لقاحات كورونا: من يشتريها أولاً.. وسباق مع تحوّر الفيروس

  • 2021-05-01
  • 09:31

لقاحات كورونا: من يشتريها أولاً.. وسباق مع تحوّر الفيروس

  • برت دكاش

هل تكون نهاية العام الجاري الموعد النهائي للسيطرة على وباء كورونا الذي حصد لغاية اليوم 153.336.356 إصابة و3.166.902 حالة وفاة، ;كما يرجّح خبراء الصحة في العالم؟ وهل تسير عملية التلقيح وفق برامج الحكومات لتمنيع نحو ثلثي شعوبها بحسب الجدول الزمني الموضوع من قبلها؟ وهل تكفي الكميات المنتجة من اللقاحات المتوفرة حالياً حاجات دول العالم كافة، ومن يستفيد منها فعلاً؟

إلى أي مدى يساهم النزاع السياسي بين الدول في عملية التحكم باللقاح واستخدامه وما مدى صحة اتهام بعض دول الغرب روسيا بالاستغلال الجيوسياسي للقاحها سبوتنك في؟ وهل يندرج تأخر وكالة الدواء الأوروبية في الموافقة على استخدامه في هذا السياق علماً أن نتائج مرحلة الاختبار الثالثة على اللقاح الروسي والتي نشرت في مجلة لانست الطبية أخيراً أظهرت فعالية تصل إلى 92 في المئة؟ ما الذي يحول دون طلب دول الاتحاد الأوروبي للقاح الصيني الذي زودت به دولاً مختلفة بملايين الجرعات؟ وما هو دور المنافسة والأهداف التجارية خلف ما يشاع عن فعالية هذا اللقاح أو ذاك وخطر استخدام هذا اللقاح أو ذاك؟

اخوف من اللقاح

جميع هذه الأسئلة مشروعة خصوصاً في ظل التحوّر المستمر للفيروس وسرعة انتشار النسخ المتحوّرة الجديدة منه وآخرها النسخة المتحورة في الهند التي تحصد الضحايا بين مرضى ووفيات بمئات الآلاف يومياً في البلاد وبدأت تظهر في أكثر من بلد أوروبي، وذلك بعد الطفرات البريطانية والبرازيلية والجنوب أفريقية من الفيروس. ولا تزال فعالية اللقاحات المتوافرة ضد هذه التحورات مجهولة وتخضع للاختبارات بشكل مستمر.   

وهذه الأسئلة، يضاف إليها كذلك خوف الناس في معظم دول العالم وترددهم في أخذ اللقاح عموماً ولقاحات محددة خصوصاً مثل لقاح أسترازينيكا الذي قيل إنه يؤدي إلى تجلط في الدم وأدى إلى إعلان عدة دول والدنمرك في مقدمتها عن تعليق استخدامه، وإقراض الأخيرة 55 ألف جرعة منه إلى ألمانيا. وكان لافتاً للانتباه في هذا السياق ما حصل في أحد مراكز التلقيح الجماعي في مدينة نيس بجنوب فرنسا قبل نحو أسبوعين، إذ اضطر المركز إلى إغلاق أبوابه بعد أن كان مقرراً بقاؤه مفتوحاً خلال عطلة نهاية الأسبوع لتلقيح نحو 4 آلاف شخص مسجّل لم يحضر منهم سوى 58 شخصاً فقط، لعدم رغبتهم بالحصول على لقاح أسترزينكا، وفق وسائل إعلام فرنسية.

ألمانيا تطلب "سبوتنك في"

حالة الإرباك هذه لدى الأفراد، والناجمة بداية عن كون جميع اللقاحات المتوفرة حالياً حصلت على موافقة الجهات المختصة في جميع الدول للاستخدام الطارئ، ويرفع كل مسؤولية عن الشركات المصنعة، قد تؤخر عملية التمنيع الجماعية، في عدد من الدول، لاسيما دول الاتحاد الأوروبي التي تعتمد حتى الآن، إلى لقاح فايزر/ بايونتك، على لقاح أسترازينيكا بدرجة عالية ولقاح جونسون أند جونسون. وكان من المفترض أن تبلغ أوروبا مرحلة التمنيع الجماعية في تموز/ يوليو المقبل لكن يبدو أنها لن تتم قبل نهاية فصل الصيف.

وهذا التأخر، قد يكون الدافع وراء إعلان ألمانيا موافقتها أخيراً على شراء 30 مليون جرعة من اللقاح الروسي مقسمة إلى 3 دفعات تتألف كل منها من 10 ملايين جرعة تتسلمها ما بين حزيران/ يونيو، وتموز/ يوليو وآب/ أغسطس. لكن الطلبية تبقى معلّقة إذ إن اللقاح لم يحصل بعد على الضوء الأخضر لاستخدامه في أوروبا. وطلب الدولة الألمانية جاء بعد توقيع الوزير- رئيس مقاطعة بافاريا ماركوس زودر- السياسي المحافظ وأحد المرشحين المحتملين لخلافة أنجيلا ميركل- اتفاقية مبدئية مع الجانب الروسي للحصول على 2.5 مليون جرعة من لقاح سبوتنك في. وقال زودر إن شركة R-Pharm الألمانية، وهي شركة تابعة لعملاق صناعة الدواء الروسي R-Pharm لديها خط إنتاج في مدينة إيليرتيسن في بافاريا، وهي في موقع يخولها تصنيع اللقاح الروسي. وطالب وكالة الدواء الأوروبية التي تعرضت أخيراً لانتقادات كثيرة للبطء الشديد في مراجعتها للقاح الروسي، بتسريع الموافقة عليه. علماً أن ألمانيا تعد من الدول الأوروبية الداعمة للقاح الروسي، إلى جانب سلوفاكيا والنمسا اللتان أعلنتا أنهما تفاوضان لشراء اللقاح الروسي المسجّل لغاية الآن في 61 دولة. كذلك، تعتبر هنغاريا الدولة الاوروبية الوحيدة ضمن الاتحاد تعتمد لقاح سبوتنك في.

اقرأ أيضا: كوفيد-19: لقاحات فايزر تتصدر في أوروبا ونحو رفع سعرها

فعالية اللقاح

في الموازاة، يواصل الخبراء دراساتهم لمعرفة كم تخدم فعالية اللقاح في الحماية من كوفيد-19، إذ لا يزالون يجهلون ذلك حتى الآن، ولا يزالون يتابعون الأشخاص الملقّحين لمعرفة متى تنتهي الحماية، وإلى أي مدى يعمل اللقاح ضد التحورات الناشئة من الوباء وما هو عدد الجرعات الإضافية المطلوبة للحماية منها. وفي حين تشير اختبارات فايزر إلى أن جرعتي الشركة تبقيان عاليتي الفعالية لأقله ستة أشهر، وعلى الأرجح أطول من ذلك، لا يزال من حصلوا على لقاح موديرنا لديهم مستويات مهمة من الأجسام المضادة المحاربة للفيروس لمدة ستة أشهر بعد الجرعة الثانية المطلوبة.

وفي هذا السياق، بدا لافتاً للانتباه ما قاله الرئيس التنفيذي لشركة فايزر ألبرت بورلا في جلسة حوارية مباشرة على صفحة CNBC على موقع فايسبوك إنه "من المرجح أن الأشخاص سيحتاجون إلى جرعة ثالثة من لقاحات كوفيد-19 في غضون 12 شهراً من تاريخ تلقيهم الجرعة الثانية، وذلك لرفع مستوى الحماية من الفيروس"، مضيفاً: "على أن يصار بعد ذلك إلى إعادة تلقيح سنوية، إنما كل ذلك يحتاج إلى تأكيد".

وأشار بورلا إلى أن "تحوّر الفيروس سيلعب دوراً أساسياً في هذا المجال"، ذكراً أن "هناك دراسات تجري على مدة صلاحية اللقاحات الموجودة حالياً لمواصلة الارتقاء باستجابة مناعية فعالة. وتشير المعلومات الأولية في هذا الصدد إلى أن الأجسام المضادة المعادلة تستمر بعد ثاني جرعة من لقاح mRNA وتتدنى ببطء نسبياً مع مرور الوقت".

وأظهر تقرير لشركة ماكينزي أند كومباني حول مدى سهولة الوصول إلى لقاحات كوفيد-19 وفعاليتهاOn pins and needles: How accessible and effective will Covid-19 vaccines be? صدر أخيراً أنه على الرغم من خطر التقاط من تلقوا اللقاح بالكامل الفيروس تحت ما يسمى Breakthrough infections يبقى متدنياً جداً، وفق إحدى الدراسات التي أجريت في نيويورك، إلا أن خبراء توقعوا حدوث مثل هذه الحالات طالما أن ما من لقاح يؤمن الحماية بنسبة مئة في المئة.

وتظهر التجارب على لقاح كوفيد-19 من فايزر- بايونتك معدل حماية من الإصابة بالفيروس وعوارضه بنسبة 95 في المئة بعد أسابيع تفصل بين الجرعتين الأولى والثانية.

وكذلك لقاح أسترازينيكا أظهر مجموعة من الفعالية تعتمد على بروتوكول الاختبار: 90 في المئة لجرعة ونصف الجرعة دفعة واحدة، و62 في المئة لجرعتين كاملتين بينهما فاصل زمني بسيط، و82 في المئة لجرعتين كاملتين مبينهما فاصل زمني أطول.

وجاءت تقارير حديثة مشجّعة من جونسون أند جونسون ونوفافاكس إذ بيّنت جونسون أند جونسون أن جرعتها الوحيدة تؤمن 66 في المئة من المناعة ضد الفيروس في مناطق جغرافية مختلفة وتحورات مختلفة مع 72 في المئة فعالية في الولايات المتحدة، و57 في المئة في جنوب أفريقيا و66 في المئة في أميركا اللاتينية. أما لقاح نوفوفاكس فأظهر فعالية بنسبة 89 في المئة في المملكة المتحدة و49 في المئة في جنوب أفريقيا.

وعلى الرغم من اختلاف مستويات الفعالية بين اللقاحات المتوفرة،  إلا أن كلاً منها برهن فعالية أدناها 85 في المئة ضد المرض الشديد، بحسب تقرير ماكينزي الذي وصف هذه المعلومات بالجيدة لعدة أسباب أهمها أن الأفراد سيستفيدون من الحماية الصحية التي يوفرها اللقاح، والنتائج الإيجابية قد تشجع الآخرين على أخذ اللقاح، مما يعني تدني نسبة السكان غير الملقحين والوصول إلى مناعة جماعية أكبر.

سيطرة أميركية على السوق

أهداف الدول والأفراد لا تلغي الشق التجاري للقاح وأهميته وربما الاستئثار بالحصة الأكبر من السوق وتحقيق المكاسب التجارية. وتعكس الكميات المنتجة من قبل الشركات الأميركية سيطرة المصنعين الأميركيين على سوق لقاحات كوفيد-19، وفي مقدمتها فايزر، وتليها موديرنا ثم جونسون أند جونسون على الرغم من وقف استخدامه بسبب أعراضه الجانبية لاسيما تجلط الدم.

وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ألمحت إلى تقصير أوروبي في هذا المجال إذ قالت خلال أحد مؤتمرات الأحزاب المحافظة "إننا، لم نتعامل على مدى سنوات مع الصناعة الصيدلانية في أوروبا بشكل جيد جداً". وأشارت إلى أن "الولايات المتحدة لديها، على الأرجح، أقوى صناعة دوائية، أقلّه في العالم الغربي. ولهذا السبب كانت قادرة على تكثيف إنتاجها بسرعة".

وفي هذا السياق، يتوقع أن تصل الكميات المنتجة من قبل فايزر- بايونتك بحسب الشركة إلى 1.3 مليار جرعة من لقاح كوفيد-19 خلال العام الحالي. وذكرت موديرنا أنها تعمل على إنتاج مليار جرعة خلال العام الحالي أيضاً. كذلك تتوقع شركة جونسون أند جونسون أن تسلّم مليار جرعة من لقاحها المكون من جرعة واحدة خلال العام 2021. وليس معلوم حتى الآن مدى تأثير وقف أو تأخير استخدام لقاح جونسون أند جونسون في عدد من الدول على قدرة الشركة على الوصول إلى الأرقام المنشودة من اللقاح.

وذكر تقرير ماكينزي في هذا السياق أن الولايات المتحدة أعطت أكثر من 6.8 ملايين جرعة من اللقاح، ويتحرى المسؤولون عن 6 مضاعفات جانبية لنساء تتراوح أعمارهن ما بين 18 و48 عاماً تعرّضن بعد تلقيهن اللقاح "لنوع نادر لكن خطير من تجلط الدم"، وفق ما ذكرت وكالة الغذاء والدواء الأميركية FDA ومراكز مراقبة الأمراض والحماية CDC.

إلى ذلك، وبحسب التقرير، ستتلقى أوروبا 50 مليون جرعة إضافية من لقاح فايزر في نهاية حزيران/ يونيو المقبل. وقد وصل، وفق بيانات التسليم، مجموع جرعات فايزر إلى أوروبا لغاية نهاية الربع الثاني من العام الحالي إلى أوروبا 250 مليون جرعة، مما يؤكد  التزام الشركة بالتسليم وفق الجدول الزمني المحدد. وكانت فايزر التزمت في وقت سابق بتسليم دول الاتحاد الأوروبي 500 مليون جرعة من لقاحها قبل نهاية العام الجاري.

وبلغ مجموع الجرعات التي أُعطيت لغاية الآن في دول الاتحاد الأوروبي الـ 27، 100 مليون جرعة أكثر من ربعهم تلقوا الجرعة الثانية من اللقاح. مما يعني ان أكثر من 27 مليون شخص أصبحوا ملقحين بشكل كامل حتى الآن.

إلى فايزر، يتوقع أن تسلم موديرنا دول الاتحاد الأوروبي 360 مليون جرعة هذا العام، بينما اشترت دول الاتحاد 200 مليون جرعة من لقاح جونسون أند جونسن ذات الجرعة الواحدة والمعروف كذلك بـ جانسن.

اقرأ أيضا: الطفرة المزدوجة لـ كورونا في الهند: العودة إلى نقطة الصفر

لقاحات وعلاجات قيد التطوير

وكشف التقرير عن تطور حاصل في اكتشاف لقاحات أخرى وعلاجات لفيروس كورونا المستجد (SARS-CoV-2). وذكر أنه لغاية الآن أقله 6 مصنعين للقاح ولدواء الأجسام المضادة شاركوا نتائجهم الأولية عن فعالية منتجاتهم، وجاءت البيانات أفضل بكثير من توقعات معظم الخبراء، مضيفاً إلى أنه حتى الآن، تم إعطاء الجرعة الأولى من لقاح كوفيد-19 في أكثر من 50 دولة.

وأوضح التقرير أنه في حين تبقى اللقاحات بكل تأكيد إحدى الأدوات الأساسية لتحرير العالم من الوباء، فإنها لن تكون على الأرجح الوحيدة: فالتشخيص، وأدوية الأجسام المضادة، وغيرها من العلاجات ستكون مكمّلات مهمة. وهنالك الكثير من العمل المطلوب لضمان تأمين اللقاح للمجتمعات بكميات كافية للوصول إلى مناعة جماعية، أي تلقيح ما بين 60 و70 في المئة من إجمالي عدد السكان، على الرغم من أن الأرقام ربما يجب أن تكون الآن أعلى، في ظل ظهور تحورات جديدة للفيروس أسهل انتقالاً.

ورجح التقرير احتمال توفر عدة لقاحات ضد كوفيد-19 في الأشهر المقبلة. من بينها، كيورفاك CurVac، وغلاكسو سميث كلاين GlaxoSmithKline، وميديكاغو Medicago وإينوفيو Inovio، وجميعها تملك لقاحات ضد الفيروس بلغت مراحل متقدمة. بالإضافة إلى لقاحات أخرى من الصين، والهند وروسيا هي أيضاً وصلت إلى مراحل تطوير متقدمة.

إلى ذلك، أضاف التقرير حصول تطور على صعيد العلاجات للفيروس، إذ في نوفمبر 2020، على سبيل المثال، مُنح علاج الأجسام المضادة Bamlanivimab من Eli Lilly الموافقة للاستخدام الطارئ من وكالة الغذاء والدواء الأميركية. وخلال التجارب السريرية، اظهر تخفيضاً بنسبة 72 في المئة من معدلات الاستشفاء وزيارات قسم الطوارئ. بالإضافة إلى Regeneron Pharmaceuticals  التي قدمت خليطها المضاد للأجسام REGN-COV2  إلى وكالة الدواء الأوروبية في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. وخلال التجارب السريرية، أظهر العلاج تخفيضاً في الحمولة الفيروسية بمعدل وسطي نسبته 57 في المئة. وبحسب التقرير، فإن هذين العلاجين وغيرهما من أدوية الأجسام المضادة قيد التطوير يمثلان جزءاً من مجموعة علاجات متزايدة وبروتوكولات مرتبطة بكوفيد-19 والتي قد تخفض الوفيات بين مرضى المستشفيات بنسبة تتراوح ما بين 18 و30 في المئة.

ولفت التقرير، في الموازاة، إلى أنه من المهم رصد فعالية اللقاحات والعلاجات ضد تحورات SARS-CoV-2 التي تم التعرف عليها في البرازيل وجنوب أفريقيا والمملكة المتحدة ومناطق جغرافية أخرى- آخرها في الهند بعد نشر التقرير- والتي أصبحت الآن الأكثر سيطرة من التحورات السابقة للفيروس.

انتقال الكرة من الصانعين إلى الحكومات والسلطات المحلية

وإذ يبدو واضحاً بشكل متزايد وفق ما ورد في التقرير أن لقاحات كفيد-19 تلعب دوراً حيوياً في السيطرة على الجائحة، وانطلاقاً من دور اللقاح في إنقاذ العالم، تنتقل الكرة من صانعي اللقاحات إلى الحكومات والسلطات المحلية لتقييم ما هو مطلوب للانتقال من امتلاك لقاح مرخص إلى استكمال عملية تحصين شاملة. وقد حددت ماكينزي عدة عناصر أساسية لبرنامج تلقيح فعال بالإضافة إلى بعض الشكوك المرتبطة بكل منها. ورأى التقرير أن تحديد اللقاحات وآليات إعطائها يجب أن تتضمن توفر الكميات الكافية من اللقاحات لتلقيح العالم والوصول إلى المناعة الجماعية المنشودة، ومن سيحصل على اللقاح وأين سيكون متوفراً، وثقة المستهلكين، خصوصاً أولئك الأكثر عرضة لخطر التقاط عدوى شديدة بالفيروس، والقناعة ليتلقوا اللقاح وكذلك تحديد شكل نظام مراقبة متشدد لبناء الثقة في لقاح آمن على المدى الطويل.

تلقيح 80 في المئة من سكان الأرض

وسأل التقرير السؤال الذي يشغل العالم وهو هل سيكون هنالك ما يكفي من اللقاحات للعالم أجمع؟ وأجاب أنه إذا نجح جميع مبتكري اللقاحات في الاختبارات السريرية، وإذا صدق المصنعون في التزاماتهم، سيكون هنالك ما يكفي من القدرة لتلقيح 80 في المئة تقريباً من سكان الأرض ضد الفيروس. وبحسب إعلانات الصانعين، هنالك قدرة إنتاجية تصل إلى أكثر من 14 مليار جرعة (بما في ذلك قدرة العام 2020) مخططة للعام 2021. وافترض التقرير أنه في حال نجح جميع مبتكري اللقاحات التي تحتاج إلى جرعتين، فإن جرعات كوفيد-19 كاملة قد تكون متوفرة لـ 6 مليارات فرد، أي ما يوازي حجم مجموع سكان الأرض البالغين تقريباً.

وأضاف التقرير أن قدرة التصنيع العالمية للقاحات كوفيد-19 ستظهر على الأرجح خلال العام 2021. وبانتظار بلورة صورة واضحة، ترجح تقديرات المبتكرين تكثيف القدرة التصنيعية خلال العام الحالي.

واستناداً إلى حجم العقود لهؤلاء المصنعين، سيكون هنالك ما يكفي من جرعات اللقاح متوفرة في الولايات المتحدة في نهاية أيار/ مايو المقبل لنحو 300 مليون شخص على الأقل، وهي جرعات كافية لتمنيع 100 في المئة من السكان البالغين. وأعلنت أسترازينيكا أنه سيكون لديها ما يكفي من القدرة لإنتاج 700 مليون جرعة من لقاح كوفيد-19 للتوزيع العالمي خلال الربع الأول من العام الحالي، وما تبقى من الـ3 مليارات جرعة في وقت لاحق من العام 2021.

وتابع التقرير أنه إذا تم التسليم أن عدداً ضئيلاً منها فقط سينجح ويسمح باستخدامه ستكون هنالك قدرة لإنتاج ما بين 5 و6 مليارات جرعة العام 2021، وهي كمية تكفي لتلقيح نحو 40 في المئة من سكان العالم.

احتكار اللقاح أم اقتصاد السوق؟

كل ما ورد لا يلغي أحد التحديات الأساسية التي يواحهها العالم وهو أن معظم قدرة إنتاج لقاح كوفيد-19 تم شراؤه أو حجزه بشكل منفرد من قبل حكومات ومؤسسات، حتى كوفاكس أعلنت مؤخراً أن لديها ترتيبات جارية للوصول إلى نحو ملياري جرعة من لقاحات كوفيد-19 لصالح 190 دولة واقتصاد مشاركين في المنصة. وتختلف اتفاقات الدول بشكل مهم، وذلك بحسب المنطقة وحجم سكانها.

وأشار التقرير إلى أنه من الممكن أن عدداً مهماً من الدول، بشكل خاص تلك ذات الاقتصادات الغنية، اشترت كميات تفوق حاجة سكانها، علماً أن التقرير لم يأخذ في الاعتبار احتمال أن بعض الدول لن تلقح المرضى المتعافين من الفيروس وألا يختار كل مواطن مستهدف الحصول على اللقاح.

ونبّه إلى أنه على قادة الدول إعادة النظر بكيفية إدارة الجرعات الفائضة والتي على الأرجح ستكون متوفرة منتصف العام الحالي تقريباً لمواجهة التحدي العالمي في توفير اللقاح وتحقيق المناعة الجماعية في جميع دول العالم.