الخليج يتحول الى مركز عالمي للثروات: الثروات الخاصة تنمو من 3 الى 5 تريليونات دولار في 5 سنوات
الخليج يتحول الى مركز عالمي للثروات: الثروات الخاصة تنمو من 3 الى 5 تريليونات دولار في 5 سنوات
-
خاص - "أوّلاً-الاقتصاد والأعمال"
رويداً رويداً تتحول منطقة الخليج الى عرين للثروات العالمية. فهذه المنطقة التي كان يقصدها مصرفيو العالم لاستقطاب الثروات واستثمارها في الأسواق العالمية أصبحت الآن تجذب هذه الثروات من مناطق أخرى من العالم ومعها اللاعبون الذين يشكلون منظومة إدارة الثروات الخاصة والتي يقدر حجمها بحدود 275 تريليون دولار نهاية العام 2024 والمتوقع أن تصل الى 367 تريليوناً نهاية العام 2028 حسب تقديرات بوسطن كونسلتنغ غروب. أما في منطقة الخليج، فتقدر الشركة نفسها حجم الثروات الخاصة بـ 3 تريليونات دولار في العام 2024 وتتوقع أن تصل الى حدود 5 تريليونات بعد 5 سنوات او 6 سنوات. وقد تكونت هذه الثروات خلال الفورات النفطية المتتالية منذ الستينات وما نتج عنها من إنفاق حكومي كبير وتوسع اقتصادي سريع في قطاعات متعددة مثل التجارة والعقار والسياحة والصناعة وغيرها.
ومن الواضح أن المنطقة تشهد مرحلة جديدة في مجال إدارة الثروات الخاصة تتميز بتسارع وتيرة نمو الثروات وتوسع القطاع الذي يقوم بخدمتها. ونتج هذا التحول عن تظافر عوامل اقتصادية محلية وعالمية عدة وصعود التكنولوجيا وتسارع عملية انتقال الثروات إلى جيل جديد قد تكون له نظرة مختلفة في الاستثمار من حيث أنواع الأصول ومستوى المخاطر وكيفية تفاعل هذا الاستثمار مع القيم، كل ذلك يبشر بحقبة جديدة لقطاع ادارة الثروات في المنطقة ستتسم بتوسع وتعمق منظومة وسلسلة القيمة التي يقوم عليها هذا القطاع.
ثروات جديدة من التحول الاقتصادي
في السنوات الأخيرة، تبنت معظم حكومات المنطقة استراتيجيات اقتصادية جديدة تمحورت حول هدف اساسي وهو التنويع الاقتصادي للتقليل من الاعتماد على النفط كمصدر أساسي للدخل وتكثيف الاستثمار في قطاعات جديدة لتصبح غير نفطية مثل السياحة والخدمات اللوجيستية والمالية والتكنولوجيا وريادة الاعمال. واكب هذا التحول استثمارات كبيرة في مشاريع تحولية وتطوير منظومة القوانين والانظمة لتصبح أكثر دعماً للأعمال والاستثمار وجذباً لرؤوس الأموال وأصحاب الكفاءات، وساعدت هذه التطورات على زيادة جاذبية المنطقة للاستثمار وعلى استقطاب رؤؤس الاموال الجديدة من المستثمرين المحليين والعالميين. وتشير المعلومات الحالية إلى أن التوسع الاقتصادي الحاصل في المنطقة دفع العديد من المستثمرين المحليين الى إعادة بعض من أموالهم المستثمرة في الخارج للاستفادة من الفرص الجديدة. وتشير التقديرات الحالية إلى أن 50 الى 60 في المئة من الثروات الخاصة في المنطقة مستثمرة في الأسواق العالمية. وانعكس هذا التغيير في مؤشرات مهمة مثل عدد الشركات التي بدأت تدرج اسهمها في البورصات المحلية عبر اكتتابات عامة والتي تعدى عددها المئتين خلال عامي 2023 و2024 خصوصاً في سوقي المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة.
إلى ذلك شهدت المنطقة تأسيس موجات متتالية من الشركات الناشئة التي تركز معظمها في القطاع الرقمي، والتي واكبها توسع في دور صناديق رأس المال الجريء، وتحول بعضها الى شركات مليارية (Unicorns) وبدأ يجد طريقه إلى الإدراج العام في الأسواق الأساسية أو الثانوية، كل هذه التطورات كانت عاملاً حاسماً وراء زيادة الثروات الخاصة ولاسيما في فترة ما بعد جائحة كورونا.
ويرى بعض المحللين أن دور منطقة الخليج الاقتصادي سيتلقى دفعاً إيجابياً من التوترات الجيوسياسية والتجارية والتنافس المتصاعد بين الولايات المتحدة الأميركية والصين بسبب وسطيتها السياسية والجغرافية وجهوزيتها لاستقبال الاستثمارات العالمية لتكون قاعدة وسيطة بين الممرات العالمية التجارية والمالية وممرات الطاقة. وقد لا يقل أهمية عن ذلك موقع المنطقة على الخريطة الرقمية العالمية مع الاستثمارات الضخمة التي تقوم بها حكوماتها وشركاتها في التقنيات الصاعدة ولاسيما في الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات. ولا تقتصر الاستراتيجيات الرقمية لبلدان المنطقة على الاستثمار محلياً في هذه التكنولوجيات بل أصبحت الصناديق السيادية الخليجية وشركاتها التابعة بين أكبر المستثمرين في المنظومة العالمية للذكاء الاصطناعي بعناصرها كافة من تطوير النماذج وتطبيقاتها ومراكز البيانات التي تخدم عملياتها الحوسبية وحتى في صناعة الرقائق الالكترونية (Chips).
هجرة الثروات...الى المنطقة
بدأت جهود التحول الاقتصادي والتطور الحاصل في بيئة الاستثمار والاعمال والاستقرار الذي تتمتع المنطقة به تلفت أنظار أصحاب الثروات من مناطق أخرى والذين وجد عدد متزايد منهم في الخليج كمركز جاذب لادارة ثرواتهم. ففي العام الماضي وحده، استقطبت الامارات العربية المتحدة أكثر من 6800 ومن أصحاب الثروات. وتشير الوقعات الحالية إلى أن أكثر من 8000 من هؤلاء سينتقلون أيضاً إلى الدولة خلال العام الحالي، ويتم هذا الانتقال من مراكز عالمية أخرى بخاصة في آسيا مثل سنغافورة وهونغ كونغ والتي أصبحت أكثر تكلفة وتعقيداً من حيث شروط الامتثال. ولم تقتصر هجرة الأثرياء هذه على آسيا بل هناك مؤشرات انتقال للثروات من مراكز اوروبية مثل بريطانيا وسويسرا نتيجة تغير في السياسات الضرائبية بل أيضاً بسبب بعض التقلبات السياسية الحادة التي تشهدها. وموجة الهجرة هذه مرشحة للتسارع وللامتداد إلى الأسواق الخليجية الاخرى التي توفر درجة عالية من الاستقرار والأمان وتتمتع ببنى تحتية متقدمة ونمط معيشة جاذباً وتشريعات داعمة للاستثمار والأعمال، كما إن التوسع الاقتصادي السريع أصبح يوفر فرصة محلية متزايدة للاستثمار. ويواكب انتقال أصحاب الثروات إلى الخليج والذي يؤسس المزيد منهم مكاتب عائلية في المنطقة اقبالاً من مديري الثروات العالميين والمحليين وغيرهم من مزودي الخدمات المرتبطة بالثروات ومعهم أصحاب الكفاءات والخبرة، مما يساعد على إعطاء هذه الهجرة المزيد من الزخم ويعزز تحول الامارات إلى أحد المراكز العالمية لحجز الأصول (Booking Cener) على غرار سنغافورة وهونغ وكونغ ولندن وسويسرا. وتشير التوقعات الحالية إلى أن هذا التحول التدريجي سيضع الامارات بين أكبر ثمانية مراكز عالمية لحجز الثروات خلال عقد من الزمن.
شكلت هذه التطورات حافزاً مهماً لمختلف المؤسسات العاملة في قطاع الثروات من مصارف ومديري الأصول والاستشاريين من مختلف الأنواع مثل الخبراء القانونيين والضريبيين وغيرهم، للتوسع في المنطقة وبناء فرق عمل متكاملة. ففي حين كانت هذه المؤسسات تعمل إما من خلال مكاتب مصغرة تقتصر على فرق البيع وخدمة العملاء أو من خلال الزيارات الميدانية، بدأ المزيد من مديري الثروات يوسعون وجودهم ويضيفون المزيد من الاختصاصيين المتنوعين للاستفادة من التوسع الحاصل في السوق وفي الطلب على خدماتهم من أصحاب الثروات المحليين ومن القادمين الجدد من الخارج. وبدأت أسواق المنطقة تشهد قدوم لاعبين عالميين جدد مثل صناديق التحوط وغيرها من شركات الاستثمارات البديلة مثل الملكيات والأسواق الخاصة. وساعد على ذلك بروز المراكز المالية مثل "أبوظبي العالمي" ومركز دبي المالي العالمي الذين تمكنا من تطوير بيئة تنظيمية ورقابية عالمية المستوى من حيث أدواتها وقوانينها واجهزتها البشرية.
ثروات بتريليون دولار في طريقها للانتقال بين الأجيال
يتوقع البنك السويسري "يو بي اس" أن ينتقل ما قيمته 83 تريليون من الثروات من أصحابها الأصليين إلى أفراد عائلاتهم خلال العشرين سنة المقبلة، وهو ما يعتبر أكبر عملية انتقال للثروات بين الأجيال منذ عقود. وفي الخليج، تشير التقديرات الحالية إلى أن هناك تريليون دولار من الثروات المرشحة للانتقال من جيل إلى آخر خلال السنوات الخمس المقبلة. وتشغل عملية الانتقال هذه المصارف وغيرهم من مديري الثروات الذين يسعون لبناء علاقات وثيقة مع الأصحاب الجدد لهذه الثروات وفهم حاجاتهم ومتطلباتهم ونظرتهم إلى الاستثمار ومدى قابليتهم للمخاطر. وفي الوقت الذي لا يرى فيه مدراء الثروات تحولات جذرية في نظرة هؤلاء إلى الاستثمار وكيفية التعاطي مع ثرواتهم، يلحظون ميلاً أكبر لدخول المالكين الجدد لهذه الثروات في أنواع جديدة من الأصول ولاسيما من الاستثمارات البديلة المتدنية السيولة وكذلك للاستثمار في أسهم التكنولوجيا والمواءمة بين غاية تحقيق العوائد المجزية والحفاظ على القيم البيئية والاجتماعية، كما أن أفراد الجيل الجديد يفضلون الاعتماد بشكل أكبر على الأقنية الالكترونية للتعامل مع المصارف للحصول على الخدمات. ومن هنا، أخذت المصارف والمؤسسات الاخرى العاملة في قطاع إدارة الثروات التركيز بشكل أكبر على الجيل الجديد وتطوير خدماتها ومنصاتها للتأقلم مع تطلعاتهم الاستثمارية. ووفق بعض المصادر فان قرابة 70 في المئة من أصحاب الثروات في المنطقة لم يضعوا بعد خططاً محددة للتوريث مما يعطي المصارف ومديري الثروات فرصاً كبيرة للعمل مع عملائهم على وضع خطط فعالة للتعامل مع عملية انتقال سلسة ومنظمة للثروات وضمان استدامتها.
هل يسيطر الذكاء الاصطناعي على صناعة إدارة الثروات؟
ويسلط هذا الانتقال في الثروات إلى جيل أكثر شباباً المزيد من الضوء على موضوع التكنولوجيا ودورها الحالي والمستقبلي في خدمة العملاء من أصحاب الثروات. ويجذب الصعود السريع للذكاء الاصطناعي الاهتمام الأكبر لمديري الثروات وأصحابها. والسؤال الأساسي المطروح هو: ما الدور الذي يمكن ان يلعبه الذكاء الاصطناعي في صناعة إدارة الثروات التي تتميز بخصوصية فائقة ويسيطر عليها التواصل الشخصي أكثر منه الخدمة عن بعد كما الحال في قطاع التجزئة. والجواب الذي تعطيه المصارف يشوبه نوع من الحذر. فهي بدأت في التعاطي مع ما توفره تقنيات وامكانات الذكاء الاصطناعي في عملياتها خصوصاً في مساعدة الموظفين الذين يتولون ادارة العلاقة مع العملاء وفي توفير المعلومات المفيدة لهم وزيادة كفاءة ما يقومون به مثل تحضير التقارير وتسهيل عملية ضم العملاء الجدد وتطبيق متطلبات الامتثال. ولا يزال هناك حذر واضح من استخدام الذكاء الاصطناعي في عملية بناء المحافظ الاستثمارية وتوزيع الأصول واتخاذ القرارات الاستثمارية. ويرى معظم المصرفيين والخبراء أن العملاء من أصحاب الثروات الكبيرة لا يزالون يتطلبون حلولاً مصممة لحاجاتهم وظروفهم وهم بحاجة للوصول المباشر إلى خبراء الاستثمار ومخططو الثروات. لكن يبدو أن رحلة الذكاء الاصطناعي في إدارة الثروات لا تزال في بداياتها وسيتم استخدامها بشكل تدريجي مع تطور نماذجها واختبار نتائجها، ويتوقع أن يكون لها دور مهم في ضبط نمو التكاليف في قطاع لا يزال العنصر البشري يلعب الدور الرئيسي فيه ويشهد تصاعداً في الكلفة وضغوطاً مستمرة على هوامش الربح، ويتوقع ان يتم تكثيف استخدام التكنولوجيا بشكل عام والذكاء الاصطناعي بشكل خاص لخدمة شريحة العملاء المسورين او ما تسميهم المصارف بـ Mass Affluent.
السعي وراء النمو
قصة النمو التي تعيشها منطقة الخليج في الثروات الخاصة تجذب اهتمام اللاعبين من كل حدب وصوب. فإضافة إلى المصارف العالمية التي لها باع وتاريخ طويل في التعامل مع أصحاب الثروات في المنطقة، تستقطب المنطقة مصارف ومؤسسات جديدة تستهدف الوصول إلى هذه الشريحة المهمة من المستثمرين. ويتضمن هؤلاء مصارف من اورويا وآسيا وشركات ذات اختصاص عامودي في الاستثمار وادارة الأصول. وتظهر معظم المصارف تفاؤلها بآفاق سوق الثروات في المنطقة وبامكانات النمو فيه، وتستهدف مضاعفة أعمالها خلال السنوات الأربع أو الخمس المقبلة عن طريق زيادة حجم الاصول تحت الإدارة (AUMs) وتنمية العلاقة الإجمالية مع العملاء وهي تأمل ان يساعدها ذلك على زيادة ايراداتها من السوق. ويشير العديد من هذه المصارف الى تبنيه خططاً توسعية تتضمن زيادة عدد موظفيها في المنطقة وتعزيز منصاتها للثروات وإضافة خدمات جديدة وتعزيز الانفاق على التسويق. وتركز المصارف الكبرى على مزاياها الأساسية وهي شبكتها العالمية التي تتيح لعملائها خيارات واسعة لحجز اصولهم في المراكز العالمية وامكانية الوصول الى عدد كبير من الاسواق عبر المنصات الالكترونية. وتركز هذه المصارف على القناة المتكاملة التي تتيح لعملائها التعامل بسلاسة من خلال حساب واحد ومدير علاقة واحد وتفادي التكرار في الاجراءات، أي أنها تركز على قدراتها العالمية في الاسواق والمنتجات ولخبرات، كما إنها تستفيد من قدراتها على استخدام ميزانياتها الكبيرة لتلبية طلب عملائها على تمويل استثماراتهم.
في المقابل، تركز المصارف الأصغر حجماً والشركات ذات الاختصاص (Boutiques) على الخدمة الشخصية وعلى عمق معرفتها في مجالات محددة في الاستثمار. وقد شهدت المنطقة في السنوات الأخيرة قدوم مصارف جديدة لم يكن لها نشاط يذكر من قبل إضافة إلى إقبال مستمر من مدراء الأصول المتنوعين مثل شركات الملكيات الخاصة (Private Equity) والاسواق الخاصة (Private Markets) وصناديق التحوط وغيرها والتي أصبح معظمها يركز على استقطاب الاموال من اصحاب الثروات، وليس فقط التعامل مع المستثمرين المؤسسيين مثل الصناديق السيادية وصناديق التقاعد وشركات التأمين وغيرها، وهذا أيضاً حال المصارف الاستثمارية الكبيرة مثل غولدمان ساكس ومورغن ستانلي وغيرها.
وفي الوقت الذي تتنافس جميع هذه المؤسسات بعضها مع بعض على سوق الثروات في المنطقة، فانها تتشارك في الكثير من الأحيان في بيع منتجات بعضها البعض عبر المنصات المفتوحة (Open Architecture) التي يؤكد معظم المصارف ولا سيما الكبيرة منها، انه يوفرها للعملاء، فالسوق أصبحت يتميز بهرمية واضحة حيث هناك مصانع أساسية تسيطر على تصميم وانتاج الاستثمارات التي يقوم الآخرون باعادة بيعها لعملائهم.
وبشكل عام، تشير التوقعات الحالية أن تشهد صناعة إدارة الثروات العالمية تغييرات تتمثل بعمليات تملك واندماج لمواجهة ارتفاع التكاليف وزيادة حدة التنافس وتشدد الانظمة الرقابية واكتساب ميزة الحجم التي تساعد على تعزيز القدرة على زيادة الايرادات والاستثمار في تطوير المنصات وتعزيز الخبرات البشرية والتكنولوجيا الحديثة.
المصارف الخليجية.. هل تصبح لاعباً أساسياً في سوق الثروات؟
نظراً لباعها الطويل وتواجدها التاريخي في اسواق المنطقة، تمتعت المصارف الأجنبية بسيطرة شبه كاملة على سوق إدارة الثروات فيها، ولم يكن للمصارف المحلية دور يذكر في هذا المجال. لكن هذه الصورة بدأت تتغير في السنوات الاخيرة بعد ان قررت المصارف الخليجية ان تحجز لها مكاناً في هذه السوق المهمة وتبدأ ببناء منظوماتها ومنصاتها المخصصة لادارة الثروات عبر الاستثمار في اصحاب الكفاءات العالية وفي المنتجات والبنى التحتية وفي شبكة تواجدها ولاسميا في المراكز العالمية الرئيسية. وعلى الرغم من الفارق الكبير في الحجم بينها وبين المصارف العالمية، تنفرد المصارف الخليجية بمزايا مهمة أهمها علاقتها الشاملة مع العملاء التي تشمل الودائع والتمويل والاستثمار والتداول وغيرها وهذا ما يمنحها رؤية واسعة على أوضاع عملائها وحاجاتهم تمكنها من توسعة وتعميق العلاقة معهم عبر توفير منتجات وخدمات جديدة مثل إدارة الثروات، كما إن لدى المصارف المحلية أفضلية في إدارة الاستثمارات المحلية نظراً لمعرفتها الواسعة بتطورات وظروف اسواقها. ويمكن لهذه المصارف سد فجوة المنتجات عبر الشراكات مع المصارف والمؤسسات الاستثمارية العالمية لتعزيز منصاتها وتلبية المزيد من متطلبات العملاء. ويبقى التحدي الأكبر هو تطوير استراتيجيات واضحة وتخصيص الاستثمارات المطلوبة لبناء المنصات ولخدمات ولكفاءات البشرية لاكتساب قدرات كافية تتيح لهذه المصارف توفير حلول تنافسية تسمح لها باستقطاع حصة مهمة من هذه السوق النامية. وسيساهم نجاح المصارف الخليجية في زيادة حصتها من سوق إدارة الثروات بالمنطقة في دعم أرباحها في السنوات المقبلة من مصادر جديدة من العمولات والتي ستساعد بدورها على تنويع مصادر دخلها التي لا تزال تعتمد بشكل رئيسي على صافي دخل الفائدة.
تفاؤل واستراتيجيات طموحة
تبدي جميع المصارف والمؤسسات الناشطة في سوق إدارة الثروات في الخليج تفاؤلها في مستقبل القطاع ووتيرة نموه في السنوات المقبلة. ويرتكز هذا التفاؤل على التحولات التي تشهدها بلدان المنطقة لتنويع اقتصاداتها وتطوير محركات نمو جديدة مثل السياحة والخدمات اللوجيستية والتكنولوجيا والخدمات المالية ولطرح نفسها كقاعدة وسيطة بين الممرات العالمية الرئيسية في التجارة والتكنولوجيا والطاقة وراس المال. ويلعب النمو الاقتصادي والتطور الحاصل في البنى التحتية ومنظومة الانظمة والقوانين دوراً مهماً في زيادة الثروات في المنطقة التي أصبحت أكثر جاذبية للمستثمرين العالميين ولاسيما لاصحاب الثروات منهم الذين ينتقلون باعداد متزايدة الى الخليج ولاسميا من آسيا والبلدان النامية ويعملون على تأسيس مكاتبهم العائلية والاقامة فيه، وهذا ما يمهد الطريق لتحول بعض بلدان المنطقة الى مراكز عالمية معتمدة لحجز الاصول في قطاع ادارة الثروات.
وبناءً على هذه النظرة المتفائلة ينفذ معظم هذه المصارف والمؤسسات خططاً توسعية تتضمن اضافة المزيد من الموظفين من ذوي الخبرات العالية وتعزيز منصاتها وأقنيتها ومنتجاتها وقدراتها الفنية والتسويقية، كما يتوقع أن تلعب المصارف المحلية دوراً أكثر تأثيراً في سوق إدارة الثروات خلال السنوات المقبلة.
الأكثر قراءة