مصارف لبنان تنفذ : التضحية بوحدات خارجية لضخ الدولار الى المركز

  • 2020-08-28
  • 08:00

مصارف لبنان تنفذ : التضحية بوحدات خارجية لضخ الدولار الى المركز

  • علي زين الدين


عاجلاً أم آجلاً، ستثمر المفاوضات صفقتين لبيع الوحدتين المصرفيتين التابعتين لمجموعتي بنك عودة وبنك بلوم في مصر.  وبمعزل عن المسار المنفرد ومعطياته وقيمته للعمليتين وهوية "الفائز" بالاستحواذ على مصرفين ناشطين في سوق منتجة وواعدة، فالثابت أن قراري البيع أملاهما حاجة المصرفين إلى السيولة بالعملات الأجنبية، والمرجح أن رغبة مصرفي بنك الامارات دبي الوطني وبنك أبوظبي الأول بالاستحواذ مردها إلى التقدم النوعي في العلاقات بين مصر والإمارات وفي المجالات كافة.

 

إقرأ:

لبنان: ضرورات الدولة تطيح بمحظورات الحاكم

 

الأهم، أن خطوة المصرفين التي ستنهي عمليا الوجود المصرفي اللبناني في السوق المصرية، ليست معزولة عن توجه استراتيجي لكل المصارف اللبنانية بالخروج "الناعم" من غالبية الأسواق الخارجية، والتخلي – حتى اشعار آخر – عن الهوية الإقليمية التي اكتسبتها بجدارة خلال العقدين الماضيين، بدعم وحفز صريحين من حاكمية مصرف لبنان التي دعمت "استراتجية" التوسع خارج السوق المحلية الضيقة، واستهداف تأمين نصف الموارد السنوية من الاسواق الخارجية التي تفلح البنوك باختراقها.

 

غالبية المصارف تبدأ بإعداد الخطط

لإعادة الهيكلة الذاتية

 

 

 

فبالتوازي مع مهمات اللجنة المهنية التي شكلها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والتي ستركز على استخلاص توصيات بشأن سبل مواءمة ميزانيات المصارف، في ظل المتغيرات البنيوية المتلاحقة، مع المعايير الرقابية والمحاسبية، وبما يشمل المعيار IFRS9. شرعت غالبية المصارف إلى إعداد خطط لإعادة الهيكلة الذاتية والشروع في تنفيذها تدريجياً، توخيا للسيطرة على مفاعيل الأزمات المتدحرجة المالية والنقدية واستيعاب تداعياتها المتواصلة، في ظل انكشاف متانة المراكز المالية والميزانيات على متغيرات غير محسوبة وتقلبات سريعة الايقاع قد تعرض المؤسسات لمخاطر فقدان القدرة على السيطرة.

ومع ترقب تقدم المفاوضات الجارية إلى بلوغ مرحلة توقيع عقود البيع والتفرغ تحت إشراف البنكين المركزيين في مصر والإمارات، ستخلو السوق المصرية من التواجد المصرفي اللبناني المباشر، لتنضم بذلك إلى السوق السورية بعدما شطبت 7 مصارف لبنانية لمساهماتها الأساسية في بنوك كانت تتبع لها. بينما يرتقب أن "يصمد" مصرفان من أصل 10 وحدات مصرفية انشأتها بنوك لبنانية في السوق العراقية، علماً أن 5 منها على الأقل أبلغت البنك المركزي العراقي عزمها بيع محافظها لبنوك أخرى او اللجوء إلى التصفية الذاتية.

 

كرة تقليص الانتشار الخارجي للبنوك اللبنانية

لن تشمل الأسواق الأوروبية

 

ومن الواضح، وفقاً لمصرفيين، أن كرة تقليص الانتشار الخارجي للبنوك اللبنانية لن تشمل الأسواق الأوروبية والأميركية في المدى المنظور، قياساً بأهمية هذا التواجد وتدني كلفته. بينما ستتوسع حكماً إلى أسواق إقليمية جديدة وحيث تتوفر الفرص لعمليات بيع مجدية تؤمن مدخولاً بالعملات الأجنبية. ومن المرجح أن تنتقل عروض البيع إلى الوحدات التابعة في تركيا (عودة – ميد) في حال تحسنت ظروف السوق، بعدما عانت بدورها من صعوبات وخسائر من جراء تدهور سعر صرف الليرة التركية في السنوات الأخيرة، علماً أن الشهية الخليجية، باستثناء القطرية، ليست مأمولة على خلفية التباعد السياسي بين اغلب دول الخليج والحكم التركي. كما يرجح إجراء تقييمات تفاضلية تخص المصارف التابعة في السوق الأردنية والعائدة أيضاً إلى مجموعتي "عودة" و"بلوم"، إضافة الى المصرف التابع لمجموعة " سوسيته جنرال".

ووفقاً لتقرير مجمع لدى جمعية المصارف، فإن شبكة الانتشار الخارجي للمصارف اللبنانية تتمدد إلى  30 بلداً، بينها 11 بلداً عربياً و 10 بلدان اوروبية و 4 بلدان افريقية ( غير عربية ) اضافة الى تركيا وارمينيا . ويتخذ هذا التواجد صيغاً مختلفة وموزعة بين: مصرف شريك (3) مصرف شقيق (1)، مصرف تابع (24)، شركة تابعة (2)، مكتب تمثيل (19)، فروع تابعة ( 280).  كما يستدل من تقرير احصائي أن هذا النشاط يمثل نحو 15.8 في المئة من إجمالي موجودات مجموعة " الفا" التي تستحوذ على اكثر من 90 في المئة من الاصول المصرفية ، ونحو 14في المئة من إجمالي الودائع، ونحو 26 في المئة من إجمالي التسليفات، كما تمثل الفروع خارج لبنان نحو 27.8 في المئة من كامل الشبكة ، ونسبة الموظفين فيها نحو 26 في المئة من اجمالي العاملين .