مرفأ بيروت: من الازدهار إلى الانهيار

  • 2020-08-06
  • 12:07

مرفأ بيروت: من الازدهار إلى الانهيار

  • بيروت – "أوّلاً- الاقتصاد والاعمال"

عرف لبنان إزدهاراً تاريخياً من خلال حركة التجارة الحرة والتصدير والاستيراد والترانزيت عبر منافذه البحرية والبرية والجوية، وشكّلت بيروت نقطة وصل أساسية لحركة التجارة العالمية جمعت فيها القارات الأوروبية والآسيوية والأفريقية من خلال موقع مرفأها الاستراتيجي على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، والذي يعدّ ضمن أفضل 10 مرافئ في المنطقة.

 

إقرأ: 

كيف ستؤثر أزمة مرفأ بيروت على استيراد السلع؟

 

لمحة تاريخية

 

ويعود تاريخ إنشاء مرفأ بيروت إلى القرن الخامس ما قبل الميلاد واستكملت أعمال البناء والتطوير فيه خلال العصور اللاحقة التي حكم فيها لبنان من قبل الرومان والأيوبيين والصليبيين والعثمانيين وغيرهم. وشكّل المرفأ خلال تلك الفترات نقطة جذب لتجار العالم حيث ازدهرت حركة التجارة ورسو السفن ونقل البضائع والمواشي ونقل الأفراد من وإلى لبنان، كما تركت كل حقبة مرّت على لبنان آثارها الاقتصادية والتجارية على مرفأ بيروت حيث أدخلت تحسينات وتطويرات مهمة ساهمت في تعزيز مكانته الاستراتيجية كنقطة التقاء الشرق بالغرب.

 

إقرأ: 

نقيبة مصانع الأدوية في لبنان تطمئن: المخزون يكفي 4 أشهر

 

 وخلال العصر العثماني، شهد مرفأ بيروت حركة تجارية نشطة، حيث كان لبنان يصدّر الحرير عبر سفن أوروبية ومحليّة إلى مصر والمغرب وتونس والجزائر وغيرها من الدول. وفي المقابل، كان يستورد الأرز والكتّان والأنسجة وجلود الحيوانات من مصر والعباءات من تونس، بالإضافة إلى بعض السلع الأوروبية، كما تمّ تأسيس مرافئ متخصصة داخل حرم مرفأ بيروت وبمحاذاته ومن بينها مرفأ الأرز، مرفأ البطيخ، مرفأ الخشب، مرفأ البصل وغيرها. وبسبب التطور الاقتصادي الضخم لمدينة بيروت ولمرافئها، حرصت الدول الأوروبيّة على اتخاذ مقار لها فيها عبر افتتاح قنصليات بالإضافة إلى افتتاح فنادق ومقاه بالقرب من المرفأ لتسهيل حركة وإقامة التجار والوفود القادمين إلى لبنان، كما كان المرفأ مقراً لعدد كبير من المؤسسات الرسمية العثمانية كالبنك العثماني ومركز البريد. في العام 1887، منحت السلطات العثمانية امتيازاً لتطوير وتشغيل الميناء إلى شركة عثمانية لمدة 60 عاماً وتمّ تعزيز الامتياز في وقت لاحق مع حصول الشركة على الحقوق الحصرية من الجمارك لتخزين ونقل جميع بضائع الترانزيت. وفي العام 1889، بدأت أعمال تحسين المرفأ في ظل مواجهته لعقبات كثيرة وجرى الانتهاء من أعمال التأهيل وإعادة إطلاق الأعمال رسمياً فيه في العام 1894. وفي العام 1960، سحبت الحكومة اللبنانية الامتياز من الشركة التي تحوّلت إلى فرنسية في العام 1925 وحوّلت الشركة المستثمرة للمرفأ إلى شركة وطنية تحت اسم "شركة إدارة وتشغيل مرفأ بيروت"، وفي فترة الحرب اللبنانية، صمد المرفأ وبقي منفذاً للتجارة على الرغم من كل الظروف التي مرت به.

 

إقرأ: 

ماذا يعني انفجار مرفأ بيروت؟

 

مرفأ بيروت ما قبل الكارثة

 

تعامل مرفأ بيروت في مرحلة ما بعد الحرب وإعادة إعمار لبنان مع 300 مرفأ واستقبل نحو 3100 سفينة بشكل سنوي على مساحة إجمالية بلغت 1.2 مليون متر مربع وتبلغ مساحة المسطح المائي 1.02 مليون متر مربع. ومن خلال هذا المرفأ، أجريت معظم عمليات الاستيراد والتصدير اللبنانية حيث إن البضائع التي تدخل إلى المرفأ تمثّل 70 في المئة من حجم البضائع التي تدخل لبنان، كما احتل المركز الأول في المداخيل المركبة 75 في المئة بالإضافة إلى دوره كمركز أساسي لتجارة إعادة التصدير وتجارة الترانزيت.

يتألف مرفأ بيروت من 4 أحواض يتراوح عمقها ما بين 20 و24 متراً تقع على مساحة 660 ألف متر مربع فيما يبلغ عدد الأرصفة 16 رصيفاً تنتشر عليها المستودعات المكشوفة والمسقوفة التابعة لشركات الشحن اللبنانية والعالمية، كما يحتوي المرفأ على إهراءات مخصصة لتخزين القمح مبنية وفق أهم معايير السلامة الدولية ضد الزلازل والرصاص وقد شيّد على عهد الرئيس اللبناني الراحل فؤاد شهاب، كما يحتوي المرفأ على ساحة كبيرة لاستقبال الحاويات وهو مجهز بأحدث أدوات التفريغ والتحميل ويؤمن أفضل الشروط للتخزين، كما تبلغ مساحة المنطقة الحرة في مرفأ بيروت 81 ألف متر مربع وتحتوي على 46 محلاً تجارياً.

 

إقرأ أيضاً: 

هل يمكن لمرفأ طرابلس التعويض عن مرفأ بيروت؟

 

المرفأ اليوم

 

أدى الانفجار الضخم الذي وقع في حرم مرفأ بيروت إلى تدمير شبه كلي لهذا المرفق الحيوي وانهيار جزئي لإهراءات القمح فيما بقيت منطقة الحاويات سليمة نوعاً ما من أي ضرر، مما شكّل انتكاسة كبيرة للإقتصاد اللبناني الذي يعاني من أزمة خانقة وتسبب بتوقف حركة التجارة والترانزيت عبره.

 

إقرأ أيضاً: 

اندفاع عربي ودولي لإغاثة لبنان المنكوب