هل تتعافى أسعار النفط بعد اتفاق أوبك؟

  • 2020-04-15
  • 15:34

هل تتعافى أسعار النفط بعد اتفاق أوبك؟

  • الياس بارودي

في الأسبوع الثاني من شهر نيسان/أبريل الحالي انخفض سعر نفط برنت دون 20 دولاراً للبرميل بعد أن كان قد بدأ السنة على مستوى 70 دولاراً للبرميل. أما قبل ذلك فإن سعر برنت القياسي كان قد بلغ 140 دولاراً للبرميل في العام 2008 و124 دولاراً للبرميل في العام 2011 .بمعنى آخر فإن الوضع في سوق النفط كان قد بدأ يتغير قبل وباء كورونا ووقعه على الاقتصاد العالمي، وذلك نتيجة لتزايد الإنتاج بشكل مفرط خصوصاً في الولايات المتحدة، وهو الوضع الذي أدى إلى حرب الأسعار بين روسيا والمملكة العربية السعودية بسبب رفض روسيا خفض إنتاجها.

 والاتفاق الأخير الذي رعته الولايات المتحدة، أنهى هذه الحرب على ما يبدو حيث وافقت دول الأوبك مع روسيا على خفض الإنتاج بـ 9.7 ملايين برميل في اليوم، كما توقعت دول أوبك أن يصل الخفض العالمي الإجمالي في الإنتاج إلى نحو 20 مليون برميل في اليوم، منه انخفاض النفط الصخري في الولايات المتحدة الذي لم يعد اقتصادياً على مستويات الأسعار الأخيرة وإنتاج دول أخرى خارج أوبك + والتي لن تكون قادرة على تسويق إنتاجها بسبب التخمة في السوق أو لا تستطيع الإنتاج بشكل مربح على مستوى السعر الأخير للنفط. إذاً إن مجموع الخفض قد يوازي نحو 20 في المئة من إمدادات النفط العالمية حالياً.

 وكل ما سبق يطرح أسئلة عدة لعل أهمها ما يلي:

أولاً: هل هذا الخفض في الإنتاج الذي تم الاتفاق عليه بعد مفاوضات شاقة استدعت تدخل الولايات المتحدة ورئيسها شخصياً في المفاوضات كافياً لإعادة التوازن إلى السوق ورفع الأسعار من جديد؟ الجواب لا يبدو مشجعاً، فالسوق مغرقة بالنفط حالياً وطاقة التخزين الاستيعابية حول العالم شارفت على النفاذ، والخفض المتفق عليه في الإنتاج لن يبدأ قبل بداية شهر أيار/مايو المقبل، وفي المقابل، فإن التوقعات الرائجة في السوق تشير إلى أن الطلب العالمي على النفط سينحسر بنحو 30-35 مليون برميل في اليوم في الجزء المتبقي من السنة. فماذا سيكون أثر ذلك على السعر، وهل سيكون هناك مجال للاتفاق على خفض إضافي في هذه الحالة؟ ولعل في ما توصلت إليه غولدمان ساكس من الاستنتاج، بأن التخفيض المتفق عليه قليل جداً وجاء متأخراً، فيه الكثير من الحقيقة.

ثانياً: في العلاقة مع ما سبق، فإن سعر النفط قياساً إلى سعر برنت والذي كان قد انخفض بشدة 15 دولاراً للبرميل في نهاية آذار/مارس عاد الآن وبعد الإعلان عن اتفاق خفض الإنتاج إلى حدود 35 دولاراً للبرميل، لكنه لم يرتفع منذ حينه إلى أعلى من ذلك بشكل ثابت. وأخذاً بما سبق عن الانخفاض الحاد في الطلب على النفط في المدى المنظور، فالسؤال هو كيف سيكون وقع ذلك على الدول المنتجة، سواء دول الخليج أو بعض الدول الأخرى التي تعاني من مصاعب اقتصادية مزمنة، وهل ستكون في المرحلة المقبلة ضربة قاصمة لإنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة، علماً أنه لا يزال هناك بعض المحللين الذين يتوقعون انخفاض السعر مجدداً إلى حدود 20 دولاراً للبرميل على الرغم من إتفاق خفض الإنتاج.

ثالثاً: ينص اتفاق أوبك على أن يستمر خفض حصص الإنتاج لمدة سنتين مع تقليص حجم التخفيض تدريجياً بحيث سيتقلص حجم الخفض الإجمالي من 10 ملايين إلى 7,6 ملايين برميل في اليوم بعد نهاية شهر حزيران/يونيو المقبل وحتى نهاية السنة وثم إلى 5,6 ملايين برميل في اليوم في 2021 وحتى نهاية 2022، لكن ألا تعكس هذه الأهداف تفاؤلاً مفرطاً في سرعة عودة النشاط الاقتصادي والطلب على النفط، وهل ستتمكن دول أوبك من الإبقاء على الخفض المقرر أصلاً لمدة أطول إذا لم تتحسن السوق بالسرعة المتوقعة وبعد أن تكون قد عانت في الأشهر القليلة المقبلة من انخفاض حاد في إيراداتها النفطية، وهل ستلتزم الدول المنتجة الأخرى بالخفض الإضافي في إنتاجها بواقع 10 ملايين برميل في اليوم في حالة كهذه؟.