مجموعة "لايف" تفند ثغرات الخطة الإصلاحية للحكومة اللبنانية

  • 2020-04-22
  • 11:41

مجموعة "لايف" تفند ثغرات الخطة الإصلاحية للحكومة اللبنانية

لوقف المماطلة في التوجه إلى صندوق النقد لأنه الطريق الوحيد لحصول البلد على التمويلات

  • رشيد حسن

أصدرت مؤسسة "لايف" التي تضم نخبة من المصرفيين اللبنانيين العاملين في مصارف ومؤسسات استثمار عالمية تقريراً حذرت فيه من الثغرات الجوهرية في مسودة خطة الإصلاح المالي والاقتصادي التي رشحت أخيراً عن الحكومة اللبنانية، مشددة على أن البرنامج المقدم لا يرتقي إلى مستوى المخاطر، كما إنه يهدد بإضاعة المزيد من الوقت الثمين وخسارة الفرصة الوحيدة الباقية لإنقاذ البلد من شفير الانهيار، ويمكن اعتبار مؤسسة "لايف" بمثابة جمعية للمصرفيين اللبنانيين العاملين في مؤسسات مالية واستثمارية عالمية، وهي لعبت دوراً في تقديم المشورة للحكومة قبل فترة وتكتسب آراؤها ثقلاً معيناً في الحوارات الدائرة حول الإصلاح وتوجهاته.

التدقيق الخارجي المستقل في مالية مصرف لبنان مطلوب

لكن يجب تدقيق الوزارات والمؤسسات والعقود السابقة

 

ولاحظ تقرير "لايف" عدداً من الإيجابيات في خطة الحكومة اللبنانية منها، أنها أول مجهود حكومي فعلي للدخول في التفاصيل ووضع أرقام على الاختلالات المالية الهيكلية، كذلك الدعوة إلى تبني سياسة سعر صرف مرنة، ثم الاعتراف بالحاجة الماسة إلى موازنة المالية العامة، وضرورة الحصول على مساعدات مالية خارجية ما يعني اعترافاً بالحاجة إلى التفاوض على الإصلاح مع صندوق النقد الدولي تمهيداً لفتح الباب أمام المساعدات المالية الدولية.

لكن في المقابل، أعرب فريق "لايف" عن قلقه من تغييب الحكومة اللبنانية لعدد من الأمور الأساسية المطلوبة للتعامل مع الأزمة التي تزداد تفاقماً يوماً بعد يوم وأهمها:

تدقيق مصرف لبنان

وهو يبدأ بإعلان البرنامج الإصلاحي عن الحاجة إلى تدقيق مستقل للمركز المالي لمصرف لبنان فيؤيد هذا المطلب لكنه يطلب أن يشمل التدقيق المالي المستقل وزارات الدولة والمؤسسات الحكومية كافة، بما في ذلك المصالح العامة الكبرى، لأن هذه المؤسسات الحكومية هي المسؤولة كل من زاويته عن العجز المالي المتراكم وعن التضخم المستمر في الدين العام الذي بات عبؤه يفوق احتمال البلاد.

ودعت مجموعة "لايف" إلى تطبيق المبدأ نفسه، أي التدقيق الخارجي، على العقود الحكومية السابقة كافة والتي تفوق قيمتها مبلغاً معيناً.

واعتبرت "لايف" أن الإصلاحات المالية المقترحة غير كافية لوضع لبنان على طريق التعافي المستدام، خصوصاً إصلاح وضع مؤسسة كهرباء لبنان الذي يجب الإسراع به بدل استمرار التعويل على الخطط السابقة التي هي سبب المشكلة.

وأشارت إلى أن تقديرات الخطة لمعدلات التضخم ومستويات أسعار الصرف ليست واقعية، بل يمكن أن تصل إلى معدلات أسوأ بكثير وهو ما سيخلق بصورة غير مباشرة أعباء كبيرة على أصحاب الادخارات والمستهلكين، وطلبت من الحكومة مصارحة اللبنانيين بالحجم الحقيقي المتوقع للمعاناة وتوزيع كلفة الإصلاح بصورة عادلة بين المواطنين.

فريق "لايف" أيد أن تشمل أي خطة إصلاح اقتصادي إعادة هيكلة الجهاز المصرفي إلا أنه دعا إلى حماية أموال "الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي" وصغار المودعين، كما دعا إلى التعامل بحزم مع أي تصرفات غير قانونية للمصارف في تعاملها مع العملاء.

وقال إن أي إجراء يتناول الودائع الكبيرة يجب أن يتم بقانون وأن يتم تنفيذه بصورة عادلة وكخيار أخير بعد استخدام حقوق المساهمين كخيار أول لاستيعاب الخسائر.

مطلوب تزامن الإصلاحات

كما إن أي إعادة هيكلة للجهاز المصرفي يجب أن تتزامن مع تطبيق شامل لإصلاحات المالية العامة، وإلا فإن إعادة هيكلة الجهاز المصرفي ستكون عديمة الفائدة لجهة استعادة البلد لثقة الأسواق وسيعيق بالتالي عملية إعادة رسملة المصارف وإنهاضها من أزمتها الحالية.

أخيراً شدد تقرير "لايف" على أهمية إعلاء حكم القانون وتعزيز دور المؤسسات، لافتاً النظر إلى أن إشارة الخطة لاحتمال بيع الأصول العائدة للدولة يجب النظر إليها بحذر في غياب مناخ للشفافية والحوكمة يضمن أن تتم هذه العمليات بصورة شفافة تحمي مصالح الدولة، فلا بدّ أولاً من توفير تلك الأطر التي تحمي المال العام قبل البدء بهذه الخطوة.

وشكا تقرير "لايف" من أن خطة الدولة تتحدث عن "إصلاحات هيكلية" إلا أنها لا تقدم رؤية متماسكة ومقنعة حول مستقبل البلد، داعياً إلى البناء على الرؤية الاقتصادية المستقبلية التي قدمتها ماكينزي في تقريرها الصادر سنة 2017.  

كما إن من العيوب الواضحة في الخطة، أنها لا تقرّ بوضوح بحتمية اللجوء إلى مساندة ودعم صندوق النقد الدولي وضرورة بدء مفاوضات جدية معه من دون المزيد من التأخير. وتقدر "لايف" أن حجم المعونات المالية التي يحتاجها البلد هو أكبر من تقدير الخطة ويزداد يوماً بعد يوم في ظل وضع الشلل الحالي. من هنا أهمية دور صندوق النقد الدولي لأنه سيكون حافزاً وضامناً لدخول مؤسسات عون أخرى عدة لتقديم الدعم المطلوب وسد فجوة التمويل، وبهذا المعنى يجب على لبنان أن يدرك أن الدعم المالي الضروري الذي يتوقع الحصول عليه من الصندوق وغيره من المؤسسات، يفوق بفوائده الشروط والدواء المر الذي سيفرض على البلد.

أخيراً، فإن إنقاذ الوضع الاقتصادي اللبناني، بحسب فريق "لايف"، يحتاج إلى قيادة اقتصادية قوية وجريئة وهو ما لم يظهر في سلوك أي من الحكومات اللبنانية التي تعاقبت قبل انفجار الأزمة، ومن دون هذه القيادة فإن الأزمة اللبنانية ستتفاقم وتهدّد معيشة اللبنانيين.

خلاصة القول في تقرير "لايف" هو أن لبنان لم يعد له الكثير من الوقت، إذ عليه التحرّك بسرعة قبل فوات الأوان.