صناعة الساعات في 2020: عام الخسائر والصين تبقى الحصان الرابح

  • 2021-01-31
  • 08:00

صناعة الساعات في 2020: عام الخسائر والصين تبقى الحصان الرابح

  • برت دكاش

لم يسبق لصناعة الساعات التقليدية أن واجهت أزمة على غرار تلك التي شهدتها العام 2020، منذ أزمة الكوارتز في سبعينات القرن الماضي والتي أدت إلى تعثّر عدد كبير من الدور وتوقف عدد آخر عن الصدور. وإذا كانت أزمة الكوارتز انتهت وتعافت معها الصناعة منتصف الثمانينات بفضل مؤسس Swatch Group الذي منحه السويسريون لقب "منقذ صناعة الساعات السويسرية" وقيام مجموعات كبيرة تضم في محفظتها عدداً من العلامات، فمن سيكون منقذ الصناعة الآن؟ وأي الساعات ستكون نواة هذا التعافي على غرار ساعة Swatch الخفيفة والعصرية التي كان لها الفضل برواج شعار "صنع في سويسرا" وضخ الأوكسجين مجدداً في الصناعة التقليدية العائد تاريخها إلى أكثر من أربعمئة عام؟

مشكلات مزمنة

قد يكون مبالغ فيه وضع اللوم على وباء "كوفيد-19" وحده. فعدد من الدراسات التي أجرتها شركات كبرى في هذا المجال مع ظهور الوباء وبداية انتشاره العام الماضي، لفتت، إلى جانب عدد من الرؤساء التنفيذيين في دور كبرى راقية، منهم من تحدث إلى "أولاً- الاقتصاد والأعمال"، أشاروا إلى عدد من المشاكل تواجهها الصناعة، وتداعيات الوباء على بعضها قد يكون طبيعياً. ومن هذه المشكلات، الفائض في الإنتاج، والاعتماد بشكل رئيسي على السوق الصينية وتالياً الآسيوية، وعدم قدرة الصناعة على تقديم نماذج عصرية تواكب التطور التكنولوجي الحاصل، وظهور الساعات الرقمية والذكية التي سرعان ما انتشرت وتفوقت في حجم مبيعاتها على الساعات التقليدية مثل ساعة Apple التي باعت العام 2019 أكثر من مليون ساعة.

ضرورة التكيّف مع الواقع الجديد

إزاء هذا الواقع الذي قد يقود إلى إغلاق عدد من الدور أبوابها، وفق ترجيحات بعض قادة العلامات وخبراء في السوق لعدم قدرتها على مواجهة الأزمة، بدا لافتاً للانتباه أن الرهان على الصين لم يكن خاطئاً كما أوحى البعض وإن كان يستدعي إعادة العلامات النظر بإستراتيجياتها الإنتاجية والتسويقية للتكيّف مع الواقع الجديد الذي فرضه الوباء المستجد على مستوى آسيا ككل والعالم، هذا الواقع الجديد حوّل التركيز إلى الأسواق المحلية حيث يتركز الاستهلاك بدوره فيها نتيجة الاستمرار في توقف السياحة عالمياً، والتغير في شكل التسوق والتحول إلى الأونلاين الذي شهد قفزة بنسبة الضعف مقارنة بالعام 2019، وفق أحدث دراسة لشركة بين آند كومباني، بالإضافة إلى تغير سلوك المستهلك نفسه وعدم اتضاح الرؤية بعد بشأن التطورات المستقبلية للوباء، والذي أكّده إلى "أولاً- الاقتصاد والأعمال" المدير الإقليمي لدى دار Hublot دافيد تيديسكي في حديث خاص على هامش معرض أسبوع LVMH للساعات الأخير.

اقرأ أيضاً:
صناعة الرفاهية: الشرق الأوسط من الأقل تأثراً بـ "كوفيد-19"

الصين تتصدر المشهد

وإذا كانت بين آند كومباني توقعت أن تكون الصين الدولة الوحيدة في العالم تنهي العام 2020 بنتائج إيجابية مع نمو بنسبة 45 في المئة في قطاع الرفاهية على الرغم من تراجع قطاع منتجات الرفاهية الأساسية بنسبة 23 في المئة إلى 217 مليون دولار، فبحسب النتائج السنوية حول صادرات الساعات السويسرية - وهي المعيار الرئيسي المعتمد لتحديد مسار الصناعة - فالسوق الصينية هي السوق الأساسية الوحيدة للساعات السويسرية تنهي العام 2020 بنمو إيجابي على عكس الصناعة ككل التي سجلت صادراتها تراجعاً بنسبة 21.8 في المئة مقارنة بالعام 2019 إلى ما دون الـ 17 مليار فرنك سويسري، وحققت واردات الصين من هذه الساعات العام الماضي زيادة بنسبة 20.0 في المئة مقارنة بالعام 2019، وفي كانون الأول/ ديسمبر الماضي سجلت زيادة بنسبة 45.2 في المئة إلى 306.6 ملايين فرنك مقارنة مع الفترة نفسها من العام 2019، وبذلك تصدّرت قائمة الدول المستوردة للساعات السويسرية، متقدمة على الولايات المتحدة الأميركية وهونغ كونغ اللتين لطالما احتلتا المركزين الأول والثاني لعقود. وسجلت كل من الولايات المتحدة تراجعاً بنسبة 17.5 في المئة إلى 1.9 مليار فرنك وهونغ كونغ 36.9 في المئة إلى 1.6 مليار فرنك مقارنة مع العام 2019، في حين سجلت الولايات المتحدة تراجعاً طفيفاً نسبته 2.4 في المئة في كانون الأول/ ديسمبر الماضي مقارنة مع الفترة نفسها من العام 2019 وانخفضت واردات هونغ كونغ في الفترة نفسها بنسبة 19.2 في المئة.

تراجع على مستوى جميع القارات

على مستوى القارات، سجلت أفريقيا أعلى نسبة تراجع في صادراتها من ساعات اليد من حيث الكميات بنسبة 46.9 في المئة إلى 130.9 مليون وحدة والقيمة بنسبة 34.8 في المئة إلى 118.2 مليون فرنك، تلتها أوقيانيا مع انخفاض بنسبة 38.7 في المئة من حيث الكميات المستوردة إلى 124.4 مليون وحدة و14.8 في المئة من حيث القيمة إلى 217.7 مليون فرنك.

وانخفضت واردات آسيا ومن ضمنها الشرق الأوسط بنسبة 34.4 في المئة من حيث الكمية إلى 6.7 مليارات وحدة و20.2 في المئة من حيث القيمة إلى 9.1 مليارات فرنك. أما القارة الأميركية ـ فقد تراجعت وارداتها من الساعات السويسرية بنسبة 32.4 في المئة من حيث الكمية إلى نحو 1.9 مليار وحدة و20.4 في المئة من حيث القيمة إلى نحو 2.5 مليار فرنك، في حين تراجعت واردات أوروبا بنسبة 31.4 في المئة - معظمها ضمن دول الاتحاد الأوروبي - من حيث الكمية إلى 4.7 مليارات وحدة و25.2 في المئة من حيث القيمة إلى نحو 4.9 مليارات فرنك.

اقرأ أيضاً:
رئيس Breitling: أقل من 10 دور تستأثر بسوق الساعات

الشرق الأوسط والساعات الباهظة

سجلت واردات الشرق الأوسط من الساعات السويسرية تراجعاً بنحو النصف من حيث الكمية (-50.2 في المئة) إلى 937.9 مليون وحدة وبنسبة 18.7 في المئة من حيث القيمة إلى 1.6 مليار فرنك، وإن دلّت الأرقام على شيء، فإنها تدل على اقتصار غالبية واردات المنطقة من الساعات السويسرية على الساعات الراقية أي الباهظة الثمن.

واحتلت الإمارات المركز الأول على مستوى المنطقة مع واردات بقيمة 758.8 مليون فرنك العام 2020، وحلت في المركز الثامن ضمن قائمة البلدان المستوردة للساعات السويسرية، متقدمة مرتبتين، إذ لطالما حلت في المركز العاشر ضمن هذه القائمة، علماً أنها حلت في كانون الأول/ ديسمبر الفائت في المركز السادس مع واردات بقيمة 81.4 مليون فرنك، وسجلت السعودية واردات بقيمة 222.2 مليون فرنك العام 2020 واحتلت المركز الخامس عشر، وحلت قطر في المركز الثالث عشر مع واردات بقيمة 156.2 مليون فرنك.

واللافت للنظر تحقيق عمان، رغم صغر السوق، قفزة في حجم وارداتها من الساعات السويسرية على عكس أسواق المنطقة الأخرى حيث سجلت هبوطاً، واستوردت السلطنة العام الماضي بقيمة 131.5 مليون فرنك سويسري مقابل 75.8 مليون العام 2019، أي بزيادة نسبتها 73.4 في المئة، وحلت في المرتبة الثالثة والعشرين.

وبلغت قيمة واردات الكويت 120.4 مليون فرنك وحلت في المركز السادس والعشرين، في حين استوردت البحرين بما قيمته 93.5 مليون فرنك وحلت في المركز التاسع والعشرين ضمن قائمة الدول المستوردة للساعات السويسرية.

التراجع يطال جميع المواد

على مستوى المواد، سجلت ساعات اليد المصنوعة من المواد الثمينة تراجعاً بنسبة 22.6 في المئة من حيث القيمة و24.7 في المئة من حيث الكميات، وانخفضت صادرات الساعات المصنوعة من الفولاذ بنسبة 31.8 في المة من حيث عدد الوحدات و20.1 في المئة من حيث القيمة، أما الساعات المصنوعة من معدنين فقد تراجعت صادراتها بنسبة 19.2 في المئة من حيث الكميات و19.8 في المئة من حيث القيمة.

اقرأ أيضاً:
Hublot تحتفل بـ 40 عاماً من الابتكار