هذه المهل وتستحق الدفعات ستعلن فنادق كثيرة إفلاسها.