بول من فيناسترا: على المصارف أن تتعاون مع شركات الفنتك لتسريع وتيرة التحول الرقمي

  • 2021-04-01
  • 12:32

بول من فيناسترا: على المصارف أن تتعاون مع شركات الفنتك لتسريع وتيرة التحول الرقمي

توجهات لزيادة ميزانيات التحول الرقمي بمقدار الثلث خلال السنوات الخمس المقبلة

  • رانيا غانم

تركت جائحة كورونا تداعيات كبيرة على طريقة العمل وتفاعل المصارف مع العملاء والزبائن، فبعد أن كان نهج "بناء العلاقات العامة" القائم على تحفيز مشاركة العملاء وإدارة شؤونهم هو السائد في المصرف، تراجعت أهمية هذا النهج، بعد أن بات التواصل الشخصي مع العملاء أمراً شبه مستحيل. ويؤكد نائب رئيس أول، مدير عام الخدمات المصرفية للشركات في "فيناسترا" تورستن بول أن طبيعة الخدمات المصرفية وطريقة تقديمها تغيرت بشكل جذري وسيستمر هذا الواقع حتى بعد انتهاء الجائحة وعودة الحياة اليومية إلى طبيعتها.

وتشير دراسات عدة من بينها ماكنزي إلى أنه في ظل التباطؤ الاقتصادي وبهدف الحد من التداعيات السلبية التي فرضتها الجائحة، تحتاج المصارف إلى مواكبة التوجهات العالمية الجديدة وتبني التحول الرقمي. ويؤكد بول أنه من حيث المبدأ نجحت المصارف في التعامل مع الأزمة، ولكن بنسب متفاوتة، فتلك التي تملك البنية التحتية والقنوات الرقمية المطلوبة ضمنت ديمومة العمل واستمرت في تقديم الخدمات المصرفية الرقمية للعملاء والشركات وبالتالي نجحت في اجتياز الأزمة، أما المصارف التي لم تكن مجهزة تقنياً بالقنوات الرقمية عانت كثيراً وسجلت تراجعاً على المستويات كافة، ويضيف بول أن بعض البنوك التي تعتمد الأنظمة المصرفية الأساسية القديمة تمكنت من مواكبة الأزمة عبر دعم التحول الرقمي، لافتاً النظر إلى أن المصارف يجب أن تغير في طرق تقديم خدمات صيرفة الشركات بالتوازي مع التغيرات التي تشهدها صيرفة التجزئة، ويؤكد ضرورة التركيز في رحلة التحول الرقمي للمصارف في المنطقة ليس فقط على شراء حقوق برامج تقنية جديدة، إنما التركيز على تحويل الإرث الداخلي للمصرف والتكنولوجيا القديمة التي يمتلكها لمواكبة التوجهات والأنظمة الرقمية الحديثة.

إقرأ:
ياسر الشريفي: استراتيجية جديدة من 3 محاور للإرتقاء بتجربة العميل

 

تغيّر الأولويات بما يتماشى مع العملاء

أجرت شركة فيناسترا استطلاع أحصى آراء وتصورات أكثر من 700 من مديري العلاقات، ومسؤولي التكنولوجيا والمنتجات عبر مختلف إدارة الخدمات المصرفية للشركات في البنوك الدولية، وقد أظهر الاستطلاع أن أولويات هؤلاء المستطلعين ستتغير على مدى السنوات الخمس المقبلة لتتماشى مع متطلبات عملائهم من الشركات. ويشير بول إلى أن النتائج أظهرت أن الشركات ستولي أهمية وأولوية للخدمات المصرفية عبر الإنترنت والخدمات ذات المنافع الإضافية والخدمة والتنفيذ في الوقت الحقيقي، أكثر من التركيز على مجموعة من المنتجات والخدمات وإدارة العلاقات في البنوك، ويؤكد بول أن دور مديري العلاقات لن يتقلص، لكن يمكنهم الإفادة من التكنولوجيا والبيانات الشاملة المتوافرة لتقديم قيمة مضافة للعملاء. ويضيف: "من الواضح أنه مع تعاظم دور جيل الشباب المعتاد على التقنية وعلى الهواتف الذكية للحصول على الخدمات المالية والمصرفية في وقتها الحقيقي، يصبح مواكبة هذه التطورات وتقديم هذه الخدمات أمرين لا بد منهما".

 

التكلفة المرتفعة في طليعة التحديات

وعن التحديات والعقبات الرئيسية التي تواجه البنوك، يشير بول إلى أن المصارف تعتمد على الكثير من التقنيات القديمة، ويعتبر استبدالها بالتكنولوجيا الحالية أمراً مكلفاً للغاية. ويضيف: "ينبغي أن تجد المصارف طريقة للتحول إلى عالم رقمي عبر اتباع نهج تدريجي وسريع للتقييم والتواصل مع عملائها"، ويمكن أن يتم ذلك عبر الاعتماد على منصة الطرف الثالث التي توفر خدمات ذات مزايا إضافية وقدرة على التنفيذ في الوقت الحقيقي. وينبغي الاستثمار في واجهة برمجة التطبيقات (API) مع شركات التكنولوجيا المالية بهدف منح العملاء تجربة رقمية فريدة. ويؤكد بول على ضرورة المواءمة بين التكلفة والمخاطر، مشدداً على أهمية اعتماد نهج خدمات الصيرفة المفتوحة لتشجيع الابتكار، لافتاً النظر إلى أن 95 في المئة من الابتكار يأتي من شركات التقنية المالية وليس من المصارف ذاتها.

 قد يهمك: 
الصيرفة المفتوحة: الفوائد وهواجس المصارف والتحديات

دور مهم للبيانات

ويؤكد بول أن البيانات ستساهم في تغيير مستقبل الخدمات المصرفية، لذا سيضم كل مصرف فريقاً من المتخصصين في مجال البيانات وفي الذكاء الاصطناعي، ولكن ذلك لن يكفي، لذا ستحتاج المصارف إلى الشركاء المناسبين للإفادة من تلك البيانات وحصاد ثمارها وابتكار حلول ومنتجات جديدة. لكن هذا في نهاية المطاف الميزانية التي ستخصصها المصارف لتطوير البنية التحتية تعود إلى المصرف وقدرته على الاستثمار في التكنولوجيا المالية، مذكراً أنه ليس ثمة حاجة إلى بناء البنية التحتية بالكامل من الصفر، إذ دائماً يمكن استخدام التكنولوجيا القديمة والعمل على تطويرها لبلوغ تجربة رقمية حديثة ومبتكرة.

 

شركاء لا أعداء

وعما إذا كان ثمة فجوة ثقافية بين المصارف واللاعبين الجدد، فيشير بول إلى أن المصارف تعتبر شركات التكنولوجيا المالية الصغيرة، وليس الكبيرة مثل أمازون أو أبل أو مايكروسوفت، شركاء وليس أعداء، وهذا بدوره يسلط الضوء على الحاجة الكبيرة للتعاون في هذا الإطار. ويقول: "ينبغي على المصارف وشركات الفنتك إيجاد المزيج الصحيح لنجاح الرحلة الرقمية"، معتبراً أن النجاح الذي تحققه شركات الفنتك حالياً مع العملاء سيجبر المصارف على التحرك نحو هذا الاتجاه. ويلفت بول النظر إلى أن مصارف عدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خطت خطوات متقدمة في مجال التحول الرقمي، ولدى فيناسترا بعض العملاء الذين كانوا من الأوائل الذين اشتروا برامج رقمية جديدة. ويضيف: "الأمر لا يعتمد على المنطقة، إنما على الأشخاص الموجودين على رأس الشركة وما إذا كانت لديهم الرؤية الصحيحة للتحول الرقمي، لافتاً النظر إلى أن التعاون وسرعة التحرك نحو التحول الرقمي يبقىيان مفتاح النجاح".

 رغبة التغيير موجودة

تدرك المؤسسات والشركات العالمية أهمية التحول الرقمي ودورها في إنجاح الشركات. ويظهر استطلاع فيناسترا أنه في حلول العام 2022 ستتمتع 70 في المئة من الشركات حول العالم بالتقنيات التكنولوجية الحديثة. ويشير بول إلى أن الرغبة في التغيير موجودة تحديداً لدى المصارف، إذ من المتوقع أن تنمو ميزانيات مشاريع التحول الرقمي في مجال إدارة النقد وتمويل التجارة العالمية بنسبة 30 في المئة، والإقراض العالمي بنسبة 20 في المئة، وفق فيناسترا. ويضيف: "أدركت الشركات التي كانت تعتمد تاريخياً على التمويل والإقراض أن الرقمنة هي سبيل للنجاح، تساهم في خفض الأكلاف التشغيلية وتسهل الامتثال وتعطي المستخدم تجربة مختلفة"، مضيفاً أن استثمار المصارف في الرقمنة عامل نجاح رئيسي بالنسبة لها".

وترى البنوك في أوروبا والشرق الأوسط، بأن الوصول الفوري إلى الخدمات المصرفية وتنفيذ المعاملات في الوقت الحقيقي يشكل الآن واحداً من المتطلبات الرئيسية للعملاء، ومن المرجح أن يظل كذلك في حلول العام 2025. ومن أبرز النتائج الرئيسية التي توصل إليها استطلاع فيناسترا هو أن 71 في المئة من المستطلعين قالوا بأن النهج المفضل لبنوك أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا للتغلب على هذه التحديات يتمثل في الشراكات التعاونية مع شركات التقنية المالية/التقنية التنظيمية. عندما طُلب من بنوك أوروبا والشرق الأوسط المستطلعة، ذكر المهام والوظائف الرقمية التي تلزمها بشكل عاجل لمواجهة تأثيرات كوفيد 19، أشار 25 في المئة منهم إلى مزايا وحلول السحابة و15 في المئة منهم أشار إلى تكنولوجيا التوقيع الرقمي.

 

انفتاح على الصيرفة المفتوحة

وعما إذا كان المنظمون في المنطقة متحفظين بشأن خصوصية البيانات، فيشير بول إلى أن التحول الرقمي يتباطأ حتماً مع وجود منظمين يعتمدون نهج حماية البيانات. لكن لقد أثبتت التجارب أن مراكز قاعدة البيانات الحديثة تؤمن أقصى درجات الحماية والأمان للبيانات. وفي الوقت الذي تتبنى أوروبا نهج وسياسة الخدمات المصرفية المفتوحة، تتجه بلدان عربية جديدة إلى تبنيه أيضاً، فقد استهل البنك المركزي السعودي هذا العام بإطلاق سياسة الصيرفة المفتوحة التي تخول عملاء المصارف من إدارة حساباتهم ومشاركة بياناتهم المالية إلكترونياً مع طرف ثالث. وكانت قد سبقتها البحرين نهاية العام الماضي بإصدار ومواصفات الواجهة التقنية المفتوحة لبرمجة التطبيقات العمل الخاص. ويؤكد بول أن هذه الخطوات اعتراف من قبل المنظمين بأهمية التحول الرقمي واستخدام السحابة والاستثمار في التقنيات الجديدة التي تسمح بالامتثال والتعاون مع شركات الفنتك لابتكار خدمات مالية جديدة. وتنفق الشركات التقنية العملاقة مثل مايكروسوفت أموالاً طائلة على الحوسبة السحابية ومراكز البيانات وحماية أمن المعلومات أكثر مما ينفقه أي مصرف على حماية البيانات. ويعتبر أن منطقة الشرق الأوسط ستكون من الأوائل الذين سيحولون العمل إلى السحابة لتبني رحلة التحول الرقمي.  

 إقرأ أيضاً: 

سوليفان من BCG: التحول الرقمي سيساعد اقتصادات الخليج على تجاوز الأزمة

التعاون لابتكار الحلول

على الرغم من تنامي عدد الشركات الناشئة التي تقدم الخدمات المالية التقنية، إلا أن معظمها يركز على تقديم خدمات الدفع بأشكاله المختلفة وعلى تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وعلى التمويل الجماعي وعلى تأمين منصات الدفع الإلكتروني للتجار. ولا يزال عدد الشركات المتخصصة في الصيرفة المفتوحة ضئيلاً جداً، لذا تبدو الحاجة ملحة إلى زيادة عددها لتلبية الطلب الكبير الذي قد يتأتى في المستقبل القريب. لكن بول، يوضح أنه في ظل العولمة من السهل على أي مصرف الوصول إلى الطرف الثالث بسهولة لتلبية متطلباته. ويضيف أن المصارف يمكنها التعاون مع شركات الفنتك المحلية لابتكار منتجات وخدمات جديدة، وذلك عبر تسليط الضوء على مشاكلها ونقاط ضعفها والتعاون سوية مع شركات الفنتك لابتكار حلول ملائمة توائم متطلبات العملاء. ويبين استطلاع فيناسترا أن نحو 70 إلى 75 في المئة من البنوك تتعاون مسبقاً مع شركاء التقنيات المالية أو أنها تخطط للقيام بذلك في العام المقبل، وهذا التغيير سيكون حتمياً لأنه سيساعد على تسريع وتيرة النمو.

 

فرص واعدة في المنطقة

ويخلص بول إلى القول بأن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعتبر من الأسواق المهمة جداً لفيناسترا، إذ يوجد لدينا فيها أكبر نسبة من العملاء، ونتطلع إلى المزيد من النمو فيها. ويشير إلى أنه ثمة بعض الخدمات التي يمكن تحسينها في المنطقة مثل تمويل سلاسل التوريد، وصحيح أن تمويل التجارة وإدارة النقد كانت مهيمنة لفترة طويلة، لكن السوق تتجه أكثر حالياً نحو تمويل سلاسل التوريد، وتحسين تجربة المستخدم لخلق تجارب مصرفية أفضل للأفراد والشركات، وتقديم حلول مصممة خصيصاً لكل عميل بما يتواءم مع حاجاته ومتطلباته، وتطوير تطبيقات ونشرها واستهلاكها في الخدمات المالية لتتلاءم مع الاحتياجات المتغيرة للعملاء. وقدمت فيناسترا حلولاً رقمية متعددة مثل الصيرفة عبر الواتسآب، والـ chatbox وأيضاً حلولاً مالية رقمية عبر الهواتف الذكية وتطبيقات للإمتثال والتي من شأنها خفض الأكلاف التشغيلية وغيرها من الحلول التي تصبّ في خدمة العميل. وينهي بالقول: "إن الحاجة إلى تقديم حلول تمويل للشركات بمستوى أعلى من السرعة والمرونة والتكيّف مع متطلباتها المحددة عبر مختلف القطاعات، تشكل اليوم محفّزاً للخدمات المصرفية للشركات في البنوك على بدء رحلة تحولها الرقمي، كما إن المرونة وسرعة الاستجابة والاعتماد على خبرة شركاء حلول التقنيات المالية ستكون العامل الاهم لتحقيق النجاح في هذا التحول، فضلاً عن التعاون عبر المنصات المفتوحة.