كيف تتعامل المصارف اللبنانية مع القروض المدعومة المتعثرة؟

  • 2020-09-11
  • 10:37

كيف تتعامل المصارف اللبنانية مع القروض المدعومة المتعثرة؟

  • رانيا غانم

تساؤلات كثيرة تدور في أذهان الحاصلين على قروض سكنية مدعومة عن مصيرهم، وعما إذا كان المصرف يضع رسوماً جزائية على المتأخرات وكيف سيتم إعادة سدادها، وهل يسقط الدعم على القروض المدعومة في حال التأخر عن السداد؟

وعلى الرغم من أن مصرف لبنان أصدر تعاميم ومجلس النواب أقر قوانين تعفي المتعثرين من الغرامات المستحقة ومن الملاحقات القانونية والجزائية وإبقاء الدعم على الفوائد قائمة، تفهماً منها للأوضاع الاقتصادية الخانقة التي آلت إلى تراجع القدرة الشرائية وانخفاض المداخيل، إلا أنه لا يزال ثمة تفاوت في طريقة تعامل المصارف مع تلك الحالات. فالمتعثرون الذين وجدوا أنفسهم عاجزين عن دفع الأقساط بسبب فقدان الكثير منهم إلى وظائفهم أو خفض رواتبهم، لا يزالون يجهلون مصيرهم وإلى أين ستؤول الأمور.

 

لكل مصرف طريقة تعامل

 

يروي مقترضون إلى "أولاً-الاقتصاد والأعمال" الطرق التي تعاملت فيها المصارف مع قروضهم، يقول أحدهم (رفض ذكر اسمه) إنه حصل منذ سبع سنوات على قرض سكني مدعوم عبر المؤسسة العامة للإسكان، وكان قطع شوطاً كبيراً في تسديد الأقساط المتوجبة عليه، لكنه فقد وظيفته بعد ثورة تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وتوقف عن الدفع. ويوضح: "زرت المصرف بعد شهرين من التعثر لإبلاغه أنني عاجز عن الدفع، ووقعت على أوراق تفيد ان لم يعد لدي أي مصدر للدخل"، ومنذ ذلك الوقت "لم يراجعني المصرف أو يتصل مطالباً بالأقساط، ولكني تواصلت أخيراً مع أحد موظفي خدمة الزبائن، فأشار إلى أنه ثمة إعفاء من الغرامات حتى منتصف شباط/فبراير المقبل". ومثله كان مواطن آخر حصل على قرض مدعوم عبر المؤسسة العامة للإسكان لكن مصرفه أصر في بداية الأمر على فرض جزاء على الأقساط غير المدفوعة، إلى أن بدأ منذ آذار/مارس الماضي بتطبيق القرار وتم إيقاف جميع الرسوم. لكن الحالتين السابقتين لم تنطبقا على (ر.ف) الذي يشير إلى أنه حين أعلم مصرفه بتوقفه عن السداد، أفاده المصرف أن رسوماً ستفرض عليه، إلا إذا أمن جزءاً ولو بسيطاً من المبلغ المستحق لإظهار حسن نية.

 

إقرأ: 

لبنان: جمعية المصارف تطرح خطة اقتصادية بدلاً عن خطة الحكومة 

 

كتاب خطي لتطبيق القرارات

 

هذا الاختلاف في التعامل مع القروض المدعومة المتعثرة بين مصرف وآخر والشكاوى المتتالية من المتعثرين على عدم تطبيق بعض المصارف لتعاميم البنك المركزي وقوانين مجلس النواب تحت ذريعة حاجتها إلى المراسيم التطبيقية، دفع المدير العام في المؤسسة العامة للإسكان روني لحود إلى إصدار كتاب خطي موحد وجهه إلى جميع المصارف ليوضح أن قرار مجلس النواب لا يحتاج إلى مراسيم تطبيقية لتنفيذه، طالباً في الكتاب "وقف كل اشكال الملاحقات التي يتعرض لها المقترضون المتعثرون ضمن المهلة التي حددت ما بعد الاول من تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي وصولاً الى 19 شباط/فبراير من العام المقبل عملا بأحكام القانون الرقم 185 الصادر بتاريخ 19/08/2020، والذي قضى بتمديد وتعليق المهل الخاصة والمتعلقة بالتخلف عن تسديد القروض المدعومة بكل أنواعها، من سكنية وصناعية وزراعية وسياحية وبيئية وتكنولوجية، بحيث لا تسري على المقترض أي جزاءات قانونية أو تعاقدية، بما في ذلك أي غرامات أو زيادة على معدل الفائدة بسبب تأخر أو تعثر في تسديد قرض أو أي من أقساطه من المهل المحددة قانونيا أو تعاقدياً".

 


لحود: وردنا بعض الشكاوى من المقترضين المتعثرين عن عدم تطبيق المصارف لقرار تعليق المهل بحجة أنها تحتاج إلى مراسيم تطبيقية

 

المصارف... متفهمة ومتعاونة

 

وتشير مديرة الصيرفة بالتجزئة في بنك لبنان والمهجر جوسلين شهوان أن المصارف متفهة للأوضاع الاقتصادية الرديئة التي يمر بها العملاء، وهي متعاونة مع المقترضين لأقصى الحدود، وتقدم لعملائها جميع التسهيلات الممكنة دون القيام بأي إجراءات قانونية، وتوضح في حديث إلى "أوّلاً- الاقتصاد والأعمال" أنه ثمة إشكالية في موضوع التعاميم وهي أن بعض العملاء ظن انها فترة سماح لهم حتى لو كان لديهم القدرة على السداد، والدليل على ذلك أنه بعد انتهاء المهلة في تموز/يوليو بدأ الكثير منهم بدفع الأقساط، لافتة النظر إلى أن قلة قليلة من الأشخاص الذين لديهم القدرة على الدفع ويتمنعون عن ذلك.

وتؤكد شهوان أن التعميم الذي سمح للمقترضين بتقسيط الدفعات عن أشهر آذار/مارس ونيسان/أبريل وأيار/مايو وحزيران/يونيو بفائدة صفر في المئة، استفاد منه الآلاف، قائلة "إن هذه الشريحة أثبتت جديتها في التعاطي مع الموضوع، وبدأت بتقسيط الدفعات في الأوقات المحددة بعد انتهاء المهلة. وتضيف: "لا يسعنا إلا أن نكون متفهمين للأوضاع، لأنه نحو 40 في المئة من موظفي القطاع الخاص فقدوا وظائفهم، وفقاً لإحصاءات أجريناها، لذا لم نقم بأي إجراءات قانونية بحق المتعثرين، ونحاول التفاوض معهم لأقصى الحدود وتقديم خيارات بديلة".

 

شهوان: المصارف مستعدة للتفاوض مع العملاء المتعثرين وليس هناك ما يمنع من إعادة جدولة القروض

 

بدوره، يؤكد كبير الاقتصاديين في بنك بيبلوس نسيب غبريل أن المصارف لن تسقط الدعم عن القروض المدعومة ولن تلاحق العملاء المتعثرين جزائياً أو تفرض غرامات جزائية، لكن من الضروري جداً أن يظهر العميل حسن نيته وأن يتواصل مع المصرف باستمرار أو حتى أن يدفع جزءاً بسيطاً من المبلغ المستحق، لا أن يغيب لفترة طويلة من دون تقديم أي عذر للمصرف.

 

إقرأ أيضاً: 

مصارف لبنان تنفذ : التضحية بوحدات خارجية لضخ الدولار الى المركز 

 

إما التقسيط أو إعادة الجدولة

 

وعن كيفية إعادة دفع الأقساط المترتبة على المقترضين بعد انتهاء المهلة المحددة للإعفاءات في شباط/فبراير المقبل، تشير شهوان إلى أنه سيتم التواصل مع العملاء المتعثرين والتفاوض معهم للوصول إلى الحل الأمثل الذي يرضي الطرفين. وتقول: "إذا تحسنت الظروف الاقتصادية حينها وعادت الحركة إلى طبيعتها، فلا شيء يمنع إعادة جدولة الأقساط المستحقة". وتؤكد أن المصرف على أتم الاستعداد لتقديم كل التسهيلات والإعفاءات المطلوبة للأشخاص الذين تعثروا وتقسيط دفعاتهم على فترات محددة أو حتى تأجيلها إلى نهاية القرض.

 

 

غبريل: ضروي أن يثبت العميل حسن نيته وأن يتواصل مع المصرف باستمرار

والجدير بالذكر، أنه على الرغم من الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، إلا أن نسبة الأشخاص المتعثرين لا تزال ضئيلة جداً، وفقاً لشهوان. وقد تراجعت محفظة القروض السكنية من 13 مليار دولار في 2018، إلى 12 مليار في نهاية 2019، و11.3 مليار دولار في نهاية حزيران 2020. وتشير هذه الأرقام، وفقاً لغبريل إلى أن المقترضين يسددون الأقساط المستحقة، لافتا النظر إلى أن جزء كبير من المقترضين بالليرة اللبنانية يسددون كامل قيمة القرض. وحتى أن بعض القروض غير المدعومة الممنوحة بالدولار والتي لا تتخطى 800 ألف دولار، يدفعها المقترض بالليرة اللبنانية على سعر صرف 1515.